أيــام الأيــام..لنحفظ الزيت في المصابيح

> علي هيثم الغريب:

>
علي هيثم الغريب
علي هيثم الغريب
ثمة نزاع في كل وضع اجتماعي، ولا وجود للأوضاع الخالية من النزاعات في الحياة. والكل يتذكر بحرقة وألم (اليوم) كيف شعرنا يوم 22 مايو بسواعد بعضنا البعض، وأنشأنا وحدتنا بأنفسنا وسلمياً- نعم سلمياً ولأول مرة في التاريخ تتحقق وحدة اليمنيين سلمياًَ- والسعادة التي اجتاحت الجميع، هي أن نقوم بذلك نحن أنفسنا. ثم اقترنت الوحدة بالديمقراطية، أي أن نتحدث بصراحة، وأن نسمي الأشياء بأسمائها، وأن نشير إلى أمراضنا، وأن نشكو بعضنا البعض وأن نتصالح ونتسامح.. وأن نشرع للمظاهرات والمسيرات دون استخدام القوة.. ولكن مع شديد الأسف فإن ذلك الأمل والحلم لم يدوما طويلاً، لأنه لم يكن بوسع أحد تقديم ضمانات لسكان المحافظات الجنوبية من عدم اجتياحهم. وحصل ما حصل، واليوم إن أي نبأ من المحافظات الجنوبية لا يترك للحكومة مجالاً لعدم الاكتراث، سواءً أكان النبأ يدور حول الأرض أو الثروة أو الوظيفة أو العائدين من المنفى.. أو لقاءات التسامح والتصالح.. فكيف بعد كل ما جرى لا نصدق الأخ طارق الشامي رئيس دائرة الفكر والإعلام في المؤتمر الشعبي العام وهو يلوح بالعصا لضرب أي دعوة للتصالح والتسامح؟!.. فكم كان في تلك التلويحات من الغضب والانزعاج، وما أقل ما فيها من المسؤولية، فحين دعا أبناء المحافظات الجنوبية بعضهم البعض إلى التسامح والتصالح وإدراك قضايا الوحدة الجوهرية، وقالوا: لنعش كما يعيش البشر، أحسسنا وراء دعوتهم الصادقة بقوة حية لتقاليدهم الروحية والأخلاقية، وحين تحدث الناس عن «التسامح.. ثم التسامح إلى الأبد» باعتباره نموذجاً منشوداً للوحدة، ولكي تدخل الحياة أجيال جديدة خالية من الحقد والثأر والفتنة. وتدل الأعوام الـ 16 من الوحدة على أن الأزمات لا تحل بالعنف أو عسكرياً، فمن الضروري الحوار وإيجاد توازن مصالح أطراف الحق في الوحدة كأساس لإعادة الوفاق الوطني.

إن التسامح حين يتحول إلى ممارسة صادقة، يمكّن من حل مسائل كثيرة وهو يفي بإمكانية الشعور بالاستقرار والأمان من خلال تفكير جديد، وسياسية عاقلة لا أنانية، من خلال الحلول الوسط وتبيان مصالح الناس.

واعتقد بأن الأخ طارق الشامي تهمه القضايا المتعلقة بجملة من المسائل التي تعزز الوحدة وتقوي الديمقراطية، ونحن أنفسنا نعير اهتماماً كبيراً وأولياً لهذه القضايا الوطنية، ونعتبر أن التصالح والتسامح في قمة سلم الأولويات سواءً أكان في الجنوب أم في الشمال. نعم هناك مشاكل سياسية واقتصادية وغيرها، وكلها مهمة، وليس من حقنا أن نعرض عنها، إلا أن هناك خطر تشقق اجتماعي، وهذا خطر نحسه نحن والكل يحسه الآن.

التشقق الاجتماعي قد ينشأ دون أية قرارات سياسية، وقد ينشب من تلقاء ذاته في ظل موجة السلب والنهب واللامبالاة التي يتعرض لها أبناء المحافظات الجنوبية، ولهذا على الحكومة أن توقف عملية السباق على أخذ أملاك الغير. وحين توجه الناس للتصالح والتسامح انطلقوا من بضعة أحكام مبدئية، أولها رفضهم لمآسي الماضي، ومحاولات إحراز الغلبة عليهم عبر هذا الطريق محفوفة بعواقب مخيبة للآمال وهذا لا يجوز بالعمل الوطني. ونحن في المحافظات الجنوبية لا نريد لنا من الأمن أكثر مما نريد لإخواننا من أبناء المحافظات الشمالية، فهذا كذلك لا يفيدنا إذ من شأنه أن يقلق الوطن كله ولن تنتج عن هذا أية ثقة، ولذا نريد أمناً نتساوى فيه جميعاً. ومن حق الأخ الشامي أن يعطي أي ضوء لملاحقة دعاة التصالح والتسامح، ولكن من حقنا أن نقول: إنا نعول أيضاً على نسيان مآسينا واحترام قيمنا نحن، وخيارنا نحن وقد كان لنا خيارنا لألف سنة خلت، ونحن لا نريد أن نتابع سيرنا في الطريق الذي بدأناه في 13 يناير 1966م وأنهيناه عام 1994م، والذي تحملنا فيه خسائر هائلة ووقعنا في أخطاء كبيرة، نحن نستنتج ما يلزمنا استنتاجه، نتعلم، نريد أن نجعل حياتنا أفضل. هذا من شأننا، هذه قناعاتنا نحن. وهل هذا محرم علينا؟! وعندما يريد أحد أن يدس لنا قيماً نقبلها أو نرفضها، هذا من حقنا ؟! فلماذا لا يكون لكل إنسان آراؤه وأن يقرر أي حزب يريد وأية حكومة يريد وأية وحدة يريد، وإذا ما روعيت هذه المبادئ حتماً ستنفتح آفاق الوحدة رحبة واسعة وسيعم الخير الوطن وملايين الناس. وفيما يتعلق بلب الموضوع: التصالح والتسامح فتعالوا يا شامي نلتقي في مؤتمر للاصطفاف الوطني حول القضايا الإنسانية والأخلاقية في عدن، فعندنا ما نقوله لكم بهذا الصدد، ونأمل أن تؤيدوا هذه الفكرة، فهناك من يريد تعتيم وتشويه حقيقة ما يجري في لقاءات التصالح والتسامح، والحؤول دون فهم قابلية الوحدة لأن تطور نفسها وتزداد قوة. طبعاً، حتى لو رفض الأخ الشامي هذه الفكرة (مؤتمر الاصطفاف الوطني في عدن) هذا شأنه، لكننا نحن لا يمكننا إلا أن نأخذ الوضع القائم بعين الاعتبار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى