الأستاذ والتربوي القدير عزت مصطفى منصور في حديث بمنتدى «الأيام»:أفتخر أن أبنائي ممن درستهم في مدرسة الوهط أصبحوا رجالا بارزين في اليمن

> «الأيام» متابعات:

>
مدرسة الوهط الابتدائية الاعدادية في الخمسينيات
مدرسة الوهط الابتدائية الاعدادية في الخمسينيات
في منتدى «الأيام» وتحديدا عصر يوم السبت 11 فبراير 2006 كان الأستاذ والتربوي القدير ابن مصر عزت مصطفى منصور، ضيفاً عزيزاً حل بترحاب كبير من الزميلين الناشرين هشام وتمام باشراحيل ورواد المنتدى الذين سعدوا بلقائه وسماع جانب من حياته خلال إقامته في لحج الخضيرة وعلى وجه التحديد «الوهط» التي احتضنته واحتضن أبناءها الذين تتلمذوا على يديه. فإلى الجزء الثاني والأخير مما دار في ذلك اليوم الجميل.

وحقيقة التمثيليات تلك والأنشطة وفريق شباب الكشافة في ذلك الوقت كانوا في منتهى القوة وتضارع أحسن أنشطة مدرسية في أي دولة عربية في ذلك الوقت ولم تكن الناحية المظهرية هي الأساس ولكن كان اهتمامي بتلميذ الكشافة عندي الذي جعلت شعاره منذ صغره الله والوطن ثم مبادئه كانت مبادئ الكشافة الحقيقية وتعلم التحمل وأنا أذكر أن أول رحلة كشفية قمنا بها كانت سيرا على الأقدام من الوهط إلى الحوطة وإنشاء معسكر ومن ثم العودة على الأقدام وبكامل أمتعتهم وأدواتهم ومؤنهم، وطبعاً أنا لا أقصد مجرد الرحلة إنما أن نربي أولادنا على التحمل والجلد والطاعة والحب وهذه كانت أول رحلة، وقمنا برحلات بعدها تعتبر غريبة جداً فقد وصلنا إلى مناطق طور الباحة والمفاليس والعارة وأذكر آخر رحلة قمنا بها الى منطقة المفاليس على حدود اليمن -آنذاك - واستغرقت الرحلة ستة أيام، وفي هذا الوقت جميع الفرق الرياضية أيضا أنشئت في المدرسة وكان التلميذ يعيش في المدرسة يومياً حوالي 14 ساعة وليس أقل من ذلك حيث كان يدرس في الصباح ثم يذهب للغداء ويعود مجدداً إلى المدرسة وأنشأنا ناديا في المدرسة كان أول ناد ينشأ في الوهط وفيه قسم التلاميذ إلى أسرتين أسرة جعفرية نسبة إلى الوهط وأسرة عبدلية نسبة إلى لحج وفي هذه الأسر تم تدريب التلاميذ على معنى الانتخاب والديمقراطية من رئيس الأسرة ووكيل الأسرة وأي مراكز قيادية في الأسرة كانت في الانتخاب وهم ما يزالون تلاميذ، فكان ذلك تدريبا للمستقبل على القواعد والقوانين والنظام واللوائح من خلال نماذجها التي طبقتها في النادي، وكانت جميع الفرق الرياضية في النادي متواجدة ويمارس أنشطتها الرياضة أبناؤنا.

وإلى جانب كل ذلك هناك مسألة مهمة فقد كنا نعمل حفلات سمر في المدرسة يومين في الأسبوع وتجتمع الكشافة وفي هذه الحفلات نبث في التلاميذ الروح القومية الوطنية ونسمح لابننا يتكلم ويعبر عما في نفسه ويجول في خاطره وأنا بالتالي أتحدث إليهم، يعني أيه قومية عربية، يعني أيه عربي، يعني بلدك، يعني أيه مستعمر؟ كل ده نلقنه للتلميذ في السن ده إللي بقول عليه دلوقتي، برضه كنا نقوم برحلات خارج الوهط وكانت الإمكانيات محدودة جداً وكنت أنا قد أحضرت لهم مكرفون صغيرامن مصر وكان في راديو زمان وكان حينها الراديو كبير الحجم وعملنا إذاعة محلية في المناطق التي نحن نصل إليها وكان الأهالي في تلك المناطق يجتمعون حولنا في الليل ونقوم فعلاً بحملة توعية لهم بمفاهيم القومية العربية وضرورة أن نبقى كعرب متحدين وكل ما نادت به ثورة مصر كان يذاع على كل المناطق من قبل أبنائنا الصغار هؤلاء، بمعنى أن الوعي القومي العربي ليس فقط ننميه في نفوس أولادنا، بل كنا نحاول ننشره في أي منطقة نذهب إليها.

وأنشأنا في ذلك الوقت برضه مجلة مدرسية وكان حينها يوجد حزب رابطة الجنوب العربي وكان محمد الجفري رئيس هذا الحزب، والحقيقة عملنا مجلتنا .. أعطيت اليوم نسخة مصورة منها إلى الأستاذ هشام باشراحيل، النسخة هذه أذكر أن طباعتها حينذاك كانت في دار اسمها دار الجنوب العربي للطباعة هنا في عدن وتبرعوا هم بالطباعة مجانا والمجلة هذه كتب فيها التلامذة وكتبت أنا فيها وكل ما قلته الآن مسجل في هذه المجلة، وهذه الأمور التي أنا بثيتها في أولادي مسجلة في المجلة والتي أهدف منها إلى خلق مواطن صالح عربي قومي يؤمن بعروبته، يؤمن ببلده وروح الفداء وروح التضحية. من المجالات التي دربت عليها أولادي وكان ذلك الهدف الأساسي والحمد لله كانت العلاقة بيني وبين أولادي بعد الظهر ليست علاقة مدرس وتلاميذ لا أبداً بل كنت واحدا منهم وطبعاً كل ما أنت قربت من سيكولوجية التلاميذ ودرستها جيداً ودخلت إلى أعماقه تستطيع أن تشده وتوجهه إلى ما تريد وخاصة في فترة المراهقة، وطبعاً أولادنا في هذه السن في فترة بعد الظهر كانوا يتعلمون أشياء كبيرة جداً دون أن يشعروا، فأنا بذرت البذرة وسبتهم هم يكبروا ويتعلموا.

غادرنا نحن عدن والوهط في العام 1958م والإنجليز منعوا دخول أي مصري إلى عدن بعد خروجنا، الإنجليز بدأ ايضا التعليم في مدرسة الوهط يشكل لهم إزعاج وكان الإنجليز يقومون بتصويرنا بالطائرة الهوليكبتر في جميع الرحلات التي نقوم بها ومنعت أنا من دخول عدن في ذلك الوقت ويمكن اعتبر الانجليز أنني جئت أعمل لهم مشاكل هنا من خلال إيقاظ الناس بتعليمهم مما سيؤدي إلى قلق في هذه المنطقة، فمنعت البعثة المصرية تماماً بعد 58م أولادي طبعاً ذهبوا إلى القاهرة وأكملوا تعليمهم وكنت على اتصال دائم معهم في أماكن دراستهم المختلفة في مصر ومنهم من ذهب إلى الكويت وكنت أراسلهم وأتابعهم لغاية ما عرفت أن اللبنة التي أنا بدأت بها البناء ازدهرت والأولاد هؤلاء بدأوا يصبحون رجال لليمن وفخرت كل الفخر لما علمت أن من هذا الجيل أبناء أثبتوا جدارتهم على مستوى اليمن وأذكر على سبيل المثال ابننا أحمد سالم عبيد وأذكر نقيب المهندسين حاليا في عدن عبدالرحمن البصري وأذكر د. محمد جعفر زين وكان أول رئيس لجامعة عدن هنا وهذا ابني وتلميذي وأنا مدرسه وعلوي جعفر الدكتور حاليا برضه مهندس موجود وأذكر برضه جميع لجان الوحدة التي تمت في اليمن كان كل لجنة من هذه اللجان فيها أحد تلاميذي من أبناء الوهط، وجئت أنا الآن إلى عدن وجلست مع كل واحد منهم وطلبت منه أن يشرح لي ماذا عمله بعد أن عاد إلى بلده وعرفت منهم التفاصيل كاملة وحمدت ربنا وشكرته لأنني شعرت فعلاً أنني خلقت رجالا منهم من تعرض لمواقف من أقسى ما يمكن ومنهم من قابل ظروفا لا يتحملها بشر ولكنهم جلدوا وصبروا ولم تكن المنفعة الشخصية في مخيلة أي منهم وكل ما في عقولهم أن يكونوا مواطنين صالحين ولم أسمع أي كلمة تشوب أو تسيء إلى أي فرد من أبنائي.. رجال بمعنى الكلمة.

عزت مصطفى أثناء تدريبه لكشافة مدرسة الوهط في إحدى الرحلات
عزت مصطفى أثناء تدريبه لكشافة مدرسة الوهط في إحدى الرحلات
أنا سعيد جدا بلقاء أبنائي وكما قلت في بداية كلمتي أن أعرف أبنائي إلى أين وصلوا، بل كنت أتابع شؤون أبنائهم حتى، وسألتهم عن شؤون أبنائهم وأحمد الله أن ردهم أنهم ربوا أبناءهم كما أنا ربيتهم وفعلا الغالبية من أبنائي أولادهم ناجحين جدا واستكملوا دراستهم الجامعية وشقوا طريقهم ونظاف في أخلاقهم وتعاملهم ومخلصين وشخصيات يفخر بها الإنسان.

طبعاً سعادتي لا توصف بلقاء أبنائي ووجودي بينكم ووجودي بين أهل الوهط فأنا يوم وصلت إليها ذهلت، فالوهط من صغيرها إلى كبيرها ونسائها خرجوا لاستقبالي ولم أكن أتصور ذلك إطلاقا، البارحة كنت في الوهط وذهلت عندما وجدت صورتي معلقة في أحد البيوت منذ أربعين سنة، أنا الناس هؤلاء لا يمكن أن أنسى حبهم لي وحبي لهم وهذا هو الأساس.

وطبعاً حكاية خمسين سنة حاجة مذهلة، لكن الحب يوجد كل شيء فقد لمست الوفاء بكل ما في الكلمة من معنى والأصالة في أهل اليمن عموماً وأهل الوهط خاصة وليس هذا بغريب فقد شعرت في ذاك الوقت في الخمسينيات أنني بين أهلي فعلاً مهما كانت من قسوة الحياة، لكن كان الحب ينسيني أي حاجة وهذا يمكن الأساس الذي دفعني أن أبذل أقصى جهدي من أجل هذه التربية التي ربيت عليها أبنائي في ذلك الوقت.

أكرر شكري العميق لجريدة «الأيام» والأستاذ هشام باشراحيل والأستاذ تمام باشراحيل والأستاذ د. هشام السقاف الذي بذل جهداً كبيراً جداً ولا أعرف كيف أشكركم وأتمنى أن أوفي واحد في المائة من الحب والتقدير الذي لقيته من كل فرد في هذه البقعة من وطننا العربي».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى