المظهر عصري .. والأفعال بدائية

> صالح علي السباعي :

>
صالح علي السباعي
صالح علي السباعي
البعض ترك السهول والجبال ومضارب الأجداد والمنازل الشعبية ليسكن الفيلا والعمارة، وألقى بالمعوز والزنة ليرتدي السروال والجاكيت وبدلات السفاري، وقاد السيارة بدلاً من الجمل أو الحمار، وكان عليهم قبل كل شيء إلغاء كل هذه الديكورات التي تحاصر عقولهم البدائىة.

لقد لبس البعض ثوب التمدن مبكرا، في الوقت الذي كان يجب عليهم أن يعيشوا سنينا وسنينا ببطء ومعاناة حتى يصلوا هذه المرحلة المتقدمة.

كان يجب على البعض نزع البالي من التقاليد التي تربوا عليها، والتي لا تزال تعيش في دواخلهم مهما كانت الملابس التي يرتدونها والسيارة التي يركبونها.

هؤلاء الذين يحاولون الظهور بمظهر عصري لم يسترشدوا للهوية الجديدة أو يتقبلوها بقناعة تامة، وقفوا عند باب السطحية دون الجوهر، وتعلقوا بالمظهر وهذا هو الضياع الذي يعيشونه.

الكلمة الطيبة صدقة، وهي لا تكلف شيئاً، لكن البعض يظن أنها تقلل من قدره، وأن المنصب يحتم عليه أن يكون متجهم الوجه لا يبتسم إلا لأنثى، وهذه مشكلة الإدارة في اليمن، مما أعطى هذه الإدارة صفة الإدارة (المتسلحفة) نظرا لتشبث البعض بدور الباشا والمهراجا.. وهذا الأسلوب لم يعد يلائم العصر، ولكنه يعرقل حركة السير إلى الأمام .. عالم الإدارة اليوم ألغى الحواجز والأبواب والجدران بين الرئيس والمرؤوس .. لم يعد هناك مكان للمكاتب المغلقة ذات الزجاج العاكس، العمل اليوم فريق عمل مع الاطلاع المستمر على المعلومات الحديثة أولا بأول، واتباع نظام التنافس في الحصول على المواقع .. الكفاءة هي الفصل.

الكثير من المسؤولين في المؤسسات يتحدثون للإعلام عن الأنظمة واللوائح والقوانين، وهي حالة إيجابية لو تم احترام النظام والقانون وتم تطبيقه على الجميع دون استثناء .. ولكن المؤسف أن التطبيق لا يتم إلا على المستضعفين، أما المتحدثون فغالباً ما يكونون في خانة الاستثناء عند وقوع تجاوزات، وإذا ما رأوا أن القانون سوف يقف حجر عثرة في طريقهم ويمنعهم من الحصول على مصلحة ما، كشروا أنيابهم وعادوا إلى سيرتهم الأولى وأظهروا عكس المظهر.

وبعض هؤلاء يبثون الإشاعات بأنهم مدعومون من مراكز قوى، وقصدهم من ذلك خلق حماية وهمية لأنفسهم، ليطول بقاؤهم على الكراسي، والكثير من الناس يظنون أن هؤلاء فعلاً لديهم حماية وأنهم أقوياء، بينما في الواقع هم غير ذلك، ويستمدون قوتهم من ضعف المجتمع ومن الكراسي التي يجلسون عليها .. ويوم يدور الزمن ويفقدون المنصب، يختفون وينطفئون ويسقطون كما تسقط الشهب في أعماق المحيط.

وطالما هذه هي النهاية، فإن على البعض أن يتعظ ويترفع عن ثقافة التحيز، وأن يكونوا هم القدوة في احترام النظم، بدلا من التلذذ بوضع الفِخاخ للآخرين للإيقاع بهم ودفعهم إلى عالم الضياع ظناً منهم أن اللذة ستقودهم إلى السعادة، وهم مخطئون في ذلك، لأن اللذة في قاعدة الهرم والسعادة في القمة، ولن يصل إلى السعادة إلا من اتجه إلى القمة أولاً، بمعنى أن يتجه المخلوق إلى الخالق عز وجل وأن يعمل وفق تعاليمه ليرضى عنه، وهذه هي قمة السعادة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى