> «الأيام» عن «الراية» القطرية:
سئل د. ياسين سعيد نعمان، الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني في سياق حوار أجرته معه صحيفة «الراية» القطرية في عددها الأسبوعي الصادر يوم الجمعة 4/4/2006م: ما أبرز آثار حرب صيف 1994م من وجهة نظركم؟ فأجاب قائلا: من شواهد ما تركته الحرب هي مشكلة الآلاف من الأشخاص ممن اصبحوا ومنذ سنوات بلا وظائف أو أعمال.. وكانوا قبل ان يتم اقصاؤهم عماد الكادر العسكري والإداري وأساسا للدولة التي حكمت جنوب اليمن من بعد الاستقلال وخروج الاحتلال البريطاني عام 1967م وحتى اعادة تحقيق الوحدة اليمنية وقيام الدولة اليمنية الموحدة بين ما كان يعرف بشطري اليمن عام 1990م.
مسألة الآلاف من الأشخاص الذين أقصوا من وظائفهم وأعمالهم.. هي واحدة من الآثار السلبية التي خلفتها حرب العام 1994م.. وهذه المشكلة يفترض ان يتم معالجتها ووقف تداعياتها وذلك حتى يعاد لوحدة 22 مايو 1990م روحها التي سلبتها حرب صيف 1994م.
ما الذي يجري داخل الحزب الاشتراكي الآن؟
- ما يتم في الوقت الحاضر هو العمل على اعادة صياغة الحزب على ضوء ما خرج به مؤتمره العام الخامس وما اقره من برامج ووثائق ولا شك ان اعادة الصياغة عملية شاقة ومعقدة ونحن في قيادة الحزب نحاول ان تتم هذه العملية بكلفة اقل.
< من اي ناحية؟
- اقصد بكلفة اقل من المعاناة ولا يعني ذلك المعاناة الشخصية ولكن المعاناة المؤسسية لقيادة الحزب وتعرف انه عندما تعيد صياغة اي مؤسسة سياسية حركية مرتبطة بالواقع فلابد ان تنشأ مع انجاز هذه المسألة خلافات ومثل هذه الخلافات لابد من ان تحسم وتحل بشكل كامل فإذا لم يتحقق ذلك فعلى الأقل هو تجنب ان يكون لها خسائر كبيرة والحزب الاشتراكي اليمني في دورة اللجنة المركزية التي عقدت في فبراير الماضي والتي تم خلالها مناقشة وبحث جملة من القضايا والتطورات الهامة في الحياة السياسية اليمنية استطاع ان ينجز واحدة من اهم مراحل اعادة صياغة الحزب وذلك على ضوء برنامجه السياسي المقر من المؤتمر العام الخامس للحزب حيث كانت دورة اللجنة المركزية من أنجح الدورات.
< كيف حدثت تباينات واختلاف بين قيادات الاشتراكي التي شاركت في اجتماعات اللجنة المركزية حيث انسحبت قيادات استراتيجية من اجتماعات تلك الدورة وحدث انشقاق في أوساط الحزب؟
- أولاً: لا يوجد انشقاق داخل الحزب ولم يحدث انسحاب من أي طرف في قيادة الحزب من اجتماعات الدورة الثانية للجنة المركزية.
< إذن ما الذي حدث؟
- كان هناك تباين في الأفكار والأطروحات ومن الطبيعي وجود ذلك في اي مؤسسة حية - لكن هذه التباينات والخلافات استطاعت اللجنة المركزية ان تديرها بروح ودرجة عالية من الوعي والالتزام بالقواعد المنظمة لحياة الحزب الداخلية.
تباينات وليس انشقاقاً
< قيادات اشتراكية أظهرت اعتراضها وتحفظها تجاه ما تتخذه قيادة الحزب من قرارات ومواقف.. اليس هذا الأمر هو سبب ما شهدته دورة اللجنة المركزية من تباين؟
- ليس ذلك صحيحاً - لكن هناك من لم تعجبهم القرارات والمواقف التي اتخذتها اللجنة المركزية - وهم قلة - وأوكد هنا على ان قناعاتنا هي الالتزام بحق الاقلية ان تعبر عن رأيها وان تحمل رأيها الى اي مكان تريده وان تدافع عن هذا الرأي.... فإن علي الأقلية ان تلتزم برأي الأغلبية طالما ان الجميع موجودون في اطار حزب واحد وبنية تنظيمية واحدة فعلى الجميع الالتزام بما تتخذه اللجنة المركزية من قرارات.
< ذكر ان من انسحبوا من اجتماعات اللجنة المركزية كان بسبب عدم تبين مطالبهم فيما يتصل ببحث قضية الجنوب.
- اؤكد انه لم يحدث اي انسحاب - والحديث عن انسحاب قيادات في الحزب الاشتراكي من اجتماعات اللجنة المركزية حديث يتجاوز حقيقة ما حدث فعلاً.
< بإيضاح أكبر دكتور..
- ما حدث هو ان التصويت على التقرير السياسي المقدم من المكتب السياسي والأمانة العامة للحزب حظي بأغلبية ساحقة لكن مجموعة اعترضت عليه - وهذا من حقهم ان يعترضوا على التقرير السياسي.. بعد ذلك ظهرت فكرة انسحاب عدد صغير من المعترضين وكان ذلك عندما انتهت أعمال اللجنة المركزية.
قضية الجنوب
< وماذا عن قضية الجنوب كما تسير وقتها وانتقاد قيادة الحزب لعدم تبنيها هذا القضية؟
- ما يدعيه البعض عن قضية الجنوب كما يطرح ويثار بين وقت وآخر من قبل بعض الأطراف والشخصيات داخل الحزب الاشتراكي اليمني فأود هنا ان اشير الى ان الحزب الاشتراكي حزب وحدوي نشأ تاريخياً وهو يتبنى قضية اليمن والوحدة اليمنية باعتبار ان هذه القضية الوطنية تمثل شرعية وجوده السياسيي - سابقاً وحتى الآن.
< إذن ما الذي يدفع ببعض قيادات الحزب الى إثارة هذه القضية -والحديث عن الجنوب؟
- أعتقد ان ذلك يعود الى ما خلفته حرب 1994 من تداعيات ومنها ان الحزب الاشتراكي كان حاكماً للجزء الجنوبي من الوطن اليمني -حيث يرى الحزب ان ما حدث في عام 1994م وما ترتب على الحرب من آثار سواء تلك الآثار المتعلقة بأوضاع الناس والأوضاع المأساوية التي يعيشها حتى الآن هذا الجزء من الوطن اليمني.. وهو الجنوب- فإن الحزب الاشتراكي يرى أنه من الضرورة العمل على إعادة روح 22 مايو 1990م الذي تحققت فيه الوحدة بين شطري الوطن اليمني شمالاً وجنوباً. بل ان الحزب يعتبر ان هذه القضية -اعادة الروح للوحدة المحققة في 22 مايو 1990م هي القضية التي يتعامل معها ويسعى اليها وذلك في اطار رؤيته الوطنية -باعتبار ان هذه القضية من شأنها عند معالجة تداعياتها ستمكن اليمن من معالجة الآثار والمشكلات التي يعاني منها تحديداً أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية منذ حرب صيف 1994م.
< اسمح لي.. لماذا هذا التحديد.. هل يعني أن المشاكل التي تعاني منها المحافظات الجنوبية والشرقية هي غير المشكلات التي تعاني منها أيضاً المحافظات الشمالية والقريبة؟
- لا.. هي مشاكل واحدة لا فرق -وهذه المشكلات التي تعاني منها اليمن يرى الحزب الاشتراكي وكذا القوى السياسية الموجودة في الساحة اليمنية انها مشكلات وجدت من أساس واحد.
< إذن ما الذي يثير الحديث عن مشكلات خاصة تعاني منها المحافظات الجنوبية؟
- حرب صيف 1994م -حرب الدفاع عن الوحدة- أقول لك بأنها أوجدت فعلاً فجوة نفسية لدى أبناء المحافظات الجنوبية لأن كل عملياتها العسكرية وقعت في مناطق المحافظات الجنوبية حيث أدى ذلك الى خلق آثار نفسية لدى سكان تلك المناطق وهذه الآثار التي خلفتها حرب صيف 94م أقول ان على الجميع في الساحة اليمنية السعي والعمل على معالجتها -بوسائل مختلفة- نحن في الحزب الاشتراكي اليمني طرحنا في برنامجنا السياسي رؤيتنا لكيفية معالجة آثار حرب صيف 1994م.
حرب الانفصال
< ما أبرز آثار حرب صيف 1994م من وجهة نظركم؟
- من شواهد ما تركته الحرب هي مشكلة الآلاف من الأشخاص ممن اصبحوا ومنذ سنوات بلا وظائف أو أعمال.. وكانوا قبل ان يتم اقصاؤهم عماد الكادر العسكري والإداري وأساسا للدولة التي حكمت جنوب اليمن من بعد الاستقلال وخروج الاحتلال البريطاني عام 1967م وحتى اعادة تحقيق الوحدة اليمنية وقيام الدولة اليمنية الموحدة بين ما كان يعرف بشطري اليمن عام 1990م.
مسألة الآلاف من الأشخاص الذين أقصوا من وظائفهم وأعمالهم.. هي واحدة من الآثار السلبية التي خلفتها حرب العام 1994م.. وهذه المشكلة يفترض ان يتم معالجتها ووقف تداعياتها وذلك حتى يعاد لوحدة 22 مايو 1990م روحها التي سلبتها حرب صيف 1994م.
< ألا ترى دكتور ياسين أن تبني الحزب الآن لقضية أو مشكلة أبناء جنوب اليمن والمحافظات الجنوبية.. إذا جاز الوصف- بأنه يشكل تأييداً للقيادات الاشتراكية التي تورطت وتبنت مؤامرة الانفصال عن الوحدة اليمنية؟
- لا.. ذلك ليس صحيحاً -البعض داخل الحزب الاشتراكي يطرح مثل هذه القضايا بشكل عمومي- وهذا ما أقوله لك بكل وضوح- ولكن نحن في قيادة الحزب نقول ان مثل هذه القضايا يجب أن تعالج وفق رؤى وطنية لحل مشكلة قائمة اذا ما استمرت فإنها ستسبب مشكلات لا تحمد عقباها للوحدة الوطنية في المستقبل.
< قضية الجنوب.. هناك من يطرحها داخل الحزب الاشتراكي وفقاً لخطاب وتوجه سياسي انفصالي؟
- ذلك صحيح فهناك من يطرح هذه القضية وفقاً لذلك- الآن أنا أتحدث معك عن رؤية الحزب- وهي رؤية وحدوية تدعو الى معالجة آثار حرب صيف 1994 وفي ذات الوقت فإنها رؤية وطنية ووحدوية تهدف الي معالجة مشكلات اليمن.
لا نريد أصناماً
< دعوتك دكتور ياسين سعيد نعمان لفتت الانتباه الي أحداث تغيير داخل بنية الحزب - ما الغاية من ذلك؟
- نعرف اننا في الحزب الاشتراكي اليمني وكذا في جميع الأحزاب السياسية في اليمن بأن ظهورنا وتأسيسنا كأحزاب قام على أسس رؤى تقليدية كانت تقوم على أساس أيديولوجي عقائدي قائم في الغالبية على إقصاء بعضها البعض كأحزاب وفي ذات الوقت فانها في داخلها تتمسك بالقيادة التاريخية لها حتى تحولت معظم قيادات تلك الأحزاب الى أصنام وديناصورات وما يشبه المقدسات التي لا يستطيع أحد أن يزحزحها من مكانها وهذا الوضع أثر على اداء ودور الهيئات داخل الأحزاب.
< ما الذي تسعون لتحقيقه من خلال هذا المقترح؟
- الغاية هو ان نخرج الحزب الاشتراكي اليمني من أزمة بنيوية يرزح تحت وطأتها منذ عقود -وهذه الأزمة لا يعاني منها الحزب الاشتراكي فقط بل تعاني منها جميع الأحزاب اليمنية والعربية وخاصة تلك التي نشأت وقامت على أسس أيديولوجية وعقائدية صرفة.
ولذلك عندما طرحنا في قيادة الحزب مقترح تدوير المناصب القيادية داخل مختلف تكوينات الحزب كان الهدف الأساسي منه هو تجنب صناعة الأصنام.. وتعرف ان العرب في الجاهلية كانوا يصنعون الأصنام التي يعبدونها من التمر ويصلون لها وما ان يجوع أحدهم حتى يقوم بأكل الصنم الذي صنعه.. هذه الحالة هي نفسها التي وصلت اليها الأحزاب العربية في عصرنا الحديث وكانت نتيجة لتراكم عقود من السنوات والتي حولت قيادات أحزابها الى أصنام.
بالنسبة لنا في الحزب الاشتراكي اليمني نحن نريد ونسعى الى ان نتجنب صناعة الأصنام ونتجنب تقديس القيادات التاريخية- وذلك من خلال تعزيز مكانة الهيئات التنظيمية والحزبية داخل الحزب حتى تؤدي مهامها ودورها.
فأمين عام الحزب يمكن ان يستمر لمدة عام في هذا المنصب لأداء مهمته وبعد ذلك يمكن من داخل الهيئة القيادية للحزب -المكتب السياسي أن يتم اختيار شخص آخر يتولى منصب الأمين العام- وذلك حتى يشعر كل عضو في الهيئة القيادية للحزب بأنه قادر على تحمل مسؤولية منصب الأمين العام، وبالتالي فإن أمين عام الحزب وهو يدير عمل الهيئة القيادية يديرها باعتبارها مسؤولية يؤديها لفترة محددة وليس باعتباره زعامة قيادية.
وفي تقديري الشخصي بأنه اذا أردنا لحزبنا الحزب الاشتراكي اليمني ان يتجدد وان يتجاوز كل الصعوبات التي تفرضه فإن علينا ان نعمل على تدوير نشاط وعمل القيادات فيه حتى نحدث حراكاً داخلياً في تكويناته وأطره.
الاشتراكي والمؤتمر
< أنتقل لموضوع توقف الحوار بين الحزب والمؤتمر الشعبي العام -الحزب الحاكم- ما أسبابه؟
- حوارنا مع المؤتمر الشعبي كان قد بدأ بعد أن انتهت أعمال المؤتمر العام الخامس للحزب وكنا في قيادة الحزب نلتمس طريقنا مع حزب المؤتمر الشعبي العام باتجاه تحديد ما هو الحوار وخياراته -طبعاً كان حوارنا يدور حول قضية رئيسية وهي تصفية آثار الخصومة السياسية بين الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي العام وتصفية آثار حرب صيف عام 1994م.
يقضي الاتفاق على أن يعمل شريكا تحقيق الوحدة اليمنية وهما الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي العام على تطبيع الحياة السياسية في اليمن بصورة عامة وفيما بينهما بشكل خاص.
< تقصد دكتور ان الحزب ومنذ العام 1994 وعلى الرغم من تواجده ونشاطه السياسي على الساحة اليمنية مازال في حالة إقصاء عن أداء دوره في الحياة السياسية؟
- الحزب الاشتراكي اليمني فعلا مازال يشعر بأنه في حالة اقصاء وابعاد متعمد وانا اتحدث معك حول هذا الواقع بصراحة شديدة، حيث يراد للحزب ان يظل مجرد عنوان وواجهة ديكورية لا أقل ولا أكثر للعملية الديمقراطية في اليمن فحتى الآن ومن بعد انتهاء حرب صيف 94 فإن كل شيء خاص بالحزب مصادر ممتلكاته ومقراته واستثماراته وأمواله، لكن الحزب مع كل ذلك بدأ يحرك نشاطه وفقا لما لديه من امكانيات، وهنا اشير الى ان الحمل الكبير الذي يقع على عاتق الحزب ليس ما يتصل بسعيه الى اعادة أمواله وممتلكاته المصادرة ولكن همه الأكبر هو الدفاع عن الناس الذين قادهم الى الوحدة - لأن معظهم جالسون في بيوتهم منذ انتهاء حرب صيف 1994.
وهذه القضية بالنسبة للحزب هي قضية أخلاقية لا يستطيع ان يوافق أو يقبل بأي صيغة لمعالجة المشكلات التي يعاني منها دون ان يسبق ذلك حل مشكلة الناس الذين قادهم الى الوحدة.
< هذا كان أحد مطالبكم عند بدء الحوار مع الحزب الحاكم، المؤتمر الشعبي العام، قبل أن يتوقف الحوار؟
- نحن طالبنا الأخوة في المؤتمر الشعبي العام ان تصفى الآثار الناجمة عن حرب 94 وان توجد حلول لها، وذلك حتى نتمكن من ان نخطو بالعمل السياسي خطوات الى الأمام.
وبالفعل بدأنا الحوار مع الحزب الحاكم وتقدم الحزب الاشتراكي بمقترح حول آلية الحوار، حيث تضمن المقترح سؤالا واحدا هو ما الذي نريده من الحزب الاشتراكي وكذا ما يريده المؤتمر الشعبي العام ان يحققا من الحوار بينهما وما هي القضايا التي يريدان ان يتم بحثها.
< وماذا كانت النتيجة؟ المؤتمر الشعبي حمل الحزب الاشتراكي مسؤولية فشل الحوار..
- لا.. لم نكن السبب في توقف الحوار، لكن هناك بعض المؤشرات التي ظهرت خلال فترة الحوار والجلسات التي عقدناها وربما ان توقف الحوار مع المؤتمر يعود الى انتقالنا في الحزب بالترتيب لعقد مؤتمر الدورة الثانية لاجتماعات اللجنة المركزية وكذا انتقال الاخوة في المؤتمر الشعبي بالترتيب لعقد مؤتمرهم العام السابع.
< ولماذا تستبعد دكتور ياسين وجود اطراف سياسية عملت على التدخل بطريقة أو أخرى لإفشال حواركم مع المؤتمر؟
- لا، لا.. أؤكد انه لا توجد أطراف أخرى دفعت الى ان يتوقف الحوار بيننا والمؤتمر الشعبي، ولكن في تقديري ان انتقالنا بالترتيب لعقد اجتماعات اللجنة المركزية وانتقال المؤتمر بالترتيب لعقد مؤتمره العام السابع دفع الى توقف الحوار.
نحن والمعارضة
< مشروع الاصلاح السياسي والوطني الذي وقعت عليه أحزاب المعارضة المنضوية في اطار احزاب اللقاء المشترك وعلى رأسها التجمع اليمني للاصلاح والحزب الاشتراكي، هل كان سببا لفشل ووقف الحوار؟
- ربما يكون ذلك صحيحا، لأن موضوع الحوار مع المؤتمر قد تداخل مع توقيع أحزاب المعارضة ومنها الحزب الاشتراكي على مشروع مبادرة الاصلاح السياسي والوطني، والذي ربما يكون الأخوة في الحزب قد اعتبروا ان توقيع الحزب على المبادرة هو موقف ضدهم.
وهنا أود التأكيد باننا في الحزب الاشتراكي لم نوقف الحوار ولم نسع لذلك، واعتقد ان الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي سعى لوقفه لكن الحوار توقف دون مقدمات ومات موتا سريريا دون ان يتخذ أحد منا القرار بذلك.
< مفترق الطرق بين الحزب والمؤتمر أوصلكم الى توقف الحوار أم انه محطة تباين بعدها قد يستأنف الحوار؟
- الحزب الاشتراكي سيعاود مساعيه للدخول في حوار جديد مع المؤتمر الشعبي العام وذلك تنفيذا لمفردات الدورة الثانية للجنة المركزية للحزب والتي طلبت من قيادة الحزب ان تعيد طرق باب الحوار مع المؤتمر وذلك في اطار الآلية التي اقرت من اللجنة المركزية والتي قدمناها للمؤتمر الشعبي العام في السابق وتتصل بقضايا إنهاء الخصومة السياسية وتطبيع العلاقة بين الحزبين شريكي تحقيق الوحدة اليمنية وتصفية آثار حرب صيف1994. وهذه قضايا محددة ولم يضع الحزب شروطا مسبقة حولها عندما بدأ الحوار مع المؤتمر وليس لديه تحفظات أو شروط بشأنها إذا ما تم استئناف هذا الحوار.
< مبادرة الاصلاح السياسي والوطني التي اعلنتها أحزاب المعارضة اثارت الكثير من الاسئلة ومنها هل وصلت الاوضاع في اليمن الى مرحلة خطيرة جعلت فرقاء العمل السياسي بالامس كالإصلاح والاشتراكي يتجاوزان عداءهما ويتوجهان اليـوم لمواجهـة الاخطـار المحيطة بـاليمن؟
- مشروع مبادرة الاصلاح السياسي والوطني الذي وقعت عليه احزاب المعارضة في ديسمبر العام الماضي اعتقد بانها مبادرة تمثل صيغة راقية للعمل السياسي اليمني فبموجب هذه المبادرة فإن أحزاب المعارضة انتقلت من الوضع القديم الذين كان فيه كل حزب يقصي الآخر وخاصة الاحزاب الايديولوجية، وتلاحظ ان معظم الاحزاب التي وقعت على مشروع مبادرة الاصلاح السياسي والوطني كالاشتراكي والاصلاح والوحدوي الناصري - بأنها جميعها أحزاب قامت ونشأت على أساس عقائدي وايديولوجي وانتقال هذه الاحزاب من الصيغة الايديولوجية الى الصيغة السياسية في التعامل فيما بينها حيال القضايا الوطنية يكسب الحياة السياسية في اليمن وضعية جديدة.
< كيف ذلك؟
- الآن أصبحت القاعدة المشتركة بين هذه الاحزاب هي التعايش مع الآخر والقبول به واحزاب اللقاء المشترك بتوقيعها على مشروع مبادرة الاصلاح السياسي والوطني تؤكد بذلك انها على الرغم من اختلافها العقائدي تعتبر الديمقراطية هي القاسم المشترك الذي يجمع كل القوى والاحزاب الموجودة على الساحة اليمنية؟
< تعتقدون ان احزاب المعارضة قدمت رؤيتها تجاه كيفية معالجة الاوضاع في اليمن من خلال هذا المشروع والمبادرة؟!
- نعم - بالتأكيد- وأريد هنا ان اقول بأن التقاء هذه الاحزاب على قواسم مشتركة.. يعد نقلة جديدة في عملها السياسي - حيث سبق ذلك ان تدارست هذه الاحزاب المشكلات التي تعاني منها اليمن في الوقت الراهن وما يمكن ان تفرضه من نتائج في المستقبل حيث رأت احزاب المعارضة - ان حاجة اليمن تكمن اولا في حماية الهامش الديمقراطي وان حماية هذا الهامش تتطلب وجود اصلاح سياسي يمكن جميع القوى من استشراف المستقبل بروح لا تسمح لأي نزعات ان تعود باليمن الى الوضع الشمولي القديم. وهذا هو الهدف الذي سعت احزاب المعارضة ان تقدمه لجماهير الشعب اليمني عبر هذه المبادرة والتي لخصت رؤية المعارضة لماهية الاصلاحات الواجب القيام بها وبالطبع فإن هذه المبادرة هي محط اجماع وتوافق بين الاحزاب التي وقعت عليها وغير ملزمة لمن لم يوقع عليها.
مقاطعة الانتخابات
< الانتخابات الرئاسية والمحلية التي ستجري في اليمن في سبتمبر القادم - هل سيشارك الحزب الاشتراكي فيها؟
- نعم سيشارك الحزب في الانتخابات القادمة الرئاسية والمحلية باعتبارها استحقاقاً وطنياً.
< ماذا عن دعوات المقاطعة التي طالبت بها قيادات داخل الحزب؟!
- نعم هناك رأي داخل قيادة الحزب يدعو الى ان يقاطع الحزب الانتخابات الرئاسية والمحلية المقرر ان تتم في سبتمبر هذا العام.. ولكن كما قلت لك في اجابة سابقة بانه من حق اي اقلية داخل الحزب ان تقول رأيها وتعلنه تجاه اي قضية ومنها مسألة الدعوة لان يقاطع الحزب الانتخابات الرئاسية والمحلية!
< ما مبررات الدعوة للمقاطعة؟
- ما يطرح من دعوة لمقاطعة الانتخابات وكما قلت لك هو رأي البعض من قيادة الحزب. ومبررهم انهم بمقاطعة الانتخابات فإنهم بذلك لن يعطوا الشرعية للنظام الحاكم الآن.
< كيف لا يعطونه الشرعية!
- حقيقة انا لا افهم هذا الموقف حتى الآن ومازلت بانتظار ان احصل على اجابة ممن دعوا الى ان يقاطع الحزب الانتخابات لانهم لا يريدون ان يعطوا لها ليس صحيحاً نحن في الحزب الاشتراكي لم نناقش هنا موضوع المقاطعة للانتخابات بشكل موسع وانما هو رأي طرح من قبل البعض.
وبالنسبة لنا في الحزب الاشتراكي اليمني فإن التوجه العام لدينا هو ان الحزب جزء من العملية السياسية في اليمن ولذلك فإن الحزب سيخوض الانتخابات بفعالية كبيرة - والمهم لدى الحزب هو توفر ضمانات انتخابية تسمح بإجراء انتخابات حرة وديمقراطية ونزيهة وما يهم الحزب هو ان تتوفر للانتخابات الرئاسية والمحلية المقرر ان تتم في سبتمبر هذا العام كافة الضمانات القانونية والسياسية.
لا يهم من يصل
< من هو مرشحكم لمنصب الرئيس؟
- هذا موضوع سابق لأوانه ونحن لا نبحث عن ذلك الانسان لاننا لا نريد ان نضع العربة قبل الحصان.. ما نسعى اليه الآن هو ان نصل الى انتخابات حرة بعد ذلك يأتي لتولي منصب الرئيس من يأتي - فشخصية من سيأتي لمنصب الرئيس ليست مشكلة - ما يهمنا هو ان تؤسس لقواعد سياسية وقانونية تمكنا كيمنيين ان نخطو بتجربة الديمقراطية خطوة ايجابية للامام بإيجاد انتخابات حرة ونزيهة بعد ذلك لا يهم من يترشح ومن يفوز.
مسألة الآلاف من الأشخاص الذين أقصوا من وظائفهم وأعمالهم.. هي واحدة من الآثار السلبية التي خلفتها حرب العام 1994م.. وهذه المشكلة يفترض ان يتم معالجتها ووقف تداعياتها وذلك حتى يعاد لوحدة 22 مايو 1990م روحها التي سلبتها حرب صيف 1994م.
ما الذي يجري داخل الحزب الاشتراكي الآن؟
- ما يتم في الوقت الحاضر هو العمل على اعادة صياغة الحزب على ضوء ما خرج به مؤتمره العام الخامس وما اقره من برامج ووثائق ولا شك ان اعادة الصياغة عملية شاقة ومعقدة ونحن في قيادة الحزب نحاول ان تتم هذه العملية بكلفة اقل.
< من اي ناحية؟
- اقصد بكلفة اقل من المعاناة ولا يعني ذلك المعاناة الشخصية ولكن المعاناة المؤسسية لقيادة الحزب وتعرف انه عندما تعيد صياغة اي مؤسسة سياسية حركية مرتبطة بالواقع فلابد ان تنشأ مع انجاز هذه المسألة خلافات ومثل هذه الخلافات لابد من ان تحسم وتحل بشكل كامل فإذا لم يتحقق ذلك فعلى الأقل هو تجنب ان يكون لها خسائر كبيرة والحزب الاشتراكي اليمني في دورة اللجنة المركزية التي عقدت في فبراير الماضي والتي تم خلالها مناقشة وبحث جملة من القضايا والتطورات الهامة في الحياة السياسية اليمنية استطاع ان ينجز واحدة من اهم مراحل اعادة صياغة الحزب وذلك على ضوء برنامجه السياسي المقر من المؤتمر العام الخامس للحزب حيث كانت دورة اللجنة المركزية من أنجح الدورات.
< كيف حدثت تباينات واختلاف بين قيادات الاشتراكي التي شاركت في اجتماعات اللجنة المركزية حيث انسحبت قيادات استراتيجية من اجتماعات تلك الدورة وحدث انشقاق في أوساط الحزب؟
- أولاً: لا يوجد انشقاق داخل الحزب ولم يحدث انسحاب من أي طرف في قيادة الحزب من اجتماعات الدورة الثانية للجنة المركزية.
< إذن ما الذي حدث؟
- كان هناك تباين في الأفكار والأطروحات ومن الطبيعي وجود ذلك في اي مؤسسة حية - لكن هذه التباينات والخلافات استطاعت اللجنة المركزية ان تديرها بروح ودرجة عالية من الوعي والالتزام بالقواعد المنظمة لحياة الحزب الداخلية.
تباينات وليس انشقاقاً
< قيادات اشتراكية أظهرت اعتراضها وتحفظها تجاه ما تتخذه قيادة الحزب من قرارات ومواقف.. اليس هذا الأمر هو سبب ما شهدته دورة اللجنة المركزية من تباين؟
- ليس ذلك صحيحاً - لكن هناك من لم تعجبهم القرارات والمواقف التي اتخذتها اللجنة المركزية - وهم قلة - وأوكد هنا على ان قناعاتنا هي الالتزام بحق الاقلية ان تعبر عن رأيها وان تحمل رأيها الى اي مكان تريده وان تدافع عن هذا الرأي.... فإن علي الأقلية ان تلتزم برأي الأغلبية طالما ان الجميع موجودون في اطار حزب واحد وبنية تنظيمية واحدة فعلى الجميع الالتزام بما تتخذه اللجنة المركزية من قرارات.
< ذكر ان من انسحبوا من اجتماعات اللجنة المركزية كان بسبب عدم تبين مطالبهم فيما يتصل ببحث قضية الجنوب.
- اؤكد انه لم يحدث اي انسحاب - والحديث عن انسحاب قيادات في الحزب الاشتراكي من اجتماعات اللجنة المركزية حديث يتجاوز حقيقة ما حدث فعلاً.
< بإيضاح أكبر دكتور..
- ما حدث هو ان التصويت على التقرير السياسي المقدم من المكتب السياسي والأمانة العامة للحزب حظي بأغلبية ساحقة لكن مجموعة اعترضت عليه - وهذا من حقهم ان يعترضوا على التقرير السياسي.. بعد ذلك ظهرت فكرة انسحاب عدد صغير من المعترضين وكان ذلك عندما انتهت أعمال اللجنة المركزية.
قضية الجنوب
< وماذا عن قضية الجنوب كما تسير وقتها وانتقاد قيادة الحزب لعدم تبنيها هذا القضية؟
- ما يدعيه البعض عن قضية الجنوب كما يطرح ويثار بين وقت وآخر من قبل بعض الأطراف والشخصيات داخل الحزب الاشتراكي اليمني فأود هنا ان اشير الى ان الحزب الاشتراكي حزب وحدوي نشأ تاريخياً وهو يتبنى قضية اليمن والوحدة اليمنية باعتبار ان هذه القضية الوطنية تمثل شرعية وجوده السياسيي - سابقاً وحتى الآن.
< إذن ما الذي يدفع ببعض قيادات الحزب الى إثارة هذه القضية -والحديث عن الجنوب؟
- أعتقد ان ذلك يعود الى ما خلفته حرب 1994 من تداعيات ومنها ان الحزب الاشتراكي كان حاكماً للجزء الجنوبي من الوطن اليمني -حيث يرى الحزب ان ما حدث في عام 1994م وما ترتب على الحرب من آثار سواء تلك الآثار المتعلقة بأوضاع الناس والأوضاع المأساوية التي يعيشها حتى الآن هذا الجزء من الوطن اليمني.. وهو الجنوب- فإن الحزب الاشتراكي يرى أنه من الضرورة العمل على إعادة روح 22 مايو 1990م الذي تحققت فيه الوحدة بين شطري الوطن اليمني شمالاً وجنوباً. بل ان الحزب يعتبر ان هذه القضية -اعادة الروح للوحدة المحققة في 22 مايو 1990م هي القضية التي يتعامل معها ويسعى اليها وذلك في اطار رؤيته الوطنية -باعتبار ان هذه القضية من شأنها عند معالجة تداعياتها ستمكن اليمن من معالجة الآثار والمشكلات التي يعاني منها تحديداً أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية منذ حرب صيف 1994م.
< اسمح لي.. لماذا هذا التحديد.. هل يعني أن المشاكل التي تعاني منها المحافظات الجنوبية والشرقية هي غير المشكلات التي تعاني منها أيضاً المحافظات الشمالية والقريبة؟
- لا.. هي مشاكل واحدة لا فرق -وهذه المشكلات التي تعاني منها اليمن يرى الحزب الاشتراكي وكذا القوى السياسية الموجودة في الساحة اليمنية انها مشكلات وجدت من أساس واحد.
< إذن ما الذي يثير الحديث عن مشكلات خاصة تعاني منها المحافظات الجنوبية؟
- حرب صيف 1994م -حرب الدفاع عن الوحدة- أقول لك بأنها أوجدت فعلاً فجوة نفسية لدى أبناء المحافظات الجنوبية لأن كل عملياتها العسكرية وقعت في مناطق المحافظات الجنوبية حيث أدى ذلك الى خلق آثار نفسية لدى سكان تلك المناطق وهذه الآثار التي خلفتها حرب صيف 94م أقول ان على الجميع في الساحة اليمنية السعي والعمل على معالجتها -بوسائل مختلفة- نحن في الحزب الاشتراكي اليمني طرحنا في برنامجنا السياسي رؤيتنا لكيفية معالجة آثار حرب صيف 1994م.
حرب الانفصال
< ما أبرز آثار حرب صيف 1994م من وجهة نظركم؟
- من شواهد ما تركته الحرب هي مشكلة الآلاف من الأشخاص ممن اصبحوا ومنذ سنوات بلا وظائف أو أعمال.. وكانوا قبل ان يتم اقصاؤهم عماد الكادر العسكري والإداري وأساسا للدولة التي حكمت جنوب اليمن من بعد الاستقلال وخروج الاحتلال البريطاني عام 1967م وحتى اعادة تحقيق الوحدة اليمنية وقيام الدولة اليمنية الموحدة بين ما كان يعرف بشطري اليمن عام 1990م.
مسألة الآلاف من الأشخاص الذين أقصوا من وظائفهم وأعمالهم.. هي واحدة من الآثار السلبية التي خلفتها حرب العام 1994م.. وهذه المشكلة يفترض ان يتم معالجتها ووقف تداعياتها وذلك حتى يعاد لوحدة 22 مايو 1990م روحها التي سلبتها حرب صيف 1994م.
< ألا ترى دكتور ياسين أن تبني الحزب الآن لقضية أو مشكلة أبناء جنوب اليمن والمحافظات الجنوبية.. إذا جاز الوصف- بأنه يشكل تأييداً للقيادات الاشتراكية التي تورطت وتبنت مؤامرة الانفصال عن الوحدة اليمنية؟
- لا.. ذلك ليس صحيحاً -البعض داخل الحزب الاشتراكي يطرح مثل هذه القضايا بشكل عمومي- وهذا ما أقوله لك بكل وضوح- ولكن نحن في قيادة الحزب نقول ان مثل هذه القضايا يجب أن تعالج وفق رؤى وطنية لحل مشكلة قائمة اذا ما استمرت فإنها ستسبب مشكلات لا تحمد عقباها للوحدة الوطنية في المستقبل.
< قضية الجنوب.. هناك من يطرحها داخل الحزب الاشتراكي وفقاً لخطاب وتوجه سياسي انفصالي؟
- ذلك صحيح فهناك من يطرح هذه القضية وفقاً لذلك- الآن أنا أتحدث معك عن رؤية الحزب- وهي رؤية وحدوية تدعو الى معالجة آثار حرب صيف 1994 وفي ذات الوقت فإنها رؤية وطنية ووحدوية تهدف الي معالجة مشكلات اليمن.
لا نريد أصناماً
< دعوتك دكتور ياسين سعيد نعمان لفتت الانتباه الي أحداث تغيير داخل بنية الحزب - ما الغاية من ذلك؟
- نعرف اننا في الحزب الاشتراكي اليمني وكذا في جميع الأحزاب السياسية في اليمن بأن ظهورنا وتأسيسنا كأحزاب قام على أسس رؤى تقليدية كانت تقوم على أساس أيديولوجي عقائدي قائم في الغالبية على إقصاء بعضها البعض كأحزاب وفي ذات الوقت فانها في داخلها تتمسك بالقيادة التاريخية لها حتى تحولت معظم قيادات تلك الأحزاب الى أصنام وديناصورات وما يشبه المقدسات التي لا يستطيع أحد أن يزحزحها من مكانها وهذا الوضع أثر على اداء ودور الهيئات داخل الأحزاب.
< ما الذي تسعون لتحقيقه من خلال هذا المقترح؟
- الغاية هو ان نخرج الحزب الاشتراكي اليمني من أزمة بنيوية يرزح تحت وطأتها منذ عقود -وهذه الأزمة لا يعاني منها الحزب الاشتراكي فقط بل تعاني منها جميع الأحزاب اليمنية والعربية وخاصة تلك التي نشأت وقامت على أسس أيديولوجية وعقائدية صرفة.
ولذلك عندما طرحنا في قيادة الحزب مقترح تدوير المناصب القيادية داخل مختلف تكوينات الحزب كان الهدف الأساسي منه هو تجنب صناعة الأصنام.. وتعرف ان العرب في الجاهلية كانوا يصنعون الأصنام التي يعبدونها من التمر ويصلون لها وما ان يجوع أحدهم حتى يقوم بأكل الصنم الذي صنعه.. هذه الحالة هي نفسها التي وصلت اليها الأحزاب العربية في عصرنا الحديث وكانت نتيجة لتراكم عقود من السنوات والتي حولت قيادات أحزابها الى أصنام.
بالنسبة لنا في الحزب الاشتراكي اليمني نحن نريد ونسعى الى ان نتجنب صناعة الأصنام ونتجنب تقديس القيادات التاريخية- وذلك من خلال تعزيز مكانة الهيئات التنظيمية والحزبية داخل الحزب حتى تؤدي مهامها ودورها.
فأمين عام الحزب يمكن ان يستمر لمدة عام في هذا المنصب لأداء مهمته وبعد ذلك يمكن من داخل الهيئة القيادية للحزب -المكتب السياسي أن يتم اختيار شخص آخر يتولى منصب الأمين العام- وذلك حتى يشعر كل عضو في الهيئة القيادية للحزب بأنه قادر على تحمل مسؤولية منصب الأمين العام، وبالتالي فإن أمين عام الحزب وهو يدير عمل الهيئة القيادية يديرها باعتبارها مسؤولية يؤديها لفترة محددة وليس باعتباره زعامة قيادية.
وفي تقديري الشخصي بأنه اذا أردنا لحزبنا الحزب الاشتراكي اليمني ان يتجدد وان يتجاوز كل الصعوبات التي تفرضه فإن علينا ان نعمل على تدوير نشاط وعمل القيادات فيه حتى نحدث حراكاً داخلياً في تكويناته وأطره.
الاشتراكي والمؤتمر
< أنتقل لموضوع توقف الحوار بين الحزب والمؤتمر الشعبي العام -الحزب الحاكم- ما أسبابه؟
- حوارنا مع المؤتمر الشعبي كان قد بدأ بعد أن انتهت أعمال المؤتمر العام الخامس للحزب وكنا في قيادة الحزب نلتمس طريقنا مع حزب المؤتمر الشعبي العام باتجاه تحديد ما هو الحوار وخياراته -طبعاً كان حوارنا يدور حول قضية رئيسية وهي تصفية آثار الخصومة السياسية بين الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي العام وتصفية آثار حرب صيف عام 1994م.
يقضي الاتفاق على أن يعمل شريكا تحقيق الوحدة اليمنية وهما الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي العام على تطبيع الحياة السياسية في اليمن بصورة عامة وفيما بينهما بشكل خاص.
< تقصد دكتور ان الحزب ومنذ العام 1994 وعلى الرغم من تواجده ونشاطه السياسي على الساحة اليمنية مازال في حالة إقصاء عن أداء دوره في الحياة السياسية؟
- الحزب الاشتراكي اليمني فعلا مازال يشعر بأنه في حالة اقصاء وابعاد متعمد وانا اتحدث معك حول هذا الواقع بصراحة شديدة، حيث يراد للحزب ان يظل مجرد عنوان وواجهة ديكورية لا أقل ولا أكثر للعملية الديمقراطية في اليمن فحتى الآن ومن بعد انتهاء حرب صيف 94 فإن كل شيء خاص بالحزب مصادر ممتلكاته ومقراته واستثماراته وأمواله، لكن الحزب مع كل ذلك بدأ يحرك نشاطه وفقا لما لديه من امكانيات، وهنا اشير الى ان الحمل الكبير الذي يقع على عاتق الحزب ليس ما يتصل بسعيه الى اعادة أمواله وممتلكاته المصادرة ولكن همه الأكبر هو الدفاع عن الناس الذين قادهم الى الوحدة - لأن معظهم جالسون في بيوتهم منذ انتهاء حرب صيف 1994.
وهذه القضية بالنسبة للحزب هي قضية أخلاقية لا يستطيع ان يوافق أو يقبل بأي صيغة لمعالجة المشكلات التي يعاني منها دون ان يسبق ذلك حل مشكلة الناس الذين قادهم الى الوحدة.
< هذا كان أحد مطالبكم عند بدء الحوار مع الحزب الحاكم، المؤتمر الشعبي العام، قبل أن يتوقف الحوار؟
- نحن طالبنا الأخوة في المؤتمر الشعبي العام ان تصفى الآثار الناجمة عن حرب 94 وان توجد حلول لها، وذلك حتى نتمكن من ان نخطو بالعمل السياسي خطوات الى الأمام.
وبالفعل بدأنا الحوار مع الحزب الحاكم وتقدم الحزب الاشتراكي بمقترح حول آلية الحوار، حيث تضمن المقترح سؤالا واحدا هو ما الذي نريده من الحزب الاشتراكي وكذا ما يريده المؤتمر الشعبي العام ان يحققا من الحوار بينهما وما هي القضايا التي يريدان ان يتم بحثها.
< وماذا كانت النتيجة؟ المؤتمر الشعبي حمل الحزب الاشتراكي مسؤولية فشل الحوار..
- لا.. لم نكن السبب في توقف الحوار، لكن هناك بعض المؤشرات التي ظهرت خلال فترة الحوار والجلسات التي عقدناها وربما ان توقف الحوار مع المؤتمر يعود الى انتقالنا في الحزب بالترتيب لعقد مؤتمر الدورة الثانية لاجتماعات اللجنة المركزية وكذا انتقال الاخوة في المؤتمر الشعبي بالترتيب لعقد مؤتمرهم العام السابع.
< ولماذا تستبعد دكتور ياسين وجود اطراف سياسية عملت على التدخل بطريقة أو أخرى لإفشال حواركم مع المؤتمر؟
- لا، لا.. أؤكد انه لا توجد أطراف أخرى دفعت الى ان يتوقف الحوار بيننا والمؤتمر الشعبي، ولكن في تقديري ان انتقالنا بالترتيب لعقد اجتماعات اللجنة المركزية وانتقال المؤتمر بالترتيب لعقد مؤتمره العام السابع دفع الى توقف الحوار.
نحن والمعارضة
< مشروع الاصلاح السياسي والوطني الذي وقعت عليه أحزاب المعارضة المنضوية في اطار احزاب اللقاء المشترك وعلى رأسها التجمع اليمني للاصلاح والحزب الاشتراكي، هل كان سببا لفشل ووقف الحوار؟
- ربما يكون ذلك صحيحا، لأن موضوع الحوار مع المؤتمر قد تداخل مع توقيع أحزاب المعارضة ومنها الحزب الاشتراكي على مشروع مبادرة الاصلاح السياسي والوطني، والذي ربما يكون الأخوة في الحزب قد اعتبروا ان توقيع الحزب على المبادرة هو موقف ضدهم.
وهنا أود التأكيد باننا في الحزب الاشتراكي لم نوقف الحوار ولم نسع لذلك، واعتقد ان الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي سعى لوقفه لكن الحوار توقف دون مقدمات ومات موتا سريريا دون ان يتخذ أحد منا القرار بذلك.
< مفترق الطرق بين الحزب والمؤتمر أوصلكم الى توقف الحوار أم انه محطة تباين بعدها قد يستأنف الحوار؟
- الحزب الاشتراكي سيعاود مساعيه للدخول في حوار جديد مع المؤتمر الشعبي العام وذلك تنفيذا لمفردات الدورة الثانية للجنة المركزية للحزب والتي طلبت من قيادة الحزب ان تعيد طرق باب الحوار مع المؤتمر وذلك في اطار الآلية التي اقرت من اللجنة المركزية والتي قدمناها للمؤتمر الشعبي العام في السابق وتتصل بقضايا إنهاء الخصومة السياسية وتطبيع العلاقة بين الحزبين شريكي تحقيق الوحدة اليمنية وتصفية آثار حرب صيف1994. وهذه قضايا محددة ولم يضع الحزب شروطا مسبقة حولها عندما بدأ الحوار مع المؤتمر وليس لديه تحفظات أو شروط بشأنها إذا ما تم استئناف هذا الحوار.
< مبادرة الاصلاح السياسي والوطني التي اعلنتها أحزاب المعارضة اثارت الكثير من الاسئلة ومنها هل وصلت الاوضاع في اليمن الى مرحلة خطيرة جعلت فرقاء العمل السياسي بالامس كالإصلاح والاشتراكي يتجاوزان عداءهما ويتوجهان اليـوم لمواجهـة الاخطـار المحيطة بـاليمن؟
- مشروع مبادرة الاصلاح السياسي والوطني الذي وقعت عليه احزاب المعارضة في ديسمبر العام الماضي اعتقد بانها مبادرة تمثل صيغة راقية للعمل السياسي اليمني فبموجب هذه المبادرة فإن أحزاب المعارضة انتقلت من الوضع القديم الذين كان فيه كل حزب يقصي الآخر وخاصة الاحزاب الايديولوجية، وتلاحظ ان معظم الاحزاب التي وقعت على مشروع مبادرة الاصلاح السياسي والوطني كالاشتراكي والاصلاح والوحدوي الناصري - بأنها جميعها أحزاب قامت ونشأت على أساس عقائدي وايديولوجي وانتقال هذه الاحزاب من الصيغة الايديولوجية الى الصيغة السياسية في التعامل فيما بينها حيال القضايا الوطنية يكسب الحياة السياسية في اليمن وضعية جديدة.
< كيف ذلك؟
- الآن أصبحت القاعدة المشتركة بين هذه الاحزاب هي التعايش مع الآخر والقبول به واحزاب اللقاء المشترك بتوقيعها على مشروع مبادرة الاصلاح السياسي والوطني تؤكد بذلك انها على الرغم من اختلافها العقائدي تعتبر الديمقراطية هي القاسم المشترك الذي يجمع كل القوى والاحزاب الموجودة على الساحة اليمنية؟
< تعتقدون ان احزاب المعارضة قدمت رؤيتها تجاه كيفية معالجة الاوضاع في اليمن من خلال هذا المشروع والمبادرة؟!
- نعم - بالتأكيد- وأريد هنا ان اقول بأن التقاء هذه الاحزاب على قواسم مشتركة.. يعد نقلة جديدة في عملها السياسي - حيث سبق ذلك ان تدارست هذه الاحزاب المشكلات التي تعاني منها اليمن في الوقت الراهن وما يمكن ان تفرضه من نتائج في المستقبل حيث رأت احزاب المعارضة - ان حاجة اليمن تكمن اولا في حماية الهامش الديمقراطي وان حماية هذا الهامش تتطلب وجود اصلاح سياسي يمكن جميع القوى من استشراف المستقبل بروح لا تسمح لأي نزعات ان تعود باليمن الى الوضع الشمولي القديم. وهذا هو الهدف الذي سعت احزاب المعارضة ان تقدمه لجماهير الشعب اليمني عبر هذه المبادرة والتي لخصت رؤية المعارضة لماهية الاصلاحات الواجب القيام بها وبالطبع فإن هذه المبادرة هي محط اجماع وتوافق بين الاحزاب التي وقعت عليها وغير ملزمة لمن لم يوقع عليها.
مقاطعة الانتخابات
< الانتخابات الرئاسية والمحلية التي ستجري في اليمن في سبتمبر القادم - هل سيشارك الحزب الاشتراكي فيها؟
- نعم سيشارك الحزب في الانتخابات القادمة الرئاسية والمحلية باعتبارها استحقاقاً وطنياً.
< ماذا عن دعوات المقاطعة التي طالبت بها قيادات داخل الحزب؟!
- نعم هناك رأي داخل قيادة الحزب يدعو الى ان يقاطع الحزب الانتخابات الرئاسية والمحلية المقرر ان تتم في سبتمبر هذا العام.. ولكن كما قلت لك في اجابة سابقة بانه من حق اي اقلية داخل الحزب ان تقول رأيها وتعلنه تجاه اي قضية ومنها مسألة الدعوة لان يقاطع الحزب الانتخابات الرئاسية والمحلية!
< ما مبررات الدعوة للمقاطعة؟
- ما يطرح من دعوة لمقاطعة الانتخابات وكما قلت لك هو رأي البعض من قيادة الحزب. ومبررهم انهم بمقاطعة الانتخابات فإنهم بذلك لن يعطوا الشرعية للنظام الحاكم الآن.
< كيف لا يعطونه الشرعية!
- حقيقة انا لا افهم هذا الموقف حتى الآن ومازلت بانتظار ان احصل على اجابة ممن دعوا الى ان يقاطع الحزب الانتخابات لانهم لا يريدون ان يعطوا لها ليس صحيحاً نحن في الحزب الاشتراكي لم نناقش هنا موضوع المقاطعة للانتخابات بشكل موسع وانما هو رأي طرح من قبل البعض.
وبالنسبة لنا في الحزب الاشتراكي اليمني فإن التوجه العام لدينا هو ان الحزب جزء من العملية السياسية في اليمن ولذلك فإن الحزب سيخوض الانتخابات بفعالية كبيرة - والمهم لدى الحزب هو توفر ضمانات انتخابية تسمح بإجراء انتخابات حرة وديمقراطية ونزيهة وما يهم الحزب هو ان تتوفر للانتخابات الرئاسية والمحلية المقرر ان تتم في سبتمبر هذا العام كافة الضمانات القانونية والسياسية.
لا يهم من يصل
< من هو مرشحكم لمنصب الرئيس؟
- هذا موضوع سابق لأوانه ونحن لا نبحث عن ذلك الانسان لاننا لا نريد ان نضع العربة قبل الحصان.. ما نسعى اليه الآن هو ان نصل الى انتخابات حرة بعد ذلك يأتي لتولي منصب الرئيس من يأتي - فشخصية من سيأتي لمنصب الرئيس ليست مشكلة - ما يهمنا هو ان تؤسس لقواعد سياسية وقانونية تمكنا كيمنيين ان نخطو بتجربة الديمقراطية خطوة ايجابية للامام بإيجاد انتخابات حرة ونزيهة بعد ذلك لا يهم من يترشح ومن يفوز.