وتلك الأيــام..لماذا تتسع مساحة الحوادث المرورية؟!

> د. سمير عبدالرحمن الشميري:

>
د. سمير عبدالرحمن الشميري
د. سمير عبدالرحمن الشميري
يقول شيخ الإسلام المجتهد محمد بن علي الشوكاني (1760- 1834م)، على المتعلم أن يكون (حسن السمت وجميل التواضع ورائق الوقار وبديع الأخلاق)، وهذا ما كان عليه الصديق العزيز د. فضل حيدرة مطلق، الذي تزاملت معه في سن الفتوة المتحمسة، في ثمانينات القرن العشرين، في أعذب سنوات العمر الدراسية في مدينة الدفء والأنوار (موسكو) المدينة التي تتهاطل من سمائها نتف الثلج ومن ينابيع نهرها المسكوفي شربنا كؤوس المعرفة ونمت سنبلة العطاء العلمي.

تعرفت عليه عندما كان في ربيع حياته تبرق عيناه عزيمة وتشع منهما لمحات الذكاء.

فقلوبنا تكاد تنخلع منا عندما نسمع نبأ موت صناديد أكلتهم الحرب، وآخرون مضغتهم الأوجاع وشربوا العلقم من كأس الحياة، وفريق ثالث ذهب ضحية الحوادث المرورية المروعة، فتتزلزل حياتنا ونتسكع على أرصفة الحزن مذهولين من هول الصدمات التي تقطع أوصال معيشتنا، ونعض أصابعنا ندماً على من سقطوا صرعى ونحن في أمس الحاجة لهم مثل الدكتور فضل حيدرة الذي أنفق حياته في البحوث الزراعية ولمكافحة التصحر ولزرع الخضرة وبسمة الأمل لخير الإنسان، فقد خطفته المنايا من أحضان عائلته الكريمة مع اثنين من أطفاله في حادث مروري أليم (يوم الجمعة 12/11/2005م) وقبل ذلك بقليل فجع العزيز الفاضل الأستاذ عبد الحميد سلام بموت ابنته الدكتورة إشراق عبدالحميد سلام في حادث مروري مرعب وحزين.

ففي أعز وأحلى وأرق اللحظات تنطفئ ذبالة الحياة لأعز أصدقائنا وفلذات أكبادنا، وتكسر قناتنا الأرزاء وتمر بنا النكبات الثقال في حومة الحياة نتيجة الحوادث المرورية. ففي شهر رمضان الكريم وحسب الإحصاءات الرسمية «بلغت الحوادث المرورية (455) حادثاً مرورياً، منها (95) حالة دهس و(206) حالات تصادم و(140) حادث انقلاب.. وفي عيد الفطر المبارك بلغت حوادث المرور (658) حادثاً مرورياً توفي فيها (297) حالة و(1023) حالة إصاباتهم متنوعة».

وبلهفة إشباع الفضول يظل السؤال منتصباً:

هل الكوارث المرورية مردها للسياقة المتهورة والفراهة المتطرفة وجنون التسابق؟ أم لرداءة الطرقات وكثرة المطبات العشوائية؟ أم لاستخفاف بعض السائقين بأرواح الناس ولا يقدرون قيمة الحياة فيركبون غيمة المغامرة؟ أم الجهل بقواعد المرور والإرشادات المرورية وفن السياقة؟ أم لضعف في هيبة القانون ووهن هيئات الضبط؟ أم لعلل شتى متداخلة ومتشابكة تجعلنا نذرف الدمع على موتانا ونتجرع غصص الآلام لموت كتلة كبيرة من الأبرياء؟

لقد فقدنا د. فضل حيدرة مطلق وهو في قمة عطائه العلمي، فكم من السنوات ننتظر حتى يخلق كادر مؤهل، وكم سنفقد من ملكات علمية وفكرية في حوادث كان يمكن تجنبها لصيانة الرأسمال البشري من الهلاك؟!!

ولكن (حسابات البيدر لا تشبه حسابات الحقل)، وإن ما لا نتوقعه هو الذي يقع دائماً، كما يقول الأديب الإنجليزي وليم شكسبير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى