قصة قصيرة بعنوان (أبو عبده)

> «الأيام» محمد أبوبكر الحداد :

> ظل هاجس إنارة شارع المدارس يقض مضجعه، وصار يحسب الساعات والدقائق في أولى تباشير الصباح، ليحمل سلالم الكهرباء على العربة ذات الإطارات الهوائية، ويمر على مرافقه الذي لا يستجيب له إلاّ بعد عناء وإلحاح.

وضع أبوعبده - ذلك الشاب الضرير- على كاهله إضاءة شوارع المدينة وكسر قاعدة «فاقد الشيء لا يعطيه»، فهو لن يستفيد من تلك الأنوار، بعد أن فقد بصره، ولكنه العزم والإصرار، والسعي دون كلل وبلا تذمر، أخجل أهل البصر والبصيرة.

الكل يقصده ليزيل عن أزقتهم شبح الظلمة، ويعيد إليها بسمتها وبهجتها، يصاحب النور أين اتجه، ويكره الظلمة أين حلّت، لا تعجزه المادة ولا يترقب وعود القائمين، الأبواب في وجهه مفتحة، والأيدي نحوه باسطة، يقتحم طريقه وسط الزحام، لا يلتفت لتضوّر ولا يهتم لبخس، يحمل بين جوانحه وداً وغبطة، يفترش التسامح، ويتوسد القناعة، يجد سعادته عندما تدرك تلك العجوز عند الغسق دكان حارتها، ويهتدي ذلك الشيخ وقت السحر إلى مصلاه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى