رُخــص

> محمد فضل مرشد :

>
محمد فضل مرشد
محمد فضل مرشد
عندما تصبح أرواح أبنائنا مرتهنة لتصريحات رسمية كاذبة جل ما يصبو إليه مطلقوها منها هو الظفر بمساحات اعلانية مجانية في الصحف لتأكيد وجود وهمي، والترويج ليقظة ضمير ليس به حياة، وتلميع أسماء انمحت من ذاكرة مواطن ملئت بكوابيس معيشة متردية بمباركة رسمية.. عندما يحدث ذلك نعلنها صريحة:(رخيصة أصبحت أرواح أبنائنا.. أبناء هذا الوطن).

نعم.. يكفي لكل من يساوره شك من هذه القيمة البخسة، التي بتنا عليها، أن يتوجه الى شاطئ العشاق هناك في مدينة التواهي بمحافظة عدن ليقف على مأساة قتل الأطفال والشباب من أبنائنا ولا أقول (غرق) بل أؤكدها (قتل)، فمنذ سنوات عديدة خلت ونحن نصرخ حتى بحت حناجرنا: انتشلوا حطام السفينة الحربية الغارقة، أزيلوا هذا القبر الذي يلتهم أحباءنا واحدا تلو الآخر، والنتيجة: أسمعت إذ ناديت حيا لكن لا حياة (لمسئولينا)!

وبالأمس القريب - الجمعة 10 يونيو - ها هو محمد عبدالوهاب الكبسي ابن التسعة عشر ربيعا يقضي مع من قضوا قبله من أطفال وشباب كثر تحت حطام السفينة الحربية بشاطئ العشاق، فهل ذنب محمد ابن محافظة ذمار أنه ارتمى بين أحضان أمواج وطنه ليغسل روحه للحظة من ألف ألف همّ غرسها الواقع المزري والمستقبل المظلم في أرواح شبابنا؟!

بالتأكيد لا، إنما محمد وكل شاب وطفل ممن قضوا بحطام سفينة الموت ضحايا لكل مسئول استمرأ استمرار مسلسل الموت هذا.. ضحايا لكل مسئول قبض من صفقة تقطيع وبيع السفينة الحربية الغارقة بشاطئ العشاق حديد خردة وترك ما لا يصلح للبيع من هيكل السفينة موتا يفترس أبناءنا.. ضحايا كل مسئول يحول هذه المأساة في كل مرة إلى فرصة لإطلاق التصريحات بتخليصنا من هذا القبر المفتوح ونصحو على ضحية جديدة ابتلعها وصفعة تصريحات (فشنك) على وجوهنا.

روح محمد وكل روح بريئة أزهقت بحطام السفينة الغارقة أصبحت الآن غالية لدى بارئها وفي جناته.. أما نحن الأحياء الأموات بهذا الوطن فبعدها أرواحنا ومصائرنا رخيصة في بورصة السادة المسئولين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى