مع الأيــام..مبادرة شبوة

> د. هشام محسن السقاف:

>
د. هشام محسن السقاف
د. هشام محسن السقاف
حالة مقلقة، ولا يمكن المرور عليها مطأطئي الرؤوس، لنزعم بعد ذلك أن الأوضاع جيدة و «حالنا والحمد لله على أحسن ما يكون» كما يقول نزار في أحد هوامشه على النكسة. سوف تكون الصورة على هذه الشاكلة إذا كان المصدر هو الحكومة والمسؤولون فيها، أما إذا كان النقل مسنودا إلى العقل ومن طبيعة الحياة العامة وأفواه المواطنين فإن التوصيف الأدق هو إقلاق عام وضنك معيشي وضباب في طريق المستقبل.

وسوف تكون الصحافة خارجة عن المألوف وعن رسالتها الخالدة إذا جمّلت القبيح وأدارت الظهر لأوجاع الناس، وهذه الخاصية يجهلها أو يتجاهلها بعض الذين يعيشون مجد حياتهم من عرق ومعاناة المواطنين، وأحيانا من دمائهم، وينظرون بريبة إلى ما تبرزه هذه الصحيفة الجماهيرية من نكد الحال وسوء المعيشة التي يعانيها المواطنون، مدّعين أنها تبرز الغث - دون السمين - وما يكدر صفو الحياة. والحقيقة أن ناقل الكفر ليس بكافر فعندما يسود العدل والإنصاف والتوزيع العادل للثروة، ويجد كل ذي حق حقه، وينتفي الأذى عن طريق المواطن ويجد ميزان العدالة منتصبا يساوي بينه وبين المتنفذين والمتعالين والمستقوين بقوة السلطة أو القبيلة، وينتهي فساد الإدارة والمال نهائيا، عندئذ تجوز المطالبة بتغليب ما هو جميل وإبرازه في الصحافة الوطنية الملتزمة بهموم المواطنين وحياتهم العامة.

لقد لفت نظري البيان الذي أصدره ما يزيد على 100 مواطن في عتق، عاصمة محافظة شبوة، والذي دعوا فيه مواطني شبوة للانضمام من أجل تشكيل لجنة وطنية لمكافحة الفساد وحماية المال العام تتولى مقاضاة «المفسدين العابثين بحقوق المواطنين استنادا إلى المادة (19) من الدستور والمادة (15) منه التي تكفل للمواطنين تنظيم أنفسهم سياسيا ومهنيا ونقابيا والحق في تكوين المنظمات العلمية والثقافية والاجتماعية والاتحادات ..إلخ» («الأيام» 13 نوفمبر الجاري)، وهي وسيلة قانونية يلجأ إليها المواطنون عندما تسد دونهم الأبواب وتعجز الجهات المعنية حكومية أو سلطة محلية عن محاربة الفساد السائد والإتيان بما يبشر بأمل ووعد ينتظره الناس في مضمار حياتهم اليومية.

إن هناك خللاً يجب إصلاحه في أجهزة الدولة المختلفة التي عجزت عن إصلاح الإدارة إصلاحا حقيقيا رغم ادعاءاتها المختلفة، فأمر شبوة أنموذج للحالة السيئة في الإدارة، فلا الأمان قائم وهو من أولويات المواطن في أي مكان على ظهر الأرض، ولا الإنصاف في توزيع الثروة بمتناول الإدارة المحلية لتتمكن من حل مشاكل الناس وتعمل على إرساء قواعد للتنمية الاجتماعية بعيدا عن تعقيدات وروتين المركز. وهي حالة تتكرر في كثير من المحافظات، والناس معنيون بتدارس أمور حياتهم في مراكزهم ومحافظاتهم بالطرق القانونية للوصول إلى حلول ديمقراطية أصوبها في المدى الزمني المنظور: التقاط المبادرة بالدعوة إلى حكم محلي واسع الصلاحيات يكون بديلا عن السلطة المحلية التي يخنقها المركز بكلتا يديه من خلال قانون جريء يفسح المجال لمشاركات شعبية حقيقية تعيد الاعتبار للمواطن والوطن، بحيث يكون الخروج من حالة الضنك الاجتماعي خروجا مُرضيا وحسناً، بعقول تستدرك قبل أن تدركها إرادة المواطنين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى