هنا كانت حدود دولتين: إعادة مركزي الحدود (القعيطي- الكثيري)

> «الأيام» علوي بن سميط:

>
المركز القعيطي قبل
المركز القعيطي قبل
إعادة مركزي حدود السلطنتين (القعيطية- الكثيرية) بهدف تذكر التاريخ له دلالة ومغزى، إذ يعتبر كل مبنى شاهدا على دولتين كانتا قائمتين لا يفصلهما سوى عدة أمتار حتى ما بعد منتصف القرن العشرين الماضي، وكي يتعرف الجيل الحالي على وضع الأمس ووضع اليوم .. المركزان الحدوديان كانا أيضاً يؤديان وظيفة الجمارك والتفتيش الأمني ما بين القادمين من أراضي السلطنة الكثيرية من سيئون باتجاه الغرب نحو شبام ومنها إلى الأراضي القعيطية الأخرى حينذاك، يقع المركزان بمنطقة الحزم شرق شبام حضرموت وحددت مواقعهما إثر الترسيم النهائي لحدود السلطنتين في النصف الأول من أربعينيات القرن الماضي، ففي عهد جعفر بن منصور الكثيري عينت لجنة لتحديد الحدود بين الكثيري والقعيطي تحت إشراف المستر شبرد، المستشار البريطاني المقيم وتحدد إقامة المركز الكثيري (طرف الحزم الغربي) وهو المبنى القائم حالياً بعد أن تمركز حرس حدود الكثيري بالطرف الشرقي للحزم، ويتوافق الترسيم النهائي مع الاستقرار ما بين السلطنتين، وأقيمت النقطتان الحدوديتان في حكم السلطانين الكثيري جعفر بن منصور والقعيطي صالح بن غالب.

المركز القعيطي اكبر مساحة من الكثيري، والمعروف أيضاً أن السلطنة القعيطية أكبر مساحة من الكثيرية، التي تبدو كجيب تحيط به المناطق التابعة للسلطنة القعيطية حتى 1967م (ضمت أهم مناطق حضرموت المكلا والشحر وحجر وكل المناطق الساحلية ودوعن وشبام وحورة والقطن والمناطق الداخلية والصحارى وما يتبع كل تلك المناطق من الوديان والهضاب).

أما السلطنة الكثيرية فأبرز مناطقها سيئون وتريم وما يتبعهما من مناطق، ويذكر سعيد عوض باوزير في كتابه صفحات من التاريخ الحضرمي (ص 190) عن حدود الدولة الكثيرية «تبتدئ في الشمال الشرقي من شرق تريم مباشرة، وتمتد بخط متعرج شرق جنوبي إلى حصن الضبيعة قريب من منطقة الحموم، ثم يذهب الخط في اتجاه غرب جنوبي إلى حسر زبون شمال ريدة المعارة ويعود الخط في اتجاه غربي شمالي، ثم اتجاه أقرب إلى الاستقامة منحرفاً قليلاً إلى الشمال إلى أن يحاذي وادي الحرية، فيتجه إلى الشمال محاذياً إلى الوادي حتى يصل إلى الحزم شرق شبام ويمر غرب الحزم وغربي المحجر إلى قارة آل عبدالعزيز، فينحرف غربها إلى الشمال». وبهذا التحديد يتأكد أن السلطنة القعيطية تطوق السلطنة الكثيرية من كل الاتجاهات.

المركز الكثيري اليوم
المركز الكثيري اليوم
بعد التمهيد الموجز لجزئية من تاريخ السلطنتين وترسيم الحدود بينهما أو تحديدها فعلياً، نعود إلى الموضوع وهو المركزان الحدوديان بالحزم، إذ أنه وما بعد عام 67م ظلا خاليين ولم تمارس بهما أي أنشطة حكومية حتى اندثرا. وفي الثمانينات من القرن الماضي أعيدا كشاهدين وتم ترميمهما من قبل إدارة الثقافة والمتاحف ، وبقيا مغلقين ولكن بحالة جيدة، ثم تعرضا للتخريب بانتزاع الابواب والنوافذ والسياج المحيط بمها في التسعينات، وظهر المركزان خاويين وأقرب إلى خرابتين، ثم حصل التجديد الحالي لهما والترميم وإعادة بنائهما خلال هذا العام 2005م، إذ تم الانتهاء من البناء في مايو المنصرم ونفذت العمل جهة أجنبية (المشروع الالماني للتنمية الحضرية بشبام) الذي أعد التصاميم والاشراف وبتمويل كامل من الصندوق الاجتماعي للتنمية، وتزيد كلفة الترميم عن 700 ألف ريال، وهي الاعمال المنجزة حتى الآن بما فيها الأبواب، ثم تأتي بعدئذ الاعمال الكهربائية وبالطبع فإن الهيئة العامة للآثار والمتاحف بوادي حضرموت تعتبر من الأطراف المعنية التي أشرفت على ترميم هذين المركزين.

وعلمت «الأيام» أن منحة مالية قدمها الصندوق الاجتماعي للتنمية للمشروع الألماني تستهدف إعادة إعمار وتأهيل بعض من المعالم بمديرية شبام تصل كلفتها إلى نحو ثلاثة ملايين ريال من بينها هذان المركزان، وسوف يشرع الألمان بترميم إحدى القلاع التي تواجه شبام وتنتصب أسفل جبل الخبة المواجه للمدينة مع ثلاث سقايا قديمة للشرب من بينها سقايتان بوادي بن علي.

وعقب الانتهاء من ترميم وتأهيل مثل هذه المعالم والشواهد التي أثرت في حقب زمنية انقضت، فإن وظائفها اليوم سوف تتغير بالطبع، فالحاجة إلى التفكير في استغلالها الاستغلال الأمثل مرحلة أخرى برأيي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى