ديوان شاعر الدان والغزل حداد بن حسن الكاف

> «الأيام» خاص:

> منذ أن أهداني الأستاذ الفنان القدير صالح عبدالله التوي ديوان الشاعر الكبير حداد بن حسن الكاف لم أستطع أن أقاوم رغبة ملحة في الكتابة عنه وتناوله عبر هذه الصفحة- الأدب الجديد- في صحيفتنا الغراء «الأيام»، التي كان لها قصب السبق في تناول رموز الفكر والثقافة والأدب والتعريف بهم وبنتاجاتهم الإبداعية.

وفي واقع الأمر فإن أول ما تبادر إلى ذهني عندما وقعت نسخة الديوان بين يدي وهي مسحوبة على الحاسوب، سؤال مفاده: لماذا لم يطبع ديوان حداد بن حسن الكاف وتجمع كل أعماله في إصدار واحد، ويجري تحقيقها ومراجعتها فهو شاعر كبير ولا يختلف اثنان حول مكانته. ومنذ أن توفي في العام 1969 أي قبل 36 عاماً لم تطبع أعماله الكاملة.

لقد تفرد وادي حضرموت بأشعار وألحان الدان المعروفة ومن سماته البساطة في الكلمة والصوت المميز وصار من أعلام هذا اللون الغنائي شاعرنا شاعر الغزل حداد بن حسن الكاف، لذلك كان حداد بن حسن الكاف موضع اهتمام المؤرخ الأديب محمد عبدالقادر بامطرف، فقد ترك أديبنا كتاباً يتناول هذا الشاعر تحت عنوان (حداد بن حسن الكاف.. الشاعر الغزل) ضمن مكتبة الأديب الراحل عام 1988م.

وهذا المؤلف على درجة من الأهمية، فهو يلقي الضوء على جوانب من سيرة وأعمال هذا الشاعر ويتناول سمات وخصائص تجربته الشعرية ودوره في ترسيخ وانتشار الدان الحضرمي لواحد من أجمل ألوان الغناء منذ محمد جمعة خان وأجيال الغناء التي تعاقبت بعده.

إن جاذبية أشعار حداد تظل سراً يختص بها وحده وجاذبية الأشعار لا تقل عن جاذبية الألحان التي رددها أساطين الطرب في حضرموت وأبدعوا في غـنائـها:

شل صوتك واحكم المعنى

واحتكم للدان ولحونه

يومنا عاشق ولي معنى

فند الصوت لي مازان

من زمن شف للغناء مبنى

عاد له نغمات موزونه

من يحب الدان يتعنّى

له قواعد وله ميزان

(الدان) فن رفيع له أصوله وقواعده، وفي ديوان حداد كثير من النصوص التي تندرج ضمن أشعار (الدان)، وإلى جانب ذلك اشتهر حداد بالغزل الجميل، ومن غزلياته الشهيرة:

البارح العصر يا اخوه، عارضت ظبيه جميله حول النمير الصغير

وشعوب كبه وخيله تعاين البدر شارق، من وجهها ما يغيب

عيني تشوف الخضيرة في كل وادي خصيب

***
الجعد سينه بسينه واعيان سودا كحيله

والقد كالغصن مايل نود الشمالي يميله

والخشم نصله قديمي

سلب لشاجع صليب

وانظر إلى حداد يتوجد ويصف فراق الأهل والأحباب: (يقول بن هاشم):

يقول بن هاشم بكت لعيان دم واحتن قلبي

من فرق محبوبي بقى محنون

بيّتْ كما المجنون في ليالي سير واصبي

الخصم يرثى لي من أخلاف المحبين

وتكاثرت لشواق عندي بالبكاء ياعين صبي

وحن ورن يا قلبي المحزون

وهو يتمنى لقاء الأحباب:

يافرحة الخاطر إذا قدنا على جانب محبي

باينبسط به قلبي المغبون

باطفـّي أحزاني ومن شاهيه باتهنى بشربي

بالتذ بحنـّات المعالق في الفناجين

فأي بساطة في التعبير وعمق في تصوير وشائج المحبة وحلاوة المسامرة من هذا الشعور الطاغي باللذة لمجرد سماع رنين المعالق وهي تحرك السكر في الفنجان عند السمر والأنس حين يطيب إلى جانب المحبوب، وهذا التعبير والتصوير البديع لم يخرج عن تقاليد المسامرة في وادي حضرموت.

وعلى ذكر التصوير البديع وعلى كثر ما شاع في أشعار العرب حين يرمون بسهام المحبة و بسحرها النافذ في القلوب اقرأوا معي هذا المقطع الشعري:

أول خبر قلبي ضُرب بسهام

خلي من الشباك صابتنا سهامه

صابت فؤادي بعد ما لخلخت لعظام

في ظني إن السهم لي يرميه مسمومْ ونختم هذه الإطلالة السريعة بواحدة من أعذب أغاني الشاعر الكبير حداد بن حسن الكاف التي رددها محمد جمعة خان:

بسألك يا عاشور عن حال البلد

وأخبار غنانا وكيف الناس والبلده

بالله خابر عاد حد من بعد حد

وعادهم في ذكر حداد

ولعلنا في هذه الإطلالة قد أجبنا عن سؤال شاعرنا حداد بن حسن الكاف ونحن قد ذكرناه لنذكر بديوانه!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى