عرما من الداخل..يا قلب لا تحزن «المستشفى العام من الخارج «الله الله».. ومن الداخل «لك الله»»

> «الأيام» علي سالم بن يحيى:

>
سور المعسكر المهدم
سور المعسكر المهدم
في هذه الحلقة نواصل استطلاعنا عن مديرية عرما، التي تعيش واقعاً مريراً لن يصدقه سوى من ينزل إليها.. وسيصاب بالدهشة من الوضعية المتهالكة لأغلب (إنجازات) السلطة فيها.

الصحة تبحث عن «العافية»!
كان لزاماً علينا أن نزور مستشفى عرما العام، وهو الصرح الطبي الجميل من الخارج وأحد إنجازات الدولة القليلة جداً، وفي المستشفى وجدنا العجب العجاب! مبنى يكاد يكون (مهجوراً) وضعيته تصعب على الكافر، طاقمه الطبي دكتور واحد (طب عام) وفني مختبر وفني أسنان وبضعة ممرضين.. تساءلنا: «هو فيه إيه..؟!» في إشارة إلى حالة السكون والهدوء الممزوجين بالملل والخوف من هجوم «الأشباح»!

وأوضح الأخ سالم السليماني، فني المختبر الذي كان متواجداً أثناء النزول، إن ما يمتلكونه هو المبنى فقط! وسألناه عن حالة السكون الغريبة فقال: «توجد دكتورة نساء وولادة لها دور كبير في تنشيط العمل، وهي الآن في صنعاء لحضور دورة خاصة بجهاز (الموجات فوق الصوتية)، وعند تواجدها تعود الحركة تدريجياً»، وعن المختبر الموجود وأجهزته أشار إلى أنه أتى بمساهمة المجتمع فقط!

الصيدلية= بضعة أدوية!
انتقلنا إلى صيدلية المستشفى التي تقع في ركن صغير منه ولا تتجاوز بضعة أمتار، ووجدنا الأخ محمد سرور باكربي، الذي أفاد بأن الأدوية الموجودة هي أدوية أطفال وأخرى تخص الحمى، وتباع بأسعار رمزية.. وفي جهة أخرى ولجنا إلى عيادة الأسنان، وهي من الخدمات التي دخلت مؤخراً ومزودة بجهاز حديث.

الأشعة وشكوى تسرب الأمطار!
قال الأخ أحمد سالم بن مفلح، فني الأشعة بأن الغرفة يوجد بها جهاز(X.R.Y) واشتكى من تسرب المياه من السقف إلى غرفة التحميض، مما يؤدي إلى تلف الكثير من الأفلام، وأضاف: «أوجدنا طريقة لحفظ الأفلام أثناء موسم الأمطار.. ولكن إلى متى..؟!».

الترميم.. على مين تلعبها؟!
من الأشياء التي رأيناها وأثارت الغضب والتساؤل في آنٍ واحد عملية الصيانة والترميم التي حدثت للمستشفى وكلفت كذا مليون! وعند التجوال والتفحص أحسسنا أن هذه العملية طالت مبنى آخر، وليس المستشفى! وعلمنا أن إدارته ومكتب الصحة بالمديرية رفضا التوقيع والمصادقة على إنجازه وتكفل المجلس المحلي بالمديرية بالتوقيع وعلى ذمته.. وهو الأمر الذي يثير الشك ويؤكد أن الموضوع فيه «إن»!! وبأمانة نسأل عليها.. فاتضح أن مقاولة الصيانة شملت بعض الحمامات وجدران طُليت بالبويا.. واستغربنا أكثر لتلك الحالة الرثة التي وجدنا الحمامات عليها، ونستطيع أن نقول عنها «غير صالحة للاستعمال الآدمي».. فأين الصيانة يا خُبرة؟

رجل الخير قام مقام الدولة!
رجل الخير والإحسان عامر عمر صالح الطنين بن عمرو، المقيم بدولة الإمارات العربية المتحدة، قدم الشيء الكثير للمديرية، فأغلب الأجهزة الموجودة في المستشفى على نفقته، وشيد مدرسة للتعليم الأساسي (بنات) بمشاركة من رجل الخير بن حويفظ، ودعم المدرسة بأجهزة كمبيوتر ومولد كهربائي.. وله إسهامات كثيرة في العديد من المشاريع الخدمية واستطاع بكرمه أن يقوم مقام الدولة، التي لم تقدم إلا اليسير للمديرية التي تنام على كنوز الذهب الأسود!

مشاهدات
- الكهرباء العمومية مقطوعة عن المستشفى منذ سنة وستة أشهر، لعدم تسديد المتخلفات البالغة حوالي 225 ألف ريال، فلماذا وأين المخصصات المعتمدة لها؟!

- مركز الأم الحامل (الأمومة) مغلق لتحويل القابلة إلى مديرية حبان، وتم التفريط بها لأنها طالبت بحقوقها.. ولم تأت البديلة بعد!!

- أحد المولدات متوقف عن الخدمة.. وهناك (بطارية) تتبع المستشفى كانت مرهونة عند أحد المواطنين، والمبلغ هو(800) ريال فقط وبقيت لديه لأكثر من أسبوع.. وقام أحدهم بدفع المبلغ واستعادتها!!

- هناك ثلاث وحدات صحية حديثة وشبه مغلقة في كل من: سمرة، شبوة، التيجة!!

حاولنا الالتقاء ببعض المسؤولين لطرح تلك المشاهدات والملاحظات والخروج بخلاصة تعفينا هم السؤال والسؤال .. ووجدنا من لديه (إجازة) ومن اعتذر ومن قال: «اذهبوا إلى المستشفى وستجدون العمال هناك»!

المستشفي من الداخل
المستشفي من الداخل
الكهرباء.. خصوصية أم حكومية؟!
نترك هم الصحة ومرضها وندعو المولى جل شأنه أن يمن عليها بالعافية وأن تتغلب على أوجاعها.. وندلف الباب باتجاه موضوع شائك آخر هو حديث المجالس الآن في المديرية.. وهو الخاص بالكهرباء.

اعتمد أهالي المديرية على مولداتهم الخاصة لسنوات طويلة، وفي عام 1996 استبشر الأهالي بوصول المولد الذي سيغطي بعض القرى وكان بمثابة (الدعاية الانتخابية) ويعمل بواقع أربع ساعات يومياً من السادسة مساءً حتى العاشرة ويمتد إلى الحادية عشرة أحياناً، وقبل وصولنا كان التيار مقطوعاً لأزمة الديزل الحادة عقب الإعلان عن حزمة الإصلاحات الاقتصادية الجديدة، وبعد وصولنا، عاد التيار إلى الظهور بشكل متقطع.. وظهرت إشكالية حول سير العمل في إدارة الكهرباء، حيث فرضت الإدارة رسوماً إضافية رفضها بعض المواطنين، وكانت لهم مطالب منها: تصفية حساباتها ومعرفة حجم إيراداتها والكشف عن هويتها.. هل هي حكومية أم أهلية.. أم تتبع مديرها فقط؟!

وتدخلت النيابة في الأمر، وقامت باحتجاز بعض المواطنين، وتم إيداعهم السجن.

وقال المواطن عمر عمران إنهم ليسوا ضد مشروع الكهرباء، ولا يرفضون تحصيل المبالغ لها، ولكن عدم وجود ضوابط في الإيرادات وكيفية صرفها هي المانعة في ذلك. وأضاف المواطن عبود بامطرف، وهو أحد المحتجزين أيضاً، إنهم يستغربون رفض مدير الكهرباء الجلوس مع لجنة المشروع التي تم تشكيلها من قبل المجلس المحلي، وهي المخولة بتقرير الزيادة والإشراف المباشر على تحصيل المبالغ، وعدم العبث بها.. وطالب نيابة عن المواطنين بمعرفة هوية المشروع، هل هو أهلي أم يتبع الحكومة؟! في حين استهجن الأخ سليمان علي باقطيان، عملية المزاج في تشغيل الكهرباء من عدمها، وأصفاً العملية بـ(اللا مبالاة) وضرب مثالاً بأنه عند أي أزمة للديزل في المديرية ينطفئ التيار على الفور، وتساءل: لماذا لا يتم تخزين الديزل في خزان الوقود تحسباً لأي طارئ؟! وتساءل مرة أخرى: ما حقيقة بيع الإدارة لأسلاك خاصة بها، وتبديلها بنوعية أخرى أقل تكلفة؟!

ولأننا لم نستطلع لقاء المدير، فإننا نعد القارئ الكريم بمواصلة البحث والتحري والجلوس معه، لمعرفة أسرار وحكايات الكهرباء في عدد قادم بإذن الله.. خاصة وأن جميع المواطنين يحملون في ثناياهم تساؤلات عديدة بهذا الشأن.

الماء والحمار.. صداقة دائمة!
يعد الحمار صديقا وفيا للمواطنين في المديرية، وقلما نرى بيتاً دون (حماره) وتعتمد عليه كثير من الأسر في حمل (طرابيل) المياه وإيصالها إلى منازلهم، في وقت مازالت المديرية تمني النفس بمشروع مياه يصل إلى البيوت، وعلمنا أن هناك محاولة جرت عام 1989 لإيصال المياه إلى المنازل، ولكن بطريقة (مضحكة)، حيث تم بناء بعض الخزانات وتركيب مواسير المياه، وانتهى وانقرض المشروع في ظروف غامضة، بعض الأسباب أرجعت إلى فشل مأمور المديرية آنذاك في انتخابات مجالس الشعب المحلية أمام (سكرتيره) الذي خاض المنافسة، ولكنه تغلب على (مأموره) بفارق شاسع من الأصوات، والبعض الآخر ربط الفشل بعدم وجود النوايا الطيبة والدراسة المجدية، كما أن المشروع كان بحاجة إلى إمكانات مالية كبيرة لم تتوفر، ولا تزال الخزانات صامدة، بينما تلفت المواسير في بعض الأماكن!

وقال المواطن مبارك سريع هيثم، مداخلاً:

«إن أهالي المديرية يعتمدون على مياه الأمطار والسيول اعتماداً كلياً، وتظل (الكرفان) عاملا مهام في حفظ مياهها على مدار العقود الماضية، وعند انحباسها تزداد المخاوف من حالة الجفاف والعطش، لكن الرحمن رؤوف رحيم بعباده». وأشاد بالدور الإيجابي الذي قام ويقوم به بعض رجال الخير بحفر الآبار الارتوازية وتشييد (الجوابي)، ودعا السلطة العليا إلى الالتفات للمديرية وتقديم الخدمات الضرورية لأبنائها وهي التي ظلت محرومة منها على مدار الزمن..!

المعسكر .. سوره (مكسر)!
المعسكر الخاص بالأمن.. تعرض سوره للانهيار في بعض جوانبه، وهو أمر يسهل عملية التسلل إليه.. وعلى الجانب الآخر، فإن الوضع الأمني في المديرية مستتب وبشكل مثالي، وإن ظهرت بعض الحالات (الشاذة)، وتعد مديرية عرما من أفضل مديريات محافظة شبوة من ناحية الهدوء وعدم إثارة الضغائن والأحقاد بين قبائلها، وتكاد تختفي فيها ظاهرة الثأر.. ومع هذا نلاحظ وجود أكثر من تشكيل عسكري اعتبره المواطنون دون داعٍ.

المؤتمر..«ليه الجفاء ما شان»!
ترتبط مديرية عرما وجدانياً بحزب المؤتمر الشعبي العام، إذ أنها في أول انتخابات نيابية بعد الوحدة أيام (الجبروت الاشتراكي) خالفت التوقعات، وصوتت لمرشحه، وكانت الدائرة الوحيدة في المحافظة التي ذهبت لصالحه، واستمر هذا الولاء والحب في بقية الدورات النيابية الأخرى، ولكن المديرية لم تخص بدعم المؤتمر واهتمامه إلا أثناء موسم الانتخابات ومن خلال وعود عرقوبية فقط!

وهذه ملاحظات استقيناها من الوضع بحكم انتمائنا للمديرية وقربنا منها، وإجماع عامة المواطنين على أن المؤتمر لم يرد الجميل.

أخيراً وليس آخراً
ما قيل وتم سرده ملخص لجزء من هموم ومشاكل المديرية ذات الـ 6.742 كيلو متر مربع وعدد سكانها بحسب إسقاطات عام 2003 بلغ 10.208 نسمة وهي مأخوذة من أفواه مسؤوليها.. اعترفوا بالواقع المرير ودرجة التسيب والإحباط، فماذا تركوا للمعارضة وللمواطن المغلوب على أمره؟! وحتى لا نطيل نؤكد أن المديرية انطبق عليها قول الشاعر:

إن حظي كدقيق فوق شوك نثروه

ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى