مواطنة: (فلة) حطمت قلوب الاطفال مع مطلع العام الدراسي الجديد

> «الأيام» فردوس العلمي:

>
احد البائعين في محل للادوات المدرسية
احد البائعين في محل للادوات المدرسية
العام الدراسي هم يشغل بال الكثير من الاسر الفقيرة والمتوسطة الحال، يطل بظله الثقيل على طلاب المدارس ليحول فرحتهم بقدوم العام الدراسي الجديد الى هم وحزن نتيجة لارتفاع اسعار المستلزمات المدرسية، ففي كل عام يحمل عنوانا بارزا لاسما أبطال مسلسلات الاطفال وصورهم على الحقائب المدرسية والتي تمثل رواجا كبيرا للتهاتف عليها مهما كانت نوعيتها وسواء كانت ذات الجودة العالية او المقلدة ، ومهما كان سعرها لتضيف اعباء جديدة على كاهل الاسر.. جولة سريعة في المكتبات ومحلات بيع الملابس ورأي من هنا وآخر من هناك لنبحر بقارب «الأيام» لنسلط الضوء على هذا الحدث السنوي ، المفرح والمبكي.

في مكتبة (الوطن) بمدينة كريتر بعدن، تحدثنا الى صاحب المكتبة الأخ عبدالعزيز عن الموسم المدرسي فقال لنا: « هذا الوقت يعتبر موسما طيبا لنا وبضاعتنا كلها جديدة وأسعارها مناسبة.. فنحن نجلب البضاعة من الصين». وعن سؤالى حول مميزات هذا العام قال: هذا عام «فُلّة» فكل شيء يحمل اسمها: الحقائب، المقالم، الدفاتر. وعن أسعار ما يحمل اسم فلّة يقول: هناك ماركات ذات جودة عالية وأخرى نقل، وتختلف الأسعار، فالحقائب ذات الجودة أسعارها تصل إلى 5000 ريال، والتقليد الى 2000 ريال. ولا يوجد فرق من نا حية الشكل فكل حقيبة تحمل نفس الصورة والملامح والألوان، ورغم وجود بضائع أخرى إلا أن المواطنين يدخلون المكتبة يسألوا عن «فلّة» ولا يطلبون غيرها .

انتقلت الى مكتبة اخرى هي مكتبة العاصمة، وبداخلها التقيت بالأخ العماري الذي قال ضاحكاً: هل تريدين «فلة» فهذا عام «فلة». يقول: بصراحة البضاعة، وخاصة «فلة» اسعارها نار ولا يستطيع المواطن الفقير تحمل قيمتها، فماذا يتبقى له من المرتب حين تصل قيمة الحقيبة الواحدة من ماركة «فلة» الى 5000 أو 6000 ريال؟ هذا شيء صعب .. ونحن لم نستورد «فلة» ذات الجودة العالية، لانه لا يوجد لها سوق هنا، فمهما كانت جودتها لا يعقل أن يصل سعرها إلى هذا الحد!

أمام مدخل المكتبة كان المواطن عبد الجبار يمشي مع خمسة من الأطفال تتراوح أعمارهم من 12 إلى 5 سنوات، يقول: هذا العام غير كل الأعوام، صحيح في كل عام هناك غلاء، لكن هذا العام فاق كل التصورات، وكل تاجر أو صاحب فرشة أو محل يعزف على نغمة الزيادة التي لم نرها حتى الآن، رغم أننا نقرأ ونسمع كل يوم عن هذه الزيادة .. لكن هي فين؟

المواطنة أم زهير تقول: (فلة) حطمت قلوب الأطفال، فبعد أن أحبوها على شاشات التلفزيون أبكتهم .. ماذا أعمل؟ عندي أربع بنات، اثنتان (توأم) في الصف الرابع والكبيرة بالصف خامس والصغرى بالصف الثاني، يعني لو فكرت أشتري لهم (فلّة) فيلزمني أربعة رواتب الى جانب معاش والدهن المتوفى الذي لا يسمن ولا يغني من جوع أو فقر، والله يا أختي نمشي على البركة، والله كبير لا ينسى عبيده، خليها على الله، ايش فائدة تخفيض أو إلغاء الرسوم المدرسية على الطلاب الفقراء إذا كانت أسعار المستلزمات المدرسية تحرقهم قبل الوصول إلى أعتاب المدرسة.

جانب من الزي المدرسي
جانب من الزي المدرسي
وأمام محل لبيع الملابس المدرسية التقيت بالأخت وفاء السيد أبوبكر، مدير إدارة تنمية المرأة، التي تقول عن الاسعار «ليست مناسبة، وغير معقولة، وخاصة إذا كان لديك أكثر من طفل في الأسرة الواحدة». وعن حكاية «فلّة» المنتشرة في الأسواق تقول: فلة لم تعد فلّة بيضاء بل أصبحت فّلة سوداء في حياة المواطن، لأن أسعارها أصبحت محرقة وسببت تنافسا بين الاطفال، وبطبيعة الحال هولاء أطفال لا يعلمون بحال أسرهم. وعن الاسعار تقول: الأسعار غير محددة وتخضع لمزاج البائع، وهي غير موحدة وذلك لغياب رقابة الدولة عليها، فمثلا أسعار البنطلونات تختلف في محل 1200 ريال بينما تجده في في محل آخر 800 ريال، والفارق كبير يجعل المواطن يلف أكثر من محل ليحصل على طلبه بأقل سعر، فرغم وجود هامش ربح إلا أن هناك تجاوزات كبيرة لهذا الهامش، لذلك على الدولة أن تعمل على ضبط عملية البيع والشراء، وذلك ان تتكفل هي وتقوم بإنزال البضاعة، خاصة وأن هذا موسما لن يثقل كاهل الدولة، ومن خلاله تعمل على توحيد السعر. ويعلل صاحب المحل بأن البضاعة ذات جودة عالية رغم أن أسعارها مناسبة، فالطقم المدرسي لا يكلف سوى 3200 ريال فقط وهناك طقومات أخرى اسعارها مناسبة يصل الطقم الى 2800 ريال.

الطفلة فاطمة سعيد في الصف الخامس تقول: لا أستطيع أن أشتري «فلّة» كحقيبة أحمل فيها حاجياتي فظروف أسرتي لا تسمح. سألتها ما هو شعورك؟ قالت: صحيح احب أن أقتني «فلة» ولكن لا استطيع ولن احسد زميلاتي ممن استطعن شراء «فلة» فكل شئ نصيب وأنا مقتنعة بنصيبي وبظروف أسرتي. < أما الطفلة حنين الهيثمي التي تستعد لخوض معركة الدراسة وهي في اولى خطواتها تقول بصوت طفولي: أني اشتي فلة وأبي بايشتري لي فلة عشان أروح المدرسة .. ولم ينبس والدها بكلمة وهو يقف بجانبها إلى أن توقفت فقال: لم أشتر شيئا بعد، فهذا أول يوم أخرج فيه لشراء المستلزمات المدرسية، ولم أكون رأياً بعد، ولكن كما ترين الحال الأسعار نار.

المواطن أبو سعاد من مدينة الشعب يقول بحرقة: عندي ثلاث أطفال في الثانوية وواحد بالصف السادس، والآخر بالصف الرابع، وحتى الآن لم أشتر سوى لواحد في الصف الرابع، وكلفني 8425 ريالا، وبقى لي اثنان لن استطيع أن اشتري لهما شيئا فأنا أحد العاملين المنكوبين في أحد مصانع الدولة المتعثرة، وقد اشتريت كتباً مدرسية لطالب واحد 600 بـ ريال. وعن سبب شراء الكتب المدرسية رغم أنها توزع مجاناً يقول أبو سعاد: إدارا المدرسة توزع الكتب بعد مرور شهر على الدراسة، وهذا في أحسن الاحوال، وعندما يوزعونها تكون أغلبها ممزقة. ويضيف: الدولة تطبع كل عام كتبا مدرسية جديدة، ولكن لا يتحصل عليها الأطفال بل نجدها على أرصفة الطرقات تباع بقيمة 100 ريال للكتاب الواحد . ويقول بألم من حرقة الأسعار مخاطباً الحكومة: أين انتم منا؟ المسؤولون لا يحسون بنا نحن الموظفين الغلابى، فأولادهم في أحسن المدارس الخاصة ويلبسون أفخر أنواع الملابس ويدفعون لهم بالدولار، وهي من قيمة البترول الذي لا يستفيد منه أحد سواهم.

جانب من الأحذية
جانب من الأحذية
لا تختلف اسعار الاحذية فهي الأخرى أسعارها نار، حيت يقول صاحب بسطة: نحن نبيع عشان خاطر المواطن بأسعار رخيصة لا تتعدى 1000 ريال .

في الختام، ماذا سنقول ونحن نحارب التسرب المدرسي وندافع عن تعليم الفتاة وعملنا حتى على سن القوانين الالزامية وخفضنا الرسوم أو الغيناها، ولكن يبقى غول الاسعار للمستلزمات المدرسية حجر عثرة امام أي جهود تقوم بها الدولة أو منظمات المجتمع المدني لإرساء قواعد للتعليم .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى