الاستحقاقات الانتخابية و الانسحاقات اليومية!

> عامر علي سلام:

>
عامر علي سلام
عامر علي سلام
ربما أصبح المواطن اليمني البسيط.. العامل.. الموظف.. الكادح اليوم أكثر انسحاقاً منه استحقاقاً لأي عملية انتخابية قادمة، فقد أدرك وعايش عبر مراحل ماضية بأن التغيير والإصلاح لا يأتيان من خلف أو داخل صناديق الانتخابات فقط، فليس بالديمقراطية وحدها تبنى الأمم...!! كما أن الفقر لا يوفر أي تربة صالحة تنمو فيها الديمقراطية، طالما كانت الديمقراطية متغيرة ومتشكلة على شاكلة المجتمع ومؤسساته وفئاته، وهي أيضاً ليست ثابتة الآليات في المجتمع الواحد على مر الزمن، لذلك باتت المشاركة السياسية ولعبة الديمقراطية ولعبة الدوائر الانتخابية في ذيل الاهتمامات عند الفقر اء والبسطاء من السواد الأعظم، لأنهم ببساطة القول لا يفكرون إلا بلقمة العيش والخروج من الانسحاقات اليومية التي يعيشونها أمام كابوس الغلاء.. البطالة، ودفع الالتزامات الشهرية (الفاتورية).. والبحث عن قيمة العلاج والدواء وتعليم الأبناء.. الخ، برغم الاعتقاد الواعي والمتقدم فكرياً بأن الاستحقاق الانتخابي والديمقراطي إذا مُورسا بشكل صحيح قد يكونان المفتاح (فقط) للتقدم وحل مشاكل الفقراء وانخفاض مستوى المعيشة لديهم.

فالديمقراطية ليست وسادة ناعمة ننام عليها ونحلم بغد أفضل.. ويحلم معنا سوادنا الأعظم (العشرون مليون مواطن) بالتقدم والرفاهية والحضارية والمدنية.. ونحن في مجتمع لازالت قياداته السياسية والحزبية وشخصياته الفاعلة لا تستطيع سوى أن تجر الوطن إلى أزمات وأزمات.. فيتبادلون التهم والمغالطات.. فمنهم من يسيء استخدام السلطة ويفسد ويصر على رأيه ورجاحة نهجه وما يفعله بالوطن والمواطن.. ومنهم من يسيء استخدام المعارضة الصحيحة.. دون أن يملك برنامجاً واضحاً له..ودون أن يرتقي بمستوى معارضته، حتى يستشعر المواطن بوجوده وأهميته في حياة المجتمع وسبل معاشه وتطوره.. وباعتقادهما (سلطة ومعارضة) أن الشعب اليمني الطيب يجهل مثل هذه الحركات والأقاويل والألاعيب الانتخابية، التي قد خبرها في مثل هذه الأوقات.

فلا سلطة ولا معارضة غدت اليوم جديرة باحترام المواطن ومواطنته وحقوقه، فلا يملك أي واجبات، لأننا أيضاً لا زلنا نخفي الوجهين الحقيقيين للديمقراطية السامية وهما الانتخابات الحرة النزيهة والتبادل السلمي للسلطة.. خلف جدار من التضليل السياسي والممارسات الخاطئة: الاحتواء الإجباري والمغالطات السياسية التي لا يجهلها أحد، ويدركها الجميع بمختلف مستوياتهم.

فالديمقراطية ليست انتخابات ودعايات وأحزابا وصحفا ومقالات ومحاضرات وتعبئة سياسية.. ومن هنا أو من هناك.. وذا مع من.. أو ذاك !!

الديمقراطية.. يا سادة، هي نظام حكم مستقل، يكون فيه المواطنون على السواء أمام شريط الحياة (الحق في العمل والسكن بكرامة.. الخ) والقانون، وهو نظام تتخذ فيه القرارات السياسية بالأكثرية ودون احتقار وتجاهل لحقوق وآراء الأقلية السياسية أو البرلمانية.

فمتى ما يدرك المواطن حقوقه ويمارسها بكل حرية يستطيع أن يحول انسحاقه اليومي خلف لقمة العيش والحياة الكريمة، إلى استحقاق وطني أولاً قبل أن يكون انتخابيا أو ديمقراطيا.. ويتخذ فيه القرار بالمشاركة في الانتخابات القادمة أو دونها.. ويستطيع أن يغير مصيره بأن يفرض خياراته بانتخابات حرة ومنظمة وشريفة ونزيهة وتعددية.. تجعل من الحكومة دوماً مسؤولة.. ومساءلة حقيقية أمام الشعب ( نيابياً).. و(رئاسياً) أيضاً، ومن ثم تدرك هي أيضاً بأنها جاءت لخدمة الشعب وليس العكس، أو يفقدون ثقتهم بها.. ويسحبون هذه الثقة بطرق سلمية وحضارية.. مدنية راقية. ويستطيع هذا المواطن المغلوب على أمره أن يمارس حقه في الحصول على كل الخدمات الأساسية والضرورية من دون كد ومعاناة، وبعيداً عن المركزية ومن خلال سلطة محلية تقوم بواجبها بإخلاص وبواعز وطني (لا حزبية فيه!!) ومتابعة وحسم لكل المشاريع في مهام ونطاق دائرتها ومديريتها وفي كل محافظة من محافظات الجمهورية.

فبالاتجاه نحو الصندوق الانتخابي ونحو انتخابات قادمة حرة ونزيهة، بعيداً عن استمرار التجاوزات والاعتداءات والتزوير، يستطيع المواطن اليمني الفقير أن يمارس استحقاقه الانتخابي والديمقراطي أو يعيش على هامشهما تحت وطأة (الانسحاقات) اليومية.. وإلى متى؟!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى