مقابلة مع فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في مدينة تقع على بوابات البحار

> «الأيام» عن «السياسة» الكويتية:

>
رئيس تحرير «السياسة» يحاور فخامة الرئيس بحضور رئيس مجلس الشورى
رئيس تحرير «السياسة» يحاور فخامة الرئيس بحضور رئيس مجلس الشورى
نشرت صحيفة «السياسة» الكويتية يوم امس حوارا مع فخامة الأخ علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية أجراه الزميل أحمد الجارالله، رئيس التحرير. وفيما يلي ديباجة الحوار ونصه:

في عدن، ملتقى المحيط والبحار، الهندي، والأحمر، وبحر العرب، وفي مدينة تملك مفاتيح المضائق الاستراتيجية، والبوابات المفضية الى اقصى شمال الكوكب الارضي وجنوبه، وفي مكان مفتوح الافق الى اقصى الشرق والغرب، وفي قصر رئاسي كان يحكم منه المندوب السامي البريطاني كل تلك البلاد... في هذه المدينة الرائعة السابحة بين زرقة البحار وزرقة السماء التقينا الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، وداخل حديقة مفتوحة على الماء، رأينا الرجل في صحة جيدة، وفي شباب ناضر، واستمعنا منه الى كلام العارف المدرك لعباراته. ويبدو سره يكمن في نسيان الماضي، وكل ما حفل به من اغتيالات وحروب، وخلافات مع الجيران.

وتشعر الآن، من خلال ملافظه، وحركات شفتيه، وتنقلات بصره، وحركات عيونه القافزة، ان علي عبدالله صالح قد عاد الى ثقافته وقراءته، وانه بات يؤمن بان الاقتصاد أبو الأمن، ويريد ان يشغل الناس فيه... ويضحك الرئيس كثيرا عندما تعيد اليه ذكريات هذا الماضي، ومنها ان «الرفاق» في عدن اعترضوا على انشاء فندق بسبب منظره البورجوازي الذي لا ينسجم مع عقيدتنا، وكأنهم بهذا الرفض يريدون فندقا تسرح القطط والكلاب في محيطه وتأكل من قاذوراته، السياسية وغير السياسية، حتى يكون منسجما مع الثقافة الاشتراكية، ويرضى عنه ماركس ولينيين وهيغل! وتكتشف وانت معه ان عيون علي عبدالله صالح مصوبة نحو المستقبل وبالذات مستقبل التنمية، وانه يشعر ان بلاده تحفل بالامكانات الكثيرة التي يمكن ان تفيد اليمن واليمنيين، وتفيد القادمين الى العمل في فرص البلاد الكثيرة. ويعترف الرئيس ان الثورات لها بعض اخطائها، كما اخطأت عهود الامامة، ويرى ان الخطأ هو الذي يقود الى الصواب، والصواب هو اصلاح واقع الحال بالتنمية، وبالتلاؤم مع خصائص اليمنيين القائمة على حب التجارة. وربما لهذا البلوغ في الوعي رأينا الرجل مرتاحا، يمشي الهوينا، وتحيط به مجموعة من اصحاب العقول المنسجمة، والمنسجم هو معها لانها تعرف الحدود التي يجب ان تتوقف عندها. الرئيس واصحاب هذه العقول يطمحون جميعا الى النجاح كفريق عمل، ولا يوجد بينهم من يملك افكارا مسبقة تجعله راغبا في الانقضاض على السلطة.

مكان إقامة علي عبدالله صالح في عدن محاط بترتيبات امنية تتطلبها ظروف الأمن العالمي الذي يعاني من الإرهاب، لكن عندما تدخل عليه ترى ان شعوره بالامان ليس مربوطا بهذه الترتيبات فهو لم يقتل احدا ولم يعذب احدا ولم يجند الاستخبارات والقناصة لاغتيال احد. لهذا هو مطمئن، وشفاف، ولا يلجأ الى ممارسة الديبلوماسية، التي هي فن الكذب، معنا تسأله بصراحة فيجيبك بجرأة، وليس عنده سؤال ممنوع او جواب مرفوع، ولم يطلب النشر او عدمه، وليس لديه ما هو محجوب.

حضر المقابلة زميلنا محمد زين، وعبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى اليمني، وعبده بورجي مستشار الرئيس للشؤون الإعلامية.

«السياسة»: ما هو السر الذي جعلك تحكم اليمن طوال هذه الفترة وقد شبه الحكم في اليمن كمن يركب الليث بينما أسلافك لم يحكموا مثل هذه الفترة وبمثل هذا التناغم العجيب مع الشعب؟

الرئيس: هذا قدر...وقدر الإنسان أن يتحمل هذه المسؤولية الطويلة وهو قدر من الله سبحانه وتعالى فلقد شاء الله أن أكون في هذا المنصب طوال هذه الفترة أما أولئك الذين كانوا من قبلي سواء من بيت حميد الدين أو الرؤساء السابقين فإن قدرهم كان هو الذي حصل لهم... ولا أحد يستطيع أن يتدخل فيما يقدره الخالق عز وجل.

«السياسة»: كثير من الذين كانوا يتابعون سياسة اليمن ومن يقود اليمن لم يكونوا يتوقعون أن تستمروا في الحكم هذه الفترة (27 عاما).

الرئيس: لعلك تذكر كيف تنبأت صحيفة (الواشنطن بوست) الأميركية أول ما توليت مسؤولية الرئاسة في شمال الوطن وقالت حينها بأن (فترة رئاسة صالح لن تطول أكثر من 6 أشهر) مبررة ذلك بأنه لانعدام خبرته وصغر سنه وأنه شخص مغمور وليس من الشخصيات السياسية البارزة على الساحة اليمنية وكان هذا هو (التنبؤ) من قبلها ولكن الذي حصل هو العكس وأعتقد أنها إرادة سماوية أن يواصل الإنسان المشوار من عام 78 إلى اليوم هذه إرادة إلهية قبل أي شيء آخر.

«السياسة»: ما خاصية المنصب وكيف أقدمت عليه وأنت كنت يومها صغير السن ومن دون خبرة كافية وليس كما أنت عليه الآن؟

الرئيس: هذا صحيح في ذلك الوقت ولكن كانت البلاد معرضة لوضع سيئ وخطير خاصة بعد مقتل الحمدي ومقتل الغشمي ومقتل سالم ربيع علي في عدن وأحداث متتالية كثيرة جعلت اليمن في وضع غليان كالبركان فأخذت هذا القرار بأن اتحمل هذه المسؤولية الكبيرة لكي أبذل جهدا لمواجهة تطورات وحوادث خطيرة كانت ستحصل للبلد ومنع حدوث شيء أكبر مما كان موجودا وأخذت هذا القرار بمسؤولية وطنية وترشحت لمنصب الرئاسة من قبل مجلس الشعب التأسيسي في شمال الوطن حينها وجاء التصويت جيدا ونلت ثقة الناخبين وواصلت المشوار إلى الآن.

«السياسة»: قبل أن تعلن عن إيجابياتك هل ممكن أن تعلن عن سلبياتك خلال السنين التي مضت؟

الرئيس: ليس هناك إنسان محصن أو معصوم من الخطأ فالإنسان يخطئ حتى على مستوى عائلته، وللإنسان اخطاؤه لكن الخطأ يأتي من خلال توجه الإنسان نحو الصواب فتأتي الأخطاء غير متعمدة فالإنسان وهو يسعى نحو الصواب يخطئ لكن لا أحد يعرف أخطاء نفسه بل يعرفها الآخرون وهم الذين يقيمونها فالإنسان يعتقد أنه كامل في كل ما يتخذه من قرارات ولكن البعض من الناس يعتبرونها أخطاء وجزء من الناس يخطئون الإنسان من أجل المماحكات ومن أجل أن يقال بأن هناك أخطاء للرئيس وجزء آخر يقول القرار كان صائبا وجيدا وهذا لمن يريد الخير وربما تكون هناك أخطاء بالفعل تحدث لأنه لا أحد ينزه نفسه عن الخطأ أو الوقوع فيه في أي لحظة في حياته.

«السياسة»: المنطقة العربية ومنها اليمن شهدت انقلابات هل تؤكد لي بأن الثورات كانت مفيدة للعالم العربي أم انتابتها أخطاء أثرت على مستوى التنمية؟

الرئيس: دعني أحدثك عن اليمن، والثورة بالنسبة لنا في اليمن كانت ضرورة ملحة نظرا لما كان يعانيه الوطن من تخلف واضطهاد واستبداد وحرمان... أيضا النضال من أجل الاستقلال كان ضرورة لأن الشعب اليمني كان مشطرا بفعل الحكم الامامي الظلامي في الشمال والتواجد الاستعماري في الجنوب فكان الشعب متخلفا ولم تكن في اليمن أي حركة تنموية أو ثقافية أو تعليمية بل كان هناك جمود شامل في طول البلد وعرضه، فكانت الثورة ضرورة ملحة لتغيير الواقع اليمني المتخلف وبالفعل غيرت الثورة من حياة الناس ومستواهم وثقافتهم الآن هناك عشرات الجامعات والمعاهد وكان عندنا بعض كتاتيب في عهد الأئمة وحتى في عهد الاستعمار في عدن كانت هناك مدارس محدودة ومعهد واحد، لا ثقافة ولا تنمية لهذا كانت الثورة بالنسبة لنا في اليمن وكما قلت ضرورية أنا لا أتحدث عن الآخرين لأن لكل قطر خصوصياته لكن بالنسبة لليمن وكما قلت كانت الثورة ضرورة وحتمية للتغيير وجاء التغيير صحيحا نحو بناء وطن مستقل وجديد وديمقراطي فكان هذا استحقاقا وحقا لكل اليمنيين، لا شك أن الثورة رافقتها بعض الأخطاء سواء في الشمال أو الجنوب أخطاء وسلبيات متعددة كان بالإمكان أن تكون تلك الأخطاء أقل لو سارعنا بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية بعد انسحاب الاستعمار واستقلال الجنوب في الثلاثين من نوفمبر 67 م لو توحد اليمن حينئذ لكانت ربما الاخطاء اقل بكثير ومنها الصراعات بين الشطرين والصراع في داخل كل شطر .. خذ مثلا في الجنوب حصلت صراعات كثيرة داخلية ومجازر وصراعات دموية وقتل الآلاف ورحل الكثير من ابناء الجنوب الى الشمال والى دول الخليج ولو تحققت الوحدة حينها لما حدثت تلك الاخطاء التي حدثت. هذه من السلبيات .. ايضا في الشمال حصلت اخطاء فبقايا العناصر الإمامية ومن ساندها حاربت الثورة واخرت تقدم ما كان يسمى بالشطر الشمالي في تحقيق اهداف الثورة من تنمية وبناء مؤسسات وغيرها فالضخ العدائي ضد الثورة اخر الكثير مما كان ينبغي ان يتحقق من اهدافها وكذلك ما حصل من اعمال قتل وتصفيات لمشايخ وعلماء وشخصيات اجتماعية فيما كان يعرف بالمناطق الوسطى في الشمال من قبل العناصر التي كان يدعمها الحزب الاشتراكي حينذاك وهذه من الاخطاء التي رافقت مسيرة الثورة.

«السياسة»: كيف حافظتم على الوحدة رغم كل المخاطر التي احاطت بها؟ وهل كنتم مطمئنون لانتصارها؟

الرئيس: نعم كنا مطمئنين بانتصار الوحدة لاننا رفعنا شعار «الوحدة او الموت» وهذا شعار واضح التف حوله كل اليمنيين عدا زمرة بسيطة من الانفصاليين الذين استلموا ثمن تآمرهم وخيانتهم للقضية اليمنية وهم مجموعة محدودة ولكنا واثقين من سلامة النهج الذي انتهجناه ومن تحقيق النصر توقعنا واتذكر جيداً ما قلته حينها بان الحفاظ على الوحدة اليمنية يستحق تقديم مليون شهيد ومع هذا كانت خسائرنا اقل من ذلك بكثير وانتهت مؤامرة الانفصال لان الشعب اليمني دافع عن وحدته وهو موحد اصلاً ولسنا شعبين فنحن اسرة واحدة وليس هناك تباين ثقافي او اجتماعي بل نحن اسرة واحدة وثقافتنا واحدة حتى تخلفنا ورقينا واحد فاذا سمعت اصواتاً نشازاً هنا او هناك فهي لعناصر فقدت الجاه والمنصب وتريد بهذا الصوت الذي ترفعه بما تسميه تصحيح مسار الوحدة او المواطنة المتساوية وغيرها من الشعارات ان تغطي على تاريخها وهذه العناصر ملفاتها غير سوية وافعالها خطيرة وتاريخها غير نظيف، فلقد تم سحل القيادات السياسية والاجتماعية والعلماء والمثقفين والمعارضين فاذا سمعت اليوم اصواتاً نشازاً من امثال هذه العناصر فانها تريد بذلك التغطية على ماضيها السيئ وهذه الاصوات التي تسمع من وقت لآخر تعتقد بأنها ممثلة للجنوب وهذا غير صحيح الجنوب الآن ممثل في البرلمان وممثل في السلطة المحلية وممثل في الحكومة وكل مؤسسات الدولة وممثل في منظمات المجتمع المدني وهناك اليوم جيل جديد يمثل اكثر من 45 في المئة من نسبة السكان لا يعرف الا الوحدة فالوحدة تحققت في عام 1990 م فاذا كان الطفل حينها كان عمره 7 سنوات فان عمره اليوم اصبح 23 عاماً وهذا جيل شاب وحدوي نظيف وطاهر وخال من اي عقد لا يعرف غير الوحدة واذا رأيت الشباب الذين عاشوا ارهاصات الوحدة وكانت اعمارهم حينها من 4 او 5 اعوام فانهم لا يعرفون الا الوحدة ومثل تلك الاصوات النشاز عفى عليها الزمن لان هؤلاء فقدوا مصالح غير مشروعة كانت تتم على حساب دماء ومصالح الشعب وامكاناته وحيث كانوا يضطهدون الشعب الذي يريدون اليوم التكلم باسمه ومن العجيب ان بعض هؤلاء يقول بان جمهورية اليمن الديمقراطية كانت آمنة ولا يوجد فيها سلاح وهو اول من يعلم بأنه لم يوجد فيها سلاح بأيدي الناس بالظاهر لان السلاح كان مكدساً في البيوت بالخفاء واثبتت ذلك الاحداث المأساوية التي جرت في 13 يناير عام 1986 م وكل الذين كانوا يرفعون اصواتهم تم قمعهم وهرب الكثيرون منهم الى الشمال او الى دول الخليج، وما تبقى من هؤلاء استولى عليهم الرعب وبالتالي فإن الرعب في مفهوم هذا البعض هو الامن لكن الشعب اليمني اليوم وعلى الرغم من وجود السلاح الا انه يوجد الامن والامان وقانون ونظام وقد تحصل بعض حالات عنف نادرة وهي حوادث جنائية والنادر لا حكم له وهذا موجود في كل البلدان وكما نشاهد فإن العنف والجريمة والثأر موجودة في الكثير من المجتمعات العربية والاسلامية والاجنبية ومن دون وجود السلاح في ايدي المواطنين.

«السياسة»: اذا سلاح الشعب هو الأمن؟

الرئيس: نعم الامن والامان، الناس اليوم تواقون الى البناء والتنمية وانجاز المشاريع سواء كانت مياه او صحة او تعليم او طرقات او كهرباء لم يعودوا ينظرون الى الماضي (كيف كنا ايام الاستعمار وكيف كنا ايام الامامة وكيف كنا ايام الحزب الاشتراكي).. وقد ناضل شعبنا وقدم شهداء وتضحيات غالية من اجل نيل الحرية... الاستقلال... وكما قلت لقد كان بالامكان تجنب مثل تلك الاخطاء في الشمال والجنوب قبل الوحدة بمعالجات حكيمة للقضايا ولكن للاسف هذا لم يحدث.

«السياسة»: سيادة الرئيس تكلمت عن نيتك عدم ترشيح نفسك للرئاسة فهل كان هذا مجرد لقياس شعبيتك لدى الرأي العام ام انك فعلا ارهقت واردت الابتعاد عن هذا المنصب؟

الرئيس: طبعا هناك سياسيون يقولون ان الرئيس طرح هذا الموضوع لقياس الرأي العام وهل مازال الناس يريدون قيادته وهل مازالت له شعبية ام لا...؟ اود ان اؤكد اولا هذا الكلام ليس مطروحا على هذا النحو او للتعجيز.. فالشعب اليمني غني بمثقفيه ورجاله السياسيين العباقرة الذين لهم تاريخ وباع طويل في الحركة الوطنية والثورة والجمهورية، وهناك من يفسر قراري على اني اريد ان اقول (انا الوحيد الذي استطيع ان اكون رئيسا ولو كان هناك غيري لاعطيته الحكم) لا... الشعب اليمني غني برجاله انا اولا احكم منذ 27 عاما وقد طرحت (قراري بعدم ترشيحي للرئاسة) من باب تشجيع الشعب اليمني ليهيئ قيادات لخلافة علي عبدالله صالح كرئيس لماذا ؟ انا اريد ان ارى التداول السلمي للسلطة وارعى هذه التجربة (تجربة التداول السلمي للسلطة) انا لست عجوزا ولست غير قادر على مواصلة الحكم ولكن اريد ان ارى الناس يتبادلون السلطة وان يحكم الشعب ديمقراطيا.

«السياسة»: كأنك تريد ان ترتب البيت اليمني من الداخل؟

الرئيس: نعم اريد ان ارتب البيت اليمني (وقراري) ليس عجزا ولا قياسا للشعبية ولكني اريد ان يتداول الناس السلطة بطريقة ديمقراطية حضارية بالاضافة الى انه من تجربتي في الحكم 27 عاما هناك هموم كبيرة خصوصا في الجوانب الاقتصادية، هناك هموم للشعب اليمني الذي يبلغ تعداده اكثر من 21 مليونا ونصف مليون نسمة والموارد بسيطة وثروتنا بسيطة نحن ننتج كمية قليلة من النفط لا تزيد عن 380 الف برميل من النفط يوميا بالشراكة مع الشركات الاستثمارية، ايضا الزراعة لدينا شحيحة نظرا لشحة هطول الامطار، ولهذا فإننا نظل نحض على المزيد من الاستكشافات النفطية والغازية والمزيد من الاستكشافات المعدنية ومزيد من تشجيع الناس على الاستثمار في مجال الثروة السمكية وهي ثروة مهمة جدا وكذلك في مجال السياحة وفي المجال الصحي نحن نحض المستثمرين على الاستثمارات في جميع المجالات من اجل خلق فرص عمل للعاطلين وهذه من الهموم التي نواجهها على الدوام، والناس الذين خارج السلطة يقولون السلطة لابد ان تعمل كذا وكذا ولمثل هؤلاء نقول تعال امسك السلطة وارنا ماذا ستفعل المتفرج غير العامل في الميدان والسلطة ليست حكرا ولا وراثة، نظامنا ليس وراثيا بل عندنا نظام ديمقراطي ودستور يحدد كيفية تداول السلطة وهذا الذي دفعني لان اقول بأن منصب الرئاسة مطروح لمن يريد ان يترشح للرئاسة من الشخصيات الوطنية المشهود لها بالنزاهة والكفاءة والولاء للوطن والانتماء الصادق اليه وليس ممن تمد ايديها للخارج وعلى استعداد ان تبيع الوطن بأي ثمن وهذا ليس لمجرد الاستهلاك الاعلامي او الكلام غير المسؤول... بل يجب ان نهيئ القيادات, ومنها المؤتمر الشعبي العام وهو اكبر الاحزاب والحزب الرئيسي في البلاد ان يهيئ نفسه وان يستبدل الرئيس برئيس من المؤتمر بالاضافة الى احزاب المعارضة عليها ان تهيئ لها هي الاخرى قيادات, ليس الغرض ان نقول بأننا موجودون وكم سنحصل على اصوات, ولكن المسألة جدية عليهم بأن يأتوا بشخص عبر صناديق الاقتراع ويتم تداول السلطة سلميا.

«السياسة»: هل تشعر بالأمان في هذا المنصب؟

الرئيس: بالفعل انا اشعر بالأمان , أمان الحاكم هو في العدالة, عدالة قراراته وعدالة ما يقوم به فإذا حكمت وعدلت أمنت لكن اذا لم تعدل تظل تخاف, انا ليس لدي اي خوف, ليس لدي ثأر مع احد, ان أي شخص من حقه ان يعارض والذي يريد ان يعارض فليأت إلى الداخل ويؤطر نفسه باطار حزبي والصحافة لدينا حرة وما شاء الله عندنا اليوم أكثر من 150 مطبوعة وكل واحد يعبر عن رأيه ويقول الذي يريد بكل حرية ودون قيود وانا أوجه الصحافة ان تختار الكلمات المسؤولة والنقد البناء والمنطقي وليس مجرد (فرقعات) تضر أكثر مما تنفع.

«السياسة»: ما الذي تنتقد به الشعب اليمني؟

الرئيس: كيف انتقد شعباً منحني ثقته واختارني رئيسا.

«السياسة»: ربما احيانا توجه توجيها ويمشي توجه آخر في الواقع؟

الرئيس: لا .. هذا ان حدث فهو خلاف مؤسسي وخلاف اجهزة تنفيذية, هذا يخص افراداً ولا يخص الشعب اليمني, الشعب اليمني عظيم ومناضل ووفي وواع ويدرك اين تكمن مصلحته ويميز بين الغث والسمين ويعرف الصحيح من غيره.

«السياسة»: متى تعيد لعدن مجدها الذي كان في يوم من الأيام؟

الرئيس: أنا آسف أن يقال بأن على عدن ان تعيد مجدها..عدن الآن في قمة مجدها وازدهارها تجاريا وثقافيا واقتصاديا لان الحديث عن اعادة مجد عدن كان يمكن ان يقال أيام الحكم الشمولي اما عدن الآن فهي تعيش مجدها الحقيقي.

فخامة الرئيس يرد على أسئلة محاوره أحمد الجار الله
فخامة الرئيس يرد على أسئلة محاوره أحمد الجار الله
«السياسة»: اقصد مثلما كانت أيام الإنكليز.

الرئيس: عندما يتحدثون عن مجد عدن كانوا يقصدون عندما كانت عدن ثالث ميناء في العالم (كميناء) لكن كثقافة وكسياسة وكاقتصاد وكتنمية وحرية وديمقراطية لم تكن عدن كذلك (كما هي عليه اليوم) من الأمن والأمان والتطور والنهضة سواء في مجال التنمية أو المجال العمراني أو الخدمات أو البنية التحتية والثقافية..ومستقبل عدن سيكون اكثر ازدهارا انشاء الله.

«السياسة»: وماذا عن إعادتها كميناء مهم؟

الرئيس: الآن بدأنا المرحلة الأولى من ميناء الحاويات وخصصنا منطقة صناعية كبيرة جدا في المنطقة الحرة بعدن وهناك الآن اقبال يتزايد يوما بعد يوم من قبل المستثمرين سواء من اليابان أو كوريا الجنوبية أو الولايات المتحدة الاميركية أو الصين أو بعض الدول الأوروبية خصوصا التي كانت في اطار ما يسمى بمنظومة وارسو فالاقبال كبير ومتزايد على مناطق صناعية لاقامة صناعات مختلفة واتوقع انه في عامي 2007 و 2008 تكون قد بدأت في المنطقة الصناعية مشاريع صناعية وبنسبة من 30 في المئة إلى 40 في المئة من قوام المنطقة الصناعية لأنني أرى الصينيين متحمسين كذلك الكوريين واليابانيين والأميركيين وبعض الدول الأوروبية ولدينا طلبات لاقامة مناطق صناعية إلى جوار ميناء الحاويات.

«السياسة»: الا تعتقد وانت تطرح الأفكار الاقتصادية ان قوانينكم الاقتصادية تحتاج إلى تطوير؟

الرئيس: نحن نطور بصفة مستمرة قوانيننا وبما يواكب كل التطورات الاقتصادية والآن عندنا تعديلات على مشروع قانون الاستثمار الذي انجزناه في الماضي وكان متقدما في ذلك الوقت ولكن نظرا للظروف السياسية ومشكلات الحرب ومشكلات محاولة الانفصال حالت دون ان يبرز هذا إلى الوجود رغم انه كانت توجد فيه تسهيلات وضمانات جيدة للمستثمرين ومع ذلك نقول بأن (القانون) لم يعد يواكب ما نريده وعملنا عليه تعديلات جديدة وهو الآن ينظر أمام مجلس النواب من اجل انجازه وبما يستوعب كل المتغيرات ولجذب المستثمرين وعلى وجه الخصوص من اشقائنا في دول الخليج ولكي يتناغم هذا القانون مع قوانينهم وبحيث يوجد تكامل بيننا وبين دول الجوار.

»السياسة«: الوضع الطائفي في اليمن هل هو إلى حد ما .. مربك أو غير طبيعي؟

الرئيس: اولا ليس هناك أي طائفية في اليمن ولكن إذا وجدت من يردد كلمة مثل المناطقية فلن تجدها إلا على ألسنة من هم من مخلفات الانكليز أو مخلفات النظام الشمولي في الجنوب أو مخلفات الإمامة في الشمال أو مخلفات الأنظمة والقيادات التي فقدت مصالحها وكانت تعتقد أنها مسيطرة ولا تجد مثل هذه النغمات الغريبة على شعبنا إلا عند هؤلاء لكن عامة الشعب لا تجد عندهم مثل هذه الاطروحات التي دفنها شعبنا اليمني بثورته ووحدته ومن وقت لآخر تحصل افرازات لعناصر متضررة لكن كقضية (لا) فاليمنيون كلهم يرفضون الطائفية والمناطقية والعنصرية والسلالية وغيرها وبكل اشكالها وصورها خطابنا السياسي واضح وكذلك خطاب جميع المتعلمين وكل شرائح المجتمع وجامعيينا نحن جميعا تربينا في ظل الثورة والجمهورية تربية وطنية ترفض كل اشكال الطائفية المناطقية والسلالية والعنصرية وتربية اجيالنا تتم على هذا الاساس الوطني السليم الذي يقوم على الوحدة الوطنية المتينة والراسخة.

«السياسة»: فخامة الرئيس هل استطعتم وخلال ال 27 سنة من تسلمك السلطة تغيير البيئة الاجتماعية في اليمن لكي تكون ملائمة للبنية الاجتماعية المجاورة؟

الرئيس: من أي ناحية؟

«السياسة»: من ناحية تطويرها وتطوير الناس؟

الرئيس: نعم نعم الان لو تلاحظ هناك فرق شاسع وتطورات هائلة حدثت منذ 43 سنة الى اليوم وفرق شاسع من 94 الى اليوم وكلها محطات المحطة الاولى كانت قبل قيام الثورة وكانت مرحلة صعبة مناطقية قبلية وكانت سياسة النظام الإمامي تقوم على التمييز وسياسة فرق تسد والاستعمار في الجنوب كان اكثر ترويجا للمناطقية ووصل الامر حتى الى مستوى الاسرة والقرية وهذه سياسة استعمارية معروفة ولكن بعد الثورة نما الحس الوطني لمواجهة هذا الارث المتخلف للعهد الإمامي والاستعماري وبدأت مدرسة الوحدة الوطنية تطرح نفسها حتى ايام الحزب الاشتراكي, كان الحزب يطرح الوحدة الوطنية ولكن بشكل (اممي) ومع ذلك كانت مفيدة في بعض الاوقات على اساس انهم لا ينادون بالعشائرية والقبلية والمناطقية وكانت المحطة الاخرى في الشمال نفس القصة ونفس هذا الموضوع بدأ هذا الارث يتلاشى شيئا فشيئاً منذ 26 سبتمبر 1962 الى 2005 وفي امكانك ان تعمل استطلاعا عاما ليس مع موتور فاقد لمصلحة ولكن في اوساط المجتمع الثقافي والسياسي والاقتصادي كيف تغيرت البنية الاجتماعية والثقافية وتطورت بنسبة هائلة منذ 43 سنة الى اليوم وحدث تغيير في الاتجاه الايجابي بنسبة قد تصل الى 80 في المئة مما كانت عليه في الماضي.

«السياسة»: هل تفكر في تغيير الانظمة والقوانين الاقتصادية لتتلاءم بمثيلاتها في دول الجوار الا تعتقد سيدي الرئيس ان هناك تقصيرا لتسويق اليمن واقناع الناس بالاستثمار فيه؟

الرئيس: ربما يكون هذا صحيحا.. وهذا جانب سلبي ونحن نعترف بان الترويج للاستثمار ضعيف لدينا خصوصا وان ذلك يحتاج الى الاعلام والجانب الاعلامي يحتاج الى انفاق اموال كثيرة نحن في هذا المجال اقل دولة لديها امكانات لتصرف على الاعلام وهذا ربما جانب سلبي لان هناك كثيراً من الانظمة تهتم بالانفاق على الاعلام حتى في اليمن تحديدا ايام النظام الشطري كان يتم الانفاق على الاعلام اكثر مما يتم الاهتمام بالتنمية والانفاق عليها حتى بعض الذين فروا او الموجودين الان خارج البلاد يهتمون بالاعلام كثيرا وينفقون عليه وكل منهم يبحث عن اي صحيفة تجري معه مقابلة من اجل ان يقول (انا موجود) والترويج للاستثمار والترويج السياحي له محطات عدة ممكن يقوم بها الاعلام ولدينا الكثير مما يمكن ان نقوله للاخرين وجذبهم لكن مشكلتنا هي المال والضخ المالي وتبرز امامنا اولويات ونقول هل نصرف على الصحيفة ام نبني مركزا صحيا او نبني مدرسة تلم الشباب من الشوارع ام نصرف على مجال الاعلام عندما تجد نفسك بين خيار ان تعالج مريضا او تنفق على صحيفة تكون الاولوية للمريض والمستشفى نحن امكاناتنا متواضعة ومع ذلك نعطي للاعلام الاهتمام بالقدر الذي في حدود امكاناتنا المتاحة لان الاعلام مهم في عالم اليوم خصوصا في ظل النهج الديمقراطي التعددي وهو نافذتنا على الخارج وجسر التواصل مع الاخرين.

«السياسة»: الأمر قد لا يكون قضية امكانات فقط بل يمكن تشكيل فرق من المتخصصين عندهم القدرة على تسويق اليمن؟

الرئيس: أنت على حق انه لابد من اختيار الشخصيات المتخصصة والمقبولة للاقناع والجذب السياحي والجذب الاستثماري وهذا لابد ان نقوم به في اليمن وانا دائما ادعو كل المستثمرين للمجيء لليمن وخصوصا بعد احداث 11 سبتمبر أنا دعوت كل اشقائنا في المنطقة للاستثمار في بلدنا, واليمن يقدم كل التسهيلات والضمانات والتشجيع لهم وقد اصدرنا توجيهات بأن تمنح الأرض مجانا لأي مشروع استثماري تزيد قيمته عن عشرة ملايين دولار وبالفعل استفاد الكثير من المستثمرين من هذا القرار ومنهم مستثمرون خليجيون جاؤوا الى اليمن واستثمروا ونجحوا في استثماراتهم سواء من السعودية او الأمارات أو الكويت وهذا في إطار التشجيع لهم على الاستثمار واليمن لم يشبع بعد بالبنية التحتية والبنية الاقتصادية وما زال بحاجة لمثل هذه الاستثمارات ويستطيع ان يستوعب كل الاستثمارات وهي سوق كبيرة من حيث عدد سكانه ومن حيث موقعه الجغرافي ويرتبط به اسواق اخرى مثل منطقة القرن الإفريقي وغيرها من المناطق المجاورة.

«السياسة»: وانت تفتح السجل الاقتصادي لليمن هل تعتقد فعلاً انه هناك فرصا اقتصادية مهمة؟ وتدعو المستثمرين للاستفادة منها؟

الرئيس: نعم.. نعم.. وأنا أدعو المستثمرين لذلك وسيحصلون على كل الدعم والرعاية والتشجيع والضمانات والمجالات والفرص كثيرة هناك مثلا في المجال النفطي والمعدني اليمن مازال كنزاً ومخزونا لم يكتشف بعد، الاستثمارات في مجال المعادن التي لم تستثمر استثمارا جيدا واليمن غني بالمعادن فهناك الزنك والنحاس والذهب والبلاتين والصخور والرخام والجرانيت والفضة، وممكن ان نعطي المستثمرين مشاريع يتم الاستثمار فيها في هذه المجالات, كذلك الاستثمار في المجال السمكي، ونحن نعتبر انفسنا دولة سمكية رقم واحد, لماذا لانه لدينا بحر طويل وغني وشاطئ يبلغ طوله اكثر من 2200 كم وبدأنا نصدر كمية من الاسماك الى أوروبا بشكل جيد والى دول الخليج والاردن ومصر والى اكثر من دولة في آسيا وحيث تغطي الاسماك اليمنية اسواق تلك الدول لكننا لم نصل بعد الى ما نطمح اليه في هذا المجال ايضا هناك الاستثمار في المجال الصحي وبناء المستشفيات التخصصية نحن نصرف مبالغ هائلة على العلاج في الخارج وممكن ان يكون هناك استثمار في مجال الصحة وايجاد المستشفيات التخصصية داخل اليمن كذلك في المجال السياحي, واليمن بلد سياحي من الطراز الاول سواء بحضارته وتاريخه وآثاره ومعماره القديم والفريد او بطبيعته الجميلة وتنوع مناخه ومناطقه بين السهل والجبل والساحل والصحراء ولدينا السياحة البحرية وسياحة الشواطئ والخلجان وسياحة الصحراء وهذه مجالات نرحب بالاستثمارات فيها هذا هو الترويج السياحي الذي نسعى للعمل فيه بكل ما نستطيع ونحن نرحب بأي مستثمر للاستثمار في هذه المجالات.

«السياسة»: هل تعد المستثمر القادم الى اليمن انك على وجه السرعة ستعطيه قانونا ملائما؟

الرئيس: سيجد اولا كل المناخات المشجعة له على الاستثمار والقانون الحالي يشجعه على الاستثمار وتعديلاته الجديدة امام مجلس النواب ستقدم المزيد من التسهيلات للمستثمرين من الاشقاء والاصدقاء للاستثمار في بلادنا، الشيء الثاني انا شخصيا أولي الاستثمار اهمية شخصية وأرعى كثيراً من المستثمرين واستقبلهم شخصيا وارعاهم واشجعهم وهناك امر مهم ايضا نحن الآن في إطار توحيد عدد من المؤسسات المعنية بالاستثمار في اطار جهة واحدة سواء مصلحة (اراضي وعقارات الدولة) او السجل العقاري والتخطيط الحضري والمناطق الحرة وهيئة الاستثمار في هيئة واحدة بحيث لا يتشعب الموضوع امام المستثمر وتكون هناك مؤسسة واحدة وشباك واحد يتعامل معه المستثمر دون اي تعقيدات روتينية.

«السياسة»: سيادة الرئيس الا تعتقدون انه من الصواب وانتم تعدون هذا المشروع الذي توعدون به أن تستشيروا بعض المستثمرين من الخارج خصوصا من دول مجلس التعاون المجاورة لكم؟

الرئيس: نعم لقد اطلعت على نتائج لقاء قمة دول مجلس التعاون الخليجي المنعقدة في ابوظبي ونرحب بما جاء في البيان الختامي حول موضوع اليمن وتعزيز التعاون معه وفي مقدمتها الجانب الاقتصادي ونحن مرتاحون لذلك ولما جاء في تصريحات الأخ عبدالرحمن العطية الامين العام للمجلس حول انه سيكون هناك اجتماع لوزراء خارجية دول مجلس التعاون بحضور وزير خارجية اليمن في مقر الامانة العامة وايضا حول عقد اجتماع لصناديق التنمية في دول المجلس لمعرفة متطلبات واحتياجات التنمية في اليمن والمشاريع التي يمكن تمويلها على مدى 10 سنوات المقبلة وحيث تحتاج اليمن الى ما يزيد على 17 بليون دولار اميركي على مدى تلك السنوات من اجل تحقيق الاندماج الاقتصادي بين اليمن ودول المجلس والنهوض بالواقع الاقتصادي والتنموي والارتقاء بمستوى التنمية البشرية في اليمن ليتقارب مع مثيلاته في دول المجلس بالاضافة الى عقد مؤتمر استثماري خليجي في اليمن لاستكشاف فرص الاستثمار في اليمن ونحن سنستلم افكار اخواننا في الخليج كسياسيين واقتصاديين ومستثمرين ونرى ما عندهم من اشياء وممكن نعدل في قوانيننا وانظمتنا على ضوء ذلك وستكون هذه الاجتماعات مهمة ومجدية جدا وسنستفيد من خبراتهم في هذا المجال.

«السياسة»: لماذا الرئيس اليمني لا يدعو الى مؤتمر اقتصادي تكون بنيته مجاميع الناس الذين تحب ان تسمع منهم؟

الرئيس: لقد سبق عقد مؤتمر اقتصادي كبير في اطار الترويج الاستثماري وادعو مجددا الان الى عقد مؤتمر للمستثمرين من دول الخليج والجزيرة لبحث فرص الاستثمار في اليمن وسأكلف الحكومة للتحضير جيدا لهذا المؤتمر ونحن نرحب بأشقائنا في اليمن وسيجدون منا كل الترحيب والتسهيلات والرعاية ومن المهم ايضا الاستمرار في تبادل زيارات المستثمرين او رجال الاعمال والوفود التجارية بين دولنا في اطار السعي لتحقيـق الشـراكة التجـارية والاقتصادية.

«السياسة»: فخامة الرئيس : دعوتم للانضمام لمجلس التعاون ماذا ستقدمون لهذا المجلس لكي يقبل انضمامكم اليه؟

الرئيس: كان لدينا تحرك سياسي قبل انعقاد قمة ابوظبي الاخيرة حيث اوضحنا لاشقائنا قادة المجلس ما هي هموم اليمن التنموية وكيف يمكن ان يساعدنا اشقاؤنا في الخليج في هذا الجانب وما هو المطلوب منا حتى نكون عضوا وشريكا فاعلا في المجلس التعاون وطلبنا منهم ان يقولوا لنا ما هي متطلباتهم لكي نؤهل انفسنا او يؤهلونا هم اذا كنا غير قادرين على تأهيل انفسنا.

«السياسة»: مرت علاقتكم مع السعودية بأوضاع متوترة في السابق هل هذه العلاقات تعيش الان اصعب ام افضل حالاتها؟

الرئيس: قبل التوقيع على معاهدة جدة كانت العلاقات بين اليمن والمملكة بين مد وجزر بسبب مشكلة الحدود ولكن بعدما حلت هذه المشكلة بموجب معاهدة جدة اقول بأن العلاقات اليمنية السعودية تعيش الآن في احلى واجمل وارقى وافضل حالاتها ربما افضل مما كانت عليه ايام المرحوم الملك عبدالعزيز رحمه الله وايام الائمة او ايام قادة الجمهورية في اليمن والفضل بعد الله سبحانه وتعالى هو لتفهم الاشقاء في المملكة وفي مقدمتهم اخي العزيز خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي كان شجاعا وحكيما وصاحب قرار اتخذناه معا بحل هذه المشكلة التي طال امدها والتي استمرت للمصادفة 66 عاما و6 اشهر و6 ايام ولم تكن علاقات البلدين حينها كما ينبغي ولكن حسم هذا الامر بالتوقيع على معاهدة جده بقيادة اخي الملك عبدالله وقيادة المغفور له باذن الله اخي الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله فوصلنا الى نتائج مرضية لليمن والمملكة ونحن من الجانبين راضون كل الرضى عما جرى والعلاقات تعيش الان احسن اوقاتها وافضل حالاتها ولما فيه خير ومصلحة الشعبين اليمني والسعودي وشعوب المنطقة.

«السياسة»: فخامة الرئيس كيف تقيمون الاوضاع في العالم العربي؟

الرئيس:الاوضاع في الوطن العربي من المؤسف القول بأنها صعبة ومحزنة وتمثل هما كبيرا لكل من لديه غيرة على امته هناك تصدع في الوطن العربي العام خصوصا بعد احتلال العراق للكويت وكذا العلاقات بين الدول العربية والاسلامية خصوصا بعد احداث 11 سبتمبر وتفشي ظاهرة الارهاب في العالم وهذا ادى الى ضعف الموقف العربي كله بالاضافة الى الضخ الاعلامي الخارجي الذي يكيل التهم جزافا للعالم العربي والاسلامي وجعل العرب يضعون ايديهم على رؤوسهم من الخوف خصوصا في ظل الارهاب الاعلامي الموجود مما ادى الى ان كل واحد يصدر بيانا يحاول ان يرضي به الاصدقاء ولم تعد هناك الحركة الاستقلالية لاننا اصبحنا جميعا في قفص الاتهام بعد ان رمونا بتهمة الارهاب وفعلا هناك ارهابيون وهم قلة ولكنهم سببوا لنا مشكلات مع الدول الغربية والولايات المتحدة.

كنا نسافر الى اميركا واوروبا آمنين مطمئنين.. الآن الطلاب العرب والمسلمون يتعرضون للتفتيش والمساءلة والمستثمرون العرب والمسلمون غير قادرين على سحب اموالهم من البنوك العالمية او اعادتها لبلدانهم او اي مناطق اخرى نتيجة للارهاب.

وكانت قمة مكة الاسلامية واضحة في هذا الامر وقد دعونا الى اتحاد اسلامي خلال تلك القمة كما دعونا الى اتحاد عربي في القمة العربية لكي تتمكن الامة من مواجهة هذه الهجمة الشرسة عليها خصوصا تلك الحملة الاعلامية التي تتهم العرب والمسلمين والاسلام بالارهاب والدين الاسلامي بريء من ذلك ونحن ابرياء كأنظمة وكشعوب من هذه التهمة فالارهابيون افراد والاسلام منهم براء لان الاسلام دين عدالة ومساواة ودين سلام وحرية ورحمة وحق لكن هؤلاء شوهوا بأعمالهم المتطرفة ديننا الاسلامي واضروا ببلداننا العربية والاسلامية وشوهوا بها لهذا فان الوضع سيء وغير مطمئن والعالم الغربي يقول انتم احتضنتم الارهابيين مع العلم انه في الماضي كان للغرب وتحديدا (اميركا واوروبا) دور كبير في دعم وتنمية هذه القوى المتطرفة قبل نهاية الحرب الباردة وتم دعم هذا التيار المتطرف لمواجهة المد الشيوعي في افغانستان وغيرها من البلدان واصبحنا اليوم جميعا نجني ثمار ذلك الدعم هم ونحن وهذه هي المشكلة.

«السياسة»: كيف ترون العلاقات العربية والاميركية وكيف ينبغي ان تكون؟

الرئيس: اميركا دولة عظمى ولا احد يستهين بها ولها وجود وحضور دولي واقليمي كبير ولابد ان تكون علاقة العرب معها ممتازة كذلك مع الدول الاسلامية لكن المطلوب ان يكون صوتنا مرفوعا امام اميركا ومطالبتها بالعدالة.. عدالة تنفيذ قرارات الشرعية الدولية خصوصا ذات الصلة بالصراع العربي الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية على التراب الوطني الفلسطيني وهذا ما يزيد من احترام اميركا ويجعلها في نظرنا دولة عادلة وذلك عندما تمارس الضغط على اسرائيل لتنفيذ قرارات الامم المتحدة وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين لوطنهم وانهاء الجدار الاسرائيلي العازل وهذا سيجعل لاميركا هيبة ومكانة واحترام لدى كل العرب والمسلمين والعالم اجمع.. الشق الاخر هو ان تقوم اميركا بسحب قواتها من العراق وان تترك للعراقيين حق تقرير مصيرهم بأنفسهم كبلد حر ديمقراطي وبحيث يتحاور العراقيون بمختلف اطيافهم مع بعضهم البعض للخروج بصيغة وفاقية وطنية تخدم وحدتهم الوطنية والتراب الوطني العراقي وتكفل بناء عراق ديمقراطي حر مستقل.

«السياسة»: بعض السياسيين لا يلومون اميركا في بعض الاحيان لمواقفها ولكن يلومون العرب لان الاتصال الاسرائيلي بأميركا اكبر من الاتصال العربي اقصد على مستوى الشعوب.. الاميركان لم يروا من العالم العربي الا شعارات «تسقط اميركا» وحرق علمها خلال المظاهرات في بعض العواصم العربية؟

الرئيس: على كل حال هناك دول لها صوت مسموع لدى الولايات ا لمتحدة الاميركية وهذه الدول يجب ان تتحرك نحو اميركا لكي تسمع صوت العرب واقناعها بعدالة القضايا العربية وبالحق العربي وفي مقدمتها ايجاد الحل العادل للقضية الفلسطينية خصوصا من قبل الدول التي لاميركا مصالح كبيرة لديها ومن المفروض ان هذا الصوت يرتفع اكثر لان اميركا يهمها مصالحها اولا قبل اي شيء آخر فمثلا ما هي مصلحة اميركا في اليمن؟ او في جيبوتي؟ او السودان؟ لهذا يجب ان تتحرك الدول العربية التي لدى اميركا عندها مصالح كبيرة وواسعة والاستفادة من ذلك من اجل ايجاد دور اميركي عادل ومتوازن في حل القضايا العربية وتحقيق السلام العادل في المنطقة.

«السياسة»: فخامتكم كيف تنظرون انتم للاميركان؟

الرئيس: لقد اوضحت ذلك في اجابتي السابقة.

«السياسة»: ولكن اتهموك يوما انك صديق لاميركا؟

الرئيس: بالفعل نحن اصدقاء للولايات المتحدة في اطار المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة والشراكة مع المجتمع الدولي في مجال مكافحة الارهاب ولكن لو كان عندي مصالح كبيرة مع اميركا لوظفتها في سبيل خدمة القضايا العربية والاسلامية وسأقول لهم اوقفوا الاسرائيليين من بناء الجدار العازل وعجلوا بخروجكم من العراق واضغطوا على اسرائيل من اجل القبول بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وستكسبون بذلك احترام وتقدير كل عربي ومسلم ومع ذلك نحن لا نتردد في ان نقول لهم ذلك بكل الصراحة والشفافية كلما سنحت لنا الفرصة بذلك.

«السياسة»: ألا تعتقد ان العالم العربي قبل ان يتكلم عن علاقاته مع الدول الكبرى يهتم بتنمية بلدانه وشعوبه باعتبار ان ذلك هو الاهم؟

الرئيس: بالطبع هذا اهم من (الهدرة) اي الكلام الكثير الذي لا ينفع انا معك بانه من المهم اعطاء الاولوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومن المهم ايضا توظيف المصالح العربية للضغط على اميركا من خلال مصالحها معنا لتلبي مطالبنا العربية خصوصا وهناك جماعات الضغط الصهيوني والتي تستغل المصالح ووجود الجالية اليهودية النشطة في اميركا لمصلحة اسرائيل لهذا واميركا تعتبر اسرائيل هي الحليف القوي لها في المنطقة وتسمع جيدا لجماعات الضغط تلك ولا تسمع للجاليات العربية والاسلامية الموجودة لديها ولدولهم.

«السياسة»: ما الكلمة التي تقولها للعرب ولشعوب دول الخليج خاصة؟

الرئيس: على الشعوب العربية وفي الخليج على وجه خاص المزيد من التكاتف والتعاضد والوحدة ونبذ الخصومة والخلافات والتباينات وان نعمل جميعا من اجل توحيد صفوفنا وان ننبذ الاحقاد والضغائن من قلوبنا وان نكون خير امة اخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فجميعنا في سفينة واحدة ومصيرنا واحد والانسان قوي بأهله وقومه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى