السرد في اليمن وإضاءات حول الأدب السعودي

> «الأيام» محمد حمود أحمد :

> «لم تكن اليمن بمنأى عن الوطن العربي من خلال موقعها الجغرافي، أو الظروف السياسية المغلقة أو تقليدية التعليم، بل هي جزء من جسد كبير، وبوابة لمنافذ واسعة وموطن لإنسان طموح شغرف، رحال لا يهدأ له بال أو عقل من أجل الوصول إلى الحقيقة، فطاف الأرض باحثاً عن رزقه المعيشي وزاده العلمي منذ عقود بعيدة»

هكذا قدم الأستاذ الأديب الباحث السعودي خالد بن أحمد اليوسف لمبحثه حول «السرد في اليمن» المقدم إلى الندوة التي عقدت بمقر اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بصنعاء في إطار مهرجان الأدب اليمني. والباحث السعودي خالد اليوسف سبق له أن زار اليمن في العام 2002م، واطلع علي كثير من الدراسات والكتب حول الأدب اليمني، وهو أديب وقاص وباحث أولى الأدب في اليمن جل اهتمامه، وهو عضو في جائزة الأمير فيصل بن فهد لأدب الطفل ، وجمعيات الثقافة والفنون، ودور نشر، وعضو لجان تحكيم في مجال القصة القصيرة، وخبير مختص في شؤون المكتبات، وقد كان بحثه موضع اهتمام ونقاش في الندوة، فهو يقدم تحليلاً بيلومترياً وبيلوجرافياً وتاريخياً للقصة والرواية في اليمن، مع مقدمة حول بدايات الكتابات الإبداعية العربية في فن القصة القصيرة، حيث يشير إلى أنه مع بداية القرن الماضي جاءت «عرائس المروج» - 1906م- كأول مجموعة قصصية قصيرة كتبها جبران خليل جبران، ثم مجموعته الثانية «أرواح متمردة» في نفس العام وتلاه في هذا المقام مصطفى لطفي المنفلوطي في (العبرات) 1910م تم تطور هذا الفن علي أيدي رواده في مصر ولبنان والعراق، وليصل فيما بعد إلى الجزيرة العربية والخليج.

وفي اليمن أشار الباحث خالد اليوسف إلى أن العام 1957م يمثل البداية لأول مجموعة قصصية- وليس بداية القصة اليمنية التي ترجع إلى الثلاثينيات - صدرت في اليمن لصالح الدحان، وحملت مجموعته «انت شيوعي» عنواناً لها .. يقول الباحث :«أن ما يميز اليمن في هذا المجال عن بقية البلدان مثل (مصر) مثلاً أنه لم يمر بمراحل الإستجرار الأولى كالترجمة والاقتباس وإنما ولدت القصة في اليمن موضوعة مستقلة» وإذا كانت الرواية العربية قد بدأت بـ «زينب» لمحمد حسين هيكل عام 1914م و1915م بالشكل الناضج فنياً وتقنياً، رغم اختلاف النقاد حول ذلك، ولم تصل الرواية إلى هيكل إلا بعد تجارب كثيرة. ويشير اليوسف إلى أن هذا الشكل شهد كثيراً من التجريب والمحاولة والتطوير، وبخاصة في مصر ولبنان والعراق، ثم الجزيرة العربية والخليج وأعطى مثلاً على ذلك بـ «التوأمان» لعبد القدوس الأنصاري عام 1930م وهي أول رواية صدرت في منطقة الخليج والجزيرة العربية.

وفي اليمن كانت أول رواية يمنية لمحمد علي لقمان تحت عنوان «سعيد» وذلك في عام 1939-1940م وتلتها بخمس سنوات التجربة الثانية المهاجرة للكاتب الكبير علي أحمد بأكثير«سلامة القس» وما تلاها من إبداعاته الروائية المميزة، ويأتي في السياق نفسه تجربة عبدالله محمد الطيب أرسلان وعنوانها «يوميات مبرشت» وهو العام نفسه -1948م- التي صدرت فيه أول رواية كويتية لفرحان راشد الفرحان وعنوانها «آلام صديق» إذ لم تكن اليمن بعيدة عن النتاج الروائي العربي.

ويقدم الأستاذ خالد اليوسف كشافاً بالكتاب والكاتبات وكشافاً يعناوين القصة والرواية اليمنية ، وبيلوجرافيا القصة والرواية وكذلك مراجع دراسة السرد اليمني.

ثم تناول الاستاذ القاص والروائي السعودي ناصر الجاسم إهتمام الأدباء والباحثين في السعودية بالظاهرة الأدبية اليمنية وبخاصة السرد في اليمن، والجهود التي بذلها الباحث خالد اليوسف، ومصادره ومراجعه حول الأدب في اليمن. تم قدمت ورقة أخرى لأميرة الزهراني تناولت فيها الغربة والاغتراب في القصة اليمنية القصيرة، ونماذج من قصص محمد عبدالولي كالطبيب المهاجر الذي يعود إلى وطنه في قصة «أصدقاء الرماد» والمهندس في قصة «شيء اسمه الحنين» والمدرس في قصة «الأجراس الصامتة» لأحمد محفوظ عمر، وتمت مناقشة نماذج عديدة منها في الندوة، ثم قام عدد من الادباء الاشقاء من المملكة العربية السعودية الشقيقة بتقديم نماذج من السرد والشعر ، فقدم عبدالرحمن ناصر عدداً من القصائد الشعرية منها قصيدة مهداة إلى رفيق الحريري بعنوان «رفيق الحريري .. رمزاً» تم قدم فهد المصبح ، وهو قاص من الدمام له مجموعات قصصية منها واحدة بعنوان «نداء الذاكرة» و«الوصاية» وهي عمل روائي، قدم نماذج من قصصه القصيرة.

تم عاد ناصر الجاسم ، مرة أخرى ، ليقدم لنا قصة قصيرة بعنوان «جلاد الموتى» وهي قصة مؤثرة وثرية بالصور ويتداخل فيها السرد مع التعبير الشعري ليقدم ميلو دراما طافحة بالألم والظلم واضطهاد الانسان لأخيه الإنسان ونماذج من البشر فقدت في كيانها أبسط المشاعر الإنسانية.

اختتمت الندوة بـ «ثنائية الجمر و الماء» وهي قراءة في نشيد إرهابي قدمها عبدالرحمن بن حسن المحسني، وهو كاتب وأكاديمي سعودي، تناول موضوعه الإرهاب ، واستغلال النزعة الدينية الأصيلة عند الإنسان العربي وتوجيهها لدى الشباب نحو أغراض وأهداف لاعلاقة لها بمثل وقيم ديننا الإسلامي، دين الحنيفة السمحاء.

وقدمت المداخلة نماذج من الأناشيد الموضوعة خصيصاً لتسويغ السلوك والأعمال التي تدخل في نطاق الإرهاب وتصويرها في نصوص تلك الأناشيد على أنها أعظم الأعمال وأقدس الواجبات التي يكون ثوابها الجنة و«في تلك الأناشيد يلتقي التحريض الديني المؤثر والشعر المنشد المنغم لتكون الثمرة طلعاً متطرفاً لا يأبه بشيء إلا الشهادة المزعومة ولو علي جثث من الأبرياء المسلمين»!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى