غسان تويني الوالد المفجوع يحارب على كل الجبهات

> بيروت «الأيام» ا.ف.ب :

>
صورة من الأرشيف غسان تويني الى يمينه رئيس الوزراء اللبناني والى يساره وزير الاتصالات في العزاء
صورة من الأرشيف غسان تويني الى يمينه رئيس الوزراء اللبناني والى يساره وزير الاتصالات في العزاء
بعد اسبوع من اغتيال النائب والصحافي جبران تويني، تحول والده غسان تويني (79 عاما)، عميد الصحافة اللبنانية، بالنسبة الى العديد من اللبنانيين رمز الوطن المفجوع وارادته بالحياة والبقاء,ويصف الكاتب والصحافي الياس خوري غسان تويني بانه "ايوب، ولكنه ايوب محارب لا يستسلم للقدر".

والنبي ايوب هو الامير الذي يتناول العهد القديم في الكتاب المقدس قصته لجهة التجربة التي تعرض لها عبر فقدان اولاده الثلاثة ومملكته ثم مرضه وتعرضه لكل انواع الآلام، من دون ان يفقد ايمانه.

فقد تعرض غسان تويني خلال حياته لمآس عدة,فقد ابنته نايلة التي توفيت بمرض السرطان وهي في السابعة,ثم توفيت زوجته ناديا، الشاعرة المعروفة، بالمرض نفسه,بعدها توفي نجله الاصغر، مكرم، في حادث سيارة. وبوفاة جبران تويني، خسر كل افراد عائلته الصغيرة.

ويتابع خوري "الا ان غسان تويني، على عكس ايوب، ينهض مجددا ليحارب,ففي اليوم نفسه الذي اغتيل فيه ابنه في 12 كانون الاول/ديسمبر، دخل مكاتب النهار، ليس كوالد مفجوع بل كرئيس تحرير. وقال لا للبكاء,الوقت هو للعمل، والنهار يجب ان تصدر غدا".

واضاف الياس خوري ان تويني اوعز ايضا الى الصحافيين الذين كان يعتصرهم الحزن،بالعنوان الرئيسي الذي ظهرت فيه النهار في اليوم التالي وهو "جبران لم يمت والنهار مستمرة".

ويوم الاربعاء الماضي، حول غسان تويني مأتم ابنه الى منبر سياسي ليوصل عبره الرسالة الآتية "انا ادعو اليوم لا الى انتقام ولا الى حقد.. بل ادعو الى ان ندفن مع جبران الاحقاد والكلام الخلافي"، ما ترك شعورا عاما بالاعجاب توقفت عنده كل التصريحات والتحليلات السياسية في لبنان والخارج.

وطيلة الايام التي تلت، حول التعازي بابنه التي تقاطر اليها المعزون من كل الاديان والانتماءات السياسية، الى منتدى سياسي، ساعيا الى التوصل الى توحيد للموقف السياسي الداخلي، والى حل الخلافات التي نشات في مجلس الوزراء بعد مقتل جبران تويني وتسببت بتعليق وزراء حزب الله وحركة امل الشيعيين مشاركتهما في اعمال الحكومة.

وفي هذا الاطار، زار تويني رئيس المجلس النيابي وحركة امل نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة. وتلقى اتصالا من الامين العام لحزب الله حسن نصرالله.

ورد تويني على نصرالله بالقول امام وسائل الاعلام "كلانا فقد ابنا (نجل نصرالله هادي في عملية ضد اسرائيل في جنوب لبنان)، فصارت بيني وبينك حالة نفسية تجمعنا هي شهادة ولدين، وصار لنا ادراك للحاجة الى انهاء الصراعات لا تتوافر لسوانا".

في الوقت نفسه، اعلن غسان تويني انه سيقاضي مسؤولين سوريين هما المندوب السوري في الامم المتحدة فيصل المقداد ووزير الاعلام السوري مهدي دخل الله بسبب كلام نسب اليهما في حق ابنه، من دون ان يذهب الى حد اتهام سوريا بعملية الاغتيال.

ويقول مصدر سوري مستقل رفض الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس ان غسان تويني يلعب "لعبة خطرة". فبالنسبة الى المجرمين، يجب باي ثمن القضاء على النهار التي تشكل منبرا لمعارضة الانظمة الدكتاتورية.

وقال المصدر لوكالة فرانس برس "قتل المجرمون سمير قصير (الصحافي في النهار الذي قتل في حزيران/يونيو) واليوم جبران تويني. واذا استمر غسان تويني في اندفاعته فهو معرض للخطر,بالنسبة اليهم، انه راس الافعى التي يمكنها دائما ان تنقض اذا لم يقطع راسها".

وكتب الكاتب السوري المعارض محمد علي الاتاسي الاحد في النهار، "انا الذي فتحت النهار صفحاتها لي ولغيري من الكتاب السوريين يوم لم يكن هناك من جريدة عربية تجرؤ ان يكتب فيها قلم سوري معارض (..) ان شعورا بالذنب انتابني لدى سماعي نبأ استشهاد جبران تويني كحالي عند استشهاد سمير قصير".

واضاف "هذان الشهيدان لم يدفعا فقط ضريبة حرية لبنان واستقلاله لكنهما دفعا ايضا ثمن ديموقراطية سوريا".

ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في بيروت نواف سلام ان "غسان تويني ياخذ قوته من تاثره بمتنوري القرن الثامن عشر الذين اوحوا بالثورة الفرنسية وفي الوقت نفسه هو من ورثة جيل النهضة العربية التي نشات في نهاية عهد الامبراطورية العثمانية وكانت تدعو الى انهاء عصور الظلامية والتخلف".

ويضيف "انه من المتاثرين بالفلسفة اليونانية التي تقول ان الرد على الالم يكون بمزيد من العمل. لذلك استطاع تحويل النهار الى الصحيفة الاهم في العالم العربي، وترافق ذلك مع حياة سياسية حافلة".

وتولى تويني مناصب وزارية ونيابية. وهو من صانعي الحكومات او المطيحين بها. كان من ابرز المشاركين في 1952 في سقوط نظام اول رئيس للبنان المستقل، بشارة الخوري، ثم في 1968 في سقوط +الشهابية+ نسبة الى الرئيس فؤاد شهاب، التي اخذ عليها جنوحها الى النظام المخابراتي.

ولعل ابرز انجازاته، توصله يوم كان مندوبا للبنان في الامم المتحدة في 1978، الى انتزاع القرار الدولي 425 الذي سحبت اسرائيل بموجبه قواتها من لبنان في ايار/مايو 2000.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى