كـركـر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

>
عبده حسين أحمد
عبده حسين أحمد
كان إنساناً بسيطاً لا يدعي شيئاً من الحكمة.. ولكنه كان حريصاً أشد الحرص على أن يقرأ ويعرف ويفهم.. وكان ينظر إلى الحياة من خلال (نافذة واسعة).. ولكنه لا قال ولا كتب أنه كان يستطيع أن يرى كل ما يحدث وأن يسمع كل ما يدور ويلمس كل ما يجري.. كان رجلاً متواضعاً في كل شيء.. وكانت رؤيته في (السياسا ضرورة وصدى في نفسه.. ولذلك أحب العمل السياسي.. واشتغل بالكتابة السياسية.. ومن خلال العمل السياسي استطاع أن يفهم أكثر.. وأن يعرف أكثر.. وأن يلم بكل ما يجري من أحداث في الساحة اليمنية.. وأن تبرز قدرته الفذة على تحليل الأحداث وما وراءها من عوامل وتطورات وشخصيات تؤثر فيها وتتأثر بها.

< كان الأستاذ محمد علي باشراحيل، - رحمه الله - رجلاً طموحاً في منتصف الخمسينات.. وكان على قدر كبير من الوعي والثقافة.. وكانت ثقته بنفسه كبيرة.. دخل انتخابات المجلس البلدي.. وفاز فيها فوزاً ساحقاً.. وأصبح رئيساً للمجلس البلدي.. وكان يعرف في ذلك الوقت ما الذي يجب أن يفعله.. فقد كان (مبهوراً) بالصحافة.. وكانت الصحافة قد استولت على عقله ووجدانه.. ولأنه كان يرى بوضوح ويسمع بوضوح.. وينظر إلى الدنيا بعيون مفتوحة وقلب مفتوح.. قرر أن يصدر صحيفة «الأيام».. وكان له ما أراد وأصدر أول عدد من الصحيفة في 4 أغسطس عام 1958م.

< عرفت الأستاذ محمد علي باشراحيل في منتصف الخمسينات.. كنت مدرساً في ابتدائية المعلا.. وكنا نلتقي للمقيل في منزل المرحوم (علي محمد نور) بالقرب من سينما هريكن بعدن.. وكان الأستاذ محمد حسن عوبلي..الأديب والشاعر وصاحب ورئيس تحرير صحيفة (الزمان).. هو الذي يصطحبني معه للمقيل هناك.. وكان الأستاذ محمد علي باشراحيل رجلاً هادئاً في كل شيء.. في كلامه.. في حركاته.. وفي قراراته.. وكان طيب المعشر.. حسن الحديث.. وقد أوتي من الأدب والذوق كثيراً.. ولذلك كان مثلاً أعلى في ثقته بنفسه.. ومثلاً أعلى في اتساع النظرة وفي القدرة على الصياغة الصحفية.. وأنت عندما تقرأ له تحتار في هذا الذي تقرؤه.. هل هو مادة خبرية أم أدبية أم تاريخية أم فنية.. وفي أكثر الأحيان تكون جميعاً.

< وعندما ظهرت مدرسة «الأيام» في الصحافة.. كان الأستاذ محمد علي باشراحيل فخوراً بهذه المؤسسة الصحفية التي قامت على أكتافه وحده.. فقد كان أولاده صغاراً في المدرسة .. ولكن وراء كل صحفي ناجح امرأة.. وكانت أم (هشام) هي التي تقف إلى جانبه.. ولم يكن عندها مال أو أرض.. ولكن كان عندها ما هو أجمل من ذلك.. فقد كان (قلبها) أجمل وأكرم وأصدق من كل القلوب.

< وكان الأستاذ محمد علي باشراحيل هو المعلم في هذه المدرسة الصحفية.. كان معلماً وأباً وصديقاً للمحررين الذين يساعدونه في التحرير.. كان يشجعهم على العمل.. ويعطف عليهم كثيراً.. ويجزل لهم العطاء.. ولا يبخل عليهم بشيء.. الابتسامة الرقيقة.. والكلمة الطيبة.. واليد السخيّة.

< و كان للأستاذ محمد علي باشراحيل تأثير ملموس في الساحة السياسية اليمنية.. وكانت صحيفة «الأيام» لها قرّاء كثيرون.. مثل صحف «فتاة الجزيرة» و«الأخبار» و«اليقظة» و«البعث» وغيرها من الصحف الأخرى.. وفي حياتنا الكثير من الناس الذين مرّوا دون أن يتركوا أثراً في الحياة.. ولكن الأستاذ محمد علي باشراحيل كان إنساناً آخر.. فقد ترك الأثر الطيب عند كل الناس!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى