الاصلاح ومحاولة تربيع الدائرة

> صالح علي السباعي:

>
صالح علي السباعي
صالح علي السباعي
الإصلاح المالي والإداري، محاربة الفساد، الشفافية، حقوق الإنسان، صرخات العصر المستخدمة هذه الأيام في أكثر من دولة، ترفعها الحكومات عند تشكيلها، كشعار على أجندتها، وبالتأكيد فإن حكومتنا الجديدة القديمة تتبنى هذا الشعار، وقد جاء تشكيل الحكومة الجديدة بعد أن تصعبت الأحوال وانخفض مستوى التفاؤل لدى الغالبية من الناس.

ذهبت الحكومة السابقة ولم يبق منها إلا من رحمه الله من قرار الإعفاء، رغم أن من بين الذين رحلوا رؤوساً كبيرة، استطاعوا مقاومة العواصف والبقاء في مركز القرار تحت الأضواء، كان ذلك صعباً وشاقاً، لكن الأصعب من ذلك هو مغادرة القمة بصورة مفاجئة وسريعة، حيث تنطفئ الأضواء ويختفي المقربون والأصدقاء، وهذا هو قدر أهل القمم، والقمة كما يقولون ليست بالمكان الفسيح وغالباً ما يتزحلق معظم الواصلين إليها، فوداعاً للمغادرين القمم مع الأمنيات بتقاعد مريح وربما فرصة ليعرف البعض عن قرب أن قرار خليك في البيت ليس مريحاً، وهذا هو حال الدنيا، وما فقده الآباء سيعوضه الأبناء في هذا الوطن المعطاء، الذي اعتدنا فيه رؤية ابن الوز عوام، وحظاً موفقاً للقادمين الجدد الذين ستكون بانتظارهم مهمات جسيمة في وزاراتهم.. حيث ينتظر الناس رؤية الجديد الإيجابي، أما الوزراء القدامى فهم يعرفون أماكن الخلل ويستطيعون إصلاح الأمور إذا أرادوا ذلك.

ولا أحد ينكر أن الإصلاح ليس سهلاً في البلدان التي تعاني مشاكل الفقر والأمية والبيروقراطية، وتظل محاولة الإصلاح ما هي إلا محاولة شبيهة بمحاولة من يريد تربيع الدائرة، وأن عملية الإصلاح غالباً ما تحبط، وقد حبطت من قبل مرات عديدة بسبب التركيز على تغيير الرؤوس الكبيرة وينتهي كل شيء، بينما يفترض أن يبدأ التغيير والإصلاح من الأسفل إلى الأعلى، حيث الخلل في معظم أجزاء الجسم وليس الرؤوس وحدها.

وها هو المواطن يرى بين كل فترة وأخرى تشكيلا وزاريا جديدا دون أن يشعر بتحسن في حياته، ويلقي اللوم على الوزير الذي قد يكون لا حول ولا قوة له، ولم يكن بمقدوره إزاحة الصخور الجاثمة على صدر وزارته منذ فترات طويلة، ولأن الأمور صعبة تصبح عملية الإصلاح أصعب، وتسمع في النهاية أن الوزير بدلاً من أن يقود الوزارة وقع تحت رحمة اخطبوط الوزارة.

إن أمل المواطن، كان دائماً وسيبقى، هو أن تأتي حكومة تعمل على إصلاح الحال وتحسين ظروف المعيشة وتوفير فرص العمل ومراقبة الأسعار التي أرهقت كاهله، وأن تحقق أحلامه التي لم تتحقق مع كل الحكومات السابقة التي عرفها، رغم أن تلك الأحلام بسيطة ولا تتعدى أحلام أبطال الفلم الهندي (روتي، كبره، مكان) أي خبز، وغرفة، وقطعة قماش، وأن تدرك الحكومة الجديدة القديمة أن هيكل الأجور لم ينجح في تخفيض لهيب الجرعة التي أقرتها الحكومة السابقة بعد موافقة مجلس النواب وزراء المستقبل مدى الحياة، وهو يأمل مراجعة الحكومة لهذه الجرعة التي هي فوق طاقته، ويرى المواطن أن فكرة الجرعة فكرة مجنونة بل أكثر جنوناً من فكرة المعتوه الذي وافق على الزواج من مجنونة لتزيده جنوناً فوق جنونه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى