في اربعينية الفقيد الوطني علي سالم علي عبده

> محمد سعيد باشرين:

>
من اليمين:محمد حسن عوبلي،حسين اسماعيل خدابخش، علي سالم علي ومحمد علي باشراحيل في عدن
من اليمين:محمد حسن عوبلي،حسين اسماعيل خدابخش، علي سالم علي ومحمد علي باشراحيل في عدن
أن ترثي صديقاً قضى فتلك مشقة، فما بالك والذي ترثيه من أغلى الأصدقاء وأعزهم.. بل هو أخ وأكثر من أخ.. هذا هو حالي مع أخي وصديقي المرحوم علي سالم علي، الذي رحل عنا منذ أيام خلت بعد مرض عضال ألم به!

لقد دامت صداقتنا أكثر من أربعين عاماً وعلى وجه التحديد بدأت على ما أذكر عام 1960م حتى رحيله، خلالها كانت صداقة أخ لأخيه، لم تشُبْها أية شائبة ولم يعكرها شيء، على الرغم من الأيام العصيبة التي مررنا بها، لأنها كانت صداقة خالية من الاغراض والمصالح.. لقد تحدر علي سالم -رحمه الله - من أسرة غنية كما هو معروف لكثير من الناس.. وكان والده المرحوم سالم علي عبده يملك أكبر أسطول نقل جماعي في عدن في ذلك الزمان.

تعلم علي سالم في مدارس عدن، وبعد أن أنهى دراسته تحمل مسؤولية إدارة المؤسسة التي يملكها والده وقام بتنميتها وتوسيع نشاطها .. وعلى الرغم من مشاغله الكثيرة إلا أنه -حسب علمي- كم لم يكن يرد صغيراً أو كبيراً يأتي إليه للمساعدة، وخاصة من الفقراء والمحتاجين، كان يساعدهم بما يستطيع.. لقد كان للمرحوم في ريعان الشباب نشاط فني، وقد أسس مع بعض الأصدقاء ندوة الموسيقى العدنية التي رأسها الفنان خليل محمد خليل - أطال الله في عمره - والذي ربطته بالمرحوم صداقة كبيرة، فقد وفر المرحوم للندوة المقر من ملكه الشخصي ورعاها مادياً إلى أن تمكنت من إثبات وجودها وذلك بتلحين وتسجيل عدد من الأغاني الشخصية التي لا تزال تحتل الساحة الفنية حتى يومنا هذا.

وإضافة إلى نشاطه الفني كان له دور سياسي ملحوظ.. فقد تبوأ عدة مناصب وزارية في حكومات عدن المتلاحقة، وكان أولها على ما أذكر في حكومة المرحوم حسن علي بيومي، حيث عمل وزيراً للاعلام والمواصلات وكان من ثمرة جهوده إقامة تلفزيون عدن في النصف الأول من ستينات القرن الماضي .. كما تولى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة المرحوم زين عبده باهارون، الذي تولى رئاسة الوزارة بعد وفاة المرحوم حسن علي بيومي.

وخلال عمله كوزير للشؤون الاجتماعية والعمل كان دائماً ما يتشاور معي في كثير من الأمور التي تهم العمال، على اعتبار أنني أحد القادة النقابيين في المؤتمر العمالي الذي كان يقود النضال بشقيه العمالي والوطني في ذلك الزمان.

لقد استقال علي سالم -رحمه الله- من منصبه كوزير للعمل احتجاجاً على إعلان حالة الطوارئ واعتقال عدد من قادة المؤتمر العمالي وحزب الشعب الاشتراكي والاحزاب الأخرى مباشرة بعد تفجير قنبلة المطار الشهيرة في 10/12/1963م التي قتل فيها نائب المندوب السامي البريطاني وإصابة المندوب السامي نفسه بإصابات خطيرة، إضافة إلى عدد من وزراء حكومة اتحاد الجنوب العربي القائمة آنذاك.

ففي تلك الليلة نفسها من إلقاء القنبلة قامت سلطات الأمن باعتقال نحو ستين من الشخصيات الوطنية وفي مقدمتهم الأخ عبدالله الأصنج، الذي كان أميناً عاماً للمؤتمر العمالي ورئيساً لحزب الشعب الاشتراكي، الواجهة السياسية للمؤتمر العمالي. لقد استقال علي سالم علي احتجاجاً على إعلان حالة الطوارئ وما تلاها من اعتقالات لقيادة المؤتمر العمالي وضرب الشعب والذي كنت أحدهم، وكان من جراء تلك الاستقالة تعرض المرحوم لمحاولة اغتيال من قبل المخابرات البريطانية.

كما أن أعماله ومصالحه تعرضت لبعض الضرر نتيجة تلك الاستقالة التي لم يتجرأ احداً من زملائه الوزراء على تقديمها نظراً للحالة التي كانت تعيشها البلاد من خوف وهلع.

كانت استقالة علي سالم - رحمه الله- بمثابة تحد صارخ للسياسة البريطانية التي كانت سارية في ذلك الوقت.. لقد كان المرحوم يقوم بما يعتقده صحيحاً ويعكس رأي الشعب، غير مبال بتبعات ذلك الاعتقال فقد عمل ذلك بوحي من ضمير حي غير منتظر شكراً أو امتناناً من أحد. رحم الله علي سالم، ذلك الصديق الوفي الذي قل أن يوجد مثله في هذا الزمن الأغبر

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى