أول حوار لأمين عام الحزب الاشتراكي اليمني بعد انتخابه لـ «الخليج»

> «الأيام» عن «الخليج» :

> النيات في الحياة السياسية لا تصنع شيئا ويبدو أن موضوع الحوار يحسب بحسابات أخرى واليمن لا يحتاج إلى حكومة وحدة وطنية من دون برنامج للإصلاح...نشرت صحيفة «الخليج» الاماراتية في عددها الصادر أمس حوارا مع الأخ د. ياسين سعيد نعمان، الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني أجراه الزميل صادق ناشر وفي مايلي نص الحوار :

ماذا عن تقييمكم للنتائج التي خرج بها المؤتمر العام الخامس للحزب الاشتراكي اليمني الشهر الماضي؟

- أولاً يسرني الحديث لصحيفة "الخليج"، الصحيفة المعبرة عن التوجهات القومية، وعلى الرغم من أنني لا أكثر من الحديث، بخاصة في هذه المرحلة، لكنني الى صحيفة "الخليج" سأتحدث.

أما ما يتعلق بالسؤال فقد حقق الحزب الاشتراكي في هذا المؤتمر الحد الأدنى من الطموح، خاصة أن المهمات التي كانت ماثلة أمامه كبيرة، وكان على المؤتمر أن يعيد مراجعة برنامجه السياسي ونظامه الداخلي الذي يتوقف عليه اعادة بنائه الحزبي الداخلي، وفي نفس الوقت مراجعة الوثائق التي سيستند اليها في نشاطه السياسي خلال المرحلة المقبلة. وإجمالاً فقد شكل المؤتمر العام الخامس للحزب الاشتراكي احدى المراحل المهمة لانتقال الحزب من البناء التنظيمي والفكري التقليدي، الذي كان ينحو الى التركيز على الجانب الأيديولوجي الى البناء الذي يسمح له بأن يتحول الى حزب سياسي مع بقاء الفكرة كمنطلق لتوجهاته السياسية. بمعنى أن البناء الحالي للحزب في ضوء نظامه الداخلي وبرنامجه السياسي وقرارات وتوصيات المؤتمر تقوم على أساس تمكين الحزب من التفاعل السياسي في واقع الحياة بما تعكسه المرحلة الراهنة من تعقيدات ومتطلبات تنطلق من حقائق الواقع الراهن الذي يقدمه الهامش الديمقراطي للحياة السياسية، أي الاعتماد على الدائرة الانتخابية أكثر من الاعتماد على البناء القديم للنظام الحزبي.

إدارة التنوع داخل الحزب
هل تمكنتم من تجاوز الصعوبات التي كانت تواجه الحزب قبل عقد مؤتمره، وهل أنتم متفائلون في تحسين أوضاعه في المستقبل؟

- اذا قصدت بالصعوبات الاختلاف فيما يتعلق بتحليل بعض الرؤى السياسية فإن البرنامج السياسي حسم الكثير من قضايا الخلاف بشأن بعض هذه الرؤى، التي كانت مثار نقاشات خلال السنوات الماضية.

القضية في تقديري الشخصي هي كيف سيتم التعامل مع هذه الرؤى، وكيف ستجري ترجمتها في الواقع العملي داخل الحزب؟ نحن لا ننطلق من فكرة أن كل شيء قد حسم من منظور أن هناك رأياً واحداً متفق عليه، الرأي الوحيد المتفق عليه هو أن هذا الحزب يجب أن يعمل بشكل يمكنه ليصبح حزباً سياسياً ديمقراطياً يتفاعل مع الحياة السياسية وفي اطار دستور الجمهورية اليمنية.

أما فيما يتعلق ببعض الرؤى المخالفة، ففي رأيي أن التنوع والاختلاف سيظل قائماً، فالتنوع ضروري لأي حزب حيوي، لكن السؤال هو كيفية ادارة هذا التنوع، هذه القضية التي سنعمل في المرحلة المقبلة أن تكون همنا الرئيسي، وفي نفس الوقت لا نعيد انتاج الأزمات السابقة داخل الحزب.

تتحدثون عن رؤى سياسية، بينما يتحدث البعض عن أجنحة وعن منابر داخل الحزب؟

- لا توجد أجنحة ومنابر بهذا الشكل الحاد داخل الحزب الاشتراكي، هناك البعض ممن أطلق على نفسه تياراً يسمى "تيار اصلاح مسار الوحدة"، والسؤال هنا هو هل نشوء مثل هذه التيارات يعيق نشاط الحزب باتجاه خطه الاستراتيجي أم لا؟ اذا كانت هذه التيارات، أو كما قلت في السؤال أجنحة، ستعيق نشاط الحزب باتجاه تنفيذ خطه الاستراتيجي فهي خطيرة، ولكن اذا كانت ستطرح مجرد أفكار في اطار الحزب وتأخذ في اطار الحياة الديمقراطية ولا تؤثر في الخط الاستراتيجي للحزب فبالإمكان أن تفهم باعتبارها شكلاً من أشكال التنوع داخل الحزب، المهم كيف تدار القضية.

هناك من ربط رضا السلطة عن الحزب بصعود شخصية معتدلة هي الدكتور ياسين سعيد نعمان على رأس هرم الحزب، فكيف تعلقون على الأمر؟

- الشخصية المفردة لا تعني شيئاً، هذا قد يكون نوعاً من التعبير المخيف لي شخصياً، والذي ربما يطلب مني أكثر مما يمكن أن يتحقق فيما لو ظلت الأوضاع بهذا الشكل. المهم هو كيف يتم التعامل مع حزب مثل الحزب الاشتراكي اليمني على نحو جديد ومختلف، هذه واحدة من علامات ازالة آثار الحرب التي نطالب بها، أما المراهنة على شخص مهما كان مع بقاء الأوضاع كماهي فهي لا تعني سوى اثارة الخوف عند الشخص المعني.

شخصياً أشعر أن الحزب الاشتراكي اليمني واحدة من ضمانات الحياة السياسية ومن ضمانات الوحدة اليمنية وترسيخها، ومن الصعب القفز عليه وإيصاله لأن يصبح مهمشاً، فتهميشه صعب وخطير، لأنه ميزان في الحياة السياسية اليمنية، ويمكن ادراك هذا الميزان من خلال الخارطة السياسية القائمة، هذه الخارطة في تقديري الشخصي في حالة تهميش الحزب الاشتراكي تقدم بدائل تضر بالقضية الوطنية بشكل عام.

لذلك نحن ندعو وسنستمر ندعو الى أهمية بل وضرورة أن يتم التعامل مع الحزب الاشتراكي ليس فقط كمجرد عنوان ولكن كمؤسسة سياسية لها وزنها في الحياة السياسية ومستقبل الوطن بشكل عام.

اللقاء بالرئيس
التقيتم الرئيس علي عبدالله صالح بعد أعمال المؤتمر، ماذا دار في اللقاء، وهل تحدثتم في قضايا معينة؟

- اللقاء مع الرئيس هو دائماً لقاء طيب، تحدثنا بشكل عام حول أشياء كثيرة، وحسب ما سمح به وقت الرئيس، تحدثنا بدرجة رئيسية حول مقار الحزب وممتلكاته، وقد أعطى توجيهات في بعضها، لكننا لا نزال نتابعها حتى الآن، واللقاء الأخير مع قيادة الحزب كان ايجابياً ونأمل أن يكون مثمراً.

هل استلمتم شيئاً؟

- الموضوع الأساسي هو المقر الرئيسي للحزب في العاصمة ونحن على وشك استلامه، لدينا الآن اتصالات مع وزارة النقل التي تقيم فيه منذ ما بعد الحرب، لكننا لا نزال في طور المتابعة.

بالنسبة لممتلكات الحزب فنحن نواجه وضعاً صعباً اذ لا يوجد لدينا أي شيء، ولن يصدق أحد اذا قلنا اننا لا نستطيع أن نطبع صحيفة "الثوري" في وضعنا الحالي.

أموال الحزب
كنتم حزباً كبيراً يحكم دولة ولديه أموال طائلة، أين ذهبت هذه الأموال؟

- هذه الأموال تحتاج الى بحث حقيقي، الجزء الأكبر من هذه الأموال تقريباً مع الدولة وهي محجوزة، سواء كانت بصورة مقار أو بصورة أموال أو بصورة مساهمات كان الحزب قد بدأ بها من خلال شركات أثناء فترة دولة الوحدة.

ويقال ان هناك بعض الأشياء مع الأفراد وهذه مسألة نبحث فيها، لكن القضية الرئيسية هي أن معظم الوثائق التي تشير الى ممتلكات الحزب بيد الدولة، وهناك استجابة للافراج عنها، والأخ الرئيس وعد في هذا الموضوع أثناء الحديث معه، واذا توفرت الظروف المناسبة باستعادة هذه الممتلكات فأعتقد أن الحزب يستطيع أن يخطو خطوات طيبة الى الأمام.

آثار الحرب
هل تتفقون مع ما يطرحه الداعون الى اصلاح مسار الوحدة أم تختلفون مع تيارهم بشكل كامل؟

- "اصلاح مسار الوحدة" أصبحت مفردة سياسية أو منتجاً سياسياً واستخدامها صار لا يثير أية مشكلة، لكن عندما يرتبط بمثل هذا المصطلح تيار معين، على هذا التيار أن يقول ماذا تعني مفردة اصلاح مسار الوحدة؟

لا بد أن يكون هناك توصيف سياسي محدد لمثل هذا المصطلح حتى يصبح الجدال به في الوسط السياسي ذا معنى ولا يحتمل التأويل المضر بالحياة السياسية شأنه شأن كل المصطلحات السياسية التي ينتجها الواقع السياسي المتحرك.

تشرد الرفاق
هل هناك اتصالات من قبل قيادة الحزب مع الموجودين في الخارج للعودة الى البلاد، بخاصة بعد صدور عفو رئاسي عنهم؟

- نحن نتواصل معهم كأشخاص وأفراد، ولكن بالصيغة التي تتحدث عنها لسنا نحن المعنيين بها.

هل هناك اتصالات بهم من قبل السلطة؟

- الذي أعرف أن هناك اتصالات، وأنشط هذه الاتصالات تلك التي يجريها الأخ الرئيس مع البعض، لكن ما مضمون هذه الاتصالات، وما محتواها أمر لا نعرفه.

ألا يبلغ الحزب بفحوى هذه الاتصالات؟

- لا، لا يبلغ، على الأقل في الفترة التي أنا موجود فيها كأمين عام للحزب، لا أعرف ان كان في السابق يبلغون قيادة الحزب أم لا، لكن في هذه الفترة الوجيزة لا تبليغات.

الخطاب الاعلامي
هل هناك ضغوط من قبل السلطة على خطاب الحزب، بخاصة بعد انتهاء أعمال المؤتمر العام للحزب؟

- السلطة مرتاحة من الخطاب الصاخب ؛ فلماذا تضغط علينا، لا توجد أية ضغوط، السلطة يوم تكون هناك مشكلة مع "الثوري" تذهب بها الى المحكمة، ولدينا اليوم 13 قضية في المحكمة، فعن أية ضغوط تتكلمون؟ هذه سياستنا، رأينا أنه اذا كان يجب على "الثوري" أن تذهب الى المحاكم فليكن بسبب موقفها الرصين من قضية نقدية، تنتقد الفساد، تنتقد ما يعيق التطور داخل البلاد، لكن لا نريد أن تذهب الصحيفة الى المحاكم من أجل قضية مساجلات لا معنى لها.

الحوار السياسي
هناك حراك سياسي في الساحة منذ مدة أساسه الحوار الذي دعا اليه حزب المؤتمر الشعبي مع أحزاب المعارضة، هل تسلمتم دعوة من المؤتمر لحوار معه؟

- لا، بعد مؤتمر الحزب لا توجد أية دعوة، هناك ترحيب فقط.

لكن المؤتمر جدد دعوته للحوار عن طريق أمينه العام الدكتور عبدالكريم الارياني، فإلى أين تسير الساحة السياسية في البلاد؟

- دعنا نتحدث عن النيات في الحياة السياسية، النيات في الحياة السياسية لا تصنع شيئاً، وأعتقد أن النيات اليمنية كلها طيبة، لكن يبرز الواقع الموضوعي ومعه الحسابات القصيرة الذي يحرك هذه النيات باتجاهات أخرى.

نحن منذ انتهاء عقد المؤتمر العام الخامس للحزب لم نتسلم دعوة للحوار، كما يبدو أنه بسبب تطبيق الجرعة علق الحوار من قبل المعارضة، بعدها لم يتجدد الحوار حتى الآن، ونحن نرى في الحوار ضرورة موضوعية، نريد من الجميع أن يجلسوا الى طاولة الحوار، لكن يبدو أن هذا الموضوع يحسب بحسابات أخرى.

والدكتور عبدالكريم الارياني من دعاة الحوار ومتحمس له، ونحن واثقون أنه سيوجه دفة المؤتمر نحو هذا الخيار.

هل المشكلة في من يبدأ بالدعوة للحوار؟

- الدعوة على طريقة من يعلق الجرس، لا، ليست المشكلة هنا، المشكلة هي ان الجلوس الى الطاولة يحتاج الى طاولة تتسع للجميع، ناهيك عن مبادرة تنظم موضوعات الحوار.

هل بادرتم إلى هذا؟

- أعتقد أن أحزاب اللقاء المشترك على وشك تحديد هذه المبادرة.

العلاقة بين الاشتراكي اليمني والمؤتمر علاقة خاصة، فلماذا لا يكون الحوار ثنائياً بدلاً من أن يكون جماعياً؟

- نحن دعونا للحوار بصيغ مختلفة والمؤتمر دخل في تجربة مع الحزب الاشتراكي وبعد ذلك مع الاصلاح، وهو صاحب تجارب كثيرة، وهو أقدر من غيره اذا ما أراد أن يجعل قضية الحوار قضية جادة.

نحن بحاجة في الوقت الحاضر الى ضوابط للحوار، أحد الضوابط الرئيسية هو أن لا نتحاور من أجل الحوار، فأمامنا وطن، الجميع مشترك في أحزانه وفي سعادته، مسؤولون عنه كسلطة ومعارضة، في الوقت الحاضر وجدت صيغة انتجها الواقع السياسي، وعلى الجميع الحرص عليها وهي صيغة اللقاء المشترك، وأعتقد أن المؤتمر يجب أن يهتم بهذه الصيغة التي تمت لأنها لملمت الحياة السياسية، وحولتها من حياة للتناحر السياسي الى حياة مستقيمة تبحث بالفعل عن معالجة حقيقية لأوضاع البلاد.

عندما تتوافق هذه الأحزاب على صيغة معينة للحفاظ على الديمقراطية وتطلب من المؤتمر أن يتجاوب مع هذا الحوار فهو شيء جميل.

استخلصت الحياة السياسية هذه الصيغة كجزء من المعالجة، هذا الوضع مفيد جداً ولا يعني سوى أن هناك تسهيلاً للحوار الذي يفترض أن يتم بين السلطة والمعارضة.

الحوار المطلوب هل هو مع المؤتمر أم مع الرئيس صالح؟

- الرئيس هو رئيس الدولة، وإذا تعامل مع كل الأحزاب باعتباره رئيس الدولة فهذا يسعدنا جداً، وهو كرئيس دولة من حقه أن يدعو الأحزاب المختلفة للحوار، كما من حق الأحزاب أن تطلب التحاور معه حول قضايا يستطيع هو حسمها بدلاً من المرور من بوابات عديدة، هذا شكل من أشكال الحوار.

الموضوع الثاني، المؤتمر الشعبي كقوة سياسية فاعلة الحوار معه ضرورة، لهذا لا نشترط نحن مع من نتحاور، لكنني أكرر من جديد أن الرئيس هو رئيس الدولة وبيده قرارات الحسم.

الائتلاف الحكومي
علم من بعض المصادر أن الرئيس صالح عرض على حزب الاصلاح الدخول في ائتلاف حكومي ثنائي أو ثلاثي، ما معلوماتكم عن الموضوع؟

- لا أدري ماذا يعني ائتلاف على مشارف نهاية مرحلة؟ الشارع مليء بالكلام وبالتحليلات حول هذا الموضوع، دائماً عندما تبرز أزمات يتجه تحليل الشارع والمراقبين السياسيين في الغالب نحو تغيير الحكومة.

نحن في الحزب الاشتراكي لم نبلغ رسمياً بهذا الموضوع من قبل السلطة، ولذلك يصعب الحديث حول الموضوع.

فيما لو تبلغتم، ما سيكون موقفكم؟

- سنتشاور مع أنفسنا أولاً ثم مع زملائنا في اللقاء المشترك

هل أبلغكم طرف ما في التكتل بدعوة الرئيس للمشاركة في الائتلاف؟

- بشكل رسمي لا، الحديث حول هذا الموضوع لا يزال حتى الآن حديثاً عابراً، فحتى الآن لا شيء رسمياً، لكن يبدو أن هناك شيئاً يدور بهذا القدر أو ذاك، لكن ما هو وما أبعاده، وما خلفياته وما مداه، الأيام كفيلة بكشفها.

هل برأيكم البلاد بحاجة في الظروف الراهنة الى حكومة وحدة وطنية لإحداث نوع من الاستقرار قبل الانتخابات المحلية والرئاسية العام المقبل؟

- البلد لا يحتاج الى حكومة وحدة وطنية من دون برنامج للاصلاح، انه بحاجة الى اصلاحات سياسية شاملة تنسجم مع الحديث الذي تفضل به الأخ الرئيس عندما تحدث عن التداول السلمي للسلطة، دعنا نضع هذه المسألة نصب أعيننا، هل الوضع القائم اليوم يسمح بتداول سلمي للسلطة أم لا؟ هذه المسألة تحتاج من فرقاء الحياة السياسية الجلوس لبحث هذا الموضوع قبل الحديث عن حكومة وحدة وطنية من دون برنامج للاصلاح الحقيقي.

هناك ما هو أكثر تعقيداً من مجرد الحديث عن حكومة وحدة وطنية، ليبحث الناس في قضية الى أين تتجه الديمقراطية، هل تتجه فعلاً لتداول سلمي للسلطة أم الى مأزق، من سيرد على ذلك؟ الجميع مسؤول في البحث عن هذا الموضوع.

الترشح للرئاسة
هل فاجأكم الرئيس علي عبدالله صالح بدعوته لعدم ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية المقبلة؟

- أنا شخصيا أشعر أن الرئيس يريد أن يحرك الحياة السياسية بأية صيغة من الصيغ وهو أكثر معاناة، يشعر أن الحياة السياسية والحياة بشكل عام تكاد تكون وصلت الى مرحلة من الجمود لأسباب مختلفة، وهو كمن ألقى حجراً في بحيرة لكن من سيتلقف هذا الحجر؟

الرئيس كما أعرفه شخصيا ليس من النوع الذي سيقول أنا ومن بعدي الطوفان، المعالجة الحقيقية لأوضاع البلد تكمن في أن يفكر الجميع فيما بعد، حتى اذا لم يقل الرئيس هذا الكلام الآن، وأخذ دورته المقبلة في الانتخابات فسيقف الناس أمام هذه المسألة بعد خمس أو ست سنوات، هذه مسؤولية الجميع، ليفكروا هل استطعنا فعلا أن نوجد الدولة الوطنية المهيأة لانتقال سلمي للسلطة التي بالفعل لا تتيح أية فرصة لصراعات مقبلة سواء في بنيتها الداخلية هي أو مع خارجها.

نحن نريد ضمان استقرار لهذا الوطن، هذا الوطن يكفيه ما سالت فيه من دماء وصراعات وما شهده من توترات، وأنا اعتقد أنه سيسجل لهذه النخبة الحاكمة حاليا الشكر اذا هي استطاعت أن توصل مشروعها الديمقراطي (كما تقول) الى أن يجنب البلد أية صراعات مقبلة لأجل السلطة.

الأهم من هذا كله هو أن يبحث الناس في جوانب الخلل في بناء الدولة، وهل الدولة مهيأة لصراع مقبل من اجل السلطة أم لا؟ على الناس أن يفكروا في هذا الموضوع من الآن.

هل هناك اجماع داخل أحزاب اللقاء المشترك على ترشيح شخصية تواجه مرشح الحزب الحاكم، وهل تعتقد أن الرئيس علي عبدالله صالح سيتخلى ببساطة عن السلطة؟

- الموضوع ليس مطروحاً أمامنا في الحزب الاشتراكي حتى الآن، موضوعنا هو ترتيب وضعنا مابعد المؤتمر العام الخامس، طبعاً قضية الاستحقاق الوطني مهمة بالنسبة لنا، واذا بحثناها فسنبحثها في اللقاء المشترك، نبحث ماهو مستقبل الاستحقاق الوطني بشكل عام، لذلك من المبكر الحديث حول هذا الموضوع. الذي يقلقنا كثيراً ليس من يترشح أو لا يترشح وإنما هو خلق الدولة القابلة للتداول السلمي للسلطة، وبعد ذلك يحكم من يحكم، ويأتي من يأتي، هذه القضية الرئيسية التي يفترض أن يركز عليها الجميع في الوقت الراهن.

اذا ماحسم المؤتمر الشعبي العام قراره في نوفمبر بترشيحه للرئيس وتمسكه به، فهل يعني أن المعارضة ستبدأ من شهر نوفمبر بالبحث عمن سيواجه الرئيس؟

- اذا قصدت بالمعارضة أحزاب اللقاء المشترك ؛ فهي لم تحسم أمرها في هذا الموضوع حتى الآن.


العلاقة مع السلطة
في رده على سؤال حول الفارق في تعامل السلطة معه بعد انتخابه أميناً عاماً للحزب الاشتراكي قال د. ياسين نعمان:

السلطة عبرت عن رضاها بنجاح المؤتمر وقرأنا ذلك في صحف المؤتمر الشعبي وفي الصحف الرسمية، نحن دعونا الى حوار وطني شامل حول قضايا رئيسية كثيرة لا تعني فقط الحزب الاشتراكي، بل تعني الجميع.

لدينا مشاكل مع السلطة تتعلق بممتلكات الحزب من مقار وأموال، لدينا مشاكل متعلقة بالنظر الى الحزب كيف يتم التعامل معه، هل يراد أن يتعامل معه كخصم أو مجرد عنوان أو باعتباره جزءاً من الحياة السياسية.

نحن نريد أن ننتقل من التعامل مع هذا الحزب من مجرد عنوان ليصبح جزءاً من الحياة السياسية، هذه القضية الأولى، القضية الثانية وهي الأساسية التي دعونا للحوار من أجلها هي قضية هذا الوطن، الذي هو ملك للجميع، لم يسألنا أحد كيف نفكر في الحزب، وهل يريدون أن يتحاوروا معنا فقط عبر المنابذات ويقيمون الخطاب الاعلامي والسياسي للحزب من خلال اختيار ما يريدونه، ويقولون ان هذا هو الحزب الاشتراكي؟

الوضع الذي نحن عليه اليوم ناتج عن غياب الحوار الجاد، وهو ما أدى الى وصولنا الى الحالة الراهنة سواء كان الخطاب الاعلامي المأزوم أو الخطاب الانتقائي الذي دائماً ما يحمل الآخر المسؤولية كاملة.

وفي لقائنا الأخير مع قيادة المؤتمر وبرئاسة الأخ الرئيس قبل يومين تناولنا هذه القضايا بوضوح ووجدنا استجابة طيبة للوقوف أمام هذه القضايا ومعالجتها في ضوء الحديث الشامل الذي عقب به الأخ الرئيس على حديثنا بشأنها.


الاصلاحات السياسية المطلوبة
حول الاصلاحات السياسية المطلوبة التي يرى الاشتراكي ضرورة انجازها يقول د. ياسين نعمان:

لا بد أولاً من تشخيص الواقع الراهن، هذا الواقع يقول ان هناك اختلالات من نوع ما أدت الى جملة من الأزمات التي من شأنها أن تؤدي مستقبلاً الى تراكمات قد تعيق الحياة الديمقراطية بشكل كامل.

المسألة الثانية هناك جملة من القضايا الضرورية من المهم التعامل معها على أساس بناء الدولة الوطنية، بمعنى أن الوطن أصبح بعد الوحدة كبيراً، وهناك حاجة وضرورة للتعامل مع بناء الدولة من منطلق اجتماعي أوسع مما تفرضه جملة المصالح التي تشكلت بحماية نتائج الحروب والصراعات.

المنطلقات الاجتماعية الضيقة هي التي تهشم فكرة بناء الدولة الوطنية، بمعنى أن هناك استحقاقات ضرورية حقيقية لا يكفي أن نقول ان لدينا مثلاً انتخابات برلمانية وعندنا كذا وكذا ولا نلتفت الى معالجة الوضع القائم. كل هذا في تقديري الشخصي ناشئ بدرجة رئيسية عن تزاحم غير مبرر بتقديم مفاهيم ربما أضرت بمفهوم الوحدة الوطنية، تزاحمت في مرحلة معينة بسبب حرب 94 وبسبب ما لحقها من اشكاليات وبسبب معالجات برزت هنا وهناك لبعض القضايا مثل أحداث صعدة، أشياء كثيرة لا بد من أن يعاد ترتيبها بحيث ينظر الى بناء الدولة الوطنية باعتبارها هم الجميع وهو ما يجب أن توليه النخبة الحاكمة أو الحزب الحاكم في الوقت الراهن أهمية كبيرة.هناك قضية أخرى مرتبطة بالمعالجات على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي وعلى هذا الصعيد هناك مشكلة حقيقية تتعلق بمخرجات الثروة الوطنية وكيف يجري ادارتها؟ عندنا مشكلة حقيقية في المنهج الاستثماري داخل البلد، الذي يقوم كما يبدو على أساس أو من منطلق أن كل فرع يدار كجزيرة مستقلة عن التأثير التراكمي الذي يولده تكامل الفروع.المنهج الوطني للاستثمار المرتبط بدرجة رئيسية بمخرجات الثروة الوطنية غائب، وهذه قضية ما لم ينظر اليها وتعالج معالجة جذرية فإن الاقتصاد سيسير في طريق مأزوم، سيصل الى درجة نقول فيه اننا استنفدنا فيه النفط وكأن النفط هو الهدف من كل عملنا التنموي خلال المرحلة الماضية، واذا انتهى النفط وقع اليمن في مأزق.

اذا وصلنا الى هذا المفهوم فإننا سنواجه أزمة خطيرة، والسبب في ذلك هو مخرجات الثروة الوطنية والتعامل معها، لابد من التفكير بشكل آخر يقودنا الى النظر الى المسألة من منظور أشمل، وهو ماهو المشروع الاقتصادي المطروح أمام الأجيال المقبلة، هل هذا المشروع هو أن نكبد الأجيال المقبلة مزيداً من المديونية أو من الأخطاء في الاستثمار والذي يؤثر تأثيراً بالغاً في الحياة الاجتماعية، هذا جانب، الجانب الثاني أن الحياة الاجتماعية تتسع فيها الفجوة ما بين الثراء والفقر وهذه المسألة في غاية الخطورة.

ما لم ينظر الى هذه المسألة بشكل جديد ومختلف عن المعالجات القائمة ستحدث مشاكل حقيقية داخل البلد، وتتخلى الدولة عن عبء الوظيفة الاجتماعية، ولكنها في نفس الوقت لاتخلق شروط الاستثمار حتى يتحمل القطاع الخاص مسؤولية حل مشكلة البطالة، الدولة وصلت الى مرحلة لا تستطيع أن توفر فرص عمل، لا بد أن توفر البيئة المناسبة للاستثمار للقضاء على البطالة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى