عبدالرحمن باجنيد لـ «الأيام»:عدن أم الدنيا و مازلت ابن حارة الشريف بكريتر!

> «الأيام» مختار مقطري :

>
الباجنيد يقرأ نشرة الأخبار في تلفزيون عدن عام 1964م
الباجنيد يقرأ نشرة الأخبار في تلفزيون عدن عام 1964م
عبدالرحمن باجنيد، مبدع لا يحتاج الى تقديم، كإعلامي بارز في إذاعة وتلفزيون عدن (1960- 1969م)، وملحن ومطرب شهير مازلنا نردد آغانيه الذهبية التي لم تصدأ رغم مرور أكثر من (35) عاما على سماعنا لها، فللقارئ العزيز تقدم «الأيام» هذا الحوار الشامل الذي تنفرد به مع هذا المبدع الأصيل منذ اختياره في عام 1991م قضاء إجازاته السنوية في موطنه منذ هجرته الى هولندا عام 1969م.

حدثنا عن عبدالرحمن باجنيد.

- ولدت عام 1942م في حارة الشريف بكريتر ووالدي، رحمه الله، كان يعمل في امانة ميناء عدن، ولي 4 أخوة و4 أخوات، تلقيت تعليمي الابتدائي في مدرسة القديس (جيمس) والتي كان يطلق عليها (اس. دينسي) وتحولت فيما بعد الى مدرسة (السيلة) الابتدائية، وحاليا يشغل المتحف العسكري مبناها ، ثم درست المتوسطة بمدرسة لطفي أمان (حاليا) ثم (كلية عدن) بالشيخ عثمان، حيث حصلت فيها على شهادة الثقافة العامة من جامعة لندن، ومن ضمن المواضيع التي تخصصت فيها اللغة الانجليزية. بعد ذلك التحقت بالعمل في اذاعة عدن عام 1960م ثم تم اختياري للعمل في تلفزيون عدن بعد افتتاحه عام 1964م، وتم اختياري لبرامج المنوعات والموسيقى والترجمة، وكان معي حينها الزملاء محمد عمر بلجون في البرامج الإخبارية، وأشرف جرجرة في البرامج الخارجية وابوبكر العطاس في البرامج المدرسية.

كبف بدأت اهتماماتك الموسيقية؟

- نشأت في مرحلة كانت تشهد حراكا فنيا وثقافيا بعدن، ففي حارة الشريف كنت اسكن بالقرب من الفنان احمد قاسم، وكان خالي صديقا له وكنت اشوفهم يجلسون مع بعض ويغنون ويعزفون مختلف الاغاني وكنت اجلس استمع اليهم، اضافة الى ان والدي، الله يرحمه، كان يعجبه الطرب ويجلس يخزن في البيت ويفرض علي الجلوس معه لتشغيل جهاز الطرب (الجرامافون) أو قلب الاسطوانة، وهكذا بدأت آعشق الغناء.

أول اغنية ناجحة من تلحينك؟

- الأغاني التي غنيتها من تلحيني ما عدا واحدة او اثنتين لأحمد قاسم، وواحدة آو اثنتين ليحيى مكي مثل (انا والليل والنسمة) وأول اغنية ناجحة من تلحيني وكلمات لطفي أمان كانت (طير من وادي تبن)، فقبلها سجلت للاذاعة 3 اغنيات ( يا اهل الهوى ) واغنية (ليش الهجر ليش يا حبيب) والثالثة (اسمر سمارة).

هل كان رد فعل بعض أبناء لحج سبب في نجاح الأغنية؟

- الأغنية نجحت لأن كلماتها كانت جميلة ولحنها شعبي وخفيف، أما رد فعل بعض أبناء لحج على الاغنية لأن لطفي استخدم فيها كلمات بلهجة لحج، لم يتقبلها البعض، ومنهم الشاعر المرحوم مسرور مبروك، فكتب اغنية على غرارها رفضتها الاذاعة لأن بعض كلماتها بذيئة ولا تصلح للاذاعة، وبالمناسبة كانت في تلك الأيام لجنة في الاذاعة تجيز نصوص الاغاني وتضم قامات ادبية وفنية ثم تطورت الى لجنة اخرى تجيز الاصوات، وهذه التطورات حصلت مع النهوض الفني الذي بدأ في اواسط الخمسينات تقريبا، اما اليوم وكما عرفت أن كل من يرغب في الغناء حتى لو لم يكن صاحب موهبة فالمجال آمامه مفتوح، وليس هناك لجنة تجيز النصوص او الاصوات.

من غنى من الحانك؟

- لحنت للأطفال كثيرا من الأغاني وقدمت من خلال اذاعة عدن بأصوات صباح منصر ورجاء باسودان وغيرهما، كما غنى لي الفنان محمد سعيد منصر اغنية (اهل الهوى يا ناس) وقدمت للفنان المرحوم سعيد احمد بن احمد اغنية (في طرفك الأحور)، كما اشتركت معي حينها نجيبة عبده في اغنية (يا ابنة الوادي) وهذه كتبها لطفي امان للتخفيف من غضب إخواننا في لحج بعد اغنية (طير من وادي تبن).

وقبل أن أغادر عدن الى هولندا كان آخر عمل قدمته في التلفزيون مباشرة، ولحسن الحظ أن الاذاعة قامت بتسجيله، اوبريت اطلقت عليه في تلك الأيام وهي فترة التشطير اسم (اوبريت الشمال والجنوب) مع الفنانة فائزة عبدالله وأدخلت فيه اغاني تراثية معروفة من لحج وصنعاء وتعز وإب وعدن وحضرموت وأوجدت الترابط بينها من خلال الحوار بيني وبين الفنانة فائزة حيث كانت تسمعني اغاني المناطق الشمالية وانا اسمعها اغاني المناطق الجنوبية.

ما هو تأثير الفنان الراحل احمد قاسم على عبدالرحمن باجنيد ؟

- الفنان الراحل احمد قاسم استاذي وقد اشركني في فرقته الموسيقية التجديدية عام 1957م وتعلمت العزف وغنيت وصقلت موهبتي الفنية ولولاه لما أصبحت مطربا.

لكن اغانيك لا يظهر فيها تأثير أحمد قاسم ؟

- انا فكرت في ان اختط لنفسي اسلوبا خاصا بي، لكن هذا لا يمنع انني كنت في فرقته، وكان يسمع ألحاننا ويوجهنا ويظهرنا معه في حفلاته، والفضل الكبير يعود له بعد الله سبحانه وتعالى.

ماذا قدمت في أغنية الطفل؟

- أعمال كثيرة آذكر منها: (فك البوك يا ابن ابوك) و(اجروا ورانا ياعيال) و(بسبس نو) و(بيع التيس) وغيرها. وكان يكتبها احمد شريف الرفاعي وقمت انا باختيار وتدريب من يغنيها مثل صباح منصر ورجاء باسودان وأم الخير عجمي، ومن هنا كانت البداية بالنسبة لهن وانتقلنا بعد ذلك لتقديم الاغاني العاطفية.

عملك في الاذاعة هل كان هواية ام وظيفة؟

- كان هواية وجاء على اساس ان وجودي في الاذاعة سوف يساعد في تطوير ميولي الفنية لأن فيها الموسيقى والاغاني، غير أنه وفي وقت لاحق ركزت على العمل الإعلامي واصبح الاهتمام بمجال الموسيقى والغناء ثانويا.

ايهما تفوق على الآخر باجنيد الفنان ام باجنيد الإعلامي ؟

- باجنيد الإعلامي تفوق على الفنان ولو أني أرى انه لا يوجد فرق كبير بين المجالين، إلا انني اشعر أنني في مجال الإعلام حققت اشياء كثيرة ربما كنت لن استطيع ان احققها لو استمريت في التركيز على المجال الفني فقط. على اعتبار ان العمل الإعلامي يضيف اليك معارف ومعلومات جديدة بصورة يومية وتكتسب من خلاله مهارات وقدرات عديدة في الترجمة والإخراج وغيرها، لكن في الفن لا تستطيع ان تعمل كل يوم اغنية، اما اليوم فنسمع عن اغان تنتج وبالجملة.

في عدن حققت شهرة شعبية على المستوى الفني والإعلامي، هل حققت تلك الشعبية في هولندا ؟

- في هولندا اشتهرت كمذيع في القسم العربي في الاذاعة الهولندية، وليس كفنان، واصبح لدي مستمعون ومتابعون، وبالذات من المغرب وتونس والجزائر و مصر واليمن وغيرها، واحتفظ برسائل لبعض المستعمين من اليمن وخصوصا عدن وكنت اود ان التقيهم لكن لم تساعدني الظروف، كما ان هناك العديد من المغتربين اليمنيين المتواجدين في اوروبا يتابعون ويستمعون لاذاعة هولندا ومن خلال التواصل معهم عبر البرامج التي اقدمها استطعت ان أحقق شعبية بينهم ولكنها ليست بمستوى تلك الشعبية التي حققتها في عدن.

ماذا قدمت في إذاعة وتلفزيون عدن من برامج؟

- في الإذاعة قدمت برامج مثل ( الحان من الشرق والغرب)، (طرائف ونغم) (ما يطلبه المستمعون)، (حظك مع الأرقام) و(موسيقى من العالم).. وفي تلفزيون عدن قدمت واخرجت برنامج (جنة الآلحان)، وأخرجت برنامج (دنيا الأطفال) ومن خلاله لحنت اغاني الاطفال وكانت تقدمه الزميلة عديلة بيومي، بالإضافة الى ترجمة مسلسلات الاطفال مثل مسلسل (الكابتن بجواش)، وكمسؤول على برامج المنوعات قدمت برنامج (المجلة) الذي كان يقدمه الزميل منور الحازمي، وبرنامج (دنيا المرأة) تقديم الزميلة فوزية غانم.

من تعده استاذك في الاذاعة والتلفزيون؟

- المرحوم حسين الصافي وعبدالحميد سلام، أطال الله في عمره، وفي التلفزيون زميلي محمد عمر بلجون، متعه الله بالصحة والعافية.

ما الذي افتقدته في عدن؟

- اشياء كثيرة، افتقدت النظافة، فشوارعها الجانبية والخلفية مليئة بالأوساخ، افتقدت الهدوء واحترام قواعد المرور من بعض المارة وبعض السائقين يتجاوزون الإشارة الحمراء وبعضهم يطلق (الهون) بدون سبب ويركن سيارته حيثما يشاء، افتقدت (حقات) وشاطئه الجميل والسباحة في مسبح حقات، افتقدت سينما (بلقيس) التي كنا نغني على خشبتها.. افتقدت احترام القانون، تصور أننا انا وأخوتي ورثة آبينا المرحوم صالح باجنيد تقدمنا بعد صدور قانون إعادة الممتلكات المؤممة لأصحابها لاستعادة محل تجاري في حارة حسين بكريتر ورثناه عن الوالد، وبسيب الروتين استطاع المنتفع تحويله الى منزل عام 1993م رغم أن القانون الصادر عام 1992م يمنع ذلك، فلجأنا للمحاكم وآصدرت المحكمة العليا للجمهورية حكما لصالحنا عام 1997م ولم ينفذ حتى اليوم من قبل الجهات المعنية بالتنفيذ، اليس من الواجب احترام القوانين وتنفيذ حكم المحكمة العليا للجمهورية؟ أم أن هناك جهة متنفذة تورطت وتضع العراقيل امام تنفيذ حكم صدر قبل ثماني سنوات؟ .. أنا آتساءل فقط!

منذ اول زيارة لك للوطن عام 1991م هل سمعت اغنية يمنية جديدة ؟

- كلا .. ولكني سمعت اغاني يمنية قديمة تم تجديدها على يد فنانين خليجيين كبار أو يمنيين مقيمين في دول الخليج.

كم نسبة (التفرنج) التي اكتسبتها؟

- تعلمت من الشعب الهولندي اشياء كثيرة مفيدة، ولكني مازلت ابن حارة (الشريف) بكريتر، وها انا احدثك بلهجة عدنية صميمة، وصدقني .. حب الوطن لا يبلى، ولا يؤثر فيه طول الغربة، فبمجرد الإعلان عن قيام الجمهورية اليمنية وصدور القرار بالسماح بكل يمني أجبر على الهجرة ورد الاعتبار له فضلت ان اقضي اجازاتي في اليمن وفي عدن تحديدا، وسأفعل ذلك في كل اجازاتي القادمة، إن شاء الله، بعد أن كنت اقضيها في دول اروربية مختلفة.

هل انت حريض على نشر هذا الحوار؟

- طبعا .. فأنا من جيل نشأ على تمثل القدوة الحسنة والمثل العليا من الجيل الذي سبقه، واعتقد اننا نجحنا في تقديم عطاء مشرف للوطن اولا ولأسمائنا ثانيا .. رغم شحة الامكانيات وتخلف التقنية حينها، ولكن الجيل الجديد كما يبدو يفتقد للقدوة، ولذلك، من حقه ان يعرف من هو عبدالرحمن باجنيد وماذا قدم هو وابناء جيله من المبدعين لعله يجد فينا القدوة الحسنة والمثل الأعلى، وهذه مهمة أجهزة الاعلام.

خصوصية إجراء هذا الحوار معك في مكتبة (العزاني) الفنية ؟

- مهندس الصوت علي حيدرة عزاني، رحمه الله، كان له دور كبير ومساهمة في النهضة الفنية بتلك الأيام، وكان هو الوحيد على الساحة وكل من يريد ان يقيم حفلا فنيا يستخدم ميكرفونات العزاني، ولهذا اصبح هذا الانسان مرتبطا بالفن والجمهور الذي يحضر الحفلات وحظي باحترامه، وأنا سعيد أن أجد أبناءه يواصلون نفس نشاطه ويسهمون في إثراء الحركة الفنية، ويحافظون على الاعمال الغنائية التي سجلها ووثقها في حفلات عدن، وتزخر بها هذه المكتبة الفنية الكنز، وأنا واثق من أن الأخ د. يحيى الشعيبي، محافظ عدن، سوف يستمر في دعم المكتية وسيبذل مزيد من الجهد لتحويلها الى مركز للتوثيق الفني يخدم الباحثين والمهتمين، خصوصا وأنه رجل يقدر قيمة الفن ويعي أهميته جيدا، خصوصا وأن والده كان زميلا لنا في تلفزيون عدن في قسم تجهيز الأفلام الأجنبية والعربية والإخبارية وكانت الأفلام العربية معظمها لا يخلو من الأغاني، كما أرجو وأتمنى آن تجد مكتية (العزاني) الفنية الدعم اللازم من قبل المعنيين في وزارة الثقافة ومكتبها بعدن، فهذا واجب عليهم.

ماذا تقول وانت تستعد لتوديع مدينة عدن؟

- اقول اننا سنعود لعدن مهما طال الزمن او قصر، عدن إم الدنيا، وانا منذ عام 91م، بعد اعادة وحدة الوطن اليمني لم انقطع عن زيارة عدن خصوصا واليمن عموما، لقضاء الاجازة بعد أن كنت اقضيها في العديد من البلدان العربية والاروبية.

وفي ختام هذا الحوار؟

- في الختام أشكرك جزيل الشكر وأشكر صحيفة «الأيام» على اتاحتها لي هذه الفرصة، مع تقديري لناشريها العزيزين هشام وتمام باشراحيل، فــ «الأيام» هي النافذة التي نطل منها على الوطن ونتابع اخباره من خلالها عبر «الانترنت» وأنا من متابعيها ومن المعجبين جدا بصفحة (الفن والفنانون) وخصوصا عمود (زمان يا فن) الذين كان يذكرني بزمن الفن الجميل بعدن ولست ادري لماذا اختفى هذا العمود؟ ومع ذلك سوف نظل نردد معا :(والله زمان يا فن)!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى