قرحت الطماشة وهرب الحنش

> سعيد عولقي:

>
سعيد عولقي
سعيد عولقي
بعدما شربنا الجرعة الآخرانية(أخاف أن أقول الأخيرة ولا تكون هي آخر الكيل) بعدما شربناها وكأننا نتجرع السم ما عاد معانا إلا نتكيف مع مرارتها برغم محاولة التخفيف الرئاسي الطفيف تلطيف مرارة الغلاء بقليل من الحلوى لكن برضه الله يعلم على كيف باترسى الأمور وكم بايكون الدخل والخرج وهل بايكون متناسب مع دخول البغل في الإبريق وخروج الفيل من المنديل لأن مكابدة الحياة في بلادنا العزيزة تحتاج من كل مواطن براعة أقرب إلى السحر ومهارة أفضل من مهارة أي «حاوي» ولاعب أشطر من اللعابين بالبيضة والحجر وبالثلاث ورقات والديكو طماشة ديكو حنش قرحت الطماشة وهرب الحنش وخلاص أمرنا لله أيش نكتب وأيش نتكلم وأيش نقول وماعادبوش سلا.. ماشي معانا فايدة وأصحابنا في السلطة «إن شيء وجع في الثور يكوون الحمار!».

واحد صاحبنا عاقل - مش مجنون - مولّد من بلاد «الأثايبة» ومفردها أثيوبي وهي بلاد الأحباش التي كانت موحدة تحت اسم «اثيوبيا» وبعدين تقسمت إلى دولتين هما «اثيوبيا» و«اريتريا» وقد كان ما أحسنه جالس له هناك مع الأثايبة طول عمره ماعجبوش الحال فقرر يرجع إلى الوطن الأم على قولته.. وها هو هنا بين ظهرانينا منذ سنتين من بعد قيام الوحدة الحبيبة منشان يحصل له زبيبة من جيز الناس الذين حصلوا على نصيبهم من الزبيب، صاحبنا الأسد هذا اليمني المتحبش أو الحبشي المتيمنن اسمه أحمد تكرون.. وتكرون هذا هو على قولته: (اللغب حقه) وقد سألته عن معناته فلم يرد علي بأية إجابة شافية عافية ولما تعددت لقاءاتنا وتوطدت علاقتنا وتكرر سؤالي عن معنى لقب تكرون فقد أعصابه واتشتعل ذات مرة وقال: «انته أيش شقلك من لغب حغنا!» وهكذا هو دائماً في كلامه يقلب القاف غيناً والعكس بالعكس.

والأخ أحمد تكرون كان ولا يزال من أشد المعجبين بالرئيس الإثيوبي السابق منجستو هيلا ميريام وكلما سمع انه حصل أي شيء في الحبشة يقول بأعلى صوته: والله ما كان يستوي هذا لو منجستو موجود.. لكن أيش تقول.. وكثيراً ما تتتكرن الأمور وتتخربط المسائل وتختلط الحوابل بالنوابل عند الأخ أحمد تكرون.. فكان إذا حصل أي شيء في أي مكان برضه يقول عبارته الخالدة: والله ما كان يستوي هذا لو منجستو موجود.. وطبعاً كثيراً ما كان يخص اليمن باعتباره الوطن الأم بالنصيب الأكبر من عبارته الشهيرة إما سهواً وعلى سجيته بدون قصد.. أو أنه الملعون قصده شيء ثاني أنا ما أدريش أيش هو.. مرة قال له الملازم أول محمد «الصوفي» وهو من بيت آل صديق بس لقبه الصوفي، وهو ملازم أول - أو ثاني والله ماعادناش داري- قال له: يا عاقل القات اليوم غالي نار.. ما في إلاّ آلاف تتقارح بالسوق! فرد أحمد تكرون بحماس: ماله انتو تستاهلوا أزيد من هذا.. غده (يعني قده) منجستو كان ما أحسنه ماعجبكمش.. مالكم إلاّ هكذا يا عداينة (يعني يا عدانية). تسمر الصوفي متجمداً في مكانه وهو مفغي كجلمود صخر حطه السيل من عل.. وراح يدير بصره بيننا مستغرباً وقال: «ماله العاقل؟ أشوف كلامه شيز؟». قلت له ملتفاً على الموضوع: لا، لا.. ما عليك منه نحن نتكلم على موضوع ثاني.. ومشى الصوفي إلى حال سبيله.. وبعد قليل قلت لأحمد تكرون: ما لك يا عاقل ماتحاسبش على كلامك؟ تعرف هذا اللي كنت تكلمه يطلع من؟ هذا ملازم أول يطرم طريم في الأمن العام اللي يسهر ما ينام يحرس أراضينا.. اتنرفز تكرون وجدل العمامة حقه بين رجوله على الأرض وهو يقول في حالة فوران: ماله انته ليش ما يزكن علينا من قبل انه يحرس أراضينا منشان نحاسب.. والله لو منجستو موجود ما كان هذا يحصل.. انتو في اليمن كله عندكم حنابة.

قبل أيام كنا نتكلم في سيرة الغلاء وارتفاع الأسعار الجديد والفساد وغيره وغيره وأحمد تكرون ساكت فقلت أسأله لكي أحثه على الكلام: كيف تشوف بالله عليك يا أحمد يا أخي؟ بربك لو كان منجستو موجود كان بايستوي هذا الكلام كله؟.. ويبان الخبيت منتبه لي لأنه بسرعة وبكل سخرية رد علي وهو يلعب أمامي أصابع يديه الاثنتين ويقول: لا .. تدري أيش اللي كان بايستوي.. ديكو طماشة ديكو حنش قرحت الطماشة وهرب الحنش!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى