يرفض الحديث ويفضل العمل..«الأيام» تحاور أحد أعلام حضرموت وأول طبيب وجراح حضرمي ما يزال يزاول مهنة الطب الدكتور عمر سعيد بارحيم

> «الأيام» صلاح العماري:

>
د. عمر عبدالرحيم يتحدث للزميل صلاح العماري
د. عمر عبدالرحيم يتحدث للزميل صلاح العماري
هذا حوار من نوع آخر .. مع علم من أعلام حضرموت .. أول طبيب وجراح حضرمي أصبح اسمه أشهر من نار على علم. بدأ مشواره العملي في مهنة الطب عام 1962م أيام السلطنة القعيطية وما يزال حتى اليوم يشرف على المرضى في عيادته الخاصة، أطال الله في عمره .. خلال مشواره الطويل لم يلتفت للمناصب وفضل خدمة المواطنين في الجراحة العامة، أجرى خلالها عمليات لا تحصى وأنقذ أرواح مواطنين بإذن الله، نحن اليوم أمام أحد ملائكة الرحمة وعلم بارز من أعلام حضرموت .. إنه الوالد د. عمر سعيد بارحيم .. طلبنا منه في البداية الحديث عن مشواره وسيرة حياته، فإليكم ما قاله.

- من مواليد المكلا عام 1935م، تلقيت تعليمي الأول في المدرسة الوسطى بغيل باوزير، وأصبحت الطالب المثالي آنذاك في المدرسة، ثم ذهبت في منحة دراسية إلى جمهورية مصر العربية للدراسة في النظام الثانوي والجامعي في جامعة عين شمس بالقاهرة وذلك في الاربعينيات والخمسينيات، ونلت شهادة البكلاريوس من جامعة عين شمس عام 1961م، بعد ذلك عدت إلى حضرموت طبيباً مؤهلاً لأعمل في الوطن لخدمته في عهد السلطنة القعيطية وعملت لمدة أربع سنوات ثم أرسلت إلى بريطانيا في منحة دراسية للتخصص في الجراحة العامة عام 1967م ومكثت في بريطانيا عدة سنوات، ودرست تخصص الجراحة العامة وعدت في 1973م جراحاً مؤهلاً وكنت الطبيب والجراح الأول في محافظة حضرموت.

والحقيقة كان العمل مكثفا في مستشفى المكلا الذي أصبح اسمه الآن مستشفى المكلا للأمومة والطفولة، وكنت الجراح الوحيد وعملت في جميع التخصصات وأجريت عمليات الجراحة العامة والنساء والولادة والأنف والأذن والحنجرة وجراحة العظام والمسالك البولية .. كل تلك التخصصات كنت أقوم بها بنفسي وكنت أعطي بعض المحاضرات في الجراحة العامة للأطباء الذين تدرب بعضهم عندي في الجراحة العامة، وهم يعملون الآن في جامعة حضرموت ومستشفى ابن سينا، كما كنت أدرس في المعهد الصحي لأنه لم تكن هناك في ذلك الوقت كلية للطب، ومنذ ذلك الوقت شغلت منصب رئيس قسم الجراحة العامة بمستشفى المكلا وبعد ذلك في ابن سينا التعليمي وكنت من المؤسسين الأوائل لـ (اللجنة الطبية للعلاج في الخارج).

وكنت من ضمن الوفد الذي يكلف باستجلاب الأطباء الاختصاصيين من الهند للعمل في مستشفى المكلا (باشراحيل).

عندي عدة شهادات تقديرية وميدالية ذهبية نلتها من المحافظ محمود عبدالله عراسي آنذاك، وكنت الطبيب الوحيد الذي نال هذه الميدالية وذلك تقديراً لما قدمته من خدمات في مجال الطب.

مستشفى المكلا كان الوحيد آنذاك في المكلا كيف كنتم تؤدون عملكم في ظل ضعف الامكانيات؟

- كان مستشفى المكلا هو المستشفى الوحيد الذي بني في أوائل الاربعينيات بواسطة الإنجليز، وكان به في ذلك الوقت أطباء من الهند يستقدمهم السلطان القعيطي وهم معروفون واحد اسمه (كليكر) والثاني (رلني) ثم تطورت الامور وتم استقدام أطباء من الهند متخصصين في الباطني والتخدير والعظام وذلك بعد الثورة.

وكنا نجري جميع العمليات حتى القيصرية الكبرى، وهي عمليات كبيرة وتكون احيانا الكهرباء ضعيفة جدا وقد تنطفئ اثناء العملية وكنا نواصل العملية احيانا حتى بالاضاءة الخفيفة جدا.. كانت الظروف صعبة جدا وقد تدربت الحقيقة على يد جراحين انجليز بعد عودتي من القاهرة عام 1961م ابرزهم الجراح الانجليزي جراهام، وكان جراحا ممتازا يجري عمليات كبرى في استئصال المعدة وسرطان المعدة وسرطان المثانة والكلى، كما تدربت على يد الجراح الانجليزي باركر الذي اوصى المستشار في حضرموت بأن أذهب في منحة خارجية لكي أفيد البلد وسافرت في منحة على حساب المجلس البريطاني الى بريطانيا.

الم يحصل أنك كنت تجري عملية مثلا ثم جاءت حالة أخرى تحتاج عملية في ظل قلة الكادر؟

- نعم، كان يحصل ذلك، لكن بعد عودتي من بريطانيا عام 1973م وصل اطباء آخرون منهم أخي الدكتور عبدالحميد سعيد بارحيم، وكنا في الطوارئ ليل نهار ليس هناك أعياد ولا راحة في رمضان، كنا دائما في عمل طول النهار كنا مطلوبين في المستشفى، لكن في الوقت الحاضر الطبيب يأخذ طوارئ في الاسبوع مرة واحدة، لكن كثرة الطوارئ تصقل الطبيب وتفيده ويأخذ منها خبرة.

هل تذكر - دكتور- حادثة معينة مرت عليك أنقذت فيها حياة أو تعرضت لموقف صعب؟

- في إحدى المرات جاءت امرأة في حالة حمل وفي حالة حرجة جدا على وشك الوفاة في السبعينيات، وأجرينا لها عملية قيصرية بصورة سريعة، والحمد لله الجنين عاش والأم عاشت، وهناك حوادث اطلاق رصاص في البطن والأمعاء كنا نجري لها عملية خطيرة وكنت في ذلك الوقت أقوم بتخدير المريض وإجراء العملية نتيجة لقلة المتخصصين في ذلك الوقت.

كنت في حالات حصوات المثانة اقوم بتخدير المريض نصفيا وأجري له العملية واستخرج الحصوات، والحصوات بشكلها الكبير لن تجدها اليوم بهذا الحجم لأن الطب تطور والمواطنون وعوا وعرفوا أمراض الكلى فأصبحوا يأتون في وقت مبكر للمستشفيات .. ويوجد الآن جهاز تفتيت حصوات الكلى في مستشفى ابن سينا الذي تبرع به أبناء الوطن المغتربون في المملكة العربية السعودية بعد ذهابي أنا والدكتور محمد عبدالله بن ثعلب الى الرياض لهذا الغرض.

وكنا في ذلك الوقت نذهب ايام الدكتور عبدالحميد الى مدينة غيل باوزير التي كانت فيها وحدة صحية متواضعة جدا، وليس هناك اسفلت، وكنا عاملين برنامجا للذهاب الى الغيل ونعمل عيادات خارجية ونكشف على المرضى، كما ذهب د. عبدالحميد الى دوعن وعمل في اوائل السبعينيات في وادي حضرموت.

متى أحلت للتقاعد؟

- بدأت عملي في 1962م وتقاعدت في 1995م وما زلت حتى اليوم أعمل في عيادتي الخاصة بمنزلي في حي السلام بالمكلا.

هل تتابع جديد الطب الآن؟

- نعم أنا يوميا اقرأ حوالي ساعة أو ساعتين في آخر ما توصل اليه العلم في مجال الطب سواء عبر الكتب أو الانترنت الذي أتصفحه يوميا للتعرف على جديد الطب.

وأعمل الآن مستشارا ايضا لبعض شركات التأمين كالمعاشات لتقييم حالات المعاشات بالرغم من أن معاشي شخصيا ضعيف جدا كما أعمل مستشارا للشركة اليمنية للتأمين وإعادة التأمين.

كيف ترى الوضع الصحي اليوم؟

- والله إذا قارنته بزمان هناك تحسن كبير وإمكانيات افضل بكثير.

خلال مشوارك الطويل هل تبوأت مواقع عليا مثلا؟

- خدمتي كلها في الطب، أما الادارة فكنت بعيدا عنها لآنها كانت ستشغلني عن عملي الاساسي، فكنت رئيسا لقسم الجراحة العامة وظللت كذلك حتى تقاعدي، عرضت علي بعض المناصب الادارية كمدير للمستشفى وغيره ولكني وجدت أن ذلك صعب وفضلت أن أبقى في عملي جراحا.

تعمل الآن مستشارا ايضا في جمعية المساندة للتربية والصحة بحضرموت؟

- نعم .. نبدي آراءنا في الشؤون الطبية في هذه الجمعية التي تخدم الطب والتربية، وقد انشأنا عددا من الوحدات الصحية في الارياف وتم بناء بعض المدارس ومنح تبرعات للمدارس وهي جمعية خيرية تخدم المواطنين في الصحة والتربية.

دكتور عمر، ما هي الكلمة التي توجهها لأطباء اليوم؟

- الطبيب لكي يكون ناجحا لا بد عليه ان يعمل بكثرة في المستشفى، لا يعتمد على الطوارئ في الاسبوع مرة واحدة، يجب أن يكون ملازما للمريض في كل الفترات، فالاطلاع والطوارئ والنوبات مهمة للطبيب ويجب أن يستمع للمريض ولا يتضجر من كلامه ويكون صبورا، وعل الطبيب ان يقرأ دائما تطبيقا لمبدأ التعليم المستمر ولا يقول أبدا إني وصلت الى نهاية الطريق لأن الطب في تجدد دائم.

أشكرك كثيرا دكتور.. أي اضافة تحب قولها في ختام هذا الحوار؟

- ادعو الدولة للاهتمام بالنوعية وليس بالكم، يجب أن يعتمد التعليم في بلدنا على النوعية لأن النوعية هي التي ستخدم البلد، أما الكم فسيخلق بطالة.

من وحي اللقاء
- دار هذا الحديث في عيادة الدكتور عمر سعيد بارحيم الخاصة به ظهر الاحد 25/9/2005م.

- مكتبته غنية بالكتب الطبية وعدد كبير من نتائج عملياته، حيث اطلعني على حصوات كبيرة لم أصدق في البداية أنها كانت تستخرج من مثانة المرضى هو يحتفظ بها في عيادته وبجانب كل حصوة اسم المريض وعمره وتاريخ إجراء العملية له وكذلك يحتفظ ببقايا عملياته في الغدة الدرقية والمرارة وغيرها.

- الدكتور عمر أكد أنه يعتزم إهداء تلك الاشياء لمتحف كلية الطب بجامعة حضرموت في حال إنشائه.

- تخرج د. عمر بارحيم عام 1961م كأول طبيب للسلطنة القعيطية ثم جاء عام 1963م الدكتور عبدالله بن جعفر ليعمل لدى السلطنة الكثيرية وبعده جاء الدكتور عبدالحميد سعيد بارحيم عام 1964م للمكلا وهكذا توالت دفعات الأطباء بعد ذلك.

- وأنا أجري الحوار أيقنت أنني امام معلم من معالم حضرموت لا يقل أهمية عن بقية المعالم .. وأرى أن من الواجب تكريم الدكتور عمر سعيد بارحيم أطال الله في عمره تقديرا لجهوده المتواصلة حتى اليوم في مجال الطب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى