نجوم عدن..محمد عبده غانم

> فضل النقيب:

>
فضل النقيب
فضل النقيب
يحار أي كاتب، وما أنا إلا واحد منهم إن رشدوا، من أي زاوية يتناول الدكتور محمد عبده غانم فهو كالجبل المنيف يوجد ألف طريق للوصول إلى القمة التي تربع عليها، وهو ينام ملء عينيه عن شواردها، ويسهر الخلق جراها ويختصموا، على حد تعبير المتنبي الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، كصاحبه الدكتور في عدن.

كان مليئاً بالحياة يتوسل إلى الإبداع كل ذات كبد رطبة ومما تزخر به الدنيا من جمال فاتن وحيوية مثيرة وليل شاعري وشطآن تأخذ بالألباب وتسحر الناظرين، وما عدن الدكتور غانم إلا الفتنة ذاتها مجسدة في صورة مدينة تأخذ كل ذي موهبة غصباً، فهي ابنة البحر وعروسه الأزلية، تلوح على أصابعها الحضارات القديمة والجديدة، تشرئب مدائن الدنيا إليها كدُرّة تاج الحضارات اليمنية المتعاقبة، وقد تمكن الدكتور من استيعاب بانوراما هذا الجمال الشاسع ورسمه في لوحات شعرية وغنائية وتوثيقية وجعله ملء السمع والبصر بموهبة ثرّة لم تتوقف عن العطاء حتى النفس الأخير.

أسس الدكتور محمد الندوة العدنية ونفث فيها روح الإبداع فأثمرت كحقل أُحسن حرثه وسقيه في خمسينات القرن الماضي، وكان من قطاف الندوة خليل محمد خليل وسالم أحمد بامدهف النجمان اللذان شاركا في قيادة الحداثة الفنية في الاغنية وأعطياها التطريب الجديد واللغة الراقصة الناعمة المتولهة التي طالما أبدع فيها الدكتور غانم وكون منها عرائس الألحان، وقد سألت الفنان الكبير سالم بامدهف عن ذلك فقال لي إن شعر الدكتور الغنائي إبداع لحني في حد ذاته. كما أبرزت الندوة كوادر موسيقية من هواة الموسيقى الكبار الذين كانوا يشغلون مناصب كبيرة في الحياة العامة ومنهم: حسين بيومي، عبدالله حسن خليفة، ياسين شوالة ووديع حميدان، وهؤلاء هم من منحوا الألحان الإحساس المتفنن الجديد، ولم تحُل مناصبهم الرفيعة دون هذه المساهمة الرائعة.

كثيرة هي تجليات الدكتور محمد عبده غانم الذي ولد في «كريتر» عام 1912 وحصل على بكالريوس الآداب من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1936، وربما كان أول يمني يتخرج في جامعة حديثة، وقد عمل في مجال التدريس بعدن 26 عاماً أوصلته إلى منصب «مدير المعارف» وما أدراك ما مدير المعارف آنذاك، كما ترأس ميناء عدن وما أدراك أيضاً ما ميناء عدن الذي كان ثالث ميناء على مستوى العالم بأسره، وقد حصل الأستاذ على الدكتوراه من جامعة لندن عام 1969م لينتقل إلى التدريس الجامعي أستاذاً بجامعة الخرطوم في السودان الذي قدم لنا كل أنواع العون التعليمي منذ وقت مبكر ولم نقدم لهم سوى الدكتور غانم الذي انتقل بعد ذلك إلى صنعاء وجامعتها الأم عميداً لكلية التربية، ومن ثم عميداً للدراسات العليا فمستشاراً قبل التقاعد.

من تجلياته: الاهتمام المبكر بالمسرح وقد أخرج له الأديب السوداني الشهير الطيب صالح مسرحية «الملكة أروى» في مسلسل بثته هيئة الإذاعة البريطانية باللغة العربية، وله مسرحيتا «سيف بن ذي يزن» و«فارس بني زبيد». ومن دواوينه الشعرية: على الشاطئ المسحور، موج وصخر، حتى يطلع الفجر، في موكب الحياة، في المركبة... إلخ.

رحم الله أبا الدكاترة: نزار وقيس وشهاب وعزة، النجم السامق في سماء عدن واليمن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى