قصة قصيرة بعنوان (في الضواحي يتضخم الأقزام)

> «الأيام» علي الجبولي:

>
علي الجبولي
علي الجبولي
حينما اعتصره الحر وأنهكه التعب لاذ ببوابة سور يطوق ساحات شاسعة. فجأة وقفت بجانبه سيارتان فارهتان، هبط من الأولى رجل ضخم الجثة، ومن الأخرى تقافز عدة رجال مدججين بأسلحة متنوعة، حدجة الرجل الضخم بنظرة مرتبكة ثم تشاغل بإخراج حشوة شمة اختلطت ببقايا قات في شدقة الايمن، شرع بإرسال شتائم وتهديدات الى هواتف مختلفة، وخلدون يتفرسه بدقة، قبل أن ينقض احد المسلحين على مؤخرة رقبته ويسحبه بقسوة إلى الخلف.

- لا تتجسس على المدير يا قذر.

استدار بصعوبة وهم بصفع المسلح، لكن آخر دفعة بالسلاح إلى الأرض، نهض بسرعة:

- من يكون مديركم هذا حتى نتجسس عليه؟

امتطى الرجل سيارته. أومأ لمرافقية بتركه، وقال:

- انتظر حتى نرجع.

سأله بتوسل:

- لو سمحت يا مدير. هل تعرف شابا يعمل هنا اسمه زيد الـ...؟

ابتلع الموكب المغادر سؤاله، تبلبلت أفكاره، تذكر توسلات جارته العجوز أم زيد والدمع يبلل صدرها:

- اسرح شوف لي ابني في المدينة، من يوم ما مات أبوه خمس سنين ما وصلني منه حتى جواب، خاف موه جرى له واخفوا علي.

قالوا له انه يعمل في ضواحي المدينة مع مؤسسة استثمار البسط على الأراضي واستثمار بيعها، طاف بعدة أسوار يسأل عنه دون جدوى.

- يبدو أني أخطأت المكان، ذلك الرجل السمين يشبه زيد في ملامحه، لكن لماذا لم يعرفني! لا يعقل أن يكون هذا الضخم المتعجرف زيداً.

سرح يسترد صورة زيد، تلميذه في الثانوية المشغوف بكتب الأدب والفقه، جاره البار بوالديه، تذكر سمو أخلاقه وجسده الضامر خلف حماره الهزيل يجلب الماء لأمه. اقترب بحذر نحو حارس البوابة:

- يا أخ هل يوجد عندكم موظف اسمه زيد الخضر؟

قذفه الحارس بحمم من السباب، تطايرت معه رائحة نتنة لبقايا خمر رخيصة. لمحه من البوابة شاب وسيم فركض نحوه.

- مرحبا بأستاذنا الفاضل خلدون، كأنك عرفت شوقنا لفخريات المتنبي، ولوعات ابن زيدون بصوتك العذب، لو علم زيد بزيارتك سوف يطير من الفرح. هل تذكرني أنا حميد النمر زميل زيد في الثانوية وظفني زيد سائق غرافة.

- وأين زيد؟ - (الفندم) زيد مدير فرع الشركة هنا، شغلته مشكلة بسيطة في الشرطة، سأتصل به حالا.

تدخل الحارس: قد شافه المدير وتركه.

نهره الشاب: لا تقل هذا الكلام.

- وما قصة فندم هذه!

همس الشاب:

- قائد فوج المدينة وصاحب المؤسسة بينهم قرابة ومنافع، وهو يمنح مدراء المؤسسة رتباً عسكرية.

ضغط زر الهاتف

- خبر يفرحك يا فندم، الاستاذ..

- اختصر يا بغل.

- عفواً سيدي المدير، الاستاذ.. أستاذك خلدون..

- ماذا يريد هذا التافة؟ قل له يبحث عمن هم في مستواه، انا لست فارغاً للعاطلين والشحاذين من أمثاله، اسمع، أبعده من أمام البوابة بألف ريال صدقة، وأبلغه إذا يريد مقابلتي يرجع بعد شهرين، أما أنت يا متطفل فلي معك حساب آخر.

ارتجف، تلعثم حاول إخفاء الرد، معتقداً أن خلدون لم يسمع:

- للأسف يا أستاذ، زيد يبلغك تحياته ويعتذر لك، هو الآن مسافر الى مدينة بعيدة لمقابلة مستثمرين أجانب، وعند عودته سيتصل بك.ابتسم خلدون وقال: سمعت اعتذاره.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى