تعز على حافّة الموت

> «الأيام» صلاح أحمد نعمان / الشماسي - تعز

> قال تعالى { وجعلنا من الماء كل شيء حي}.إذاً الماء هو أساس الحياة وأينما وجد الماء وجدت الحياة، وأينما انعدم الماء انعدمت الحياة وأينما جفت مصادر المياه ماتت الحياة.

ومدينة تعز تعيش اليوم مشكلة مائية حقيقية لست أبالغ إن قلت إنها مأساة بكل ما تحمله الكلمة من معان، والجدير بالذكر أن المشكلة المائية في تعز ليست وليدة الساعة فجذورها تمتد إلى بداية التسعينات حيث كانت عدد مرات ضخ المياه من خزانات المؤسسة إلى منازل المواطنين في فصل الصيف الذي تزيد فيه احتياجات الناس للمياه هي أربع مرات في الشهر، أي مرة واحدة في الأسبوع.

تخيل عزيزي القارئ انقطاع الماء عن منزلك شهراً كاملاً، ثلاثة أيام فقط يصلك الماء ثم ينقطع عن منزلك ثلاثين يوماً متتابعة.

ما نوع الحياة التي ستعيشها؟ حمامك «روائح كريهة» مطبخك (مرتع صراصير) أطفالك (تلبسهم الأوساخ) ملابسك (نتنة) فراشك (مهجور) إذاً ما هي النتائج الطبيعية لحياة كهذه.

مرة واحدة في الشهر يصلك الماء مثل الراتب! غير أنه في هذه المرة لا أحد يمكنك أن تستلف منه لتمضية الشهر، فصاحب البقالة وبائع الخضار والمقوت وصديقك المنقذ كلهم يعانون مشكلتك لا وجود للماء، والحل الوحيد شراء الماء بالوايت (البوزة) الذي يتراوح سعره من (1000-1500) ريال وتحتاج أن تشتري الماء ثلاث مرات كحد أدنى في الشهر فهل يستطيع كل رب أسرة أن يتحمل هذه النفقات الإضافية التي تصل إلى 4000 ريال في الشهر، وما هو الحل إذاً؟ هل نحذو حذو ذلك الصديق الذي حرم أبناءه من الذهاب إلى المدرسة وأمرهم بالذهاب ليسأبوا الماء (يسأب أي يجلب الماء) وعند معاتبتنا له لإقدامه على حرمان أبنائه من الذهاب إلى المدرسة قال الموضوع ببساطة أننا نحتاج العلم للمعرفة وتنمية القدرات و.. ولكننا نحتاج الماء لنبقى على قيد الحياة.

ساعات طويلة تلك التي يقضيها النساء والأطفال في طوابير تمتد من الصباح الباكر حتى ساعات متأخرة من الليل عند المساجد التي تمتلك آبارا خاصة من أجل الحصول على عشرة أو عشرين لتراً من الماء لا تكفي حتى لسد الرمق. منظر يعيدك إلى الوراء ويجعلك تشعر وكأنك تعيش في قرية كبيرة، سنوات طويلة مضت ومبالغ باهضة أنفقت وليس هناك ماء، ديمقراطية ومجلس نواب ومجالس محلية وليس هناك ماء، دولة مؤسسات ومنظمات مجتمع مدني وحقوق إنسان وليس هناك ماء، ضرائب تدفع وفواتير تسدد وليس هناك ماء.

وأخيراً إذا كنا كلنا نعرف بأن الجوع كافر فلنعرف أيضاً أن الضمأ قاتل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى