تخفيض الراتب..مشهد آخر

> محمد عبدالله الموس:

>
محمد عبدالله الموس
محمد عبدالله الموس
مشهد يتكرر مرة أخرى، صحيح أن الفاصل الزمني كبير يقارب الأربعين عاماً، لكن ذلك لا يلغي كونه مشهدا دراميا بائسا يعيد نفسه، ربما تغيرت الوجوه والشعارات ومقدار الشفافية والمبررات «أو السبب الأخلاقي كما يفلسف أهل السياسة مبررات الحروب».

في أواخر ستينات القرن الماضي خرج أهل الجنوب في مسيرات ترفع شعار(تخفيض الراتب واجب)، قيل حينها إن الدافع كان تجاوز المأزق الذي وضع فيه المستعمر (حكام ذلك الزمن) حين رفع رواتب الموظفين قبيل رحيله، ويردد البعض من (رعاة شؤوننا اليوم) ذلكم الشعار بتهكم كعنوان لسياسة اتسمت بالجنون، لأن صحافياً فرنسياً قال تعليقاً على مسيرات المطالبة بتخفيض الراتب «يا أنا مجنون يا هذا الشعب مجنون».

في هذه الأيام تغير المبرر، فقد بشرونا بما أسموه استراتيجية الأجور بمراحل تمتد إلى العام 2010م، ولا ندري أسس هذه الاستراتيجية في ظل ضبابية رؤية التنمية وعزوف الاستثمار وتخلي الدولة عن منشآتها الاقتصادية في مذبحة الخصخصة (سيئة الذكر)؟ سيترتب على هذه الاستراتيجية ما يؤدي إلى (سلب) أوضاع ودرجات وظيفية مكتسبة بفعل قوانين وتشريعات كانت سارية وبضوابط وإجراءات أكثر صرامة مما نراه اليوم.

قد تؤدي المرحلة الأولى من هذه الاستراتيجية - إن كان لها مراحل أخرى - إلى زيادة بعض الريالات لبعض الناس، لكنها لن تجدي نفعاً فالتضخم أصبح تخفيضا مستمرا للراتب وصار معه الأجر أقل كثيراً من متطلبات ضرورات بقاء الناس أحياء، لكنها أيضاً ستؤدي إلى تراجع درجات مكتسبة للعاملين، أما المتقاعدون وطوابير العاطلين وما في حكمهم فهم خارج اهتمام الحكومة.

لا فرق بين مشهد الستينات ومشهد اليوم، فالأول أسقط جزءاً من (حجم النقود) والآخر أسقط أضعاف أضعاف (قوتها الشرائية)، بالإضافة إلى أنه يهدد بإسقاط درجات مكتسبة للعاملين.

في مشهد الستينات استخدمت مسيرات المطالبة بتخفيض الراتب مبرراً لإسقاط الحقوق القانونية المكتسبة، وفي مشهد اليوم لا يوجد هذا المبرر ما يعني الاحتفاظ بحق مقاضاة الحكومة لكل من تعرض حقه القانوني (للسلب) وهي قضايا مضمونة الكسب مثلها مثل قضايا (التأميم).

لا ندري كيف نسمي حالنا، هل هو تاريخ يعيد نفسه؟ أم هي حالة استمرار التجارب بصور مختلفة؟ أم هي البداية مرة أخرى من المربع واحد؟ فكل ما يحيط بهذا الأمر شبيه بالأمس ولم يغب عنه سوى الشاعر الذي وصف مشهد الأمس:

يا القومية قامت على بوكم ü يا ذي تحرّوها بلا معنى نحن نبي من ذي تجيبونه وانتوا تشلوا ذي قده معنا

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى