في ندوة بمنتدى خورمكسر حول أوضاع الصحافة اليمنية قبل الوحدة وبعدها <2>

> «الأيام» محمد فضل مرشد:

> أما الاستاذ الجامعي والكاتب الصحفي د. هشام السقاف فقد قال: «خلال استماعي لحديث الاستاذين هشام باشراحيل ونجيب يابلي استرجعت وتذكرت أن تاريخ الصحافة العربية برمته قد بدأ مع المرحلة الاستعمارية نفسها بدخول أول مطبعة إلى العالم العربي عبر الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت على مصر، وإن كان ذلك لخدمة أغراض الحملة الفرنسية فإنه لا يمنع عند التأريخ لمثل هذه الحوادث أن تكون هي شرارة البداية في الاحتكاك بالمجتمعات الغربية التي بلغت شأنا كبيرا في التطور العلمي بينما كان العالم العربي يرزح في ظلمات العصور الوسطى، وعندما نأتي للحديث عن الصحافة في اليمن فيجب أن لا نغفل أن هناك صحافة ظهرت وفي وقت مبكر قبل أن تظهر صحيفة «فتاة الجزيرة» عام 1947م هي الصحافة الحضرمية في المهجر وتحديدا جنوب شرق آسيا وهي صحافة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.

وما فرض هذه التطورات المذهلة في عدن أنها كانت صاحبة ريادة وخاصة في الفترة التي صاحبت وأعقبت الحرب العالمية الثانية.

العامل الاقتصادي مهم في نشوء هذه التغيرات التي تمس البنية الأساسية، فمثلا عندما نأتي لمناقشة مسألة تطور الأغنية في عدن ولحج في الخمسينات والأربعينات نجدها مرتبطة بالتطور الاقتصادي المرتبط بالتطور الاجتماعي في هاتين المنطقتين، ولذلك عندما ظهرت الصحافة في الدول الغربية الرأسمالية كانت مصاحبة لنشوء البرجوازية بكل مفاهيمها التحررية على أنقاض المجتمع الاقطاعي، بمعنى أنه مع تحرر السلعة من القيود تحررت أيضا الكلمة من القيود لكي تواكب هذه تلك.

في الجانب الآخر فقد تحدث الاستاذ نجيب يابلي عن صحيفة «الأيام» وأنا أريد من القائمين على هذه الصحيفة أن تجمع كتابات الشخصية الليبرالية النهضوية التحررية الاستاذ محمد علي باشراحيل، وتقرأ بتمعن لأن الكثير مما كتب نجده يعبر عن واقعنا اليوم، ومن خلاله نستشف موقف هذا الرجل ومناصرته للثورة اليمنية سواء صنعاء سبتمبر أو عدن أكتوبر، وفي الأخير يقف أمام وزير الإعلام لكي ينزع منه هذا الحق ومن رواد النهضة في عدن في الخمسينات والستينات لنُحرم من هذه النهضة وتحجب عنا فترة متألقة من تاريخنا، وهذه من المفارقات العجيبة ليس في اليمن وحسب بل الوطن العربي أن فترة الاستعمار كانت تتسم بالتنفس الديمقراطي وحيز الحريات وعندما جاءت الثورات أغلقت أبواب الحرية وأصبحت الشرعية الثورية تلتهم الشرعية الديمقراطية.

بالنسبة للفترة الوحدوية فإن ما تحقق شيء كبير مقارنة بالفترة السابقة لها وأنا واحد ممن شمروا سواعدهم للكتابة عن ذلك أثناء دراستي، حينها في موسكو، فما تحقق كبير مقارنة بالفترة الشمولية (فترة القحط) مع الإشارة الى استثناء حدث في هذا الجو المعتم وهو مجلة «الحكمة» في إصدارها الثاني بمبادرة وبجهود يعرفها الجميع للاستاذ الكبير عمر الجاوي، والآن أي تراجع عن هذا الحق المكفول دستوريا والذي تحقق بإرادة شعبية وجاء بعد معاناة سنكون مسؤولين عنه مسؤولية تاريخية كاملة كشعب، لأن العصر الآن عصر التحرر والتقدم إلى الأمام وإلغاء وزارات الإعلام وأي أشكال من أشكال الرقابة على المطبوعات والصحف، فليس هناك سلطة سوى سلطة العقل وهي ما يجب أن يسود».

كما تحدث الكاتب الصحف علي هيثم الغريب، قائلا: «برأيي هنالك قضايا نراها هامة في الصحافة اليمنية اليوم، ويجب أن نخوض نقاشا حولها لكي تستوفي الكلمة دورها وظيفتها تجاه الإنسان، فأنا باعتقادي أن من يقرأ «الأيام» في الخمسينات والستينات ويقرأها اليوم سيجد مقارنة كافية، والشيء المهم في هذا أنه في تلك الفترة لا ننسى أن الاستعمار أوجد لنا في عدن حينها المطبعة وأيضا الرصاص، لكنه أبعد الرصاص عن الصحافة واستبقى الرقيب والصحافة، ولكن اليوم مع الأسف أن الرقيب والرصاص والصحافة توجد في وقت واحد، وحتى فترة حكم الحزب الاشتراكي اليمني في الفترة الماضية نجده قسم الحقوق، فبدلا من أن تكون هناك حقوق لحرية الإعلام والتعبير أوجد حقوقا أخرى وإن كانت لا ترضي أحدا، فهي تكفل للمواطنين الحقوق الاقتصادية وتوفير الخبز والدواء للناس فهنا أخطأ في شيء وعلينا أن ننتقده فيه ولكن أيضا أصاب في شيء آخر مما يدفعنا اليوم الى العمل على جمع جميع الحقوق، فإذا كانت هناك حقوق صحافة وحريات وتعبير يجب أيضا توفير حقوق الغذاء والدواء وبقية الحقوق للناس وسيشعر المواطن بالأمان وسينطلق لبناء الوطن.

يا أخواني نحن لا نستطيع أن نستبعد قضايا هامة وجوهرية لنا لأن بناء هذا الوطن الموحد اليوم يتطلب طرق هذه القضايا بصورة صادقة وأمينة، وليس باستهداف شخص أو نظام بل لكي يتفرغ الجميع لبناء هذا الوطن، فهناك باعتقادي خروقات كثيرة تجري منها على سبيل المثال في محافظة عدن ما شاهدناه خلال الفترة الماضية من استيلاء على الأراضي ومن ضرب الرصاص على المواطنين العزل وانتهاكات للموظفين واستبعادهم واستيلاء مؤسسات تطلق على نفسها صفة القطاع العام استولت على القطاع العام الذي كان قائما في المحافظات الجنوبية وقضايا جوهرية أخرى عديدة تطرق لها الإعلام في الفترة الماضية، وعلينا الآن أن نتساءل كيف نستطيع أن نبني هذا الوطن الديمقراطي الموحد وأن نعتمد على حرية كلمة مكتسرة ولا يسمعها أحد، وأنا باعتقادي أن هذه الكلمة إن رفضت السلطة الاستماع اليها فعلينا التمسك بها كسلاح لنا».

وآخر المداخلات كانت للكاتب الصحفي حسن بن حسينون، الذي قال: «حرية الصحافة في أي بلد هي حرية الإنسان ومتى ما وجدت هذه الحرية وجد الإنسان الحر، والصحافة هي بمثابة الرئة التي من خلالها يستطيع الانسان ان يتنفس، والصحافة في عدن ما قبل الاستقلال معروفة، والسياسية الاستعمارية في إعطاء هذه الحرية ايضا لها أهدافها ومدلولاتها، طبعا عمل الاستعمار على عزل هذه المدينة المستعمرة عن باقي مدن الجنوب، لكن الصحافة لعبت دورا أساسيا وبالأخص الصحافة الرائدة وفي مقدمتها «فتاة الجزيرة» وصحيفة «الأيام» لعبت دورا أساسيا في نشر الوعي وكان لها تأثير كبير في التمهيد وخلق الوعي بين المواطنين، وأدى هذا الى المقاومة للسياسات الاستعمارية وكان الدور في هذا إلى الصحافة والرواد الأوائل.

أنا أريد أن أقول وأضيف إنه كلما ضاق الخناق على الصحافة الحرة، ضاق النطاق على الحاكم، وكلما أعطى الحاكم الحرية للصحافة، تحرر هو نفسه من كثير من الكوابيس والأمراض التي تأتي من هنا وهناك، ويكون الحاكم في هذه الحالة قويا عندما تكون الصحافة حرة وتكون أحزاب المعارضة في الساحة قوية.

أنا لا أريد أن أتطرق الى كثير من الأمثلة في الوطن العربي ولكن هناك دلالة كيف ضاق الخناق على صدام حسين عندما ضيق الخناق على حرية الانسان، وانتزع مؤخرا من حفرة.

وأنا ألاحظ خلال الفترة الأخيرة أنه بدأت كثير من المضايقات لحرية الصحافة وأتساءل وأستغرب لمصلحة من يحدث ذلك أهو لمصلحة الإنسان؟ أو لمصلحة الحاكم؟ هل هي لمصلحة النظام؟ لا أعتقد ذلك فهي تشكل خطرا على جميعهم، وهذه هي مشكلة النظم الاستبدادية في الوطن العربي، وأريد أن أقول لمن لا يريدون استيعاب هذه الدروس بأن عالمنا أصبح مكشوفا ولا يستطيع أحد أن يضلل أو يضحك على الذقون وخصوصا أن الانسان اليمني إنسان مسيّس ويعي ما يدور في هذا العالم، وما دامت اليمن قد اعطت كلمة بأن تكون أنموذجا وأمثولة للديمقراطية وللحرية فيجب أن تكون عند كلمتها ونأمل من النظام أن يعطي الحرية الكاملة بدون قيود للصحافة لأن هذا في مصلحة النظام أولا وآخرا».

هذا واختتمت الندوة بكلمة للزميل الاستاذ هشام باشراحيل، رئيس تحرير «الأيام» مجيبا على عدد من الاسئلة الموجهة لـ «الأيام» حيث قال: «أحب أن أشكر كل من وجه النقد الى «الأيام» لأن ذلك الأسلوب الصحيح في التعامل، نحن في «الأيام» نضع نصب أعيننا دائما أن إرضاء الناس كل الناس غاية لا تدرك وأننا لن نستطيع إرضاء كل قارئ، لكننا نعمل كل ما بوسعنا وفي كثير من الأحيان ما هو وفق طاقتنا. قد يرى البعض أن «الأيام» قد تراجعت وهذا أمر مرفوض كليا فلا يتراجع سوى من يقبض، ونحن لا نستلم من أي كائن كان ولا لأحد فضل علينا بعد الله سبحانه وتعالى سوى قرائنا الاعزاء فقط، فهم زادنا وزوادنا، ومن يقول إن «الأيام» تراجعت نحن عندما كانت لدينا ثمان قضايا في المحكمة لم نر سوى 25 شخصا على اكثر تقدير يؤازرونا في قاعة المحكمة ولم نر الآلاف أو حتى المئات يحضرون الى المحكمة لاظهار ترابط «الأيام» مع الناس أمام السلطة، وأنا متأكد أن أول من يقول أن «الأيام» تراجعت كثيرا هو من الأخوة الذين كانت «الأيام» عونا ونصيرة لقضاياهم وسنظل على ذلك منبرا للمظلوم وزادنا سيظل قراءنا، فيما يتعلق بالمعلومات وإمكانية الحصول عليها نعاني من توجه لدى البعض بحجب المعلومات عن «الأيام» وأبسط دليل على ذلك مصادرة الشرائح من كاميرات مندوبي «الأيام» مرتين خلال الأسبوع الماضي.

الجانب الآخر أن مؤسسة «الأيام» تلقى المتاعب من الأجهزة الرسمية المعنية بالاستيراد والجمارك والضرائب، ففي الوقت الذي تعفى الصحف الرسمية من الضرائب عند استيرادها للورق وخلافه ، نجد أننا ملزمون بدفع الرسوم والضرائب، زد على ذلك تعرض كل ما نستورده للحجز في المطارات اليمنية.

وأضاف رئيس تحرير «الأيام»: «نحن لا نغطي الأخبار والتغطيات من عدن فقط بل من جميع محافظات الجمهورية دون استثناء، ويتضح ذلك بكوننا الصحيفة الوحيدة التي غطت وبالصور الاحداث التي تزامنت مع الاجراءت السعرية للحكومة مؤخرا وعلى الرغم من أن المواصلات البرية كانت مقطوعة، وذلك لاعتمادنا على الأجهزة والتقنيات الحديثة، و«الأيام» حتى تتمكن من توفير هذه الأجهزة ولكي تتمكن من شراء مطبعة تمكنها من الطباعة بالألوان تكبدت الكثير والكثير، كما أننا ندفع جمارك على الورق رغم أن قانون الاستثمار والدستور يؤكد بأن المعاملة بالتساوي، اضافة الى أن الدولة تدعم صحيفة «14 اكتوبر» بـ 400 مليون ريال و «الجمهورية» في تعز بـ 700 ريال و «الثورة» بصنعاء بـ 1000 مليون ريال سنويا، وهذا مؤشر على تضييق الخناق على الصحافة غير الرسمية حتى تغلق لذاتها بدون أن تغلقها الدولة بطريقة مباشرة. وقد رفعنا قضية على هيئة الاستثمار وعلى الجمارك أمام القضاء وقد جاء الحكم لصالحنا وما زلنا نبحث عن فلوسنا التي نهبوها منا.

فيما يتعلق بامكانية تغطية الندوات في مختلف المنتديات بالطبع نحن نتمنى ذلك، لكن انشغال طاقمنا الصحفي بامكانياتنا المحدودة في تغطية شكاوى وقضايا المواطنين تأخذ جل وقتنا وجهدنا فصميم عملنا هو رفع الظلم عن هؤلاء الناس، لذلك نتمنى من المنتديات أن تتواصل معنا بفعالياتها وصفحاتنا مفردة أمام نتاجاتهم ولكم منا جزيل الشكر».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى