رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> 1- علي أحمد ناصر عنتر: رافقته البساطة حتى أعلى مراتب السلطة...الميلاد والنشأة...أرض الضالع التي تتعايش فيها الجبال مع الوديان والسائلات، ومن جبالها: جبل جحاف وجبل المعفاري وجبل حرير وجبل الضُبيات وجبل الند وجبل الشاعري.

من أودية الضالع: وادي تبن ووادي نطيد ووادي منابع الحويمي، ومنابع أم حثوة ومنابع كرش، ومن سائلاتها: سيلة حردبة ووادي طبقين ووادي مشورة ووادي تيم وسيلة مسرة وسيلة بجير.

أما قبائل الضالع فتنقسم إلى:1- أهل أحمد أو الأميري، 2- أهل جحاف، 3- بنو سعيد، 4- المعفاري، 5- الشاعري، 6- الأزرقي، 7- المحرابي، 8- الحميدي، 9- الأحمدي، 10- الدكام.

ينتمي علي أحمد ناصر عنتر إلى قبيلة الشاعري، من فخيذة البيشي الموزعة في أعلى وادي حردبة وفي الخريبة والدمنة والحقل والجرباء، والمناضل الوطني علي أحمد ناصر عنتر من مواليد قرية الخريبة عام 1937م.

تلقى علي عنتر تحصيله الأولي من التعليم في كتاب (معلامة) القرية، وتحت وطأة الظروف الأسرية القاهرة، اضطر للعمل مع أفراد أسرته في فلاحة الأرض.

علي عنتر يختار طريق الكفاح
تشير الدراسات التاريخية أن أهالي الضالع لا يقبلون الظلم، ويشهرون سلاح مقاومتهم في وجه كل محاولات النيل من كرامتهم، ولأبناء الضالع سجل ناصع في مقاومة الاحتلال، وقد أخذت قبائل الأشاعر نصيبها من المقاومة، ومن أشاوس الضالع: الشيخ صالح سالم وولده، الشيخ علي صالح والشيخ محمد عواس والشيخ عبدالدائم بن محسن الجيلي والشيخ صالح فاضل الباقري ومن بعدهم محمد أحمد البيشي وعلي عنتر وعلي بن علي هادي وآخرون، وقد نالت قرية الخريبة نصيبها من تدمير الغارات الجوية البريطانية على بعض مناطق الضالع.

وفي ذلك المناخ الكفاحي ناضل علي عنتر من أجل انتزاع لقمة العيش وشرف المشاركة في الانتفاضة، التي شهدتها الضالع عام 1956م ولم يكن علي عنتر قد تجاوز العشرين عاماً من عمره.

علي عنتر في الكويت
ضاقت دائرة العيش والاستقرار في وجه علي عنتر، فعزم على السفر، فشد الرحال إلى الكويت للعمل هناك عام 1958م، وشهدت الكويت في تلك الفترة طفرة سياسية وثقافية أثرت وتأثرت بقدوم وافدين عرب إليها، منهم علي عقيل بن يحيى، ومحمد عمر الكاف، وعلي عنتر وعبدربه مجلبع بن فريد العولقي وغيرهم.

حملت بدايات فترة إقامة علي عنتر في الكويت حماسته للفكر القومي، وكانت بداية مشواره الحزبي مع حركة القوميين العرب، وبعد عام 1960م عاد علي عنتر من الكويت حاملاً رسالة من أحمد الخطيب، أحمد رموز حركة القوميين العرب، إلى فرع الحركة في عدن لترتيبه وتم تسليم الرسالة لهاشم محمد سالم الشعبي، والذي بدوره نسق للقائه مع قيادة فرع الحركة.

علي عنتر على جبهتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر
عين فرع الحركة علي عنتر مسؤولاً للحركة في منطقة الضالع، وقام علي عنتر مع رفاق آخرين بتشكيل الخلايا السرية للحركة، نتج عنها وجود قاعدة للحركة من مناضلي الضالع.

بعد قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م شمر علي عنتر والآلاف من رفاق السلاح من مختلف مناطق الجنوب عن سواعدهم، دفاعاً عن ثورة 26 سبتمبر حتى فترة حصار صنعاء، وعند قيام ثورة 14 أكتوبر 1963م كان علي عنتر من الطلائع الأولى التي تحملت على كاهلها حمل الرسالة الثورية في جبهة الضالع، إضافة لإيصال السلاح للمقاتلين في جبهة ردفان.

تشير وثائق ثورة 14 أكتوبر إلى أن علي عنتر كان واحداً من أبرز رجال الثورة في جبهة الضالع، وتحمل معه شرف تلك المكانة زملاء آخرون، منهم على سبيل المثال لا الحصر: علي بن علي هادي وعلي شائع هادي وصالح مصلح قاسم وعبيد حسين يحيى وصالح علي مثنى وعلي بن علي مثنى وأحمد علي قاسم الجبري (من ضمن العناصر الأولى التي أطرها علي عنتر) وعبدالله أحمد وصالح التوبة وعلي مثنى أحمد وعلي محمد صالح عبيد وعلي مثنى سعيد ومثنى صالح يحيى وصالح أحمد مقبل ومحمود صالح ومحمد الحاج الأسود وصالح مثنى الكور ومحمد صالح حسن وصالح راشد حسين ومحمد حسين عبدالله ومثنى محسن الوبح وعبدالله صالح عزب وعلي أحمد ذيبان وعلي محمد علي الشيخ والحاج صالح قاسم الحريري ومحسن أحمد فازه الخليفة وصالح أحمد ناصر البيشي وناصر مقبل وعبدالرحمن المنصوب وعبدالله ناجي حسين وعبدالقوي التوبة وأحمد علي الجبري وعلي محسن علي المردوعي وصالح محمد مرشد المركولة وأحمد علي حسين (من المقاتلين الذين خاضوا معارك قادها علي عنتر وصالح مصلح) وعلي مثنى مهدي (سقط شهيداً في إحدى العمليات التي قادها علي عنتر وكان موقع استشهاده بين المعسكر البريطاني ولكمة المظلوم).

علي عنتر مشاركاً في كل المؤتمرات
كان علي أحمد ناصر عنتر مع آخرين، القاسم المشترك الأكبر في كل مؤتمرات الجبهة القومية والتنظيم السياسي الجبهة القومية والتنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية والحزب الاشتراكي اليمني، فقد شارك في أعمال المؤتمر الاول لـ «ج.ق» في تعز عام 1965م وفي أعمال المؤتمر الثاني في جبلة عام 1966م وانتخب عضواً في القيادة العامة، وفي أعمال المؤتمر الثالث في خمر ما بين 29 نوفمبر حتى 3 ديسمبر 1966م، وأعيد انتخابه في القيادة العامة، وأعيدت انتخابه أيضاً في المؤتمر الرابع المنعقد في زنجبار في مارس 1968م، وتم انتخابه في عضوية اللجنة التنفيذية للجبهة القومية خلال الفترة 69-1972م.

انتخب عضواً في اللجنة المركزية عام 1972م في المؤتمر العام الخامس، الذي عقد في مدينة الشعب بعدن وأعيد انتخابه في عضوية اللجنة المركزية في المؤتمر العام السادس والمؤتمر التوحيدي، الذي ضم التنظيم السياسي الجبهة القومية والاتحاد الشعبي الديمقراطي وحزب الطليعة الشعبية.

انتخب علي عنتر عضواً في المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني في المؤتمر الأول للحزب الاشتراكي اليمني، وأعيد انتخابه في عضوية المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني في مؤتمره الاستثنائي، كما أعيد انتخابه في عضوية المكتب السياسي للحزب في المؤتمر العام الثالث في أكتوبر 1985م.

علي عنتر في موقع المسؤولية
تم تعيين علي عنتر قائداً للجيش عام 1969م، وانتخب عضواً في أول مجلس للرئاسة عقب الخطوة الاستعجالية في 22 يونيو 1969م، وانتخب عضواً في أول دورة لمجلس الشعب الأعلى عام 1970م، وهو العام الذي عين فيه نائباً لوزير الدفاع.

أعيد انتخاب علي عنتر في الدورة الانتخابية لمجلس الشعب الأعلى عام 1978م وهو العام الذي صدر فيه قرار جمهوري بترقيته إلى رتبة «عقيد» تقديراً لسجله النضالي المتميز، كما وصل علي عنتر إلى مراتب أعلى عندما عُين نائباً أول لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للإدارة المحلية، ثم نائباً لرئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى، إضافة لتقلده لعدة دورات منصب وزير الدفاع.

علي عنتر رجل البيروسترويكا والجلاسنوست الفطرية
بصرف النظر عن الأوسمة والميداليات التي حظي بها علي عنتر وهي رسمية وشكلية، إلا أنه رسخ في أذهان الناس كرجل بسيط في تعامله وصريح في أقواله وصادق في أفعاله، كان يمزج العمل الرسمي بالنكتة، بل وكان يبدي ارتياحاً للنكات التي كانت تطلق عليه، مما يؤكد أن الرجل كان واثقاً من نفسه، فهو على قدر بساطته قد تلقى عدة دورات خارجية كان أولها عام 1969م، وخلال الفترة من 1975م حتى 1977م تلقى دورة في أكاديمية الأركان العامة السوفيتية، وحصل أثرها على رتبة «مقدم ركن»، وهي الدورة التي أعقبت الدورة التي تلقاها في أكاديمية فرونزة العسكرية خلال الفترة 1974-1975م.

مسلسل اقتتال الإخوة الأعداء
شهدت الجبهة القومية ووريثها الحزب الاشتراكي مسلسلاً دموياً كسائر الأحزاب القومية الأخرى، التي وصلت إلى السلطة كحزب البعث السوري وتوأمه العراقي. خسرت الجبهة خيرة رجالها في مسلسل عبثي دشن بقتل دينامو الجبهة القومية فيصل الشعبي في 2 أبريل 1970، وانفرطت حبات السبحة ووجد رفاق الأمس أنفسهم أمام اقتتال دموي تصفوي في 13 يناير 1986م، خسر فيه الطرفان خيرة رجالهما، وفي مقدمتهم عبدالفتاح إسماعيل وعلي عنتر وصالح مصلح قاسم وعلي شائع هادي، وفي الطرف الآخر: هادي أحمد ناصر وفاروق علي أحمد وعلوي فرحان وغيرهم.

خلف علي عنتر وراءه سجلاً كفاحياً وأرملة صابرة، لحقت به في النصف الثاني من التسعينات وأربعة أولاد هم: 1- العقيد جهاد، قائد لواء، 2- ردفان، عضو مجلس محلي- محافظة عدن، 3- مهندس جلال، 4- ابنة.

2- سعيد سالم الخيبة: واجه الموت في الجولان ورحّله إلى الوطن...الولادة والنشأة...سعيد سالم الخيبة، من مواليد مخلاف المعافر عام 1942م من عائلة فقيرة، توفي والده وهو في السابعة من عمره وأجبرته ظروف الفقر على النزوح إلى عدن عام 1949م ليستقر في مدينة الشيخ عثمان في بيت عمه الحاج محمد الخيبة.

تلقى دراسته الابتدائية، ثم المتوسطة في مدرسة النهضة العربية في الشيخ عثمان، ثم التحق في العام 1960م بشركة مصافي الزيت البريطانية (B.P.) بالبريقة كمتدرب فني APPRENTICE والتحق بالصفوف الدراسية في معهد التدريب التابع لشركة (B.P.) ودرس الهندسة الكهربائية وقضى وقته موزعاً بين العمل والدراسة.

إلى صنعاء والقاهرة للدراسة في كلية الشرطة
يصبح الحس الوطني والقومي في البلدان المتخلفة نقمة، بدلاً من أن يكون نعمة، وكان ذلك قدر سعيد الخيبة الذي أكمل دراسته بنجاح في المعهد الفني التابع لمصافي عدن، وبدلاً من الاستقرار في موقع عمله ليكمل مشوار عمره بعد إكمال نصف دينه، حفزه حسه الوطني والقومي للسفر الى صنعاء ليعمل هناك في قسم الهندسة الكهربائية في إذاعة صنعاء، ثم سافر إلى القاهرة للدراسة في كلية الشرطة، إلا أنه طرد منها مع مجموعة من الشباب اليمنيين لأسباب سياسية وحزبية، ووصل صنعاء متخفياً.

الخيبة محارباً في مرتفعات الجولان
حصل سعيد الخيبة على منحة دراسية إلى سوريا بواسطة أحد معارفه، والتحق هناك بالكلية العسكرية بدمشق (تخصص مدرعات) وتخرج فيها عام 1967م وشارك مع زملائه طلبة الكلية العسكرية السورية في المعارك التي دارت في مرتفعات الجولان أثناء حرب يونيو 1967م.

بعد عودته إلى الوطن شارك في الكفاح المسلح خلال الفترة المتبقية من عام 1967م، وأصيب بجروح بالغة في إحدى سـاقـيـة أثـنـاء إحدى المعارك في دارسعد.

المكتبة أول المشوار بعد الاستقلال
شق سعيد الخيبة طريقه بعد الاستقلال في 30 نوفمبر 1967 بأن اتجه للعمل الخاص وفتح «مكتبة العصر» بالمنصورة، وباع من خلالها الكتب والمطبوعات حتى منتصف عام 1970م، في العام 1971م عمل سعيد الخيبة مدرساً لمادة التربية العسكرية في ثانوية 13 أغسطس بمحافظة لحج، ثم انتقل إلى كلية التربية العليا ثم عمل في إدارة رعاية الشباب وشارك في الأعمال والنشاطات التأسيسية الأولى لاتحاد الشباب اليمني الديمقراطي ومنظمة لجان الدفاع الشعبي، ثم عين في العام 1972م مديراً لدائرة التنظيم والتخطيط بمجلس الوزراء.

الخيبة في المؤسسات التشريعية والحزبية
كان سعيد سالم الخيبة من الناشطين في صفوف حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي أعلن انفصاله عن البعث وأسس حزب الطليعة الشعبية ودخل حواراً مع التنظيم السياسي الجبهة القومية والاتحاد الشعبي الديمقراطي، وأعلنت وحدة الفصائل الثلاث في المؤتمر التوحيدي للتنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية، الذي عقد خلال الفترة 11-13 أكتوبر 1975م، وانتخب فيه سعيد الخيبة عضواً في اللجنة المركزية.

أعيد انتخاب سعيد الخيبة في عضوية اللجنة المركزية في المؤتمر التأسيسي للحزب الاشتراكي اليمني في اكتوبر 1978م، إلا أنه فقد عضويته في اللجنة المركزية أثناء انعقاد المؤتمر الاستثنائي للحزب عام 1981م وأعيد انتخابه في عضوية اللجنة المركزية أثناء انعقاد المؤتمر العام الثالث المنعقد في أكتوبر 1985م، وعمل رئيساً للجنة التفتيش المالي للحزب منذ عام 1980م وحتى استشهاده في أحداث يناير المؤسفة.

كما كان سعيد الخيبة عضواً في مجلس الشعب الأعلى (البرلمان) منذ تأسيسه وحتى عام 1980م، وكان من الناشطين في المجلس اليمني للسلم والتضامن، وشغل منصب نائب الرئيس لذلك المجلس. كما كان سعيد الخيبة رئيساً لجمعية الصداقة اليمنية الكورية.

الخيبة في مسلسل ضحايا المراحل
في سياق المسلسل الدموي الذي دشنه الرفاق بتصفية فيصل عبداللطيف الشعبي في الساعة السابعة من مساء الخميس الموافق 2 أبريل 1970م، استشهد سعيد سالم الخيبة في طاحونة حرب الإخوة الأعداء المعروفة بأحداث 13 يناير 1986م، عن عمر ناهز الـ (44) عاماً مخلفاً وراءه سجلاً متواضعاً وناصعاً وثلاث بنات، كبراهن انتقلت إلى جوار ربها قبل أكثر من عام في محافظة تعز.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى