فصل الموظف العام «دراسة مقارنة»

> انتصار عبدالله العراشة:

> العنوان أعلاه، هو عنوان رسالة الدكتوراه التي تقدم بها إلى كلية الحقوق قسم الإدارة والمالية، جامعة الجزائر، الباحث يحيى قاسم علي سهل الاستاذ المساعد في كلية الحقوق جامعة عدن، وحصل على مرتبة الشرف الأولى( مشرف جداً). وفي الحقيقة نحن أمام رسالة علمية قيمة جرت إضافتها الى المكتبة العربية، باعتبار أن الرسالة مقارنة بين التشريع اليمني وتشريعات الجزائر ومصر وفرنسا. وتكتسب هذه الرسالة أهميتها من أهمية الموظف العام، بوصفه أهم مفاصل الاصلاح الاداري المنشود في الجمهورية اليمنية، كما أنه يمس ملايين الموظفين في الدول قيد البحث والمقارنة.

وتتميز هذه الدراسة عن سواها من الدراسات التي تناولت عقوبة الفصل في شمولها لكافة صور وأنواع الفصل.

وتكمن أهميتها العلمية في تناول موضوع يرتبط بحياة الموظف العام ومن يعولهم لكون العقوبة التأديبية تتجاوز الموظف إلى أسرته كعقوبة الحرمان من العلاوات أو تخفيض الراتب، أما عقوبة الفصل فتهدد كيان الأسرة واستقرارها.

تقع الرسالة في 424 صفحة عدا قائمة المراجع والفهرس، وقد عالج الباحث موضوعاً من أهم الموضوعات المطروحة وأدقها على الساحة القانونية، نظراً لما تشهده معظم الدول اليوم من تحول نحو الخصخصة، وما يثيره من مشكلات قانونية دقيقة، حيث تركزت إشكالية البحث حول مدى إمكانية التنظيم القانوني لعقوبة الفصل من الوظيفة في الدول قيد البحث في تحقيق التوازن بين مصلحتين متناقضتين، هما مصلحة الإدارة المتمثلة في حسن سير المرفق العام بانتظام واطراد، وبين مصلحة الموظف في الحفاظ على مصدر عيشه، وعدم مصادرة حقه الدستوري في العمل. وقد عالج الباحث موضوعه ببراعة واقتدار ولم يضن على دراسته العلمية بجهد ولا وقت، واستطاع معها أن يغطي جميع المشكلات الاصلية والفرعية التي يثيرها موضوع الدراسة، وكان في عرضه لها عرضاً واضحاً يسهل للقارئ متابعة الأفكار وتسلسلها دون مشقة أو عناء، برغم عمقها ودقتها، وقد ساعد الباحث في أن تأتي دراسته على هذا القدر من الجودة رجوعه إلى كثير من المراجع العامة والمتخصصة في موضوعه، حيث تدل متون الرسالة وحواشيها استفادة الباحث الحقيقية من كل ما رجع إليه من مراجع واستيعابه لها. كذلك ساعد الباحث في دراسته وأعطاها عمقاً عملياً جيداً، الكم الكبير من الأحكام القضائية التي رجع إليها والتي تشهد بها هوامش دراسته، والتي أسهمت بشكل كبير، وفي كثير من المواضع في إيضاح الأفكار المطروحة وتيسير فهمها للقارئ.

وتشتمل الدراسة على مقدمة وفصلين وخاتمة. وقد كرس الفصل الأول لدراسة مفهوم عقوبة الفصل من الوظيفة لغة ومصطلحات، وعالج النصوص القانونية وآراء الفقه الإداري في هذا الشأن، إلى جانب تحليل موقف القضاء الإداري من تعريف الفصل وماهيته، مؤصلاً إياه للحد من تعدد الألفاظ المتداولة للتعبير عن عقوبة الفصل من الوظيفة، عزل، تسريح، طرد، صرف، رفت، استغناء.. الخ مميزاً بين الفصل وغيره من صور إنهاء خدمة الموظف الأخرى.

وبالنظر إلى تعدد أسباب الفصل من الوظيفة- فصل تأديبي، فصل غير تأديبي، فصل لارتكاب جريمة جنائية سواء الفصل الحكمي أو التبعي- فالبحث اقتضى معالجة المشكلات التي يثيرها كل نوع من أنواع الفصل، وتحديد الأسباب التي يقوم عليها كل واحد منها، وضبط معايير التفرقة وأوجه الشبه والاختلاف بين هذه الأنواع من الفصل.

ثم درس الباحث في الفصل الثاني الضمانات المقررة للموظف المفصول من خلال تحديد المخالفات الوظيفية الموجبة للفصل، متناولاً موقف المشرع في الدول قيد المقارنة، وكلك الفقه من مسألة تقنين المخالفات الوظيفية أسوة بالقانون الجنائي. كما درس ضوابط الفصل، وضماناته المتجسدة في مبدأ تسبيب قرار الفصل، والتدرج في تطبيق سلطة الفصل، إضافة إلى الضمانات القانونية تجاه تأديب الموظف من لحظة تحديد الفصل المكون للخطأ الوظيفي (الجريمة التأديبية) ومروراً بتوجيه الاتهام ثم التحقيق، إلى جانب تحديد السلطة التأديبية المختصة بإصدار قرار الفصل، سواء أكان ذلك في نظام التأديب الرئاسي، أو شبه القضائي، أو القضائي.

وتناول البحث الضمانات اللاحقة على إصدار قرار الفصل والمتمثلة في التظلم الإداري والطعن القضائي مع المفاضلة بين الأولى والأخيرة.. إلخ.

ثـم أنـهـى دراسـتـه بخاتمة ضمنها أهم ما توصل إليه البحث من نتائج ومقترحات .

أكتفي بهذا القدر، وأعتذر إذا كنت أطلت قليلاً، فالرسالة في ذاتها أكثر غنى وثراء، قانونياً وقضائياً وفقهياً، مما لا يمكنني أن أفيها حقها في هذه العجالة، فينبغي العودة للرسالة. وما قمت به هو محاولة سريعة في هذا السبيل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى