جراح حرب إيران لم تندمل بعد في قلوب العراقيين

> بغداد «الأيام» رويترز :

> قد لا يستطيع الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين أن يجبر العراقيين على الاحتفال "بالنصر" في الحرب مع إيران ولكن ذكراها لا تزال تؤرق الكثير منهم رغم مرور 25 عاما على بدايتها.

ويقول محمد العسكري وهو أحد الجنود المخضرمين الذين خاضوا المعارك في الصفوف الأولى خلال الحرب الدامية (1980-1988) التي راح ضحيتها نحو مليون شخص "كل ما أتذكره هو الكآبة والموت والدمار."

وتابع "لا نزال نشعر بآثارها حتى اليوم.. كانت هذه هي الحرب التي قتلت وشوهت الكثير من أهالي شعبنا.. وقضت على اقتصادنا الذي كان مزدهرا."

ولم يكن صدام الذي كان يتمتع وقتها بدعم الولايات المتحدة إلى جانب المليارات التي تدفقت من دول الخليج خلال الحرب ليتخيل ذلك التحول الجذري للأحداث الذي انتهى بالإطاحة به وبإقامة علاقات دبلوماسية مقربة مع إيران.

واعتلى معارضوه من الشيعة المتحالفين مع خصومه مقعد السلطة في انتخابات أجريت في يناير كانون الثاني وقاطعها السنة الذين يقودون تمردا الآن.

ووضعت تلك الحرب التي اندلعت بسبب الرغبة في السيطرة على ممر شط العرب العراق الذي كان يرى في الثورة الإسلامية الإيرانية تهديدا في مواجهة مع إيران التي كان قادتها ينظرون إلى صدام باعتباره رجلا "كافرا" يحتل الأراضي التي يقدسها الشيعة في العراق.

وقال العسكري الذي أصيب ثلاث مرات بجروح خطرة خلال القتال "في بداية الحرب كنا مخدوعين بتقارير وسائل الإعلام التي وصفت إيران بأنها الشيطان وقاتلنا بكل عزيمة وإصرار ولكن مع مرور بدأ يتضح لنا أن قتالنا كان بلا هدف."

ووقع العراق الذي يرغب في تحسين علاقاته مع دول إسلامية أخرى وتقويض الدعم للمسلحين معاهدة عسكرية مع إيران في يوليو تموز في الماضي في إطار انفراجة في العلاقات بين البلدين اللذين احتفظا بأسرى الحرب بعد انتهائها بفترة طويلة.

ولكن الدول العربية التي يحكمها السنة التزمت جانب الحذر إزاء دعم الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة وتحظى بدعم الولايات المتحدة.

كما لا تزال الشكوك تساور السنة العراقيين وحتى بعض الشيعة في بلد كان يعتبر إيران رمزا للشر على مدى عقود.

وتقول سهى علاوي وهي استاذة جامعية سنية "تتدخل إيران بشكل سافر في شؤوننا الحالية ويتغاضى البعض في الحكومة عن ذلك. لابد أن يدعوننا وشأننا."

وتأججت مشاعر عدم الثقة بسبب اتهامات بأن منظمة بدر التي تلقت عناصرها تدريبات في العراق وقاتلت ضد صدام خلال حرب إيران تدرب فرق اغتيالات إلى جانب قوات الامن الحكومية.

ولم ينجح نفي هذه المزاعم في التخفيف من حدة التوتر الأمر الذي زاد من المخاوف بأن العراق قد يكون على شفا خوض حرب أهلية.

ويرى إياد السامرائي وهو مسؤول كبير في الحزب الإسلامي العراقي أحد أهم الأحزاب السنية أن "الحرب بين العراق وإيران لم يكن لها أي داع."

وأضاف "لم يستفد منها العراقيون أو الإيرانيون.. لم تتمخض فقط سوى عن الكراهية وعدم الثقة بين البلدين ولا يزال هذا الشعور سائدا اليوم."

ولا تزال خوذات جنود قابعة في القاذورات بالقرب من أكوام القمامة والأسلاك الشائكة على الطريق الصحراوي الذي يصل بين مدينة الموصل الجنوبية والحدود الإيرانية تذكر الناس بتلك الفترة.

وفي بغداد بنى صدام تماثيل ضخمة تمجيدا للقتال مثل تمثال أيادي النصر في وسط بغداد الذي يمثل سيفين متقاطعين صنعا من بنادق الجنود العراقيين القتلى. أما الخوذات الإيرانية التي وقعت في أيدي العراقيين فوضعت في شبكة محمولة بسيوف.

ويقبع هذا الأثر الآن فيما يسمى بالمنطقة الخضراء المحصنة أمنيا حيث يسكن مسؤولو الحكومة العراقية وتوجد مقار السفارات الأجنبية.

ومن المقرر أن يحاكم صدام بشأن فظائع ارتكبت ضد مدنيين عراقيين.

ويقول العسكري "أنظروا إلى قوة إيران الآن.. صاروا أكثر حكمة وتعلموا من أخطائهم,أما العراق فكان على النقيض تماما.. لم يتعلم.. والآن انظروا إلى ما جعلتنا الحروب التي لا تنتهي نصل إليه."

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى