ثقافة الاقطاع .. المكاشفة والشفافية

> عبدالرحمن خبارة:

>
عبدالرحمن خبارة
عبدالرحمن خبارة
لا يمكن أن يحدث تقدم حقيقي في إطار التنمية أو حتى في الإطار السياسي من دون ممارسة النقد والمكاشفة والمصداقية، هكذا قطعت الكثير من بلدان العالم المتحضر أشواطا واسعة من النقد والنقد الذاتي في حياتها اليومية وعبر أجهزتها المسموعة والمرئية والمقروءة.

< أما الممارسات التي تعانيها الكثير من الدول الشمولية المشدودة إلى الماضي والمعتمدة على سياسة الكذب والمبالغة والتهويل والثرثرة الذاتية عن الإنجازات والتي هي ليست إلا على ورق.. فمصيرها الركود واللا تقدم.

< الثقافة التي تطبق بالفعل في بلداننا هي ثقافة الإقطاع المعتمدة إخفاء الحقائق والسرية والابتعاد عن قول الحقيقة.. بل الخوف من الحقيقة ومحاربة من يمارسها أو يعلن عنها .. باعتبار إبراز الحقائق بمثابة «مؤامرة» على النظام وكشف عورته والتشهير به!!

< وكم يعاني رجال الصحافة والمراسلون الذين عليهم القيام برقابة ذاتية حتى لا تتجاوز الخطوط الحمراء، كما عليهم الاعتماد على ما يبث رسمياً أو الاستعانة بأجهزة الأمن عند الحاجة فهي وحدها تملك «الحقيقة» وتتحلى بالمصداقية.

< وليت هذه النظم تدرك وفي عصر العولمة أنه يمكن لأي مستثمر مثلاً الاتصال بأي معهد من المعاهد المتخصصة في أوروبا وأميركا للتزود بآخر المعلومات السياسية والاقتصادية والأمنية لأي بلد كان في عالمنا ليعرف كل شيء عن هذه النظم وحتى الساعة، ليستطيع من خلال هذا الفيض من المعلومات الإقدام على الاستثمار أم لا.

< وتقوم هذه المعاهد بتزويده بأية ظاهرة معتمدة على الأرقام والحقائق الموضوعية وبشكل شامل حتى لا يبقى اعتماده على ما تبثه أجهزة الإعلام الرسمية لهذا البلد أو ذلك بسبب ما تكيل من زيف وأكاذيب وتضليل وافتراءات.

< يقول جاك شيرين من صحيفة «لموند» الفرنسية إن معظم البلدان الشمولية وأجهزة إعلامها وبسبب غياب حرية الرأي والتعبير ورفضها للحوار وبغياب الشفافية أيضا تلقن شعوبها الأكاذيب والترهات والمبالغة والحديث عن الماضي.. وهي لا تملك شيئاً للمستقبل ولا للحديث عما يمكن إنجازه يوم غد..أي غياب الاستراتيجيات من هنا تجدها تعيش على إنتاج نفسها وتراكم أزماتها.

< ونحن في كل مناسبة وأعياد وطنية نعتمد على البهرجة والاستعراضات وأحاديث عفى عليها الزمن عن الإنجازات، غير أننا نرفض مواجهة الواقع ومتطلباته واحتياجاته .. وتعيش على الوهم بأن ما تردده يمكن أن يصدقه الشعب.. والشعب على دراية وعلم بسياسات التلفيق ويكفي أن تطرح سؤالا على أي مواطن ليلاقيك بسخرية وشماتة ما بعدها من شماتة ..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى