عائلة عراقية مكلومة لا ترى نهاية "لأنهار الدم"

> بغداد «الأيام» عمر العبادي:

> كان عادل عبد حامد رجلا نحيلا في الحادية والثلاثين من عمره منعزلا لدرجة أنه احيانا ما كانت تمر عليه أيام دون أن يتفوه بكلمة ولم يكن يسمح لأحد سوى امه بلمسه,واعتاد عادل وهو مريض عقليا منذ الطفولة أن يهيم في شوارع بغداد وحيدا. وحدث ذات مرة أن صادف جنودا أمريكيين أردوه قتيلا بعد أن ركض خائفا بسبب رصاصة اطلقت فوق رأسه.

وعلقت والدته على الحادثة بقولها "لم أكن لأشعر بكل هذا الحزن لو لم يكن مريضا بهذا الشكل ولكن هذا (حقيقة مرضه) يجعل الحزن مضاعفا بالنسبة لي. كان (عادل) مثل الطفل."وأم عادل وهي ربة منزل في الثانية والستين من عمرها واحدة من آلاف العراقيين الذين تقطعت قلوبهم حزنا على أبنائهم وبناتهم الذين قتلوا في صراع خلف أيضا نحو ألفي قتيل من الجنود الأمريكيين.

ويقول مشروع إحصاء القتلى في العراق وهو جماعة سلمية تحصي اعداد الضحايا استنادا الى التقارير الإعلامية إن نحو 38 عراقيا في المتوسط يلقون حتفهم يوميا. ويقول إن نحو 26600 قتيل على الأقل سقطوا منذ بداية الغزو ولكن الرقم الحقيقي قد يكون أكبر من ذلك بسبب عدم تسجيل الكثير من الوفيات.

ويقول الجيش الأمريكي إنه لا يستهدف المدنيين ولا يحصي القتلى منهم. وكثيرا ما يهاجم المسلحون نقاط تفتيش ودوريات أمريكية. والجنود الامريكيون مرخص لهم باستخدام القوة المميتة للدفاع عن النفس.

وأفاد تقرير لمشروع إحصاء القتلى في العراق صدر في يوليو أن نحو 37 في المئة من الوفيات العراقية التي سجلها سببها القوات التي تقودها الولايات المتحدة. أما الباقي فسببه المسلحون والعصابات الإجرامية.

ووفقا لموقع على الانترنت تديره منظمة غير حكومية تحصي القتلى العراقيين والأمريكيين فإن أكثر من 3400 شرطي وجندي عراقي لاقوا حتفهم في عراق ما بعد الحرب بينهم 2100 خلال هذا العام وحده.

وخلف كل رقم في هذه الاحصاءات هناك عائلة مكلومة.

وتقول أم عادل وهي تجلس مع زوجها وابنيها الآخرين في حجرة المعيشة بمنزلهم في أحد احياء بغداد الراقية "كان (عادل) معتادا دوما على الخروج للسير لعدة ساعات.

"وعندما يرجع كان يحكي لي عما رآه في الشارع. وكنت آخذه إلى الحمام لأحممه ." ويقول أبوه عبد حامد عباس (73 عاما) إن ابنه غادر المنزل عند الضحى وهو يرتدي سروالا من الجينز وقميصا وعندما لم يعد بحلول المساء بدأت العائلة تشعر بالقلق عليه.

وقالت أمه من بين دموعها "ظللت مستيقظة طوال الليل أبكي وأنا أنتظره خارج المنزل...تخيلته ميتا والدم يسيل من وجهه." وفي اليوم التالي أخبرهم أحد الجيران أنه رأى عادل لحظة اطلاق النار عليه على طريق سريع بالقرب من منزلهم.

وروى الجار الذي طلب عدم نشر اسمه أنه كان عائدا على قدميه إلى منزله عندما رأى الدورية الأمريكية المكونة من دبابات وعربات مدرعة من طراز همفي تتمركز على جانبي الطريق.

وأضاف "رأيت عادل يمشي ببطء نحو الأمريكيين من الجهة الأخرى. أطلقوا عيارا تحذيريا فوق رأسه فأصيب عادل بالذعر وركض إلى الجهة المقابلة من الطريق السريع."وتابع "كان قد بدأ لتوه الركض عندما أطلقوا عليه عيارين ناريين سقط بعدها على الأرض. ثم تقدم أربعة جنود من جثته وفحصوها ثم حملوها إلى إحدى عربات الهمفي ووضعوها داخلها ورحلوا." وذهب والد عادل إلى الشرطة التي دلته على المستشفى. وقال "قالوا لنا إن الأمريكيين أحضروا شخصا قتل وإن بإمكاننا العثور على جثته في المشرحة. فحصنا الجثة وكانت لابني عادل.

"وجدنا أنه ضرب من الخلف. في الكليتين مباشرة. الرصاصة الاخرى كانت قرب الفخذ."وترك الأمريكيون بطاقات يشرحون فيها كيف وقع الحادث وكيف يمكن للعائلات طلب التعويض. ولم تقرر عائلة عادل بعد ما إذا كانت تريد الحصول على تعويض.

مات عادل في وقت تركزت فيه أنظار العالم على الاستفتاء على مشروع الدستور ومحاكمة الرئيس المخلوع صدام حسين.

وتقبلت أم عادل التعازي من أصدقاء وأقارب في مراسم حداد اصبحت تتكرر يوما بعد يوم في أعداد لا تحصى من البيوت في أنحاء العراق.

وقال ابن عم عادل عبد الله حسين وهو طبيب إنه كان ينبغي أن يكون واضحا أن عادل مريض عقليا. ويقول "كان بريئا جدا. كان بمقدور أي انسان أن يكتشف أنه مريض منذ اللحظة الأولى." وأضاف "الأمريكيون ينشرون الرعب في العراق لإنهم خائفون. هذه ليست شيم المحررين بل المجرمين." أما علي الشقيق الاكبر لعادل فقال إن على الأمريكيين أن يغادروا العراق. وأضاف "لابد من وقف أنهار الدم هذه." رويترز

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى