المحطة الأخــيرة.. التأم المشقاص وعاد (المنتوج)

> محمد سالم قطن:

>
محمد سالم قطن
محمد سالم قطن
ما بين محدث والحصون والجحى ذاك الزين، هكذا غنى المحضار، يرحمه الله، ذات أصيل منذ أربعة عقود. وها نحن ظهر الخميس الفارط، على ظهر هذه المطية الحديدية وهي تغذ السير باتجاه الريدة وقصيعر. وكان الزميل الاديب سالم العبد، المشقاصي أباً وجداً، يسرد وهو القاص المتمكن، علينا نحن رفقاء الطريق نتفاً من سوالف منطقة المشقاص التي تدعى اليوم مديرية الريدة وقصيعر. كنا جميعاً مدعوين للقاء العيدي لمنتدى المشقاص الثقافي الاجتماعي. وما أن بدت معالم رأس باغشوه حتى وجدنا زميلنا حسن المنهالي يشير بكلتا يديه من نافذة السيارة إلى (صروم) مطرح من مطارح البدو الرحل، وقد استقر على سنام من الأرض الجرداء. إنه، كما قال لنا صروم لأسرة منهالية معروفة اعتادت في مثل هذا الوقت من كل عام أن تقطع مئات الأميال من مطارحها في أعالي حضرموت وتخوم المهرة نحو هذا السهل المشقاصي على مقربة من البحر. ففي الشتاء يجود صيد البحر، أما في بقية المواسم فعلى الرعي والكلأ.

وعندما وصلنا قصيعر، هاتفنا زميلنا عيظة الجمحي، المسؤول الثقافي، بأن اللقاء سيتم في (القرين) وهو مرفأ طبيعي من مرافئ قصيعر، ترتاده على الدوام سفن الاصطياد. وكان إلى وقت قريب بوابة العبور إلى سقطرى وسواحل شرق إفريقيا.

رائحة السمك المجفف تملأ المكان من حولنا. هالني منظر الشوالات العديدة الممتلئة بـ (المنتوج) وقد تهيأت للتصدير. والمنتوح هو سمك شبيه بالسردين إلا أنه دقيق الحجم لذيد الطعم. كان المنتوج في سنوات الستينات من القرن الماضي من أشهر المنتجات السمكية عندنا وكان يصدر إلى كولمبو، عاصمة تجارة الأسماك في ذاك الزمن الذي فات، ثم حدث ما حدث، ليغيب المنتوج وتختفي التجارة وينكفئ الإنسان.

اللقاء الذي حضرناه كان مناسبة لكي نعرف أن الوعي قد عاد، وأن الدعاوى التي ما أنزل الله بها من سلطان قد انحسرت فكل أبناء المنطقة يجتمعون معاً، وبكل مشاعر الود يحاولون إعادة صياغة الوشائج التي انقطعت. كل ألوان الطيف عندهم شاركت وتألقت. وعزموا معاً على العمل بروح الفريق الواحد. أعجبني التناغم السلس بين الرسمي والشعبي، المدير العام للمديرية والأمين العام لمجلسها المحلي وبقية أعضاء المجلس، جلسوا معاً، تحاوروا بشفافية عن قضايا منطقتهم، آمالها، تطلعاتها. كانوا معاً أعضاء في منتدى ثقافي وكأنه مجلس محلي موسع.

أبناء المديرية الذين يعيشون ويعملون في عاصمة المحافظة وفي عدن أو صنعاء، حرصوا على الحضور أو على الأقل أن يكون لهم من يمثلهم في المنتدى المشقاصي. أعان الله من أعان على لم الشمل ورأب الصدع وعمل لخير البلاد والعباد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى