أمواج المد تقضي على تقاليد سكان جزيرة هندية

> الهند «الأيام» عن رويترز :

>
أمواج المد تقضي على تقاليد سكان جزيرة هندية
أمواج المد تقضي على تقاليد سكان جزيرة هندية
الآف السنين ظل سكان جزيرة نيكوبار يتعهدون مزارع جوز الهند ويربون الخنازير على الشواطيء الرملية لجزيرتهم الساحرة,واليوم أدار أفراد القبائل ظهورهم للبحر وربما لهذا النمط القديم من الحياة أيضا.

لم تسفر أمواج المد التي اجتاحت شواطئهم قبل خمسة أشهر عن مقتل الآلاف من سكان جزر نيكوبار فحسب بل سببت أيضا تصدعا في هيكل الاقتصاد والمجتمع.

وقال صامويل ستيفن وهو موظف بالحكومة يبلغ 35 عاما من قرية موس التي سوتها الأمواج بالأرض وتقع على الطرف الشمالي من جزيرة كار نيكوبار "لم يفق الناس من صدمتهم ومعاناتهم بعد."

وأضاف "الناس خائفون من صوت الأمواج ليلا. حتى صوت الحافلات والشاحنات في ساعات غير معتادة يوقظهم... لكن أسوأ تغيير يتعلق بالسلوك. لقد بدأوا يحتسون خمورا بشكل مبالغ فيه."

وخلال رحلة بامتداد الساحل الشرقي لكار نيكوبار ونادرا ما يقوم صحفي أجنبي برحلة إلى هناك - بل إن الهنود في حاجة إلى تصاريح للوصول إلى هذا المكان- اتضح أن المعاناة النفسية لم تنمح وكأن الكارثة قد وقعت لتوها. ربما تكون الجثث قد انتشلت ولكن بخلاف ذلك لم يتغير الوضع كثيرا منذ 26 ديسمبر كانون الأول.

وتحيط بمركز طبي الرمال والأنقاض وأشجار جوز الهند المنهارة وهي كل ما تبقى من قرية لاباتي. ووضعت لافتة صغيرة تشير إلى المكان "الذي كان لالباتي" في حالة نسيان السكان المكان الذي كانوا يعيشون فيه يوما.

ومحيت القرية تلو الأخرى بمعنى الكلمة من على خريطة الجزيرة.

وعدد القتلى الذي يعلن عنه رسميا يبلغ نحو 850 في هذه الجزيرة الواقعة بالمحيط الهندي من بين 19 ألفا هم عدد السكان. ولكن المسؤولين يقرون بشكل غير معلن بأن عدد القتلى ربما يكون أعلى كثيرا.

فر سكان الجزيرة بعيدا عن البحر لتحاشي غضب أمواج المد وقد ظلوا حتى اليوم في أماكن مثل مخيمات الإيواء التي أقيمت في الغابات أو بشكل متزايد في مراكز الإيواء التي أقامتها الحكومة والتي من المفترض أن تحميهم من الأمطار الموسمية.

كانوا يمارسون الصيد فكانوا يغوصون بأبسط المعدات أو يمدون شباكهم إلى أعماق بعيدة بحثا عن الأسماك الأكبر حجما. وبعد مرور خمسة أشهر فإن عدد زوارق الصيد التي عادت إلى البحر لا يذكر.

اقتلعت الأمواج العاتية عشرات الآلاف من أشجار جوز الهند التي تمثل شريان الحياة للاقتصاد. وستستغرق عودة تلك المزارع إلى سابق عهدها عشر سنوات وقد بدأت عمليات إعادة الزراعة للتو.

ولكن أكثر التغيرات عمقا قد تحدث إذا لم تتمكن القبيلة من إعادة بناء ما كان يوما مجتمعا مترابطا يحتشد حول مفهوم العائلة الكبيرة عندما كان سكان القرى يساعدون بعضهم بعضا دون مقابل مادي.

قال هنري صامويل وهو زعيم لشبان القبيلة "فقدنا الهوية ولم نعد نرغب في أن نساعد بعضنا بعضا... في الحرب يبحث كل فرد عن سلامته الشخصية."

ومحيت الأكواخ التي كانت تتركز حولها حياة الأسرة والعائلة الكبيرة. وقد أجبرت مراكز الإيواء التي أقامتها الحكومة سكان جزيرة نيكوبار على التقلص إلى الأسرة الصغيرة مما أضر بالتقاليد.

وتقع كار نيكوبار على بعد 1300 كيلومتر قبالة الساحل الشرقي للهند وسط سلسلة جزر اندامان ونيكوبار. وقد يكون سكانها "المنغوليون" قد وفدوا من الصين أو من جنوب شرق آسيا قبل 18 ألف سنة واعتنقوا المسيحية خلال الحكم البريطاني.

ويحظر على الدخلاء دخول الجزيرة بدون تصريح. ولكن الآلاف من سكان الهند استقروا هنا بأي حال سواء بالطرق المشروعة أو غير المشروعة فأداروا متاجر أو قاموا بأعمال أخرى.

ولقي المئات من سكان الجزيرة حتفهم يوم 26 ديسمبر كانون الأول وأجلي ما تبقى منهم إلى الهند. ويقول زعماء نيكوبار إن القادمين من الهند الأكثر حنكة يستغلون السكان المحليين ويريدون الآن أن يسيطروا على الجزيرة.

قال توماس فيليب أمين المجلس القبلي لكار نيكوبار "لابد من السيطرة على هذا التدفق... لابد من إبعاد هؤلاء من مكاننا ولابد من وقف أي عمل يقومون به."

ودفعت الحكومة نحو 15 ألف روبية (350 دولارا) من التعويضات لأفراد القبائل الذين فقدوا منازلهم وتدفع ببطء ما يصل إلى 200 ألف روبية لكل ارملة ويتيم وأربعة آلاف روبية لكل شجرة جوز هند دمرتها امواج المد.

ويتسم سكان نيكوبار بالطيبة والبساطة الشديدتين بشكل يحول دون لجوئهم للشكوى.

ولكنهم بدأوا بشكل تدريجي ينفتحون على العالم الخارجي. إذ إن الإعانات الغذائية التي تقدمها الحكومة وأغلبها من الأرز والعدس محدودة للغاية كما أن تعويضات الخسائر الزراعية غير كافية على الإطلاق.

بل الأسوأ من ذلك فإن الكثير من الأموال بدأت توجه للمشروبات الكحولية وبمبالغ متزايدة. قال صامويل "في البداية كانت هناك جنة ولكن حواء أكلت من الشجرة المحرمة... كانت الشجرة المحرمة هي المشروبات الكحولية وسيبدأ الجميع في احتسائها."

وأبدى سمير اشاريا من جمعية بيئة اندامان ونيكوبار قلقه من أن سكان نيكوبار الذين كانوا يعيشون في دعة تحت أشجار جوز الهند أصبحوا مضطرين الآن للانفتاح على العالم الحديث بسرعة زائدة وأن هذا الضغط قد يدمر المجتمع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى