رجال في ذاكرة التاريخ

> «الأيام» نجيب محمد يابلي:

> 1- فضل عبدالرحمن بافضل: عالم نقي وتقي نشر العلم في رباط تريم وجامعة الأحقاف...ارتبط أهل حضرموت بالهجرة منذ زمن سحيق، ونأخذ على سبيل المثال هجرة قبيلة الجعفيين الحضارمة سكان وادي عمد ووادي جردان إلى العراق ونزلوا مرابع كندة (أبناء عمومتهم الذين سبقوهم إلى استيطان العراق) بالكوفة، ومن هؤلاء الجعفيين شاعر العربية الأكبر أبوالطيب المتنبي (راجع: الهجرة اليمنية لمحمد عبدالقادر بامطرف - ص 24).

انتشر الحضارمة في هجرتهم إلى مختلف البقاع في القارتين الآسيوية والإفريقية، ووردت في العام 1935م احصائيات عن المهاجرين الحضارم حيث بلغ تعدادهم في إندونيسيا والملايو 74 ألفا و335 نسمة وفي الهند 13 ألف نسمة وفي شرق إفريقيا (زنجبار وكينيا وتانجانيقا) 12 ألف نسمة وفي الصومال والحبشة 2000 نسمة وفي السودان ومصر 768 نسمة (مرجع سابق- ص 94).

الميلاد والنشأة:
أورد (دبليو. اتش. انجرامس) في كتابه (حضرموت 1934-1935م-ص51) أن سكان المدن في حضرموت ينحدرون من حوالي 80 أسرة كانت قد هاجرت من العراق مع السيد أحمد بن عيسى، وأورد أسماءها في تريم وسيئون وشبام والغرفة ودوعن، ووردت أسماء (4) أسر في سيئون وهي : 1) أسرة باشغيوان 2) أسرة سعيد عبدالله 3) أسرة بافضل 4) أسرة حسان.

الشيخ العلامة فضل عبدالرحمن من مواليد 1928م في إندونيسيا موئل إقامة والديه، وبعد استقرار الأسرة في حضرموت حثت فتاها (فضلاً) على طلب العلم والاجتهاد حيث أخذ علم الفقه عن الشيخ سالم سعيد بكير رئيس مجلس الإفتاء آنذاك، كما أخذ عن الشيخ عمر حداد علم النحو وأبلى فيه بلاء حسنا وتتلمذ على مشايخ آخرين منهم الشيخ فضل عرفان. (راجع «الأيام» -12/6/2000م- موضوع أعده عزيز الثعالبي عن الفقيد).

تريم مدينة العلم:
تريم هي إحدى مدن وادي حضرموت المشهورة حتى اليوم وتقع شمال شبام في وادي حضرموت حيث يبدأ وادي بن كندة، ويقال إن أول من عمرها تريم بن حضرموت بن سبأ الأصغر.

اشتهرت تريم بالأربطة العلمية، ومن أشهرها رباط مسجد الفتح الذي وصف بالأزهر الصغير، ومدرسة أبي مريم وهو محمد بن عمر ابن محمد بن أحمد الفقيه المقدم، ومدرسة الشيخ سالم بافضل وهي من أقدم مدارس تريم، ومدرسة الشيخ حسين بن عبدالله الحاج، ومدرسة باغريب، ومدرسة آل باجمعان، ورباط تريم، (راجع الموسوعة اليمنية - المجلد الأول - ص 664) وتولى العلامة بافضل تدريس الفقه في رباط تريم وتولى مجلس الإفتاء بمدينة تريم حتى يوم وفاته.

العلامة بافضل بجامعة الأحقاف :
عاش العلامة فضل عبدالرحمن بافضل مراحل تأسيس جامعة الأحقاف وشغل وظيفة أستاذ الفقه بكلية الشريعة بتريم وكان، رحمه الله، أحد أعضاء مجلس أمناء الجامعة وشاءت الصدف ان يلتقي العلامة بافضل مع تلاميذ له في كلية الشريعة قدموا من إندونيسيا، وقد استشعر أحدهم الحاجة لتصوير المآثر الإسلامية المنتشرة طولا وعرضا في تريم وزار كبار رجال العلم في منازلهم او الزوايا التي يدرسون فيها، وكان الشيخ العلامة بافضل أحد الذين تحدثوا لطالب العلم القادم من موئل ولادة الشيخ بافضل وسجل معه حديثا يوم 10 ابريل، 2000م قبل انتقال الشيخ بافضل إلى جوار ربه بيومين أو ثلاثة وهي الرواية التي سردها نجل الفقيد : الأستاذ عبدالرحمن فضل بافضل للزميل عزيز الثعالبي («الأيام» - مرجع سابق).

العلامة بافضل في موكب جنائزي مهيب:
نعت جامعة الأحقاف إدارة وأساتذة وطلابا في نهاية الأسبوع الأول من شهر ابريل 2000م، العلامة فضل بافضل، أحد الرجال الأفاضل الذين أرسوا مداميك كلية الشريعة وعلم بازر من أعلام حضرموت عامة وتريم خاصة.

شيع جثمان العلامة بافضل في موكب مهيب تقدمه كبار المسؤولين في السلطة المحلية والعلماء ورئاسة جامعة الأحقاف وجموع كبيرة من طلابه، وشارك تلامذته ومحبوه في مدينتي جدة والدمام بالمملكة العربية السعودية في التعبير عن حزنهم بقراءة الفاتحة على روحه الطاهرة، وأقيم (الختم) على روحه الزكية في أكثر من مدينة في حضرموت وألقيت كلمة وفاء تجاه العلامة الذي تفانى في خدمة الدين الإسلامي عالما ومفتيا وموجها وواعظا ولم ينتظر في سبيل ذلك جزاءً ولا شكورا.

2- جعفر محمد السقاف: مؤرخ وباحث ساحت عطاءاته عبر كل الوسائل المتاحة...السادة آل السقاف

لا تجد سقافا إلا عالما أو مفكرا أو أديبا أو شاعرا ومنهم أبوبكر بن سالم السقاف و أحمد بن عبدالله السقاف وحسن بن عبدالرحمن السقاف وعبدالرحمن بن عبيد الله السقاف وأحمد محمد زين السقاف أحمد زين السقاف وعمر عبدالله الجاوي السقاف والدكتور أبوبكر السقاف وزين السقاف والشاب الأديب والباحث د. هشام محسن السقاف وغيرهم.

(راجع الموسوعة اليمنية- المجلد الثالث- ص 1591).

أورد انجرامس (مصدر سابق-ص145) ان شهرة آل كثير- آل عبدالله برزت في نهاية القرن الرابع عشر، وتقدر قبيلة آل عبدالله (سلاطين الكثيري) بحوالي 700 شخص يسكنون تريم وسيئون ووادي تاربة والبدع وان منصبهم أحمد بن عبدالرحمن السقاف. كما أورد انجرامس (مصدر سابق-ص45) ان سادة حضرموت يعود نسبهم إلى أحمد بن عيسى المهاجر الذي هاجر من البصرة إلى حضرموت قبل ما يقرب من 1050 عاما ويقع ضريحه على سفح وادي حضرموت قرب الحسيسة وعلى بعد أميال شرقي مدينة سيئون. أورد انجرامس أسماء الأسر التي تتحدر من المهاجر أحمد بن عيسى واندرجت تحت أسرة السقاف البيوت التالية : آل طه وآل شهاب وآل منور وآل مشهور وآل هادي والزاهر وآل بار وآل وحش وآل صافي وبن ابراهيم وباهارون وآل حبشي وباعقيل وبافقيه.

وفي افادة لانجرامس (مصدر سابق- ص 146) عن دور آل الكاف وآل السقاف في مجال التعليم ورد فيها ما يلي :«وتتولى أسرة السقاف مسؤولية مدرستين في سيئون يلتحق بكل مدرسة حوالي 500 طالب وسبعة مدرسين وبالأخرى مائة طالب وأربعة مدرسين ..».

الميلاد والنشأة :
المؤرخ والباحث جعفر محمد السقاف من مواليد سيئون حاضرة الدولة الكثيرية عام 1918م وتلقى دراسته في مدارس وزوايا ومعاهد سيئون ومن شيوخه ابن عبيد اللاه ومحمد بن هادي وصالح الحامد وانتفع السيد جعفر من أرباب العلم في حضرموت التي هيأته للانطلاق صوب آفاق أوسع.

الصحافة أول مشوار السقاف :
في الفاتح في عام 1945م اختار السيد جعفر السقاف طريق الصحافة وعمل رئيسا لتحرير مجلة «زهرة الشباب» الحضرمية وحمل السقاف رغبة عارمة في توصيل رسالة مجلته إلى أفراد مجتمعه الا ان الرياح لم تكن مواتية فالتحق بخدمة الدولة الكثيرية في الأول من مارس 1947م وشغل وظيفة في مجال التوثيق بالمحاكم، ومن خلال موقعه ضابط تسجيل خط آلاف الوثائق، وانتقل بعد ذلك للعمل في مراسيم السلطان الكثيري ومراسلا لإذاعة عدن التي تأسست عام 1954م ولعدد من صحف المهجر وصحف محلية.

تنوعت مشاركات المؤرخ والباحث السيد جعفر السقاف حيث شملت مجلس الشؤون الإسلامية بالولايات المتحدة الامريكية عام 1959م ويعتبر ذلك التواصل مع ذلك المجلس أوغيره انتصارا لها، لأن الباحث السقاف يوظف كل امكاناته من أجل إغناء بحوثه بدءا من الكتاب والمخطوطات وانتهاء بالصورة لأن الكاميرا لا تفارق السقاف في رحله وترحاله، ولذلك سيجد الزائر لمنزل الباحث السقاف أنه أمام مخزون ضخم من الصور والشرائط السينمائية والمخطوطات والدوريات والكتب.

السقاف واتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين :
ارتبط المؤرخ والباحث جعفر محمد السقاف باتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين بصفات شتى منها ان شغل منصب سكرتير فرع الاتحاد بحضرموت خلال الفترة 1973-1979م، وخلال الفترة 1974-1980م ممثلا لمجلة «الحكمة» (الناطقة باسم الاتحاد) التي نشرت له عدة بحوث ومقالات.

من خلال الاطلاع على كتاب (عشر سنوات من النضال) وهو من اصدارات اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين عام 1981م رصدت اسم جعفر محمد السقاف من ضمن أسماء المندوبين إلى المؤتمر العام الثاني للاتحاد خلال الفترة من 10 حتى 13 نوفمبر 1980م وورد اسمه ضمن أسماء مندوبي فرع حضرموت مع عبدالله حسين الهدار وأحمد عوض باوزير وعبدالقادر الصبان وحسين أبوبكر المحضار وعبدالرحمن الملاحي وعمر المضي. كما رصدت اسم جعفر السقاف في محضر اجتماع جلسة العمل الأول للمؤتمر العام الثاني للاتحاد التي عقدها في مسرح البحوث والدراسات بصنعاء يوم الثلاثاء 11 نوفمبر 1980م ضمن (76) مندوبا تصدرهم المناضل الوطني الكبير عمر الجاوي.

السقاف ناشطا على المستويين الحكومي وغير الحكومي :
نشط جعفر محمد السقاف في مجال الوظيفة الحكومية بعد نقله إلى مكتب الثقافة بحضرموت بعد نيل المحافظات الجنوبية استقلالها في 30 نوفمبر 1967م وأصبح نائبا لمدير مكتب الثقافة والسياحة خلال الفترة 1974- 1979م وأشرف في العام 1980م على المركز اليمني للأبحاث الثقافية.

شارك جعفر السقاف في مهرجان القمندان الذي أقيم في الحوطة عاصمة محافظة لحج خلال الفترة 27-30 نوفمبر 1988م وجمعت الزميلة سلوى صنعاني أعمال المهرجان في كتاب واحد وكان جعفر السقاف من ضمن 70 عالما شاركوا في (ندوة الحضارة اليمنية) بعدن عام 1975م وشارك في نفس العام بليبيا في المؤتمر العربي الثالث للمجلس الدولي للوثائق وشارك في الموسم الثقافي اليمني في العراق عام 1989م حيث ألقى محاضرة عن الفن المعماري بحضرموت وشارك في الاسبوع الثقافي اليمني في فرنسا عام 1994.(راجع الموضوع الذي كتبه الزميل نجمي عبدالمجيد في صحيفة «14 اكتوبر» عن المترجم له في 6 مايو 2003م).

السقاف في مجال التأليف :
بالاضافة إلى جهود السقاف المحمودة في مجال توثيق المراجع والمصادر ومخزونه البديع من الصور الثابتة والمتحركة ومن المخطوطات التي تزخر بها مكتبته : فرقة المطرفية اليمنية في القرن السادس وفلسفة الكون من خلال آيات وقد أطرى جهوده العلمية السفير الامريكي آرثر هيوز وملحقه الثقافي ماهوني عام 1993م.

نشر جعفر السقاف عشرات المواضيع في مجلة «الحكمة» وصحف محلية أخرى منها «المسيلة» و«شبام» و«ثمود» وفي مجلات عربية منها «التراث» بأبوظبي و«آفاق الثقافة والتراث» بالمدينة في المملكة العربية السعودية. وفي حديث خاص لجعفر محمد السقاف مع الزميل علوي بن سميط، أفاد السقاف بأن علاقة وثيقة ربطته بعميد الصحافة محمد علي باشراحيل، رحمه الله، بواسطة الصحفي القرشي عبدالرحيم سلام وصاحب القلم النضالي أحمد شريف الرفاعي، وقال السقاف: «كنت متابعاً لـ «الأىام» و«الرقيب» العدنيتين وشاركت ببعض المساهمات ووثقت بعض الأعداد واستوعبتها وجمعتها من عام 1958 حتى 4 يونيو 1967م وهي موثقة بالمكتبة السلطانية بالمكلا». من مؤلفاته المنشورة : «الأغاني والرقصات الشعبية في حضرموت» و«أعراف وتقاليد الموارد الأرضية» و«اليمانون السامدون» (نشرت بعض فصوله في «الحكمة») وغيرها من المؤلفات أما أعماله «رحلة إلى صحراء الربع الخالي» و«رحلة إلى الفردوس المفقود» (إندونيسيا) و«مصطلحات ألفاظ الوثائق الشرعية» و«تاريخ المدرسة التاريخية اليمنية» و«عناق الأصدقاء».(مرجع سابق- نجمي عبدالمجيد).

السقاف في ميزان التكريم :
كرمت الدولة جعفر محمد السقاف في عيد العلم عامي 1978م و1988م وكرمته وزارة الثقافة بصنعاء في 28 ديسمبر 2002م الا ان التكريم الحقيقي للسقاف يتمثل بمساعدته على إبراز وتوظيف مخزونه الكبير ومخطوطاته التي لم تنشر لا سيما وانه يعكف حاليا رغم تقدمه في السن على إعداد كتاب عن آل السقاف المنتشرين في أماكن متفرقة من المعمورة.

للسيد جعفر محمد السقاف ولدان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى