> "الأيام" العرب اللندنية:
تتواصل الجهود الأممية والدولية لدفع عملية السلام في اليمن وسط تحديات متعددة يعاني منها البلد المصنف من بين أفقر بلدان العالم، جراء تداعيات الحرب بين قوات الحكومة المعترف بها دوليا المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية من جهة، وجماعة الحوثي المتحالفة مع إيران من جهة أخرى.
وجاء حديث غروندبرغ في بيان أصدره عقب اجتماعات مكثفة عقدها في العاصمة السعودية الرياض، التقى خلالها بوزير الخارجية اليمني شائع الزنداني، وسفير المملكة لدى اليمن محمد آل جابر، وسفير الإمارات محمد الزعابي، إضافة إلى عدد من أعضاء السلك الدبلوماسي.
وفي بيانه، اعتبر غروندبرغ أن “إعلان وقف الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة وأنصار الله (الحوثيين) في السادس من مايو 2025 لا يُعد مجرد فرصة لخفض التصعيد في البحر الأحمر فحسب، بل يتيح المجال أيضا للأطراف للوفاء بالتزاماتها السابقة بشأن وقف إطلاق نار شامل، واتخاذ تدابير اقتصادية، والمضي قدما في عملية سياسية.”
وهو جماعة الحوثيين التي ما زالت ترفض تقديم أي تنازلات، رغم الانفتاح الكبير الذي أبدته الحكومة الشرعية، واستعدادها للدخول في تسويات مبنية على المرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وأردف “إذا كانت هناك نية حقيقية لتحقيق السلام، فإن الطريق يبدأ بإلزام جماعة الحوثيين بالدخول في مفاوضات جادة تستند إلى المرجعيات الوطنية، وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط للدولة، والقبول بالتحول إلى حزب سياسي يعمل ضمن القانون والدستور اليمني، لا كقوة مسلحة موازية للدولة.”
وحول مستقبل الوضع اليمني يقول الفاتكي “إذا استمر التصعيد الحوثي في البحر الأحمر وتهديد الملاحة الدولية، ومع تعقد المفاوضات الإيرانية – الأميركية، فإن الوضع قد يتجه نحو تصعيد عسكري إقليمي، خاصة إذا تلقت إيران ضربات عسكرية ستنعكس لا محالة على ذراعها في اليمن.”
وأفاد بأن الواقع المعيشي والإنساني، سواء في مناطق سيطرة الحوثيين أو في مناطق الحكومة الشرعية، يؤكد حاجة اليمن العاجلة إلى السلام، إلا أنه لن يتحقق دون إرادة دولية حازمة، وخارطة طريق واضحة تضمن تمثيلا عادلا لكافة الأطراف. واختتم حديثه قائلا “مسار السلام يجب أن يبنى على حقائق ميدانية، لا أمنيات أممية، وأي تسوية لا تُنهي سطوة السلاح على القرار السياسي ستظل مجرد هدنة هشة قابلة للانفجار في أي لحظة.”
ويبدو أن الهدوء في البحر الأحمر، رغم أهميته كنافذة لخفض التصعيد الإقليمي، لا ينعكس فعليا على الداخل اليمني المتخم بتعقيدات سياسية وأمنية واجتماعية. فالمعطيات الميدانية تشير إلى استمرار منطق القوة وغياب التنازلات، ما يُبقي جهود السلام رهينة الحسابات الدولية وصراع النفوذ، في وقت يتصاعد فيه الثمن الإنساني والاقتصادي الذي يدفعه اليمنيون يوميا. وبغياب ضغط دولي حاسم وإلزامي، تبقى أي تسوية محتملة هشّة وقابلة للانهيار عند أول اختبار.
- الحاجة إلى إرادة حازمة
وجاء حديث غروندبرغ في بيان أصدره عقب اجتماعات مكثفة عقدها في العاصمة السعودية الرياض، التقى خلالها بوزير الخارجية اليمني شائع الزنداني، وسفير المملكة لدى اليمن محمد آل جابر، وسفير الإمارات محمد الزعابي، إضافة إلى عدد من أعضاء السلك الدبلوماسي.
وفي بيانه، اعتبر غروندبرغ أن “إعلان وقف الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة وأنصار الله (الحوثيين) في السادس من مايو 2025 لا يُعد مجرد فرصة لخفض التصعيد في البحر الأحمر فحسب، بل يتيح المجال أيضا للأطراف للوفاء بالتزاماتها السابقة بشأن وقف إطلاق نار شامل، واتخاذ تدابير اقتصادية، والمضي قدما في عملية سياسية.”
وأضاف “لقد عانى اليمن لأكثر من عشر سنوات من ويلات الصراع.. هناك مسار عملي متاح أمام الأطراف للسير فيه نحو سلام تفاوضي وشامل يعود بالفائدة على جميع اليمنيين، بدعم من الفاعلين الإقليميين والمجتمع الدولي.”
وفي السادس من مايو، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع الحوثيين، بعد وساطة قادتها سلطنة عُمان، وذلك بعد هجمات متبادلة بين الجانبين.
وكان المبعوث الأممي قد أعلن في ديسمبر 2023، التزام الحكومة اليمنية والحوثيين بحزمة تدابير ضمن “خارطة طريق” تشمل وقفا شاملا لإطلاق النار، وتحسين ظروف معيشة المواطنين.
لكن هذا المسار تجمد بفعل دخول الحوثيين في صراع مع إسرائيل وشن هجمات ضدها وضد العديد من السفن في البحر الأحمر، مما أدى إلى خلق تعقيدات كبيرة في تطبيق خارطة السلام باليمن.
وتقول الجماعة إنها استهدفت في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي السفن الإسرائيلية أو التي تنوي الوصول إلى إسرائيل وذلك “نصرة لغزة”، بينها أميركية وبريطانية، بينما تشدد العديد من الدول على أن هجمات الحوثي هددت الملاحة الدولية وأضرت بالاقتصاد العالمي.
ومع عودة الهدوء إلى البحر الأحمر، ثمة من يرى أن هناك مسارا عمليا ملائما لتحقيق السلام كما أكد المبعوث الأممي، بينما يعتقد آخرون بأن الوضع في اليمن ما زال محاطا بتعقيدات كبيرة.
ويرى المحلل السياسي عبدالواسع الفاتكي أن منذ اندلاع الحرب تعاقب على الملف اليمني أربعة مبعوثين أمميين دون أن ينجح أي منهم في تحقيق اختراق حقيقي باتجاه تسوية شاملة.
كما يرى أن المبعوث الأممي يكرر في كل زيارة إقليمية أو إحاطة يقدمها لمجلس الأمن أن هناك فرصا لتحقيق السلام في اليمن، دون توضيح الفرص التي يشير إليها.
وأضاف الفاتكي في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية أن الفشل في تحقيق السلام يرجع إلى غياب الحزم الدولي في التعامل مع الطرف المعرقل لعملية السلام
وهو جماعة الحوثيين التي ما زالت ترفض تقديم أي تنازلات، رغم الانفتاح الكبير الذي أبدته الحكومة الشرعية، واستعدادها للدخول في تسويات مبنية على المرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وشدد على أن استمرار المجتمع الدولي والمبعوث الأممي في التهاون مع جماعة الحوثيين، وعدم اتخاذ خطوات رادعة لوقف العراقيل التي تضعها في وجه كل مسار سياسي أو إنساني، يضعف أي مسعى نحو السلام، ويعزز منطق الإفلات من العقاب.
وتابع “اليمنيون يتوقون للسلام، لكن الواقع يؤكد أن ما يسمى بـ’فرص السلام’ مجرد وهم في ظل المعطيات الراهنة، فالحرب ما زالت قائمة، والمعاناة الإنسانية تتفاقم، والاقتصاد ينهار، والمجتمع الدولي لا يزال عاجزا عن تحريك الملف اليمني خارج دائرة التجميد.”
وأردف “إذا كانت هناك نية حقيقية لتحقيق السلام، فإن الطريق يبدأ بإلزام جماعة الحوثيين بالدخول في مفاوضات جادة تستند إلى المرجعيات الوطنية، وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط للدولة، والقبول بالتحول إلى حزب سياسي يعمل ضمن القانون والدستور اليمني، لا كقوة مسلحة موازية للدولة.”
وحول مستقبل الوضع اليمني يقول الفاتكي “إذا استمر التصعيد الحوثي في البحر الأحمر وتهديد الملاحة الدولية، ومع تعقد المفاوضات الإيرانية – الأميركية، فإن الوضع قد يتجه نحو تصعيد عسكري إقليمي، خاصة إذا تلقت إيران ضربات عسكرية ستنعكس لا محالة على ذراعها في اليمن.”
ويعتقد المحلل اليمني بأن فشل المفاوضات السياسية قد يدفع المجتمع الدولي في نهاية المطاف إلى دعم حقيقي وفعال للحكومة الشرعية لاستعادة ما تبقى من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وبالتالي إنهاء حالة الجمود التي يدفع ثمنها المواطن اليمني على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والإنسانية.
ورغم استمرار حالة التهدئة العسكرية بين القوات الحكومية والحوثيين منذ أبريل 2022، فإن انعدام الثقة بين الجانبين يعقّد جهود تحقيق السلام.
ويقول الصحافي والناشط السياسي وليد الجبزي “بالرغم من النبرة الإيجابية التي حملها تصريح المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإن الواقع اليمني لا يعكس هذا التفاؤل، خاصة مع استمرار تعنت الحوثيين وتمسكهم بخيارات العنف وفرض الهيمنة بقوة السلاح.”
وأضاف الجبزي أن تصريحات غروندبرغ ليست جديدة، فقد دأب خلال السنوات الماضية على التلويح ببوادر السلام دون وجود ضمانات حقيقية من قبل الحوثيين.
ولفت إلى أن الحوثيين لم يظهروا يوما نية جادة نحو أي تسوية سياسية، وتمادوا في أعمالهم العسكرية، داخليا وخارجيا، وصولا إلى تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر، مما استدعى تدخلات أميركية وغربية.
وأشار إلى أن الحوثيين منذ انقلابهم على الدولة، تسببوا في تدمير ممنهج للبنية التحتية المدنية والعسكرية في اليمن، بما في ذلك مطار صنعاء، وميناء الحديدة، ورأس عيسى، والمصانع الحيوية مثل مصانع الأسمنت، ناهيك عن تجويع الشعب ونهب الموارد وفرض الجبايات.
وأفاد بأن الواقع المعيشي والإنساني، سواء في مناطق سيطرة الحوثيين أو في مناطق الحكومة الشرعية، يؤكد حاجة اليمن العاجلة إلى السلام، إلا أنه لن يتحقق دون إرادة دولية حازمة، وخارطة طريق واضحة تضمن تمثيلا عادلا لكافة الأطراف. واختتم حديثه قائلا “مسار السلام يجب أن يبنى على حقائق ميدانية، لا أمنيات أممية، وأي تسوية لا تُنهي سطوة السلاح على القرار السياسي ستظل مجرد هدنة هشة قابلة للانفجار في أي لحظة.”
- انعدام أفق السلام
وأشار عبدالرب إلى أن الجهود الأممية لن تنجح في تحقيق تقدم حقيقي إذا لم تكن هناك نوايا فعلية من قبل أطراف الصراع لتجنيب اليمن المزيد من الدمار، ومحاولة صنع السلام من أجل المواطنين الضعفاء الذين يعانون واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية في العالم.
وشدد عبدالرب على أنه لا وجود لبوادر تشير إلى أن السلام في اليمن قد اقترب، معتبرا في الوقت ذاته أن الهدوء في البحر الأحمر يعد شيئا إيجابيا، نظرا لأن أي صراع جديد في المنطقة يؤثر سلبا على الملف اليمني الذي يتسم بتداخلات متعددة.
ويبدو أن الهدوء في البحر الأحمر، رغم أهميته كنافذة لخفض التصعيد الإقليمي، لا ينعكس فعليا على الداخل اليمني المتخم بتعقيدات سياسية وأمنية واجتماعية. فالمعطيات الميدانية تشير إلى استمرار منطق القوة وغياب التنازلات، ما يُبقي جهود السلام رهينة الحسابات الدولية وصراع النفوذ، في وقت يتصاعد فيه الثمن الإنساني والاقتصادي الذي يدفعه اليمنيون يوميا. وبغياب ضغط دولي حاسم وإلزامي، تبقى أي تسوية محتملة هشّة وقابلة للانهيار عند أول اختبار.