رد على ما كتبه السيد أبوبكر السقاف في صحيفة «الأيام» العدد (4518)خلق بيئة متفاهمة مفتاح لكل الطرق

> «الأيام» يوسف عبدالجليل حاتم:

> بدأ الكاتب بالإشارة إلى أن «النظام السياسي القائم في اليمن قبل الحرب كان في أزمة مستديمة، ولكن حرب العام 1994م نقلت الأزمة إلى مستوى الوجود، وليس مبالغاً أو جموحاً في الخيال، الكلام الذي يتردد منذ سنوات عن مستقبل الصوملة...».

هذا تصور غير مبني على أساس ومردود عليه بأن النظام في اليمن قبل الحرب كان طبيعياً، ولكن إحساس كوادر من الحزب الشريك في السلطة، وهو ما كان مبيتاً، بأنه يمكن الانقضاض على السلطة باختلاق صراعات ومناورات وأعذار تجعل الشريك الأول «المؤتمر الشعبي» يقبل بما يطرحه شريكه الاشتراكي من مبررات لتفكيك الاندماجية، وإذا لم يتم التمكن من ذلك التفكيك فتتم المطالبة بفيدرالية أو مخاليف مستقلة توطئة للانفكاك نهائياً من الوحدة الاندماجية التي تمت عام 1990م. والغريب أنه لا يشار أبداً إلى سلوك هذا الشريك من بداية الصراع الذي اختتم بحرب 1994م. أضاف الكاتب: «بتواجد مكثف لموظفين من غير أبناء الجنوب وتفريغ كل الأجهزة والإدارات من أبناء الجنوب، وبتواجد فرق عسكرية لا يتناسب مع سكان الجنوب مما جعلهم يشعرون بالانزلاق اليومي إلى خارج دائرة المواطنة».

يعلم الكاتب أن عدد الموظفين الذين شملتهم كشوفات الخدمة من أبناء المحافظات الجنوبية فاق 400 ألف موظف وزاد توظيف عشرات الآلاف بعد الوحدة في المحافظات الجنوبية وفي كل اليمن. و400 ألف موظف كانوا أكثر من ضعفي موظفي المحافظات الشمالية، ومرد ذلك إلى الطبيعة الاجتماعية للنظام، الذي كان قائماً في الجنوب، وبالتالي فإن ما يؤرخه الكاتب من تاريخ يعد تاريخاً بحاجة إلى محققين، ومن الخطأ سرد مثل تلك الحكايات إذ كان يفترض تقديم بيانات وإحصاءات وأرقام خاصة، وأن نشر هذا التاريخ تم في صحيفة غير مغمورة. لماذا لم يشر إلى مثل تلك البيانات والإحصاءات؟ وكيف تجرأ بكتابة دون استدلال على ما كتب وعلى ما نشر.

أشار الكاتب إلى أن ذلك الأمر حدث كذلك في تهامة منذ عشرينات القرن الماضي، ولم يتم سرد إيضاحات حول هذا الموضوع أو الإشارة إلى مصادر معلومات الكاتب أو المراجع التي استند عليها، باعتباره أكاديميا لا يقول ولا يكتب إلا بالاستناد على مراجع ووثائق كي يؤكد بها ما أشار إليه بأنه حدث في تهامة في عشرينات القرن الماضي، وفي أي المناطق من تهامة وما ترتب على ذلك الحدث. بالطبع نحن لم نجد من كتب مقالاً أو أشار إلى حدوث إحلال موظف من صنعاء أو تعز في تهامة بدلاً عن موظف من أبناء تهامة، فكل الناس توظفوا وعملوا وكلهم يعملون (متسامحين ومندمجين ومتآخين لا تفرقهم نزعات انفصالية ولا يخطر في بالهم مثل تلك النزعات).

ثم يشير الكاتب إلى أن ما حدث من قمع وحرمان وإلغاء يشبه ما فعله برايمر في العراق! والكاتب عندما يشير إلى ما فعله برايمر في العراق كأنه يستنكر ذلك. ولكن هناك مثقفين في اليمن ينتظرون قدوم مثل برايمر لإصدار تشريعات الفيدرالية في اليمن، وهو واحد منهم.

وبعد ذلك يشير الكاتب إلى مقولة للفقيد الراحل الأستاذ أحمد محمد نعمان بأن الإمام كان يغضب إذا اقترح عليه أحد تشكيل وزارة.. طبعاً لا علاقة لتلك الإشارة بموضوع الفيدرالية التي ينادي بها الكاتب، وهو يعلم أن الأستاذ النعمان لم يكن انفصالياً ولم ينظر لانفصالية ولم يطرح فكرة مخاليف ولم يتبنّ ترهات، بل كان دوماً يتحدث عن البرلمانية وتبناها في مؤتمر خمر 1965م وعام 1969م وقد دعمه وسانده في تلك الفترة الشيخ عبدالله الأحمر، واستمرت فكرة البرلمان بالتعيين كمرحلة إلا أنها ظلت محسوبة للأستاذ الراحل وتطورت الفكرة إلى الانتخابات البرلمانية، وتحقق من الفكرة ما تحقق، ورحل الأستاذ وهو لم يجرح بني وطنه بفكرة انفصالية أو مناطقية، ولم يتحدث بلغة الانفصالي، بل كان يتنقل في جبال اليمن سيراً على الأقدام مع رفيقه الشهيد محمد محمود الزبيري. وكنا نتمنى لو أن أي مثقف قد تحلى لحظة في حياته بروح الأستاذ النعمان ووطنيته ومصداقيته وحبه وصداقته لكل اليمنيين.

ثم ينتقل الكاتب إلى الهجوم على شيخ التكفير، ولا علاقة لهجومه على الرجل المقصود بما يطرح، وتعد تلك طبيعة عدوانية. ويرحل الكاتب إلى موضوع أحداث صعدة ولم يقل لنا أسبابها، وإلى أعياد الوحدة في المكلا وعدم مشاركة وحضور المهندس حيدر العطاس فيها حتى لا يلدغ العطاس مرتين! أشار الكاتب إلى ندوة عقدت في هاواي عن الفيدرالية السويسرية والأسبانية والهندية، أكدت أن الفيدرالية تحول دون نشوء نزاعات سياسية وتضمن الاستقرار...إلخ. ونسي الكاتب أن سويسرا وأسبانيا والهند دول متقدمة فيها مثقفون، وهي بيئات ديموقراطية ليس فيها قبلية وبداوة، وهي دول متحضرة لم تبلَ بمن يكتبون مقالات لا تستند إلى حقائق ووقائع ولا تقدر الواقع ولا الإمكانيات، ففي كل وطن من تلك الأوطان قضاء وعلم ومعرفة وتجارب وثقافات وطنية أصيلة. ولعل حضور الكاتب تلك الندوات أو سماعه بها لا يبرر له المقارنة، إذ يكفي أن يقارن بين ما يكتبه هو كأكاديمي يمني بأكاديمي سويسري أو أكاديمي هندي.

إن أحسن ما ورد في نهاية المقال بأنه «يجب الحرص على عدم خروج العمل السياسي عن دائرة السلم والعقلانية والمدنية، إذا تكفينا درجة الغليان من العدوانية التي تحقن بها السلطة حياتنا ومشاعرنا وأفكارنا». يرى الكاتب أن من الأفضل التعامل بالعقلانية والمدنية، ونسي أن من يكتب لهم في معظمهم قبائل وبدو وأن كثيرين منهم قد يقرؤون ويفهمون بطرقهم، فهو بعد كل ما كتبه اعتبر نفسه مدنياً وعقلانياً، ونسي أن المجتمع الذي يحيط به ويعيش فيه قابل للاشتعال بتلك الفتن، وهذه هي أزمة وجود مثقف مسؤول وواع ومدرك يحسب لكلمته وعباراته ويتوخى الدقة في السرد والإيضاح، ويضع الحلول بعقلانية وليس بتحميس مواطن ضد أخيه. ويستمر ويقول إن «الإصلاح ممكن في بيئة قانونية وثقافية مستقرة تعرف أسلوب الإدارة بالمؤسسات، ذلك لأن الديموقراطية ممكنه في مجتمع ديموقراطي، لأن الناس إذ يمارسونها تنتجهم كما ينتجونها، كما أن الدين لا يمارس إلا في وسط متدين..»

إذا فهم الكاتب أن الإصلاح يحتاج بيئة قانونية وثقافية وكذلك مستقرة، وتعمل وفقاً لعمل مؤسسي، ونحن في اليمن يجب أن نصل إلى تلك القانونية بالطرق السلمية ولن تتحقق الديموقراطية في مجتمع قبلي بنفس الصورة السويسرية ولا الأسبانية إلا عندما نرقى إلى درجة معينة من حسن التفكير واحترام الطرف الآخر، ولو كان في السلطة، فخلق بيئة متفاهمة سيكون مفتاحاً لكل الطرق التي تؤدي إلى ممارسات ديموقراطية كمرحلة وليس إلى ديموقراطية سويسرا مرة واحدة. وقول الكاتب «إن الدين لا يمارس إلا في وسط متدين»، هذا بنظرنا كلام على شيخ التكفير (كما يسميه الكاتب) أن يرد عليه .. ونحن نرد باختصار بالقول إننا لا ندري من أين استقى الكاتب فكرة أن الدين لا يمارس إلا في وسط متدين. إنها مجرد تركيب وتلفيق جمل وعبارات كي يطول حديثه وكتابته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى