في طلب تسليم الأصنج..هل أربكنا الصيام؟ أم أربكتنا عقولنا؟

> أحمد عمر بن فريد:

>
أحمد عمر بن فريد
أحمد عمر بن فريد
يمكن للمرء أن يتفهم طلب تسليم المتشدد الإسلامي أبو حمزة المصري من قبل الداخلية اليمنية، لأسباب أمنية معروفة لنا جمعياً، ولكنني شخصياً، لم أستطع أن أفهم معنى ومغزى المطالبة بتسليم معارض سياسي كبير كالأستاذ عبدالله الأصنج لمجرد أنه مارس حقه الطبيعي في العمل السياسي، ولمجرد أنه عبر عن موقف سياسي (سلمي) صرف حول ما يحدث في وطنه اليمن، حتى وإن كان هذا النشاط أو العمل من خارج البلاد، طالما وهو لم يناد بشيء يستحق من السلطات اليمنية كل هذا التشنج والتشدد في ردة الفعل.

الطلب بتسليم معارض سياسي، هو عمل يتناقض مع أساس النظام الساري في بلادنا، وهو نظام نقول أنه ديمقراطي تعددي- على الأقل من الناحية الدستورية والقانونية - وهو ينسف بشكل واضح وصريح كل المزاعم التي نطلقها بلا حساب تجاه تبني بلادنا للنهج الديمقراطي واعتماد الحريات، لأن مثل هذا الطلب (بالتسليم) لا يمكن أن يصدر الا من قبل نظام شمولي صرف حتى وإن استند إلى بنود اتفاقيات موقعة بين بلادنا والمملكة العربية السعودية، خاصة والأخيرة قد أثبتت من الناحية العلمية عدم سماحها لأي معارض يمني القيام بأي عمل سياسي انطلاقا من أراضيها حتى في الفترة التي أعقبت انتهاء حرب صيف 94م، والتي كانت فيها العلاقات (اليمنية - السعودية) يشوبها الكثير من التوتر وسوء الفهم.

السيد أحمد عبدالله الحسني، ذهب أبعد بكثير مما ذهب إليه السيد الأصنج في مطالبه ونشاطه السياسي، ولكننا لم نجد أحداً في بلادنا يطالب (توني بلير) بتسليمه أو نقله (كطرد بريدي) من لندن إلى صنعاء، كما حدث سابقاً لقيادات يمنية شحنت تحت جنح الظلام من عاصمة عربية إلى صنعاء، فربما أن مثل هذا الطلب (العربي) القح، لن يجد له مقعدا للحديث عن وزارة الخارجية البريطانية ولن تستطيع دولة ترتكز في تعاملاتها وإدارة شؤونها على القانون والنظام كبريطانيا، وليس امزجة الحكام كما يحدث في بلاد العرب، أن تقبل مجرد الحديث في موضوع كهذا الذي يراه العرب ممكناً ويستحق الحوار وربما (تبويس اللحى) على الطريقة العربية الشهيرة.

كنا نعتقد - وطالما أن تصنيف بلادنا لا يزال محشورا ضمن تصنيفات الدول (الفاشلة) وفي ظل ما ينشر من تقارير دولية متخصصة عن مختلف الأوضاع والأصعدة في اليمن، وخاصة السياسية والاقتصادية منها، والتي تنذر وتشير إلى الخطر المحدق ببلادنا - أن هناك من أدرك مؤخرا، أنه قد أن الآوان لمراجعة النفس والذات، والاعتراف بالحق للآخرين بوطنيتهم وحبهم لبلادهم وحقهم المشروع في بناء هذا الوطن، وفتح الطريق واسعا أمام مختلف القوى السياسية اليمنية للمشاركة الفعلية في إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل وقوع الكارثة لا سمح الله، الا أن مثل هذا الطلب (الغريب) الذي لا يرى في ابن الوطن المعارض سوى مجرد مخرب أو عميل، يستوجب تسليمه إلى أقرب (مخفر يمني) يدعو المرء المتفائل إلى الشعور بالإحباط والأحساس أننا لا زلنا بعقلية ثورية كانت تمارس أفعالها في ستينات القرن الماضي، غير مدركين أن العالم قد دلف مرحلة الألفية الثالثة وأن المتغيرات كانت جارفة وعميقة، وأن زلازلها وبراكينها لا تزال تهزّ دولا مجاورة وقريبة منا من الناحيتين الجغرافية والتاريخية.

حتى الإرباك والارتباك اليمني في نفي الطلب والتأكيد عليه، بذرائع مضحكة - كعدم التركيز بسبب الصيام - من قبل هذا المسؤول أو ذاك، يربك المرء جهة المقدرة على فهم ماذا يحدث بالضبط في دولة يمكن أن تطلق مثل هذه الأقاويل والتبريرات التي تخرج بعيدا عن مقومات تصريحات مؤسسات الدول الرصينة، وتقترب أكثر ما يكون إلى تصريحات الجماعات السياسية غير المنظمة .. فإلى متى سنظل ننكر على بعضنا البعض حق المواطنة، وإلى متى سنعتمد مثل هذه الأفعال التي جاوزها الزمن منذ أمد بعيد؟.. والتي تضعنا في موتقف قابلة (للتندر والضحك) من قبل الآخرين، وتكشف زيف ما ندعيه ونزعم اننا أهلٌ له في كل مناسبة وحدث.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى