لحج ..بين الاستحقاق وازدواجية المعايير

> حسن علي كندش:

>
حسن علي كندش
حسن علي كندش
نتداعى دائماً إلى التباكي بأن الخارج كثيراً ما يكيل بمكيالين في مختلف القضايا السياسية أو الاقتصادية أو فيما يتعلق بحقوق الإنسان في الساحة الدولية، فيما نحن نمارس ذلك على بعضنا البعض داخلياً وربما بأبشع مما يمارسه الخارج علينا. نطالب بالعدالة في القرارات الدولية، ونتخذ في بعض الأحيان قرارات لا تراعي العدالة فيما بيننا ... نطالب مثلاً الدول القوية أن تحكّم العقل وتلتزم القانون الدولي، بينما أقوياؤنا هنا يدوسون على القانون وحقوق الضعفاء .. نطالب أيضاً الدول الغنية بأن تدعم وتساعد الدول الفقيرة، في الوقت الذي ينتزع فيه كثير من أغنيائنا اللقمة من أفواه الفقراء، ولأننا كذلك يكون اختراقنا سهلاً ومن ثم تكون حجتنا ضعيفة دائماً، وبالتالي نمارس الازدواجية وتمارس علينا. تُتخذ أحيانا بعض القرارات لدينا وهي تفتقر إلى المعايير والدراسات العلمية التجريبية وأيضا العدالة، فمثلاً تصدر الحكومة قراراً بإنشاء جامعة في محافظة عمران .. ونحن هنا لا نعترض لا سمح الله على جامعة في عمران أو في نقم أو حتى فقم لا يهم، ولكن الاستغراب في الأسس والمعايير التي استند إليها القرار وأيهما أكثر استحقاقاً بجامعة محافظة لحج أم محافظة عمران؟! .. بمعنى آخر أقل إيلاما لماذا لم يشمل القرار لحج وعمران، ما المشكلة هنا؟ تماماً مثلما عمل مؤخراً حين تقدمت محافظة لحج بدراسة نظرية وعملية على كثير من المحافظات واستحقت الريادة، بل الأولوية ليتم اختيارها لتنفيذ مشروع أوروبي كبير فيها، ولم يتم التنفيذ حينها إلا بإشراك إحدى المحافظات الشمالية ليتم تقاسم المشروع والميزانية مناصفة.

إن أبناء محافظة لحج يطالبون منذ سنوات بجامعة لاستحقاقات كثيرة اجتماعية وثقافية وتعليمية وديموجرافية وتاريخية .. وأيضاً سياسية .. ولا يمكن تجاهلها، حيث أعدت دراسة متكاملة لذلك، فيما توجد أكثر من خمس كليات .. وسكان عددهم يصل للمليون ومساحات جغرافية متنوعة وشاسعة وتنوع سكاني يكاد يكون متنافراً لانعدام مشروع استراتيجي مثل جامعة لعله يجمعهم، هذا ناهيك عن أن احتياج محافظة لحج لجامعة ليس فقط كمبنى وقرار وتعليم، ولكنه مشروع واجهة.. إنه مشروع لملمة المفرقة قلوبهم جغرافياً وتاريخياً، إنه مشروع حلم حين ضاعت الأحلام .. إنه مشروع وعاء لشباب يمكن أن ينشروا وعياً على الأقل في مساحة واسعة بها سكان يكاد يسقط كثير من أبنائه في قاع الضياع والجهل، ثم الأكثر أهمية الاستحقاق الوطني و الإنساني. فمحافظة لحج جزء من الوطن اليمني وعلى الحكومة أن تلتزم ذلك، فلا يعقل مثلاً أن يرفض أبناء المحافظة استقطاع مساحات من محافظتهم، ومع ذلك يتخذ القرار تعسفياً، وعندما يطالبون بجامعة يدار لهم الظهر بينما يتجه الوجه للمحافظات الغنية أو النافذة .. لماذا إذاً يتم تجاهل بل ورفض ما نطلب مع أنه حق مشروع .. وتتم الموافقة بين عشية وضحاها على ما نرفض مع أنه باطل؟! هل لأن لحج محافظة فقيرة؟ هل لعدم وجود تمثيل عال (لوبي) في السلطة مثلاً؟ هل لأن مطالباتنا لم تصل بعد؟ أم هل لأن موقع لحج بعيد مسافة عن مجلس الوزراء، والبعيد عن العين بعيد عن القلب، ومن ثم فالقريب من المقر قريب من القرار؟ وربما أن بعض القرارات تتخذ بالضغط وليس وفقاً للاستحقاق! لا ندري المعايير حقيقة .. ولكن يبدو مؤكداً أن من يجلس القرفصاء على مساحات شاسعة وسكان عددهم يتزايد .. وإرث تاريخي من التعليم والثقافة .. والتزام وطني تجاه اليمن، يتم تجاهله مع سبق الإصرار والترصد ربما لفقره أو لعدم تحركه .. وحتماً سيجد نفسه في الطرقات والشوارع يستجر الجهل، وسوف يضيق عليه المستقبل يوماً ما، لذا لا بد من تزايد المطالبة القانونية عبر السلطة المحلية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الاجتماعية والعلمية، ومن خلال التحركات المشروعة للوصول إلى مصدر القرار، وهنا يمكن الاستعانة بإخواننا في محافظة عمران ليوافونا بالطريقة أو الآلية التي بها وصلوا إلى قرار مجلس الوزراء .. وإلى الجامعة لعلنا نسلك ما سلكوا إن استطعنا إلى ذلك سبيلا.

ومع مباركتنا لهم ذلك طبعاً، إلا أن أي مقارنة بين محافظة لحج ومحافظة عمران فيها إجحاف للأولى، فالثانية محافظة حديثة وأقرب لصنعاء إن لم تكن فيها، ومن ثم تكون خيارات أبنائها التعليمية كبيرة، فيما تبدو الخيارات التعليمية لأبناء محافظة لحج العريقة محدودة باتجاه عدن، التي تشكو هي الأخرى ضغطاً كبيراً من محافظات مجاورة، ولذلك أعتقد أن الكثيرين من أبناء محافظة لحج يشعرون بغصة في الحنجرة .. وحسرة في المآقي .. عندما يقفز السؤال لماذا ليس لحج أيضاً؟ ماذا ينقصنا لتكون لدينا جامعة؟ إذا كانت لحج غير مؤهلة لمشروع جامعة فعلى الحكومة أن تؤهلها لذلك .. وهذا من واجباتها .. أما إذا كانت نصف مؤهلة فليستكمل التأهيل، أما إذا كانت مؤهلة فعلى الحكومة أن تحدد معايير التأهيل لهكذا مشروع .. حتى نتنافس أو نتساوى مع عمران، ولكن لا بد من مشروع الجامعة وإن طال الزمن أكان ذلك في أجندة الحكومة أم لم يكن .. المهم أن يكون في أجندة المحافظة أولاً .. وإن لم تكن لأولادنا فعلى الأقل لأحفادنا حتى لا يذهبوا مضطرين للدراسة في جامعة عمران! إذا ما كان هناك متسع أو حاجة لهم للدراسة أصلاً أو تعليم في المستقبل .. ومع ذلك لا عزاء للحج .. فمن أعماق التراجيديا تنبعث الكوميديا أحياناً.. والعكس أيضاً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى