جرعة (دبل) .. والحال لا يحمل مكعب جرعتين!

> د. محمد حسين حلبوب

> بعد شد وجذب ونقاش حاد وتوتر، وصل حد تهديد رئيس الوزراء بالسلاح، وبشروط كثيرة وعلى مضض، وافق أعضاء مجلسي النواب والشورى على الميزانية العامة للحكومة لعام 2005م، الذي يعني ضمنياً الموافقة على تنفيذ (جرعة المحروقات)، أي رفع أسعار البترول والديزل وغاز البوتاجاز، وها هي الحكومة تتريث في تطبيق الجرعة، وتنتظر من الله أن يمن على اليمن بالأمطار لتخفض تكاليف الزراعة، فتنخفض أسعار الخضار والفواكه والقات، فيكون تأثير رفع أسعار المحروقات على المواطن أقل، مؤقتاً على الأقل. وتأمل الحكومة أن يكون موسم الأمطار كافياً لكي يتأقلم السوق والمواطن على الوضع الجديد للأسعار.

ومن وجهة نظرنا، فإن التريث حتى يقترب موسم الأمطار سياسة معقولة وحكيمة من قبل الحكومة، ولكن ما هو غير معقول وبعيد عن الحكمة إصرار الحكومة على تطبيق قانون ضريبة المبيعات، الذي يضيف 10% فوق سعر كثير من السلع، ابتداءً من بداية النصف الثاني للعام الجاري، ولا معقولية وعدم حكمة هذا التطبيق تعود - في رأينا - لأسباب كثيرة من أهمها:

أولاً: إن عبء جرعة المحروقات كبير، بحيث ينوء به كاهل المواطن المنهك أصلاً من ثقل الركود الاقتصادي وقساوة جرعات الإصلاح السابقة. وهناك دلالة كبيرة للتسمية الشعبية لهذه الجرعة بـ (الجرعة القاتلة)، فما بالك إذا تصرفت الحكومة برعونة واستخفت بمشاعر الناس ولم تقدر ظروفهم، وأضافت على كاهل المواطن عبء جرعة ثانية متمثلة في ضريبة مبيعات بواقع 10%.

ثانياً: إن الانتعاش الاقتصادي العالمي، والارتفاع الكبير في السعر الدولي للنفط سوف ينتج عنهما ارتفاع مؤكد في مستوى الأسعار العالمية لكثير من السلع المستوردة، وهذا سوف يحمل المستهلك اليمني أعباء إضافية، ليصبح تأثير الجرعة مرفوعاً للقوة 2 (تربيع) فما بالك أن تكون جرعتان مرفوعتين للقوة 2 (تربيع).

ثالثاً: إن تطبيق استراتيجية الأجور والمرتبات، سوف يتمخض عنه زيادة في ضخ العملة المحلية مما ينتج عنه ارتفاع متوقع في سعر الدولار الأمريكي ليقترب من حاجز الـ 200 ريال يمني وقد يتجاوزه في نهاية العام 2005م، أو مع بدايات العام القادم، وهذا سوف يرفع من الأسعار المحلية، ويضيف عبئاً إضافياً جديداً على كاهل المواطنين .. لتصبح الجرعة مرفوعة للقوة 3 (تكعيب) فما بالك أن تكون جرعتان مرفوعتين للقوة 3 (تكعيب).

الجدير ذكره أن الحكومة ليست في وضع مالي صعب يلح بتطبيق قانون ضريبة المبيعات، حيث إن ارتفاع الأسعار العالمية للنفط سوف يعوضها أضعافاً عن المردود المالي لتطبيق هذا القانون.

كما يجب الإشارة هنا إلى أن قانون ضريبة المبيعات بعيد عن العدالة، لأنه يستهدف فئة محددة من التجار، وهو كذلك غير متوازن لكثرة التعديلات التي طرأت على مسودته الأصلية (كما أشار إلى ذلك رئيس الوزراء في مقابلته التلفزيونية الاخيرة)، لهذا كان من الأجدر الإعلان عن إلغائه لا الإصرار على تطبيقه.

في الأخير، يجب ألاّ يغيب عنا إدراك أن الشعب اليمني سريع التأثر بالحركات السياسية الدولية، لذلك فقد يفاجئنا الشباب اليمني العاطل عن العمل بتقليد ما يجري في لبنان أو قرغيزيا أو ما جرى في أوكرانيا وجورجيا. لكن حرارة الطقس والنفس في اليمن ومستوى الثقافة لن يساعدا على إبقاء الأمور في إطار التحركات السلمية.

فهل تكتفي الحكومة في هذا العام بتمرير جرعة المحروقات؟

أم تركب رأسها وتنتحر بتطبيق ضريبة المبيعات؟!

أستاذ الاستثمار والتمويل المساعد- جامعة عدن

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى