أيــام الأيــام..وماذا يملك السلاطين أيضا؟!

> احمد عمر بن فريد:

>
احمد عمر بن فريد
احمد عمر بن فريد
قرار الأخ رئيس الجمهورية القاضي بأحقية أسرة آل حميد الدين استعادة ممتلكاتها الشرعية، لم يكن مستغرباً بالنسبة للكثيرين من أبناء هذا الوطن، ولكنه في المقابل كان (مستهجناً) من قبل (القلة القليلة)، الذين رأوا في مثل هذا القرار فرصة مناسبة لتقديم كل صنوف الولاء والطاعة على طريقتهم الخاصة، كما أن هذه القضية فتحت لهم الباب واسعاً للدخول الحر في عملية المزايدة على الثورة والوطنية، ليبرزوا مواهبهم الفذة وما يمكن أن تتفتق به أذهانهم من طروحات ومقترحات غاية في العجب والغرابة.

هؤلاء القلة، بما طرحوا كانوا هدفاً سهلاً لأستاذنا القدير نجيب اليابلي، الذي لم يجد أي صعوبة تذكر في الرد على (قدحهم) ذاك، بشيء من الواقعية والمنهجية، حتى إن القارئ الكريم لرد الأستاذ اليابلي، كان سيرثي لحالهم وحال ما طرحوا من آراء كانت تفتقر لأبسط متطلبات العقل والمنطق. وكنت سأكتفي بما سطره الأستاذ نجيب في مقاله الرائع الذي طرز به الصفحة الأخيرة لجريدة «الأيام» الصادرة يوم الخميس الماضي، إلا أن كاتباً آخر فاق الجميع في المزايدة على هذه القضية، وتفتقت ذهنيته بطرح سؤال عبقري مذهل وسط مقاله الأسبوعي في إحدى الصحف الأهلية، وسوف أطرح سؤاله العجيب هذا كما جاء به حرفياً دون زيادة أو نقصان قبل أن أجيب عليه من ذات البئر المنطقية التي اغترف منها أستاذي اليابلي.

يقول صاحبنا في سؤاله: «ما هو مدى شرعية ملكية آل حميد الدين في «الشمال» والسلاطين في «الجنوب» للمتلكات التي كانت في حيازتهم؟.. ولأن التاريخ الحديث منذ القرن العشرين يخبرنا بأن كثيراً من عمليات السطو والتملك بالقوة أو بالترهيب أو بالتحايل قد تمت من قبل السلطات الحاكمة في «الشمال والجنوب» على أراضي وممتلكات المواطنين (الرعية) وتم توزيعها على أفراد العائلات الحاكمة وبعض المتنفذين والبطانة التي دعمت تلك السلطات!.. ومن هنا يطرح تساؤل آخر هو: ما هي المعايير النزيهة والعادلة التي سيتم الأخذ بها لتحديد أحقية تلك العائلات- التي كانت حاكمة - بامتلاك تلك الأراضي والعقارات؟».

هذا هو السؤال العبقري الذي طرحه أحد الإخوة مؤخراً، وكنت أتمنى عليه، أن يتحفنا بتفاصيل الأراضي والممتلكات التي حصل عليها السلاطين وبطانتهم بالترهيب والسلب والقوة على حد زعمه، ولأنني أعلم إلى حد كبير ما كان يملكه السلاطين في تلك المرحلة التي تحدث عنها أخونا، فقد كان الواجب علي قبل كل شيء، تذكيره أن المصطلحات التي ذكرها مثل (المتنفذين، البطانة، النهب، والسلب بالقوة) ليست سوى مفردات جديدة، ولدتها (أفعال وظروف) مرحلتنا الحالية فقط، وإنها لم يكن لها أي وجود في تلك الحقب الزمنية التي كان للسلاطين فيها سلطات تنفيذية أو تشريعية في جنوب الوطن، على اعتبار أن (القانون والنظام) كانا هما المتنفذون الوحيدون اللذين كان لهما الحق المطلق في الفصل ما بين الحق والباطل، وكانت مناطق جغرافية واسعة وخصبة، كبئر فضل وبئر أحمد، محميات بفعل (قوة القانون) ولم تكن مستباحة كما هي مستباحة في يومنا هذا جراء سيطرة (قانون القوة).

وليعلم صاحبنا كأمثلة بسيطة أسوقها هنا للتدليل على صحة ما أقول أن شخصية سلاطينية (متنفذة)!!.. على حد قوله، كالأمير عبدالله بن محسن بن فريد، رحمه الله، لم تكن تملك في طول محافظة عدن وعرضها سوى عمارة صغيرة مكونة من دورين تقع في منطقة كريتر، قام ببنائها من حر ماله، ولا زالت حتى يومنا هذا مؤممة، ولم يستطع استعادتها، لا هو في حياته ولا أبناؤه من بعد مماته، وليعلم أيضا أن وزير خارجية الحكومة الاتحادية للجنوب العربي سابقاً الشيخ محمد بن فريد بن محسن العولقي، لم يكن أيضاً يملك في عدن أو في أي محافظة أخرى مترا زراعيا واحدا، ولم يكن في حوزته من عقارات سوى عمارة صغيرة في عدن ايضا، ولازالت مؤممة حتى يومنا هذا.

أما بقية السلاطين، فمن ملك منهم عقاراًت أو قطعا زراعية، فلم يكن مصدر الملكية ذاك، لا تنفذاً ولا سلباً ولا نهباً، وإنما كانت ممتلكاتهم الخاصة تعود أحقيتها إلى جذور التاريخ السحيق، باعتبار أنهم قد ورثوها أباً عن جد، ولم يكونوا غرباء عنها ولم تكن هي أيضاً غريبة عنهم، ومن هنا، فإنني أعتقد كما يعتقد معي الكثير من الإخوة، أن السؤال المطروح يعتبر جيداً من حيث المضمون، ولكنه ضل طريقه إلى الجهة أو الجهات التي كان من الأجدى على أخينا توجيهه إليها.

لأن الذين نهبوا وسلبوا آلاف الكيلو مترات في مناطق عدن ولحج وأبين وحضرموت، قد فاقوا بما ملكوه جميع ممتلكات أسرة السلاطين وآل حميد الدين مجتمعين، وهم الذين تنطبق عليهم مصطلحات أو مفردات كتلك التي أوردها من قبيل (النهب والسلب والاستقواء)، وإن أراد مني مثالاً آخر للسطو من قبل متنفذي اليوم على أملاك المواطنين، فما عليه سوى زيارة المواطن (القعيد) في منزله علي عبدالله بارويس ليحكي له، من الذي نهب أرضه الكبيرة على طريق لحج، وما آلت إليه حالياً على الرغم مما لديه من وثائق ملكية معمدة من جميع محاكم الدولة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى