الدجال

> حسام سلطان:

> لا أقصد بالدجال المسيح الدجال أو الأعور الدجال الذي ذكره الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وذكر أوصافه وخروجه قرب نهاية الزمان، ولا أقصد بالدجال الحضارة الغربية كما أوّل ذلك بعض من ادعى أنه المهدي المنتظر في أوائل القرن الماضي، فكان لا بد له من دجال يقارعه حتى يتماشى ادعاؤه مع نصوص الأحاديث، ولكن الذي أقصده بالدجال هو ذلك الذي يعيش بيننا ومعنا، نراه كل يوم وفي كل مكان، في الأعمال وفي الأسواق وعند إشارات المرور، بل وحتى في المساجد يصلي مع المسلمين، ويأكل معهم ويزاوجهم، وهو ليس منهم. نراه في الصحف والمجلات وفي الفضائيات، ونسمعه في الإذاعات يتكلم بكل اللهجات، ويفهم في كل الاختصاصات، فهو الطيب وهو المهندس وهو الضابط وهو رجل القضاء وهو التاجر وهو المسؤول الكبير أيضاً.

الدجال هو كل من أظهر الباطل في صورة الحق، وغطى على الحقيقة بالوهم والخداع ومعسول الكلام، تماماًَ مثل الأعور الدجال الذي يفتن الناس ليظنوا أن له القدرة على إحياء الموتى وشفاء الأمراض. الدجال الذي بيننا، هو السارق الذي يدعي الصلاح والعفة، هو القاتل المستبيح للدماء الذي يدعي الجهاد في سبيل الله، الدجال الذي معنا هو ذلك البائع الذي يقسم أغلظ الإيمان أنه يبيع بخسارة وهو ليس كذلك، وهو ذلك المسؤول الذي يطلع علينا بالإذاعة والتلفزيون يحارب الفساد والمفسدين بالقول، وبالفعل هو حامل لوائهم.

للأسف الشديد أن الناظر إلى حال المسلمين في هذا العصر لا يكاد يرى إلاّ دجلاً ودجالين، قرآناً يتلى وأفعالاً تخالفه، دساتير تنص على أن الشريعة هي المصدر الرئيسي أو المصدر الوحيد أو الأول للتشريع، والفساد فوق كل تشريع وفوق كل قانون، بل حتى الكثيرون من الناس لا يرضون بالظلم الواقع على الأقليات المسلمة هنا وهناك وهم ظلمة في بيوتهم، ظلمة على أزواجهم وأولادهم وعلى رعيتهم.

الدجال الذي يخرج في آخر الزمان أعور لا يرى إلاّ بعين واحدة، تماماً مثل الدجال الذي بيننا لا يرى إلا بعين مصلحته، يرى عيوب الآخرين ومساوئهم ولا يرى عيوبه، يرى الفساد من حوله ولا يرى الفساد الذي هو فيه.. أعور البصيرة وإن كان مفتح العينين.

إنها لعمري إرهاصات عصر الدجال، كما قال بذلك الكثير من المفكرين، وبداية فتنته، أسأل الله لي ولكم الثبات، وأن ينجينا من فتنة الدجال الذي بيننا وفتنة دجال آخر الزمان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى