في أربعينية ذاكرة عدن الفنية شكيب عوض سعد

> عزيز الثعالبي:

>
شكيب عوض
شكيب عوض
يوم السابع من شهر مايو 2006م يكون قد مر أربعون يوماً على رحيل الصحفي والإعلامي وعاشق الفن والفنانين الزميل (شكيب عوض سعد),عرفته متعدد العطاءات في الصحافة والاذاعة والتلفزيون وجمعتنا موجة فهم واحدة.. وتكاد بداياتنا في الصحافة في زمن واحد.. قبل أن نمتهن الصحافة تحت مظلة صحيفة «14 أكتوبر» اليومية التي كنا نستهيم بها في مختلف المراحل التي مرت بها.. ونعتبرها الشجن الجميل رغم كل شيء.

«أنغام».. التي كانت
بدأنا عشق الكتابة في الشأن الفني على ما أتذكر في مجلة «أنغام» وهي فنية اجتماعية شهرية أصدرها في حقبة ستينات القرن العشرين في عدن الاستاذ القدير علي عبدالله أمان - أطال الله عمره - وقد طالتها مستجدات ما بعد استقلال جنوب الوطن.. وذهبت في إجازة اضطرارية ثم عاودت - بعد أن هدأت النفوس - مسيرة إصدارها تحت تسمية «الفن».

كنت من المكلا انتظم في مكاتبة «أنغام» ثم «الفن» حول النشاط الفني في حضرموت ونجوم الطرب فيها.. مع بعض الانطباعات في الفن.. وكان الاستاذ شكيب عوض، ايام كان مدرساً، من اقلام هذه المجلة الفنية .. كتب تحت عنوان (خواطر) ثم تحت عنوان (إبر ودبابيس) وتارة تحت عنوان (كوكتيل) ومن نماذج ما كتب في باب (إبر ودبابيس): «..بعد لطفي أمان كلمات الاغاني تراب .. ورماد.. ودخان. كان لطفي المارد الذي رفع الكلمات الغنائية الى مستوى (القصيدة).. أخشى ان تصير الآن (عصيدة). وقديماً قالوا: إذا غاب الاسد ترندع الدرين».

الذاكرة الفنية
كان الصديق الخلوق دوماً (شكيب عوض) يعتبرني الذاكرة الفنية والرياضية لمحافظة حضرموت، وشكيب أعتبره بحق الذاكرة الفنية للفنون اليمنية، وذلك فضلاًَ عن اهتمامة الملحوظ بالشأن السينمائي والأغنية في الوطن العربي.. واستحق أكثر من تهنئة على الجهد الفني الواضح الذي كان يبذله في الصحافة الفنية.. وفي البرامج الفنية التي يعدها ويقدمها في إذاعة عدن وتلفزيون عدن.. كان فيها يلتقي مع الدور الحقيقي للراديو والتلفزيون في مرحلة عاشتها البلاد.

وتميز في كتاباته بعرض الكثير من السلبيات في أسلوب العمل الفني. والحديث عن الرموز الغنائية والمسرحية في أيام التوهج الفني، وطالب بتكريم رواد الحركة الثقافية والفنية.. (من غير ليه).!

قاسميّ الهوى
لقد أحدث رحيل شكيب عوض ليلة اليوم العالمي للمسرح 27 مارس 2006م رنة حزن في قلوب من عرفوه وسبقهم إلى دار الحق. وترك في نفسي رصيداً له، عندما قال : وداعاً..

إنه من حزبنا حزب أنصار الموسيقار الراحل أحمد بن أحمد قاسم.. انه قاسمي الهوى، وقد حدثني ذات مرة بما معناه إذا لم يكن أحمد قاسم صاحب موهبة أصيلة في الغناء والموسيقى فهل كان يستطيع ان يقدم لنا أعماله الفنية الخالدة التي ساهمت في إشراق الاغنية اليمنية المعاصرة.. وهو مع ذلك نمى موهبته بالدراسة والتحصيل في الشأن الموسيقي، ولكن نقطة انطلاقته الحقيقية هي الموهبة.

ثروة من الصدق الفني
ومن عشقه للموسيقار أحمد قاسم كان يقدم في برامجه الفنية في الإذاعة مسامع من أجمل أغنياته.. ويطرب مثلما أطرب أنا لرائعته ومطلعها:

زمان الشوق واللقيا .. زمان

وليش با اذكر واتذكّر.. زمان

وحبه ما رجع ثاني

وسهد الليل بكاني

زمان

ودرج في صفحته (فنون) في صحيفة «14 أكتوبر» كل يوم خميس على نشر مختارات من أجمل أغاني العصر الذهبي للاغنية اليمنية. كانت ثروة من الصدق الفني سوف تعيش لأجيال قادمة.

«فنون» الصحيفة والإذاعة
ظل شكيب عوض يجول ويصول في مدار (الفنون) نحو أربعة عقود. قدم في التلفزيون برنامج الشاشة الكبيرة وعالم السينما وبرنامج لقاء مع فنان وآخر حمل عنوان (مشوار).. وفي الاذاعة برنامج (فنون) و(سهرة على الهواء) وبرنامج رمضاني يومي (30 فنان في شهر رمضان) وغيرها من البرامج، ومن خلال ضيوفه فيها استطاع توثيق واستنطاق ذاكرة المبدعين لحقبة زمنية و(عصر من الغناء.. والمسرح) في اليمن. وأتذكر أنه كان يثير قضايا في برامجه يستضيف فيها بعض المهتمين بالشأن الثقافي في حضرموت عبر أسلاك الهاتف، نذكر منهم الباحث عبدالله صالح حداد، وفي الفنون الشعبية الفنان سعيد عمر فرحان (بوعمر) وفي الشأن الموسيقي والغنائي الفنان زين أحمد عبدن، والملحن أحمد مفتاح، وكنت أحد مصادره الاساسية حول النشاط الفني في حضرموت، وقد كان يحرص أن تتزين صفحته (فنون) في صحيفة «14 اكتوبر» بما أكتبه من مواد في الشأن الفني.

رغبة لم تتحقق
أتذكر ايضاً أنه كان على تواصل معنا في جمعية فناني حضرموت للموسيقى والتراث الغنائي في عام 2000م، عندما اقامت الجمعية (مهرجان الاغنية الحضرمية الاول) وكان الهاتف وسيلة اتصاله بالمعنيين في الجمعية والمشاركين في الندوة التي نظمت في اطار ذلك المهرجان حول الاغنية الحضرمية في مائة عام، ويعكس اخبار المهرجان في صفحة (فنون) وبرنامجه الفني في الإذاعة، وكان بوده ومناه أن يكون في عداد المدعوين لحضور المهرجان لتكون له أول زيارة لمدينة المكلا لكن لسوء حظه لم تتحقق له هذه الزيارة ولم يفكر أحد في الالتفات لرغبته .. دنيا !

ذهن دامع القلب
إن الحبال الصوتية للفقيد شكيب عوض تمسك بقلم وراءه ذهن متوقد شديد الملاحظة دامع القلب وإن ابتسم ابتسامة عريضة اسمها الأمل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى