الهبر.. والهبر الآخر

> سعد أحمد السوبائي

> على غرار قاعدة احترام الرأي والرأي الآخر، التي يعتمد عليها أرباب الفكر والرأي في تعاملهم مع بعضهم البعض حول الموضوعات التي قد يتفقون فيها، أو يختلفون .. يتبادل أرباب الفساد في بلادنا الاحترام فيما بينهم ويجسدون مفهوم القاعدة السابقة على أساس مفهوم الفساد الذي يتلخص في قاعدة «احترام الهبر والهبر الآخر» على اعتبار أن الهبر هو الأداة المُثلى في عملية الفساد والإفساد.
وعلى هذا الأساس لا تستطيع أن تكون فاسداً ما لم تكن من الهبارين في منظور الفاسدين، ولن تستطيع الحصول على درجة فاسد ولا حتى بتقدير مقبول والهبر في لغة الفاسدين يعني السطو على المال العام، أو الحق العام والحصول عليه بطرق غير شرعيةبنظر القانون، وشرعية جداً من وجهة نظر أرباب الفساد، الذين لا يألون جهداً، أو يفوّتون فرصة للهبر العام من أموال وحقوق الشعب في أي مكان تواجدوا فيه، سواء مصالح إيرادية أو مؤسسات خدمية تابعة للدولة، وتعتبر المؤسسات الإيرادية من أنسب البيئات الملائمة لنمو وتكاثر الفساد وتصديره بعد ذلك إلى المؤسسات الأخرى التابعة للدولة، على هيئة رؤى وأفكار وتعليمات تهدف إلى السلب والنهب والاحتيال على حقوق الشعب، وخلق فاسدين جدد يواصلون مسيرة النضال ضد احترام الحقوق والقانون العام.

ولا يتم وضع أي قدر من الاحترام للموظف من قبل نظرائه إلاّ بمقدار فساده وسطوه على حقوق الناس والحق العام، فكلما زاد سطوه وفساده زادت هيبته بين الجميع وكلما قصّر يده عن الفساد قصرت عنه الأنظار وقل احترامه، ويتدرج الفساد بشكل تصاعدي من الغفير إلى الوزير، وكلما علت مرتبة الموظف علت بالتالي درجة فساده ونال قدراً أكبر من احترام مدرائه له، فهم ينظرون فيه مستقبل الفساد الواعد، فيسعون إلى تكريمه بترفيع درجته الوظيفية، وتقريبه منهم ليكون على اطلاع كامل بكل خيوط الفساد التي ينسجونها مع بعضهم فيما بعد، وعلى ذلك المبدأ يتم التقريب والإزاحة للموظفين في مؤسساتنا، وليس على مبدأ الكفاءة والمعرفة، فالأولوية للمفسدين والذين يجيدون فن التغاضي عن عملية الفساد في أماكن وظائفهم، البعيدين عن قيم ومبادئ العمل الشريف، ورقابة الضمير، ويفضل المدراء عادة التغاضي عن فساد موظفيهم عملاً بالمبدأ المتعارف عليه بينهم بضرورة وجوب احترام الهبر والهبر الآخر، ودعه يهبر كما تحب أن تهبر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى