باحث جيولوجي:حددت 40 موقعا خطرا ومنها الجبل المنهار لكن مسؤولين اتهموني بالجنون

> صنعاء «الأيام» ا.ف.ب:

>
صور توضح عمليات الإنقاذ الجارية التي يشارك فيها أبناء قرية الظفير المنكوبة ببسالة رغم صعوبة المهمة
صور توضح عمليات الإنقاذ الجارية التي يشارك فيها أبناء قرية الظفير المنكوبة ببسالة رغم صعوبة المهمة
اعلن مسؤول في وزارة الداخلية اليمنية أمس الجمعة ان عدد الاشخاص الذين قتلوا مساء الاربعاء اثر انهيار صخري على قرية ماهولة بالقرب من العاصمة صنعاء بلغ 45 قتيلا,وكانت ثلاثون جثة انتشلت الخميس من بين الصخور التي سقطت على قرية الظفير.. (40 كم غرب صنعاء) فيما اعلن عن فقدان عشرات آخرين تحت الانقاض.

وقال المسؤول اليمني الذي طلب عدم ذكر اسمه لوكالة فرانس برس "لقد ارتفع عدد القتلى الى 45".

ويتوقع ان يرتفع عدد الضحايا اذ ان مئة من اصل عدد سكان القرية البالغ 270 نسمة لا يزالون مفقودين ويعتقد انهم مطمورون تحت اكوام الصخور او ركام منازلهم التي دمرها الانهيار الصخري.

تعرضت قرية الظفير بمديرية بني مطر الواقعة على بعد 50 كيلومترا غرب مدينة صنعاء لكارثة إنسانية فادحة بانهيار الجبل المطل على القرية الذي انشق نصفين، نصفه بات نائما على سكان القرية بعد أن تفكك إلى عشرات الصخور الكبيرة، فيما لا يزال نصفه الآخر يشكل خطرا قائما يهدد سكان المنطقة الذين غادروا مساكنهم خوفا من تكرار الكارثة مرة أخرى.

أربعون منزلا أصبحت تحت أكوام الصخور الكبيرة، منها 25 بيتا انتهت تماما ولم يتبق منها شيء سوى 27 جثة تم انتشالها من بين الانقضاض، في الوقت ذاته تتضاءل الآمال في إخراج من لا يزالون تحت الانقاض، الذين يقدرون بحوالي 140 شخصا، يحتاجون إلى مدة أطول وعمل أفضل لإخراجهم من بين صخور ضخمة وكبيرة جدا حجم الواحدة منها أكبر من حجم البيت الواقعة عليه، ورغم وجود المعدات الثقيلة التي تقف عاجزة أمام الصخور الكبيرة، ما تزال معاناة الذين لا يزالون أحياء تحت الأنقاض مادام أعضاء فريق البحث والانقاذ يعملون من دون خطة مدروسة.

وعلمت «الأيام» من الأهالي أنه حتى ظهر يوم الخميس لا يزال شخص يجري اتصالات هاتفية من تحت الأنقاض لمحاولة الوصول إليه لإخراجه. وذكر لـ «الأيام» شهود عيان من أبناء المنطقة أن الجهات المعنية ورجال الامن رغم فظاعة الكارثة والحادثة لم يأتوا للانقاذ وإنما لطرد سكان القرية وإجلاءهم منها.

وتحدث لـ «الأيام» أحد أبناء المنطقة الذي رفض ذكر اسمه، بقوله: «الجنود لم يأتوا لإنقاذنا وإنما للسطو على أشجار القات في هذه المنطقة وليمكثوا داخل الخيام التي نصبت من أجل إنقاذ المصابين وإيواء من تهدمت بيوتهم.

وعندما قام الأهالي بإيصالنا إلى منطقة الخيام وجدنا بداخلها أفراد الأمن وفريق الانقاذ كأنهم في نزهة وأصواتهم مرتفعة وأمامهم أشجار القات التي كانت في مزارع بني مطر، وفي قرية الظفير». وأضاف معلقا:«الكارثة تحتاج إلى معدات ثقيلة وأيد عاملة والحكومة جاءت بصوالين فارهة تنظر إلى الكارثة وتودعنا، والأهالي هم من يبحثون وسط الانقاض».

وخلال زيارتنا للمنطقة التقينا الباحث الجيولوجي صالح أحمد مجوحان، ماجستير في الانهيارات الأرضية بجامعة صنعاء ويعمل لدى هيئة المساحة الجيولوجية، الذي بدأ حديثه بالقول: «تتعرض المرتفعات الغربية في اليمن إلى العديد من المخاطر الطبيعية ومنها الانهيارات الارضية، وقد أثرت بشكل مباشر على البيئة البشرية والطبيعية في المنطقة، وهناك خسائر كبيرة رافقت الانهيارات الأرضية في المنطقة وهناك احصائيات حكومية تبين ذلك في ظل صمت رهيب وتجاهل عجيب من جانب الدولة، التي لا تعير للكارثة اهتماما إلا بعد حدوثها، ولا يوجد أي انتباه لهذه المخاطر رغم العلم المسبق».

واضاف: «حددت 40 موقعا خطرا في الانهيارت الأرضية بالمحويت وعمران منها هذا الموقع لدراسته بحكم خطورته وحجم الكوارث المتوقع حدوثها، ولم تتجاوب معي هيئة المساحة الجيلوجية واتهمتني بالجنون ومنعتني من التحدث عن هذه المواقع خوفا من اقلاق الأهالي، مع العلم بأني نشرت عدة بحوث في ندوة الكوارث الطبيعية بإدارة الأمم المتحدة عن الانهيارات الأرضية في مناطق المحويت وعمران، وأصدرت تحذيرا لسكان منطقة الطويلة بالمحويت من كارثة متوقعة».

وتحدث لـ«الأيام» الأخ عبدالواحد البخيتي، محافظ صنعاء الذي كان موجودا مكان الحادثة، واصفا هذه الكارثة بأنها مؤلمة وقال:«ولكن نحمد الله الذي لا يحمد على مكروه سواه، الواقع أنها حادثة مؤلمة وبحجم كبير، حيث إن الجبل انهار فوق القرية ودمر حوالي 20 منزلا تقريبا بما فيها من الأسر ونتوقع أن يصل عدد الضحايا 110، وما تم انتشاله حتى الآن 21 جثة والبقية لم نتمكن من اخراجهم لصعوبة ابعاد الصخور لأنها ذات أحجام كبيرة أكبر من المنازل التي سقطت عليها.

الجهود تبذل والناس في ورشة عمل واحدة ابتداء من فخامة رئيس الجمهورية الذي تابع الموضوع منذ الدقائق الأولى، مرورا بنائب الرئيس ثم رئيس الوزراء فالسلطة المحلية والجيران من مديرية همدان والمحويت وشبام وكوكبان ومن بقية مناطق العاصمة صنعاء، كما تلاحظ في الموقع هناك عمل جار على قدم وساق واستخدمنا المعدات الحديثة والمناشير لتنقيب الصخور الكيبرة، وعندها سنتمكن من إخراج بقية الجثث إن شاء الله».

لقاءات مع أبناء المنطة
حمود الظفيري (26 عاما)، من أبناء المنطقة: «لم نكن نتوقع هذه الكارثة، والمفاجأة عندما شعرنا بهزات أرضية وأصوات رياح شديدة ولم نستطع مشاهدة أي شيء لكثافة الغبار وانقطاع التيار الكهربائي في المنطقة، وبعد حوالي نصف ساعة رأينا أكوام الصخور تغطي المساكن الواقعة تحت الجبل، ورأينا الجبل على غير عادته وقد تغير لونه إلى أبيض».

حمزة شرف (15 عاما) من أبناء المنطقة: «كنت وقت الحادثة في مزرعة القات، وفي تمام الساعة التاسعة من مساء الاربعاء سمعت الصخور عندما وقعت على القرية فنظرت ناحية الصوت فلم أر شيئا سوى الغبار، فتوقعت أنه قصف بصواريخ أو طائرات وقع على هذه المساكن، فأسرعت إلى تحت الجبل وشاهدت الأهالي مجتمعين هناك لنشاهد الجبل الذي نام على أهالينا وهم نائمون».

عبدالله الظفيري (21 عاما) أحد سكان القرية المتضررة ويسكن أحد البيوت المجاورة تماما للحادثة: «الحمد لله ثم الحمد لله، وقدر الله وما شاء فعل، وهذا قدرنا ومكتوب علينا ولكن أتذكر أن أجدادنا كانوا يتحدثون دائما عن موضوع سقوط هذا الجبل فوق مساكننا، وأتذكر أنه جاء قبل سنوات إلى هذه المنطقة خبراء جيولوجيون وتحدثوا مع عقال القرية بأن هذا الجبل مهدد بالانهيار في أي وقت، ونحن الآن نطالب الجهات المعنية بسرعة الالتفاف إلى مثل هذه الجبال الخطرة وتفادي الكوارث».

عماد (16 عاما) من أسر الضحايا: «كنت وقت الحادثة نائما في بيت شقيقتي التي أخذتني من البيت مساء يوم الحادثة وقبل الكارثة بساعتين فقط، وعندما استيقظت على صوت الحادثة أسرعنا أنا وأختي إلى مكان الحادثة ولكن المحزن انني لم أشاهد بيتنا فلم يتبق منه شيء.. توفي جميع أهلي وانتهت كل ذاكرتي، لم يبق لدي سوى أخت شقيقة شاء القدر أن أكون في بيتها وقت الحادثة لأن زوجها كان مسافرا خارج المنطقة».

وهكذا انتهت قرية بأكملها .. بأفراحها وأحزانها .. بذكرياتها وقصصها .. ولا تزال عمليات البحث مستمرة وتحتاج إلى أيام وأسابيع لإزاحة الصخور الكبيرة وانتشال بقية الضحايا من تحت الأنقاض.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى