فضيلة القاضي خالد صالح العيسائي، رئيس محكمة الميناء الابتدائية لـ «الأيام»:أنهينا تراكم القضايا القديمة ونعمل على ترحيلها إلى النيابة ليأخذ العدل مجراه

> «الأيام» محمد فضل مرشد :

> إذا كانت مدينة التواهي بما تمتلكه من مقومات طبيعية وتاريخية أبرزها ميناء عدن تعد بوابة وواجهة محافظة عدن، بحسب القرار الصادر مؤخرا من قبل السلطة المحلية للمحافظة، فإن القضاء يعد الواجهة الرئيسة لأي مدينة كانت، فالعدل أساس المجتمعات.

ومن هذا المنطلق نحاور اليوم فضيلة القاضي خالد العيسائي، رئيس محكمة الميناء الابتدائية، للتعرف على أوضاع المحكمة النموذجية للمدينة الواجهة.

< فضيلة القاضي خالد العيسائي رئيس محكمة الميناء الابتدائية، في البدء اسمحوا لنا بالترحيب بكم ومن ثم سؤالكم عن أولى الخطوات منذ توليكم قبل نحو خمسة أشهر مهام رئاسة المحكمة.

- تسلمت مهامي بمحكمة الميناء الابتدائية بعد صدور قرار مجلس القضاء الاعلى بالحركة القضائية في 29/12/2004، ومنذ ذاك باشرت مهامي في المحكمة أنا وزملائي وإخواني قضاة وموظفي هذه المحكمة باستلام ملفات القضايا من أخي وزميلي القاضي سهل حمزة، رئيس محكمة جنوب غرب الأمانة حاليا، وقمنا بالتنسيق مع فضيلة القاضي العلامة رئيس محكمة الاستئناف بمحافظة عدن بشأن توزيع الاختصاص الداخلي في هذه المحكمة، وأصدر فضيلته منشورا يقضي بتحديد الاختصاص الداخلي لتنظيم العمل بالشكل الملائم بحيث تكون القضايا منظورة أمام قضاة المحكمة بالتساوي.

< ماذا عن الصعوبات التي واجهتكم؟

- أهم الصعوبات التي واجهناها منذ تسلمنا المحكمة أن هذه المحكمة قبل الحركة القضائية كانت تعمل بثمانية قضاة عاملين، وبعد تنفيذ الحركة القضائية تقلص العدد الى أربعة قضاة عاملين، وهذا القى على عاتقنا مسئولية كبيرة في انجاز القضايا بشكل سريع فقمنا منذ استلامنا لمهامنا في المحكمة بالتركيز أولا على العمل الإداري وباشرت الإشراف على ذلك بنفسي شخصيا للتعرف على أوجه القصور وتلافيها، كما قمنا بتوزيع الموظفين داخل أقسام المحكمة بما يتناسب والمهام الموكلة إليهم وفقا للائحة الصادرة من قبل وزارة العدل بهذا الصدد.

أربعة قضاة فقط بالتأكيد أقل بكثير من عدد القضاة الذين يتطلبهم حجم العمل في المحكمة .. كيف تتعاملون مع هذا الوضع؟

- نحن واجهنا صعوبة فيما يتعلق بقلة عدد القضاة العاملين في المحكمة، بعد أن تم انتقاص عددهم من ثمانية قضاة الى أربعة عقب الحركة القضائية، لكنا قمنا بمعالجة هذا الجانب بتوزيع القضايا على القضاة بحسب اختصاصهم بشكل متساو بحيث يستطيع القاضي أن ينجز القضايا المكلف بها وباداء ممتاز، الا أن هذا لا ينفي أننا نواجه ضغطاً وصعوبة نتيجة لقلة عدد القضاء مما دفعنا إلى العمل منذ ساعات الصباح الباكر وحتى ساعات متأخرة من الليل لنتمكن من العمل بشكل أفضل وإنجاز القضايا أولا بأول، ومن الشكاوى التي كانت موجودة في هذه المحكمة وباقي المحاكم الأخرى هو كيف يحصل الخصوم على الحكم، ونحن عملنا منذ ترأسي للمحكمة على إيجاد حل لهذه المشكلة متمثل بمنح المتقاضين صورة من الحكم في اليوم التالي لصدور الحكم مباشرة وقد تم تسجيله وتقييده وفهرسته وتوثيقة، وهذه المعالجة التي جاءت كنتيجة لتنظيم العمل أنهت معاناة المتقاضين في الحصول على الحكم.

المشكلة الرئيسية التي يشكو منها المواطنون لدى تقاضيهم هي المماطلة في إجراءات التقاضي والتأخير في إصدار الأحكام وتسليمها لهم .. ماذا عن محكمة الميناء في هذا الجانب؟

- نحن عملنا في هذه المحكمة تركز منذ استلامنا لمهام رئاستها على ثلاثة محاور، الأول في الجانب القضائي والثاني في العمل الاداري والجانب الثالث هو تنظيم المحكمة وتأهيل مكاتبها وأدوات العمل من مكاتب وكراسي، حيث قمنا بتزويد الإدارات بالمكاتب والكراسي والرفوف التي تمكنهم من إنجاز أعمالهم دون تأخير.

كما قمنا بتأهيل قاعة التقاضي بالأثاث الحديث من تحديث منصة الحكم وطاولات ومقاعد أعضاء النيابة العامة والمحامين لتمكين الجميع من الأداء الأفضل بما ينعكس إجمالا لصالح المواطنين وإنجاز قضاياهم دون تأخير، وما يزال لدينا العديد من الاعمال التطويرية للمحكمة في مختلف المحاور، ونأمل أن نتحصل على الدعم الذي يمكنا من ذلك لا سيما وأننا منذ خمسة أشهر نقوم بهذه الأعمال بجهود وتمويل ذاتي إيمانا منا بأخذ زمام المبادرة.

كما منعت تسليم الأحكام مباشرة من قبل القضاة إلى المتقاضين، بحيث أصبحت الأحكام الصادرة من قبل قضاة محكمة الميناء تسلم من قبل وحدة الحفظ -بعد تسجيلها وأرشفتها - إلى المواطن دون أي تأخير، وأصبح المواطن يتسلم مذكرة الحكم بعد يوم واحد فقط من صدوره.

من خلال النزول معكم والاطلاع من خلالكم على إدارات المحكمة لمسنا عوزكم إلى الآلات والأجهزة الحديثة، كما لمسنا أعمال تحديث لمبنى وإدارات المحكمة.. إلى ماذا تفتقر محكمة الميناء؟ وما هي أعمال التحديث التي تشهدها؟

- من المعوقات التي تعاني منها محكمة الميناء الابتدائية هي تهالك معدات العمل في المحكمة، فآلات الطباعة لم تعد صالحة للعمل بعد أن انتهى عمرها الافتراضي منذ سنوات طويلة ولا تعمل أكثر من ساعة أو ساعتين إلا وتتعطل، بل إن كثيراً من حروف الطابعات لم تعد ظاهرة، كما لم يتم تزويد المحكمة خلال السنوات الماضية بأي من وسائل ومعدات العمل من آلات طباعة وأجهزة كمبيوتر، لذا وجدنا نفسنا مجبرين على تكليف أمناء السر إلى جانب مهامهم بالعمل على كتابة الأحكام بخط اليد إلا ما استثنى نقوم بإرساله تحت إشرافي المباشر إلى قسم الطباعة.

تسليم الاحكام الى المواطنين مباشرة من قسم التوثيق والارشفة
تسليم الاحكام الى المواطنين مباشرة من قسم التوثيق والارشفة
أما فيما يتعلق بالتحديث فقد قمنا بتنفيذ عدد من الإصلاحات في المحكمة بما يتواكب مع التطورات الجارية التي يشهدها مجتمعنا وحتى يلمس المواطن على أرض الواقع هذا التغير والنقلة بشكل إيجابي، وكانت هذه التغيرات من امكانياتنا الخاصة ولم نلق أي دعم من قبل وزارة العدل وأتمنى أن نلقى الدعم من قبل فضيلة الأخ الوزير، فنحن نقوم حتى يومنا هذا بشراء هذه الاحتياجات من جيبنا الخاص على أمل أن نرفع الفواتير إلى الوزارة بالأشياء التي كانت تنقص المحكمة وقمنا بتوفيرها، ومنها إعادة الهيبة الى مبنى المحكمة من خلال تزويده بلوحة ضوئية باسم المحكمة باللغتين العربية والإنجليزية يمتد بشكل نصف دائري على واجهة المحكمة، وقمنا بتزويد المحكمة بمكيفين مركزيين في قسم السكرتارية ورئاسة المحكمة لتوفير المناخ الملائم للعمل خاصة في فصل الصيف الذي يتسم في محافظة عدن بالحر الشديد، وتزويد قاعة التقاضي بالتكييف لتوفير جو مريح للمتقاضين والقضاة وأعضاء النيابة ليكون الأداء متميزاً، وقمنا بإدخال تمديدات كهربائية جديدة إلى المحكمة، وإعادة تنظيم مرافق المحكمة بعمل شبكة بلاستيكية لتصريف مياه المكيفات ومنع إضرارها بجدران المحكمة، وطلاء أبواب المكاتب والقاعات، وقمنا بإنشاء وحدة حفظ بسعة عشرة أمتار زودت برفوف خاصة لحفظ الملفات والوثائق ومنع ضياعها حرصا على وثائق المواطنين، وبأرشفة تعتمد على أسلوب علمي منظم يمكننا من العودة إليها بكل سهولة ويسر.

قد يرتبط مصير المواطن بملف قضية تنظر أمام القضاء .. بالنسبة إليكم ماذا عملتم لحفظ قضايا المواطنين وتنظيم إجراءاتها؟

- قمنا بفرز القضايا الجزائية التي كانت منظورة أمام المحكمة وصدرت بشأنها أحكام والقيام بترحيلها أولا بأول، وإخراج الملفات القديمة التي كانت في المحكمة، وفتحنا بها سجلا خاصا ما بيننا وبين النيابة، وقد وصلنا إلى الآن الى الرقم (1000) تقريبا وسيتم ترحيل هذه الملفات إلى النيابة العامة خلال أسبوع إن شاء الله، ولا زالت هناك ملفات متراكمة نقوم بإخراجها وسنقوم بتنظيمها وترتيبها بحسب الأرقام المتسلسلة بحيث يمكننا العودة إليها واستخراجها بكل سهولة وتزويد محكمتي الاستئناف أو المحكمة العليا أو التفتيش القضائي بها عند طلبها دون تأخير، ليأخذ العدل مجراه وحتى لا ينعكس عدم التنظيم على المتقاضين سلبا، وقد تم تنظيم الأرشيف الجديد بحسب نوع التقاضي من الملفات المدنية، الأحوال الشخصية، ملفات التنفيذ، الاستشكال، أوامر الأداء، التظلمات، وبهذا تمكنا من التعامل مع إشكالية نقص القضاة العاملين بتنظيم العمل وجعله أكثر يسر، وقد بلغت القضايا الواردة إلى المحكمة حتى نهاية شهر ربيع الأول 1426 هـ الموافق أبريل 2005، نحو 1055 قضية، وعدد القضايا المحكوم فيها لتفس الفترة 525 قضية منها.

اختيرت مدينة التواهي واجهة لمحافظة عدن مما يحملكم عبئا اضافيا خاصة وأن محكمة الميناء الابتدائية اختيرت ايضا محكمة نموذجية.. كيف تعاملتم مع هذا الوضع المتميز والعبء الكبير في الوقت نفسه؟

- نحن منذ ترؤسنا محكمة الميناء وقبل أن تصدر السلطة المحلية لمحافظة عدن قرارها باتخاذ مدينة التواهي الواجهة للمحافظة، كنا ندرك أهمية هذه المدينة، التي ارتبطت تاريخيا بميناء عدن الشهير وما يمثله من بوابة رئيسية وعالمية لمحافظة عدن، وقمنا من ذات أنفسنا بتكريس جهودنا لإظهار محكمة الميناء الابتدائية على أكمل وجه من حيث مظهر المحكمة وإدارة العمل فيها وقضاتها، فالمحكمة تعد واجهة أي مدينة فما بالنا بمدينة التواهي واجهة العاصمة الاقتصادية والتجارية عدن، فكما تلاحظ الآن هناك تطور ملموس في المبنى والمضمون لهذه المحكمة، فهيبة القضاء لا تنحصر في القاضي وحسب بل والمحكمة وإدارتها وتنظيمها الراقي والمتميز، والتي مـن خلالها نتمنى أن نشرف مدينة التواهي.

وأنا حقيقة أشكر الزميل والأخ سهل حمزة، الرئيس السابق لمحكمة الميناء الابتدائية والرئيس الحالي لمحكمة جنوب غرب الأمانة، على الجهود الكبيرة التي بذلها خلال توليه لرئاسة هذه المحكمة لانتشالها من وضعيتها السابقة، التي يعرفها جميع أبناء عدن، وقد عمل على إبراز هذه المحكمة كما أشار الى ذلك فضيلة القاضي العلامة رئيس محكمة استئناف محافظة عدن في حفل التوديع والاستقبال الذي أقيم له ولي، فقد كانت هذه المحكمة لا شيء وأصبحت محكمة نموذجية، وبدوري أخذت عهدا على عاتقي بأن أبني على ذلك بمزيد من التطوير والتأهيل والارتقاء بوضعية محكمة الميناء الابتدائية، وأتمنى أن أوفق وسيظل الحكم للمواطن.

ما هي المشاريع المستقبلية لتطوير محكمة الميناء الابتدائية؟

- لدينا مشاريع مستقبلية عديدة في محكمة الميناء الابتدائية وسنعمل على التنسيق مع فضيلة القاضي العلامة رئيس محكمة استئناف محافظة عدن للحصول على الدعم لمشاريعنا التطويرية والتأهيلية، وهو دائم الدعم والرعاية لنا، ولديه سعة صدر في سماع همومنا وتذليل المصاعب التي تواجهنا، والتي أتمنى أن يساندنا في تذليلها لإظهار هيبة القضاء في أحسن صورة باعتبار القضاء بيت العدل لكافة أفراد المجتمع، كما نتمنى من وزارة العدل أن ترفدنا بالكادر وأعني به الكادر القضائي الكفؤ وأمناء السر المؤهلين فنحن نعاني فيما يتعلق بهذين الكادرين وفي أمس الحاجة إلى رفدنا بأعداد منهما ليتسنى لنا الارتقاء بشكل أكبر بمستوى إنجازنا ويخفف من العبء الملقى على عاتقنا حاليا باضطرارنا الى العمل حتى ساعات متأخرة من الليل لتعويض النقص في الكادر، وأقولها بأمانة لقد حملت منذ تولي شؤون المحكمة الموظفين والعاملين فيها أعباء كثيرة وقد أكدوا من جانبهم تفانيهم من أجل مصلحة العمل.

سؤال أخير.. هل الإعلام والصحافة مرحب بهما في محكمة الميناء؟

- نعم.. نحن اعتمدنا في محكمة الميناء الابتدائية مبدأ الشفافية ومكاتبنا وقاعاتنا مفتوحة أمام كل وسائل الإعلام والصحافة، فنحن في رئاسة المحكمة نؤمن بالدور الإيجابي للإعلام في توعية المجتمع ونشر الحقيقة.

وأخيرا أشكر صحيفة «الأيام» على تلمسها الدائم لأوضاع المحاكم، وعلى الجهود التي تبذلها لتوعية المواطنين والإسهام في معالجة همومهم وقضاياهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى