لطفي شطارة في النظيرة البريطانية لدار أبي سفيان

> نجيب محمد يابلي

>
نجيب محمد اليابلي
نجيب محمد اليابلي
اطلعت مجازا على ملف قضية الزميل العزيز لطفي شطارة، الصحفي الألمعي المقتدر، واعتمدت في اطلاعي على قراءات سابقة أبرزها كتاب (هشام ومحمد علي حافظ - تدويل الصحافة) للأستاذ فاروق لقمان، أمد الله بعمره ومتعه بالصحة، و(مقدمة ابن خلدون) لمؤلفه عبدالرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي.

كان من حسن طالع الزميل لطفي أن يعمل مع الشركة السعودية للأبحاث والتسويق لصاحبيها هشام ومحمد علي حافظ، وهي الشركة التي أتحفت القراء العرب والأجانب في مشارق الأرض ومغاربها بصحف ومجلات منها «الشرق الأوسط» و «عرب نيوز» و«المجلة» و«سيدتي» و«مجلة الشرق الأوسط» و«عالم الرياضة» و«عالم السيارات» و«سعودي بيزنس» و«الصباحية» و«هي» و«الرجل» وغيرها من الصحف والمجلات.

إن من يقرأ كتاب الأستاذ فاروق لقمان عن سيرة المكافحين الكبيرين هشام ومحمد علي حافظ اللذين سارا على طريق والدهما علي حافظ وعثمان حافظ، اللذين أسسا وأصدرا جريدة «المدينة المنورة» (مسقط رأسيهما) في 8 أبريل 1937م (ليلة المولد النبوي) يجد نفسه منحنياً أمام تلك القامتين الباسقتين. لقد حقق هشام ومحمد علي حافظ نجاحا باهرا في عالم الصحافة لم يسبق له مثيل.

شهد الراحل الكبير مصطفى أمين في مقدمته لكتاب الأستاذ فاروق لقمان للطودين هشام ومحمد علي حافظ ما نصه: «سعيد أن أرى لأول مرة جريدة عربية تصدر في لندن وتنقل بالأقمار الصناعية إلى الظهران والرياض والكويت وجدة والدار البيضاء والقاهرة وفرانكفورت ومارسيليا وباريس ولندن ونيويورك وبيروت.».

أدخل متنفذون عرب تعليقة (الشراكة) إلى بلدانهم متى ما أذهلهم نجاح مؤسسة من المؤسسات، وإن كانت شراكة المتنفذين الخليجيين مقبولة ومنصفة، ذلك أنها برأس المال حباً في البريستيج، إلا أن الشراكة التي يفرضها اليمنيون شراكة من الصنف المبتذل، لأنها شراكة بالحماية وحماية ممن؟ كيف تكون هناك دولة ومقابلها حماية؟ لم أجد أسلوباً مثل ذلك من واقع قراءتي إلا عند آل كابوني.

بعد وفاة الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز، دخلت عناصر متطفلة على تلك المؤسسة الظاهرة وكان دخولها أشبه بدخول ثيران إلى متجر لبيع أوانٍ مصنوعة من البورسلين، ويتسق ذلك مع التشبيه الإنجليزي LIKE A BULL IN CHINA STORE واتخذ أولئك المتطفلون قرارات عشوائية مزاجية استهدفت صفوة العاملين في المؤسسة، وكان من ضمنهم الزميل العزيز لطفي شطارة.


صدقت يا ابن خلدون
التاريخ العربي مستنسخ من بعضه، وهناك فلتات تتمثل بحكام أو عصاميين عظماء أمثال مصطفى وعلي أمين وهشام ومحمد علي حافظ، إلا أن السمة الغالبة عند العرب (ومن ضمنهم اليمنيون) هي التي وردت في مقدمة ابن خلدون ووجدتها بارزة في الصفحات (149 و 286 و 289) ففي الفصل (26): في أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب: «طبيعة وجودهم منافية للبناء الذي هو أصل العمران ..... وطبيعتهم انتهاب ما في أيدي الناس وأن رزقهم في ظلال رماحهم وليس عندهم في أخذ أموال الناس حد ينتهون إليه...».

وفي الفصل (43): «في أن الظلم مؤذن بخراب العمران» وروى ابن خلدون في ذلك الفصل الحكاية التي رواها المسعودي عما قاله بهرام الفارسي لملك: «.... لا قوام للشريعة إلا بالملك ولا عز للملك إلا بالرجال ولا قوام للرجال إلا بالمال ولا سبيل إلى المال إلا بالعمارة ولا سبيل إلى العمارة إلا بالعدل والعدل الميزان المنصوب بين الخليقة نصبه الربّ وجعل له قيّماً وهو المَلِك.»


النظيرة البريطانية لدار أبي سفيان
قال الحبيب المصطفـى: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن» ويبين هذا القول حنكة الرسول [ في التعامل مع خصومه السابقين. لم تعد البلاد العربية دار أبي سفيان، لأنها بالإمكان بين غمضة والتفاتتها أن تسلم اللاجئين عندها إلى دولهم ليسوموهم عذاب السعير، لأن مثل هذه البلاد أصبحت من السذاجة والصفاقة أن تطلب من الراغبين في التظاهر رفع كشوفات بأسمائهم وعناوينهم وأرقام هواتفهم وأماكن عملهم وتاريخ وميعاد تظاهرهم وتسليمها لزوار الفجر لتمكينهم من الانقضاض عليهم في مضاجعهم.

إلا أن من محاسن صدف الزميل لطفي أنه دخل الدار النظيرة لدار أبي سفيان، لأنه أحس بالأمان والاطمئنان عند تعرضه للفصل التعسفي. ما إن أشعر نقابة الصحفيين وراجع مقرها، ضمن مكافأة المواصلات وتأمين معاشه والتزاماته وتحمل نفقات مقاضاة صاحب العمل. إن النقابات في بريطانيا لا تتعامل باللون أو الاثنية أو الانتساب أو الاحتساب لمراكز القوى، إنها نقابات مؤسسية وليست نقابات «من حق الله طلبنا» إن النقابات هناك تعمل من خلال نظام مؤسسي، حيث القانون سيف مسلط على أكبر الرقاب وقرار القضاء محتوم كقرار الموت.

ذهل الزميل لطفي لأسلوب عمل النقابات هناك، فالنقابات هناك لا تؤمن بالتسويف. هناك قضية تعرض بتفاصيلها ووثائقها وموقف القانون منها وعقد جلسة أو جلستين تخلق الانطباع الأولي عندها بالاستمرار في عقد الجلسات أو اللجوء إلى القضاء وتعيين المحامي المقتدر، وهذا ليس من شأن الزميل لطفي، بل من صميمم واجبات النقابة. هنيئا لك زميل لطفي هذه الروح المعنوية العالية، لأنك في دار أبي سفيان.. حقا إنها دعوة الوالدين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى