المتناقضون في رمضان

> «الأيام» أسامة بن محمد الكلدي /المعلا - عدن

> يصوم الناس رمضان بيد أنَّ صائميه على فئات شتى، ومن هؤلاء فئة جمعت التناقض في صيامها، وأظهرت لنا ذلك مرآة الواقع، حيث أبانت بجلاء طبقة المتناقضين في رمضان فلهم صورٌ وحالات عدة تحكي الفصام النكد الذي يعيشه هؤلاء والصورة المشوهة التي يظهرون بها هنا وهناك فكان من ذلك:

صنف يصوم شهر رمضان بغير صلاة، وهذا أمر غاية في العجب، بلغ بصاحبه الذروة في التناقض، والصلاة أكبر أركان الإسلام بعد الشهادتين، ولا ينفك عنها المسلم سفراً ولا حضراً، ولا صحة ولا مرضاً، ولا أمناً ولا خوفاً، ولو لم يكن أمرهم تناقضاً، فلا يوجد -إذن - في الدنيا تناقض.

وصنف آخر أحسن حالاً، من سابقه، ولكن لا يخلو من وصف التناقض، وهوأداء أهله الصلاة والصيام في رمضان حتى إذا انسلخ رمضان، خلعوا ثوبه المؤقت ، وطلبوا إجازة مفتوحة، ولسان حالهم يقول: إلى اللقاء يا رمضان في العام القادم. فهل من الدين عبادة الله في رمضان وتركه أحد عشر شهراً مع التفريط والإساءة!

ومن عجيب تناقضهم قراءتهم في رمضان قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملونü ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون}(الحشر 18-19) ثم لا يتعظون بها ولا هُم يذكـَّرون.

ومن التناقض البيِّن صوم بطون أناس عن الطعام والشراب وإفطارهم على لحوم الناس وتمزيق أعراضهم طولاً وعرضاً، وهمزاً ولمزاً ولربما شاركت جوارح أخرى تجرح الآخرين، وتخرق صيام الجارحين أنفسهم وهم يحسبون أنهم من الصيام بمكان وثيق فأين إذاً آية {يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} ( البقرة- 183) وهل وقفوا على قول رسول الله [: «رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش» رواه أحمد وهو صحيح.

ومن صور التناقض القبيحة التعلـُّلُ لأجل تعطيل مصالح الناس، والتسويف في أداء واجبات العمل والتأفف لأدنى سبب، حتى لقد صار رمضان شهر فساد الأمزجة وغلظ الطباع، وتوتر الأعصاب.

وبعد.. فليس الصيام لإرهاق النفس وتجويعها وايلامها بهذا التكليف بل وراء ذلك تحقيق التقوى وتهذيب النفس وتربيتها على السمو في كل شيء وتصفيتها من المواد الأرضية التي تهوي بها في مهاوي الحضيض حيث أسفل سافلين، فهل نفقه بعد هذا حقيقة الصيام؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى