الإصلاح..بين الصعب والمتاح

> هيثم الزامكي:

>
هيثم الزامكي
هيثم الزامكي
الإصلاح.. حلم حائر بين أعين مغمضة لم تدرك معنى الحلم بعد، لأنها لم تستفق، وأعين نصف مغمضة تعتقد أن قليلاً من النوم الإضافي سيجعلها أكثر حيوية عند الاستفاقة، وعيون أبصرت النور وأدركت قيمة الحلم بحياة أفضل وقودها الأمل وخط سيرها يبدأ وينتهي بالعمل.

الإصلاح مطلب.. من دواعي الأمل في تحقيقه، أنه بات مطلباً جماعياً، من رأس الدولة إلى قاعدتها بحاكميها، ومعارضيها، بل مطلباً دولياً، وشرطاً لازماً للاندماج الطبيعي مع النظام العالمي الجديد.

وبين الحلم والمطلب تتلاقى وتتعارض رؤى كثيرة للإصلاح، وماهيته، وطريقة تحقيقه، تساند تلك الرؤى مجموعة من العوامل، وتقف أمامها مجموعة أخرى. وإذا جاز لنا أن نصنف تلك الصعوبات والمحفزات، فهي على النحو التالي:

أولاً: الصعوبات التي تعترض الإصلاح:

1) الفتور وحالة عدم الثقة الواضحة في علاقة السلطة بالمعارضة، والمبنية في مجملها على النوايا وليس الأفعال، تلك الحالة حرمت المعارضة من أن تكون وسيلة فاعلة للضغط باتجاه الإصلاح وحرمت السلطة من جو الاستقرار المساعد على الإصلاح، الذي ينبغي أن يبنى على قاعدة من الثقة والاحتكام إلى النظام (المؤسسة) بين السلطة والمعارضة.

2) إن تغلغل الفساد في معظم مكونات الدولة يعد الحاجز الأصعب في طريق تنفيذ برامج الإصلاح، ولكن الاستسلام لفكرة إنهاء الفساد أولاً ثم البدء ببرامج الإصلاح أمر مناف للمنطق، لأن القضاء على الفساد مرتبط بمزيد من التقدم في برامج الإصلاح الشامل.

3) إن عدم وضوح رؤية النظام العالمي لطبيعة الإصلاحات في الشرق، يعد عاملاً مشوشاً على برامج الإصلاح في المنطقة ومنها اليمن، وسوف تتضح أهمية هذا العامل ونسبيته في قادم الموضوع.

4) غياب أو ضعف النظام المؤسسي. إن كافة القرارات والإجراءات لن تحقق شيئا ما دامت لا تتصف بالديمومة، وهي الميزة التي يحققها النظام المؤسسي، لذلك فمن الصعب تخيل إصلاح بدون مؤسسة.

5) ضعف أو انحصار مفاهيم أساسية لا بد من نضوجها، لتشكل بيئة مواتية لتنفيذ برامج الإصلاح.

من تلك المفاهيم الضعيفة ما يتعلق بالتنمية، ومن المفاهيم المحصورة في قوالب معينة مفهوم الديمقراطية، حيث تقتصر النظرة العامة لها على أنها مجرد انتخابات وسلطة سياسية، بينما هي مفهوم أوسع يشمل مكونات الدولة كافة: السياسية، الاقتصادية، الثقافية والاجتماعية، من أبسط وحدة فيها (المنزل) إلى أكثرها تعقيداً (السلطة التنفيذية والتشريعية).

أما إذا تحدثنا عن المحفزات أو العوامل التي تتيح تنفيذ برامج الإصلاح، فهي على النحو التالي:

1- الاتفاق الضمني بين القيادة والشعب على أهمية وحتمية تنفيذ برامج الإصلاح الشامل كضرورة لا مناص منها لاستقرار البلد وتقدمه، ويظهر هذا جلياً في تصريحات فخامة رئيس الجمهورية وفي مجمل الرأي العام المحلي.

2- إن حالة التذمر الإيجابي التي وصل إليها المواطن ينبغي أن توظف جيداً، باتجاه تنفيذ برامج الإصلاح عن طريق مبادرات جريئة وجديدة تقدمها القيادة للشعوب وتهدف إلى بث الثقة والأمل في نفوس الإصلاحيين كافة ، ليلتقي الجميع على مشروع قومي كبير للإصلاح الشامل، على أن تقدم تلك المبادرات وتنفذ بأقصى درجات الشفافية والإجماع.

3- إذا كنا قد أوردنا أن عدم وضوح رؤية النظام لطبيعة الإصلاحات في الشرق الأوسط، كأحد الصعوبات، فإن هذا العنصر هو في الوقت ذاته عامل مساعد على التقدم في برامج الإصلاح.. والمسألة برمتها نسبية يخضع استثمارها أو الإخفاق فيها إلى قدرة وفنية السياسة اليمنية على فهم المتغيرات الدولية ومتطلبات النظام العالمي الخاص بالإصلاح.

4- إن انجاز مزيد من التقدم في إطار الاندماج الكامل داخل منظومة مجلس التعاون الخليجي سينعكس بصورة إيجابية على برامج الإصلاح وخاصة في الشق الاقتصادي الذي يعد حجر الزاوية لبقية برامج الإصلاح الأخرى، ويجب أن تنطلق جهود الدولة نحو تحقيق هذا الهدف القومي من مفهوم استراتيجي بعيد المدى، لمستقبل الجزيرة العربية، يقوم على فكرة التكامل بين الخليج واليمن.

أخيراً نقول إن الإصلاح مسألة وطنية ملحة، لا ينبغي أن يعتقد أحد بإمكانية تجاهلها أو إفراغها من محتواها عن طريق إجراءات آنية لا تعبر عن مشروع استراتيجي للإصلاح يقتنع به المواطن، مؤيداً كان أم معارضاً وعلى الإصلاحيين كافة أن يعلنوا عن أنفسهم، ويتلقفوا أي مبادرة من قبل السلطة بمنتهى الإيجابية والتعاون. فالوطن ملك للجميع، والمستقبل ملك لكل مؤمن بالعيش المشترك تحت سماء الإصلاح والديمقراطية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى